كلف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أمس الأحد الدكتور هاني الملقي بتشكيل حكومة جديدة، خلفا لحكومة الدكتور عبد الله النسور، التي قدمت استقالتها أمس عقب إصدار الملك عبد الله الثاني مرسوما بحل مجلس النواب، وذلك بمقتضى الفقرة (3) من المادة (34) من الدستور حيث إن الدستور بنص على أن الحكومة التي يحل في عهدها مجلس النواب تستقيل خلال أسبوع ولا يكلف رئيسها بتشكيل الحكومة مرة أخرى.
وطلب العاهل الأردني من الرئيس المكلف إجراء الانتخابات النيابية وفق الاستحقاقات الدستورية خلال فترة لا تزيد على أربعة أشهر بعد حل مجلس النواب، وتوفير وسائل الدعم والتسهيلات كافة للهيئة المستقلة للانتخاب، لتمكينها من جميع مراحل العملية الانتخابية بنزاهة وشفافية.
وأعرب الملك عن أمله أن يكون قانون الانتخاب الذي يعتمد النظام النسبي محفزا للمرشحين للانضمام إلى تكتلات سياسية برامجية، بعيدًا عن الانتماءات والمصالح الفرعية الضيقة؛ ما يساهم في تشكيل كتل نيابية ذات بنية أقوى وذات برامج وأهداف محددة تعمل تحت قبة البرلمان بشكل أكثر نضوجًا؛ نحو بناء الأحزاب وتطويرها وصولاً إلى الحكومات البرلمانية.
كما طلب الملك من الحكومة الجديدة إصدار جميع الأنظمة والتعليمات الضرورية لتنفيذ قانون اللامركزية، بما في ذلك اتخاذ الترتيبات الضرورية لإجراء انتخابات مجالس المحافظات العام المقبل.
كما أكد العاهل الأردني على تعزيز الإصلاحات الإدارية التي تهدف إلى تعميق سيادة القانون وتطوير الإدارة وإفساح المجال للقيادات الإدارية القادرة على التغيير والإنجاز. من خلال ميثاق منظومة النزاهة الوطنية ومكافحة الفساد، وذلك ترسيخًا لقيم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، وتجذيرًا لمبدأ تلازم السلطة والمسؤولية في المناصب العامة. ولا بد من ترجمة كل ذلك إلى ممارسات واضحة يلمسها المواطن.
وطلب اتخاذ إجراءات فاعلة ومباشرة لتحسين مستوى الأداء في أجهزة الحكومة، والإسراع في تنفيذ مشروع الحكومة الإلكترونية لتمكينها من رفع سوية الخدمات وزيادة مستويات الشفافية.
كما حث الملك في كتاب التكليف على العمل بشكل حثيث لرفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطن في مختلف المجالات. من خلال النزول إلى الميدان للتواصل مباشرة مع المواطنين وتلمس احتياجاتهم والخدمات المقدمة لهم، لضمان الاستجابة السريعة والعادلة لقضايا المواطنين في جميع المحافظات والذي يتطلب وجود فريق وزاري قادر على تحمل مسؤولياته بالكامل، والعمل بشجاعة واقتدار على إيجاد الحلول دون تباطؤ أو اختلاق أعذار، أو تردد في اتخاذ القرار.
وأكد أن تطبيق مبادئ العدالة والمساواة والشفافية وتكافؤ الفرص بين أفراد المجتمع لا يكتمل إلا بوجود جهاز قضائي قادر على القيام بواجباته بسرعة وكفاءة، حيث إن قناعتنا ما زالت راسخة بأن لا تنمية سياسية وإدارية واقتصادية إلا بوجود جهاز قضائي يكرس العدل والمساواة لتعزيز شعور الطمأنينة عند الجميع داعيا إلى الاستمرار في التعاون مع السلطة القضائية لتوفير كل ما تحتاج إليه في عملها لتمكينها من توفير بيئة قضائية نزيهة وشفافة، وإنجاز السياسات والتشريعات اللازمة للنهوض بالجهاز القضائي وتحديثه.
وفي المجال الاقتصادي طلب العاهل الأردني اتخاذ إجراءات استثنائية خلّاقة تساعد على مواجهة التحديات التي تواجه المنطقة وتحقيق معدلات نمو أعلى، وتعزيز تنافسية اقتصادنا الوطني، وإيجاد فرص العمل للمواطنين.
كما طلب متابعة تنفيذ السياسات والإجراءات اللازمة وتوفير البيئة المطلوبة لتحقيق أفضل مستويات الشراكة والتعاون، وتضافر الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني بشكل حقيقي وفاعل، وإعداد حزمة متكاملة من الإجراءات الكفيلة بمواجهة هذه التحديات الاقتصادية، ومتابعة تحقيق الإصلاحات الاقتصادية الضرورية، وتنفيذ الاستراتيجيات والخطط الموضوعة وعلى رأسها استراتيجية التشغيل. كما يجب العمل على إزالة الاختلالات ومراجعة التشريعات وتحسين بيئة الاستثمار لتحفيز النمو، بالإضافة إلى أهمية الحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي.
