السيستاني يبلغ الأمم المتحدة قلقه من تراجع الإصلاح في العراق

أسر عن خيبة أمله في صمود الائتلاف الشيعي الموحد ووصوله لطريق مسدود

السيستاني يبلغ الأمم المتحدة قلقه من تراجع الإصلاح في العراق
TT

السيستاني يبلغ الأمم المتحدة قلقه من تراجع الإصلاح في العراق

السيستاني يبلغ الأمم المتحدة قلقه من تراجع الإصلاح في العراق

واصل المرجع الشيعي العراقي علي السيستاني اعتكافه ورفضه مقابلة المسؤولين العراقيين، ليستقبل أمس رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) ايان كوبيش الذي نقل عنه أن السيستاني أبلغه أسفه «لما آل إليه» مشروع الإصلاح في العراق، مشيرًا إلى أن الانشغال بالحرب ضد الإرهاب لم تعد مبررًا لتحقيق تقدم في الملفات الخدمية الأساسية العالقة.
وقال كوبيش خلال مؤتمر صحافي بعد لقائه السيستاني الذي يواصل لقاءاته مع المسؤولين الدوليين بخلاف المسؤولين العراقيين الذين يرفضون منذ أكثر من سنة ونصف السنة استقبال أي شخصية منهم بمن فيهم الرؤساء الثلاثة (فؤاد معصوم رئيس الجمهورية وحيدرالعبادي رئيس الوزراء وسليم الجبوري رئيس البرلمان)، إن «السيستاني أبدى أسفه لما آل إليه مشروع الإصلاح في البلاد، بعد أن كان يأمل في أن يتحسن الوضع في العراق، وأن تقوم القوى السياسية بنبذ الفرقة والتشرذم والعمل على تلبية احتياجات الناس». وأشار كوبيش، إلى أن «الجميع يدعم تقدم القوات العراقية والشعب العراقي في محاربة (داعش)»، لافتًا إلى أن «السيستاني قال إنه يدعم وبقوة القوات العراقية والقوى المقاتلة التي تحارب (داعش)، ويؤكد ضرورة توحد القوى العراقية في هذه الحرب».
وبين رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق، أن «السيستاني أكد ضرورة الاهتمام بالمدنيين، وعدم تعريضهم للأذى، والاهتمام بالنازحين، حيث طلب من السلطات العراقية والمجتمع الدولي تقديم الدعم للنازحين»، مشيرًا إلى أنه «أبلغ السيستاني بالحاجة إلى تقديم الدعم للنازحين سواء من الحكومة العراقية أو الأمم المتحدة». وأكد كوبيش، أن «السيستاني عبر عن أسفه لما وصل إليه الوضع في العراق»، مشددًا على أن «الأمم المتحدة ستفعل ما بوسعها لكل ما تقدم به من توصيات لنا في كل المجالات، لتحسين حياة الناس وتشجيع المجتمع العراقي على العمل معًا ضد (داعش)».
وعلى الرغم من أن الانشغال بمعركة الفلوجة وما قد تفرزه من نتائج في حال تمكنت القوات العراقية من تحريرها بالكامل من تنظيم «داعش» يمكن أن يكون طوق نجاة لرئيس الوزراء حيدر العبادي في مواجهة دعاة الإصلاح السياسي، لكن المفاجأة أن يكون الإعلان عن اقتحام قوات النخبة (جهاز مكافحة الإرهاب) مدينة الفلوجة، فإن النجف كان له رأي آخر حينما يعبر المرجع الشيعي علي السيستاني عن قلقه من تراجع مشروع الإصلاح في البلاد.
وكان العبادي قد أطلق منذ أغسطس (آب) عام 2015 عدة حزم للإصلاح الحكومي، لكنها لم تقنع الجماهير الغاضبة التي تواصل مظاهراتها منذ يوليو (تموز) الماضي وحتى اليوم شهدت خلالها اقتحام المنطقة الخضراء المحصنة واحتلال مبنى البرلمان (30 أبريل «نيسان» الماضي) واقتحام مبنى مجلس الوزراء (20 مايو «أيار» الحالي)، بالإضافة إلى حصول انشقاق داخل البرلمان العراقي تبلور على أثره تيار إصلاحي يتكون من نحو أكثر من 100 نائب في البرلمان تقدموا بطعون أمام المحكمة الاتحادية، اعتراضًا على ما أسموه عدم شرعية البرلمان والوجبة الأولى من الوزراء الذين طلب العبادي التصويت عليهم قبل نحو شهر.
العبادي الذي دعا إلى أن تكون الأولوية لمعركة الفلوجة لم يجد آذانًا صاغية سواء من الجماهير التي واصلت مظاهراتها حتى عشية بدء معركة الفلوجة وحاولت اقتحام المنطقة الخضراء للمرة الثالثة لولا تصدي قوات مكافحة الشغب لها بالقنابل المسيلة للدموع، أو كتلة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر التي لا تزال تربط حضورها جلسات البرلمان التي استؤنفت قبل يومين بتقديم العبادي الكابينة الوزارية الجديدة.
من جهته أكد حيدر الغرابي وهو من الحوزة العلمية أن المراجع الدينية الشيعية تحاول الاعتزال وعدم التدخل بالشأن السياسي احتجاجًا على عدم الاستجابة لنصائحها، لكنها في الوقت نفسه أبقت نوعًا من خط الرجوع، مبينًا أن الجميع بات يدرك أن القوى السياسية كلها ومن كل المكونات تبحث عن مصالحها الخاصة ومصالح أحزابها وأفرادها ولا تبحث عن مصالح الناس، ولذلك فإن المرجعية الشيعية يمكن في حال أرادت التدخل طبقًا لما نقله ممثل الأمم المتحدة عنها يمكن أن تطرح خريطة طريق من أجل الإصلاح دون أن تكون ملزمة، لأنها ليست منوطة بالتدخل المباشر بالعمل السياسي.
إلى ذلك أكد السياسي العراقي المستقل والأمين العام السابق لحزب الفضيلة نديم الجابري أن السيستاني وصل إلى قناعة أن المشروع السياسي الذي كان قد دعمه في البداية، وبالذات عند تشكيل أول ائتلاف شيعي موحد، قد وصل إلى طريق مسدود، وأن الطبقة السياسية التي لا تزال تتحدث باسمه رغم إعلانه عبر ممثليه عدم رعايته لها لا تستطيع الاضطلاع بأي مشروع إصلاح.
وأضاف أن «هذا المشروع السياسي أخل بالبلاد في الواقع في متاهات بعد أكثر من عقد من السنوات، وهو ما يتطلب مراجعة حقيقية، ولكنه طالما أن السيستاني لا يؤمن بالولاية العامة للفقيه مثلما هو في إيران بل الولاية الخاصة للفقيه، فإنه ومن خلال ما كان يقدمه من نصائح وتوجيهات كان لا يريد الحكم والسلطة بقدر ما يريد حكومة تخدم النهج الإسلامي ويراقب النموذج، حيث يؤيد في حال النجاح ويعترض في حال الفشل لكنه لا يتصادم».
وأوضح الجابري أن «الطبقة السياسية العراقية الحالية أثبتت أنها ليست مؤهلة للحكم، وهو ما تبين من خلال عدم استطاعتها الارتفاع إلى مستوى ما تبحث عنه الناس من أبسط أنواع الخدمات، وبالتالي فإن ما يريد المرجع الأعلى قوله في النهاية إنه رفع عن الطبقة السياسية التي تعلن التزامها بتوجيهاته غطاء الشرعية عنها بعد تلاشي فرص الإصلاح، وهو ما يعني وضع الجميع الآن في زاوية حرجة خصوصًا أمام استحقاقات انتخابية مستقبلية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».