يرأس وفد رسمي من مصر مؤتمر «الأديان ضد الإرهاب» الدولي، الذي يعقد في العاصمة الكازاخستانية أستانة. وقال مصدر مسؤول إن «المشاركين في المؤتمر سوف يفندون جذور الفكر التكفيري لتنظيم داعش الإرهابي»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط»، أن «المؤتمر سوف يحذر من خطورة سعي (داعش) لاستقطاب الأطفال والشباب في كازاخستان، خصوصا بعد تفشي ظاهرة الإرهاب في آسيا وترهيب الأقليات العرقية الدينية، التي باتت تهدد أمن مؤسسات الدولة الكازاخية».
وأعلنت السلطات الرسمية في كازاخستان في شهر مارس (آذار) الماضي، أن أكثر من 800 من مواطنيها موجودون حاليا في العراق وسوريا يشاركون في القتال ضمن صفوف «داعش» الإرهابي، وتقول الخارجية الكازاخية إنه «يتم (تصدير) المقاتلين من كازاخستان إلى (داعش) عبر الأراضي التركية، بهدف توسيع دائرة الاشتباكات في كل من سوريا والعراق».
وسبق أن أعلنت ما يقرب من 40 جماعة مسلحة ومتطرفة ولاءها لتنظيم داعش الإرهابي حول العالم، وأن أكثر هذه الجماعات المتطرفة كانت في دول: ليبيا ونيجيريا وباكستان وأوزبكستان وكازاخستان والفلبين.
وتنظر كازاخستان إلى الإرهاب الدولي كونه متشابكا مع التطرف الديني، وقال نورلان يرميكبايف مساعد رئيس الدولة وسكرتير مجلس الأمن الكازاخستاني في تصريحات سابقة له، إن «الإرهاب اكتسب أشكالا منظمة، مما يجعلنا الآن نتحدث عن شبه دول وشبكات تنشط في مختلف أنحاء العالم، كما يجعلنا نعترف بظهور شبه دول إرهابية، قبيحة، ومعيبة، لكن لها قاعدة آيديولوجية».
وتشارك مصر في المؤتمر الدولي، الذي سيعقد في الجامعة المصرية للثقافة الإسلامية بكازاخستان في آسيا الوسطى، بوفد رفيع المستوى على رأسهم الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، ومفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام، والدكتور محمد أبو هاشم نائب رئيس جامعة الأزهر، وأمين عام رابطة الجامعات الدكتور جعفر عبد السلام، إضافة إلى عدد كبير من العلماء الرسميين في مصر.
وقال المصدر المسؤول في مصر، إن «المؤتمر يتناول في محوره الأول تاريخ الانحراف الفكري وطرق مواجهته، وجذور الاتجاه التكفيري في التاريخ الإسلامي وأصوله الفكرية، والعوامل المسببة للانحراف الفكري وعلاقتها بالإرهاب، ومكافحة الفكر المنحرف بين النظرية والتطبيق.. فيما يتناول المحور الثاني دور المراكز العربية والمدارس في تنمية الثقافة الدينية لطلابها بوصفها أساسا لتقويم الانحراف الفكري، ودور التربية في وقاية المجتمع من الانحراف الفكري، فضلا عن أهمية التنسيق بين مراكز البحوث للتصدي لمهددات الأمن الفكري، ودور الأساتذة والمعلمين في تقويم سلوك المتعلمين».
وسبق أن طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال زيارته لجامعة «نزار باييف» بكازاخستان مارس الماضي، بوضع استراتيجية شاملة لمواجهة خطر التطرف والإرهاب في العالم، وألا تقتصر هذه الاستراتيجية على البعد الأمني فحسب، إنما تأخذ في الاعتبار أيضا الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والأبعاد الفكرية والدينية. وطالب الرئيس السيسي الوقوف بحزم دون أي تهاون أمام الجماعات والتنظيمات الإرهابية والمتطرفة، سعيا لوقف تمددها والقضاء عليها دون تمييز.
ويشار إلى أنه في مارس عام 2015 أعلن شخص يدعى عمر سيمايف نفسه «أميرا» لـ«ولاية كازاخستان»، وتعهد بالولاء لزعيم تنظيم داعش المزعوم أبو بكر البغدادي. وهدد سيمايف وقتها في تسجيل صوتي بثته قناة «روسيا»، الأقلية الماتريدية بالذبح والدمار، معلنا بيعة أكثر من 25 ألف متطرف لـ«داعش» في بلاده. وتعتبر المدرسة الماتريدية إحدى فرق الكلام وتتبنى آيديولوجية معتدلة، مما جعلت منها هدفا للتنظيمات المتشددة طوال العقود الثلاثة الماضية. ويقول المصدر المسؤول إن «مؤتمر كازاخستان يهدف تصحيح المفاهيم المغلوطة لدى الشباب، خصوصا أن دول آسيا الوسطى تعاني من وجود بعض الجماعات المتطرفة التي تحاول زعزعة الاستقرار فيها وجذب شبابها لطريق التشدد والعنف».
وسبق أن استعرض تنظيم داعش في فيديو مصور بثته مؤسسة «الحياة» الإعلامية التابعة للتنظيم، العشرات من عناصره القادمين من كازاخستان، إضافة إلى أطفالهم وهم يقومون بالتدرب على حمل السلاح والرمي به، ومن بين هؤلاء طفل لا يتجاوز عمره عامين، وهو يرتدي زيا عسكريا ويحمل لعبة على هيئة سلاح آلي، فيما تم بث فيديو آخر يظهر بعض الكازاخستانيين يتدربون في أحد الفصول الدراسية على كيفية القنص، والأسلحة الخاصة به. بينما قال المسؤول المصري، إن «داعش» يسعى لخلق جيل جديد من الأطفال يتخذون من فكر التنظيم ومنهجه الضال عقيدة ومنهجا، لافتا إلى أن «الأطفال من الأوراق الرابحة لدى التنظيم»، موضحا أن «تجنيد الأطفال وغرس منهج الكراهية والتطرف داخل عقولهم منذ نعومة أظفارهم، أصبح الملجأ الوحيد المتبقي للتنظيم لضمان استمراره وانتشار أفكاره».
ويقول مراقبون إن «(داعش) أصبح في حاجة ملحة لزيادة الأفراد المستقطبين إليه، خصوصا بعد هزائمه المتكررة أمام القوات العراقية والغارات الجوية من قبل قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة»، فضلا عن هروب أعداد من عناصره المقاتلة عقب اكتشاف كذب مزاعم التنظيم الإرهابي.
وأضاف المسؤول نفسه، أن «المشاركين في المؤتمر سوف يدعون في ختام أعمالهم إلى حماية الشباب من القيم والمعاني العنيفة التي يبثها (داعش) والتي تحفز على ممارسة العنف واستحسانه، وكذا الحث على متابعة التطبيقات والبرامج التي تقدم للشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لضمان عدم تعرضهم لهذه الدعاية الخبيثة، والأفكار التي تحض على العنف، والتي يسعى التنظيم لبثها في عقول الشباب لتهيئتهم لتقبل مثل هذه الأفكار وممارسة أعمال العنف». ولفت إلى أن «المؤتمر سوف يدعو إلى تكثيف المواجهة الإلكترونية والتقنية لتنظيم داعش بشكل خاص».
مؤتمر «الأديان ضد الإرهاب» يتصدى لتهديد «داعش» للأقليات العرقية
احتضنته كازاخستان برئاسة مصرية
مؤتمر «الأديان ضد الإرهاب» يتصدى لتهديد «داعش» للأقليات العرقية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة