الجبير: عدم تنفيذ قرارات الإرادة الدولية يخيب تطلعات الشعب السوري

موغريني تؤكد تطلعات الاتحاد الأوربي على جعل الانتقال السياسي في دمشق قابلا للتطبيق

عادل الجبير  لدى عقده المؤتمر الصحافي مع فيديريكا موغيريني في جدة أمس (تصوير: عدنان مهدلي)
عادل الجبير لدى عقده المؤتمر الصحافي مع فيديريكا موغيريني في جدة أمس (تصوير: عدنان مهدلي)
TT

الجبير: عدم تنفيذ قرارات الإرادة الدولية يخيب تطلعات الشعب السوري

عادل الجبير  لدى عقده المؤتمر الصحافي مع فيديريكا موغيريني في جدة أمس (تصوير: عدنان مهدلي)
عادل الجبير لدى عقده المؤتمر الصحافي مع فيديريكا موغيريني في جدة أمس (تصوير: عدنان مهدلي)

قال عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، إن تطلعات الشعب السوري في بناء دولة جديدة لا تشمل بشار الأسد ستتحقق في الوقت الذي يطالب فيه الشعب السوري المجتمع الدولي باتخاذ مواقف أقوى تجاه النظام السوري بإلزامه بالاستجابة للمطالبات الدولية، وقال: «نحن ندعمهم في ذلك»، معتبرا أن عدم تنفيذ قرارات المجتمع الدولي يكسر تطلعات الشعب السوري.
وأضاف الجبير، خلال المؤتمر الصحافي مع ممثلة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني في جدة، أمس، أننا نقدر ونشكر موقف الدول الأوروبية الداعم للأشقاء السوريين، وللدعم الاقتصادي الذي قدمته للاجئين السوريين سواء في الدول المجاورة أو في أوروبا ذاتها.
وعبر الجبير عن اعتقاده بوجود «خلل في تنفيذ القرارات الدولية، للأسف يعاني منه المجتمع الدولي، وهذا الواقع الذي يصعب فيه تطبيق قرار دولي بشكل كامل، فهناك دول تماطل ولا تقبل هذا الشيء، وهناك دول لا تولي اهتماما له، وهناك من تطبق جزءا منه، وهذا الواقع الذي نعيش فيه بالعالم، فالمجتمع الدولي يقوم عن طريق التشاور وتنسيق المواقف، وحث الدول للاستجابة لمطالبات المجتمع عن طريق الإقناع من خلال فرض الضغوط وتصعيدها، إلى أن تصل النتيجة المطلوبة».
ودلل الجبير بقوله إنه «في الشأن السوري هناك إجماع دولي على أن الحل سيكون بموجب إعلان (جنيف1)، وبموجب قرار مجلس الأمن (22:54) الذي يدعو إلى إنشاء هيئة انتقالية للسلطة، حيث تتسلم السلطة من بشار الأسد، وتدير أمور البلاد، وتضع دستورا جديدا، وتهيئ لانتخابات جديدة، ومن ثم تنتقل سوريا إلى مستقبل أفضل، فهذا الإجماع الدولي، وهذا ما تعمل الدول بموجبه».
وبين أن «هناك دعما عسكريا للمعارضة السورية المعتدلة، وهذا الدعم مستمر، فالهدف من وراء ما قامت به مجموعة فيينا بالنسبة لسوريا في اعتقادنا أن معظم هذه الدول رأت في المفاوضات أنها بمثابة اختبار نية نظام بشار من حيث الجدية في وقف العمليات العسكرية، فاتضح أن الجدية ليست كاملة، وكذلك اتضح عدم الجدية في إدخال المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق السورية بالشكل المطلوب، وأيضا عدم الجدية في البدء بالعملية الانتقالية التي أوصى عليها إعلان (جنيف1)، وقرار مجلس الأمن (22:54)».