وطلب القيام بمواصلة بناء علاقات اقتصادية متينة مع الأشقاء العرب والدول الصديقة. وقد جاء إنشاء المجلس التنسيقي السعودي - الأردني بهدف وضع العلاقات الاستراتيجية بين البلدين ضمن إطار مؤسسي يعزز التعاون في مجالات واسعة وبما يخدم مصلحة البلدين ويعزز التكامل بينهما. وعلى الحكومة أن تبدأ بالتحضير لعقد اجتماعات المجلس بأسرع وقت للتوصل لغاياتنا المشتركة.
وأكد الملك في كتاب التكليف على أهمية متابعة تنفيذ مخرجات مؤتمر لندن للمانحين لضمان توفير الدعم المطلوب للأردن في تحمل أعباء اللجوء السوري والتصدي لمشكلتي الفقر والبطالة والاهتمام بالتربية والتعليم والتعليم العالي والتدريب المهني، لما لها من أهمية بالغة في رفد سوق العمل بالكفاءات التي تتطلبها التنمية وإعداد الأجيال القادرة على مواجهة التحديات.
كما أشار إلى الاستمرار بالإجراءات التنفيذية لتنويع مصادر الطاقة، وبخاصة الطاقة البديلة والمتجددة، وتحرير سوق المشتقات النفطية، واستكمال الإجراءات التنفيذية للمشاريع الكبرى في مجالات حيوية، خاصة في قطاعات الطاقة والمياه والنقل وكذلك الاهتمام بقطاع الصحة والعمل على الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، واستكمال مشاريع الربط الإلكتروني والحوسبة لهذا القطاع، والاهتمام بالسياحة العلاجية وكذلك قطاع الشباب وتعزيز دور المرأة
كما أكد التزام الأردن بتعهداته الإقليمية والدولية بمحاربة الإرهاب، فهي حرب المسلمين بالمرتبة الأولى، وخوضها واجب ديني للدفاع عن العقيدة الإسلامية السمحة والدفاع عن مستقبل أبنائنا وحقهم في العيش بأمان واستقرار.
وقال: إن ما تشهده المنطقة العربية من حروب أهلية ونزاعات طائفية تغلغلت فيها يد الإرهاب فسفكت دماء الأبرياء، وتمكنت من تجاوز حدود الإقليم لتضرب مواقع مختلفة في العالم، يزيدنا يقينًا وإصرارًا على أهمية الاستمرار في الحرب على قوى الظلام وخوارج هذا العصر.
وأكد دعم القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وتوفير الدعم اللازم لهم لتمكينهم من الاستمرار في القيام بمسؤولياتهم الوطنية الجليلة، بمنتهى التميز والكفاءة والاقتدار.
ودعا الحكومة إلى «احترام المواثيق والمعاهدات الدولية. والالتزام بمواقفه التاريخية والدفاع عن قضايا أمته العربية والإسلامية. وأنه سيظل الداعم الحقيقي لأشقائنا الفلسطينيين، وسيستمر في توظيف علاقاته الخارجية في سبيل قيام دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني، وعاصمتها القدس الشرقية، وفق مبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية. وستبقى القدس، من منطلق مسؤوليتنا الدينية والتاريخية ووصايتنا على الأماكن المقدسة فيها، أمانة نتشرف بحمل مسؤولية الدفاع عنها ضد محاولات الاعتداء على مقدساتها وتغيير الوضع القائم فيها».
ووجه العاهل الأردني رسالة إلى الدكتور عبد الله النسور، شكره فيها على أدائه في مرحلة وصفها بأنها تاريخية غير مسبوقة من التحديات والصعوبات والغموض الذي اكتنف بما يسمى «الربيع العربيِ».. «وكان تصديكم للتحديات والظروف التي تمر بها المنطقة، والتي تركت آثارها على الوطن، تحكمه العقلانية والواقعية، وكانت مثابرتكم على العمل والمتابعة لا تعرف الملل والكلل، بما يحمي الوطن الأغلى والمواطن الأعز من هول الأحداث وقسوة الواقع، كلها ضمن توجيهاتنا التي حملتها، يوما بعد يوم، بكل شجاعة واقتدار».
وتابع: «إننا، نعيش في وطن عز مثيله بأسرته الكبيرة الواحدة المتحابة المتعاضدة، ووحدته الوطنية القائمة على الإخاء والتسامح والتعايش السلمي في الداخل والخارج، ونبذ الفرقة والتطرف والعنف. فبوعي الأردنيين الأشاوس، وببسالة القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية، مضينا وسنمضي، بإذن الله، إلى غاياتنا وأهدافنا التي رسمناها لمستقبل هذا الحمى الأصيل».
