فلول «داعش» تهاجم هيت والقوات العراقية تضيق الخناق على الفلوجة

توزيع 4 آلاف مقاتل من العشائر على أطراف المدينة بعد تدريبهم من قبل أميركا

مقاتلون من الحشد الشعبي على جبهة الفلوجة يطلقون نيران مدافعهم ضد مقاتلي داعش في المرجاني أول من أمس (رويترز)
مقاتلون من الحشد الشعبي على جبهة الفلوجة يطلقون نيران مدافعهم ضد مقاتلي داعش في المرجاني أول من أمس (رويترز)
TT

فلول «داعش» تهاجم هيت والقوات العراقية تضيق الخناق على الفلوجة

مقاتلون من الحشد الشعبي على جبهة الفلوجة يطلقون نيران مدافعهم ضد مقاتلي داعش في المرجاني أول من أمس (رويترز)
مقاتلون من الحشد الشعبي على جبهة الفلوجة يطلقون نيران مدافعهم ضد مقاتلي داعش في المرجاني أول من أمس (رويترز)

شن مسلحو «داعش» أمس هجومًا مباغتًا على مدينة هيت بعد أن تمكن المسلحون من الوصول إلى داخل المدينة بعد عبور نهر الفرات قادمين من منطقة المشتل عند شمالي المدينة في ساعة متأخرة من ليلة السبت.
وجاء الهجوم من قبل تنظيم داعش بينما تواصل القوات الأمنية العراقية من عمليات تضييق الخناق على مدينة الفلوجة استعدادًا لدخول المدينة وتحريرها من سيطرة تنظيم داعش، وبعد تحرير مناطق وقرى شاسعة عند أطراف المدينة من قبل القطعات العسكرية المنتشرة بكثافة عند المحاور الأربعة للفلوجة.
وقال رئيس اللجنة الأمنية في البرلمان العراقي النائب حاكم الزاملي في حديث لـ«الشرق الأوسط إن تنظيم داعش الإرهابي وبعد أن أدرك حجم الخسائر التي تلقاها مسلحوه على يد القوات الأمنية وانهزامه في عمليات تحرير مدن الرمادي وهيت والرطبة والبلدات الأخرى، حاول التعرض لمدينة هيت التي تمكنت القوات من تحريرها قبل شهر من الآن. وبعد أن تم تضييق الخناق على أهم معاقل التنظيم الإرهابي المتمثلة في مدينة الفلوجة، سعى التنظيم الإرهابي لنقل الأنظار إلى منطقة أخرى من أجل إيجاد حلول لمسلحيه الذين بدأت تتعالى صرخاتهم مطالبين قادتهم بإنقاذهم من الحصار الذي فرضته قواتنا عليهم قبل القضاء عليهم بشكل تام عند دخولنا لتحرير مدينة الفلوجة.
وأضاف الزاملي «إن القوات الأمنية المتمثلة بقوات الجيش وجهاز مكافحة الإرهاب وأفواج الشرطة ومقاتلي العشائر، تمكنوا من صد الهجوم الذي شنه مسلحو تنظيم داعش الإرهابي على مدينة هيت، وتمكنت القوات من قتل أكثر من 60 مسلحًا من المهاجمين وألحقوا بهم خسائر كبيرة».
وأشار الزاملي إلى أن «مسلحي تنظيم داعش لم يعد لديهم وجود فعلي في معظم المناطق والبلدات الرئيسية في غرب الأنبار، فيما تستمر محاولات التنظيم الإرهابي بشن هجمات متفرقة لتشتيت الانتباه متخذين من الصحراء مكانا لانطلاق تلك الهجمات التي تتصدى لها القوات الأمنية وتكبد التنظيم الإرهابي في كل مرة المزيد في الخسائر في الأرواح والمعدات، الأمر الذي جعل من عناصر التنظيم الإرهابي يقومون بعمليات خروج ودخول عبر الحدود مع سوريا من أجل تعزيز قواتهم المنكسرة في مدن الأنبار».
وأضاف أن القوات الأمنية العراقية تعمل بشكل جاد لتحرير مدينة الفلوجة التي تعتبر من أهم معاقل التنظيم الإرهابي في الأنبار، وسوف تدخل القوات التي أنيطت إليها عمليات تحرير المدينة من قطعات الجيش وجهاز مكافحة الإرهاب وأفواج الشرطة وقوات الحشد العشائري لمقاتلي الأنبار، عند الساعات القليلة القادمة إلى داخل المدينة وتحريرها من قبضة التنظيم الإرهابي بعدما أمنت طرقا كثيرة لخروج العائلات المحاصرة داخل المدينة والذين أصبحوا يتدفقون للخروج عبر تلك المنافذ وتستقبلهم القوات الأمنية وتقوم بعمليات نقلهم إلى الأماكن الآمنة التي خصصت لهم.
وقال الزاملي بأنه سيتم الانطلاق مباشرة إلى تحرير باقي المناطق الغربية من أجل السيطرة على الشريط الحدودي بين العراق وسوريا من أجل القضاء التام على تسلل الإرهابيين إلى محافظة الأنبار، ثم الانطلاق لتحرير مدينة الموصل، داعيا أهل محافظة نينوى وبالأخص المتواجدين في مدينة الموصل بالخروج من المدينة بشكل فوري للتخلص من قبضة مسلحي تنظيم داعش الإرهابي والإفلات.
إلى ذلك أكدت قيادة العمليات المشتركة وقوع هجوم من قبل تنظيم داعش على مدينة هيت وقامت بالإيعاز إلى قوة تابعة لجهاز مكافحة الإرهاب بالتوجه إلى المنطقة. وقالت في بيان مقتضب إن «هجوم (داعش) على قضاء هيت جاء من أجل التخفيف عن الضغط على عناصرهم المتواجدين داخل الفلوجة، خصوصًا بعد إعلان وصول قوات مكافحة الإرهاب لاقتحام المدينة».
وفي سياق متصل أعلن مجلس محافظة الأنبار عن بدء الصفحة الثانية من عمليات تحرير مدينة الفلوجة من قبضة تنظيم داعش، وقال المتحدث الرسمي للمجلس عذّال الفهداوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن معارك تحرير مدينة الفلوجة ما زالت مستمرة بشكل متواصل من كافة المحاور وخصوصًا عند المحور الجنوبي للمدينة حيث أصبحت القوات الأمنية عند ضفة النهر الفاصل بين ناحية عامرية الفلوجة وبين المدينة بعد أن حررت مناطق شاسعة في طريق وصولها إلى ضفة نهر الفرات حيث التقت القوات الأمنية بقطعات الفرقة الأولى المتواجدة جنوبي المدينة وأصبحت القوات قريبة جدًا من الدخول إلى مركز المدينة حيث لا يفصلها عنه سوى عبور نهر الفرات فقط.
وأما عن المحاور الثلاثة الأخرى فقال عذال «القوات المسلحة المكونة من قوات الجيش وجهاز مكافحة الإرهاب الذي وصل قريبًا من أجل المشاركة في عمليات التحرير وكذلك أفواج الشرطة المحلية وفي مقدمتها الفوج التكتيكي الذي قامت القوات الأميركية بتدريبه وتجهيزه مع وجود أكثر من 4000 مقاتل من قوات العشائر، منتشرة بشكل مكثف عند ثلاثة محاور من محاور المدينة فارضين حصارًا خانقًا على مسلحي تنظيم داعش وهم بانتظار انطلاق الإشارة للدخول إلى المدينة، فيما تم قطع المحور الغربي للمدينة من منطقة البوشجل باتجاه جزيرة الخالدية، وما هي إلا ساعات قليلة أمام دخول قواتنا لتحرير الفلوجة بعد الإعلان الرسمي عن انطلاق الصفحة الثانية من عمليات تحرير المدينة».
وأشار الفهداوي إلى أن «الشغل الشاغل لدى حكومة الأنبار ومجلسها هو كيفية خروج العائلات المحاصرة داخل المدينة بأكبر عدد ممكن والحفاظ على أرواح المتبقي منهم من الذين لم يتمكنوا من الخروج خصوصًا مع اقتراب دخول القوات الأمنية إلى مركز المدينة، فيما نسعى الآن لتأمين وصول العائلات إلى مخيمات النازحين وتقديم المساعدات الفورية لهم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.