وشدد على أن الملاحظ هو «عدم وجود الجدية المطلوبة، فلذلك الأشقاء السوريون يطالبون المجتمع الدولي باتخاذ مواقف أقوى تجاه النظام السوري بإلزامه بالاستجابة للمطالبات الدولية، ونحن ندعمهم في ذلك». وزاد بالقول: «أعتقد أنه ومن خلال تلك المعطيات يجب علينا عدم الإحباط أو الاستياء حيال البطء، فنحن كنا نتمنى أن تسير الأمور بشكل أسرع، لكن الأمور تمضي بالشكل المطلوب، وأعتقد أن آمال وتطلعات الشعب السوري في بناء دولة جديدة لا تشمل بشار الأسد ستحقق بإذن الله».
من جهتها، قالت الممثلة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، خلال المؤتمر الصحافي، إننا نعمل على جعل عملية الانتقال السياسي في سوريا أمرا قابلا للتطبيق، مع ضرورة الالتزام بالهدنة في سوريا، وسرعة إدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق السورية كافة، مشددة على أن العملية السياسية هي الوحيدة للشعب السوري لإنهاء معاناته.
وهنا تدخل الوزير السعودي، موضحا أن القرارات المتعلقة بالشأن السوري لم يتم تطبيقها على أرض الواقع، في مداخلة حملت منه نوعا من اللوم والعتب للاتحاد الأوروبي، قبل أن تستكمل فيديريكا موغيريني حديثها، معبرة عن أملها «أن تستأنف مفاوضات (جنيف1) المتعلقة بالشأن السوري بشكل عاجل وقريب، فالجميع يهدف إلى تقديم المساعدة الإنسانية في سوريا والوصول إلى المناطق كافة، وينبغي إيقاف الأعمال العدوانية وبداية المفاوضات السورية، لذلك نحن نأمل انتقالا سياسيا دون حدوث خطر، فعلينا أن ندعم إمكانية الحلول السياسية، وألا تكون المباحثات الدولية غير ممكنة، فالاتحاد الأوروبي سيبذل الجهود كافة لمساعدة هذا المسار السياسي مع جهود المبعوث الدولي، مشيرة إلى أنه تم اللقاء مؤخرا مع أطراف المعارضة في فيينا، فمن حيث تأملنا بأن لا يسمحوا لأي فرد كان أن يعرقل العملية الانتقالية.
وكان الدكتور عبد اللطيف الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، التقى المسؤولة الأوروبية في جدة، وبحث الجانبان علاقات التعاون بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي وسبل تطويرها وتعزيزها في مختلف المجالات، بالإضافة إلى تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
وحول ما يتعلق باتفاقية التجارة الحرة بين دول الخليج والاتحاد الأوروبي التي استمرت لوقت طويل دون التوصل لها، أعربت موغيريني عن أمنياتها بالوصول إلى اتفاقية في هذا الشأن. وأبانت أن «الاتفاقية تم تعليقها، رغم وجود مفاوضات ليس من الجانب الأوروبي، لكن من جانب أصدقائنا في مجلس دول التعاون الخليجي، فنحن من جانبنا مرنون لإيجاد طرق ملائمة، ولتفهم اختلاف وجهات النظر ولإيجاد الحلول. نحن اليوم التقينا الأصدقاء الخليجيين هنا، وسوف نلتقي أيضا في بروكسل في يوليو (تموز) المقبل، فإن كانت هناك إرادة سياسية سنجد السبل لحل هذا الأمر».
وذهبت إلى أن أوروبا لا تريد من هذه المفاوضات أن تكسر رقما قياسيا في طول الفترة الزمنية، معربة عن أملها في «أن التوصل إلى اتفاقية مثمرة وختام إيجابي للمفاوضات.. وأعتقد أن هذه هي رغبة دول المجلس الخليجي، لكن لا أستطيع أن أعد بأي نتائج معينة، وأود التأكيد أن النيات الجيدة والرغبة في العمل في هذا المسار وفي وهذا الاتجاه».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.