وقال: «كنت، يا دولة الرئيس، في الصف الأول من المسؤولية والريادة إلى جانبي في مواجهة الملمات والأزمات وتجاوزها، ليبقى الأردن واحة أمن واستقرار، فجزاك الله عنا وعن هذا الوطن كل الخير والنجاح.. لقد آثرنا منذ اندلاع الأحداث الدامية في محيطنا العربي، على السير ضمن خطوط متوازية ومتوازنة. فحرصنا على الدفاع عن حدودنا وثغورنا وصفوفنا ضد أي تسلل أو اختراق من خوارج ديننا الإسلامي الحنيف ومحاولات تشويه وتمزيق وجه هذا الدين السمح. وبنفس الاندفاع والقوة، عقدنا العزم على المضي بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتحديثها، بما يتواكب مع متطلبات القرن الواحد والعشرين، وبما يضمن العدل وكرامة العيش لشعبنا العزيز».
وكان الملك عبد الله الثاني التقى، في قصر الحسينية، رئيس الوزراء السابق عبد الله النسور وأعضاء الحكومة المستقيلة، حيث شكرهم على ما بذلوه من جهود أثناء توليهم أمانة المسؤولية.
وكان الدكتور النسور قد شكل حكومته الأولى في 11 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2012 وأعاد تشكيلها للمرة الثانية في أغسطس (آب) عام 2013 حيث أجرى ثلاثة تعديلات على حكومته.
وكان مرسوم صدر بأن يقوم الأمناء العامون للوزارات بتسيير أعمال وزاراتهم إلى حين انتهاء رئيس الوزراء المكلف من تشكيل الحكومة الجديدة.
وقال رئيس الوزراء المكلف الدكتور هاني الملقي إنه أبلغ رسميا بتشكيل حكومته أمس وإنه غادر الديوان الملكي وقد بدأ أعداد قائمة التشكيل الوزاري، مشيرا إلى أنه سيعلن فريقه في الوقت القريب إلا أنه لم يحدد اليوم بالضبط. وقال: «بين يدي أوراق لا بد من إنهاء إعدادها».. إلا أن مصادر مطلعة قالت إن الإعلان عن الأسماء سيتم خلال موعد أقصاه يوم بعد غد الأربعاء.
إلى ذلك، رجحت مصادر مطلعة أن يستعين رئيس الوزراء المكلف الدكتور الملقي ببعض وزراء الحكومة السابقة ومن أبرز الأسماء نائب رئيس الوزراء وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الذنيبات ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية ناصر جودة ووزير التخطيط عماد فاخوري ووزير الداخلية مازن القاضي ووزير العدل بسام التلهوني ووزير المالية عمر ملحس ووزير النقل أيمن حتاحت.
إلى ذلك، كشف مصدر مقرب من رئيس الوزراء المكلف عن نيته بالاحتفاظ بأكثر من نصفها من وزراء الحكومة السابقة.
وأوضح المصدر أن حكومة الملقي والتي ستعمل على إجراء وتسيير الانتخابات النيابية لمجلس النواب القادم في دورته الثامنة عشرة، سيعاد تكليفها بعد إجراء الانتخابات ليصار إلى تغيير غالبية وزراء الفريق الحكومي.
على صعيد متصل - أكد الناطق الرسمي باسم الهيئة المستقلة للانتخاب جهاد المومني أن قرار إجراء الانتخابات النيابية المقبلة هو من صلاحيات الملك، مضيفا أن مجلس مفوضي الهيئة سيحتاج لعشرة أيام فقط لتحديد، موعد إجرائها، بعد صدور الأمر الملكي السامي.
وشدد المومني، على جاهزية الهيئة لإجراء الانتخابات النيابية المقبلة خلال 4 أشهر من تاريخ حل مجلس النواب السابع عشر.
وأوضح المومني أنه عند تحديد موعد إجراء الانتخابات يؤخذ بعين الاعتبار أيضا عدم تعارض الانتخابات مع مناسبات مهمة مثل موسم الحج، فضلاً عن موعد فعاليات كأس العالم للسيدات الذي تستضيفه المملكة في سبتمبر (أيلول) المقبل.
العاهل الأردني يكلف الدكتور هاني الملقي تشكيل حكومة جديدة.. ويحل مجلس النواب
كلف بإجراء انتخابات نيابية وتنفيذ قانون اللامركزية وترسيخ قيم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص
العاهل الأردني يكلف الدكتور هاني الملقي تشكيل حكومة جديدة.. ويحل مجلس النواب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة