المعارضة السورية تحذر من سقوط معقلها في أعزاز.. وموجة نزوح نحو عفرين

«الائتلاف» يطالب بتسليح «الجيش الحر».. والمدفعية التركية وغارات التحالف تقصفان تمركزات التنظيم وإمداداته

سوري يعاين آثار الدمار والمنازل المدمرة في حي بستان القصر بمدينة حلب جراء قصف النظام للمدينة حيث قتل 28 شخصاً على الأقل (إ.ب.أ
سوري يعاين آثار الدمار والمنازل المدمرة في حي بستان القصر بمدينة حلب جراء قصف النظام للمدينة حيث قتل 28 شخصاً على الأقل (إ.ب.أ
TT

المعارضة السورية تحذر من سقوط معقلها في أعزاز.. وموجة نزوح نحو عفرين

سوري يعاين آثار الدمار والمنازل المدمرة في حي بستان القصر بمدينة حلب جراء قصف النظام للمدينة حيث قتل 28 شخصاً على الأقل (إ.ب.أ
سوري يعاين آثار الدمار والمنازل المدمرة في حي بستان القصر بمدينة حلب جراء قصف النظام للمدينة حيث قتل 28 شخصاً على الأقل (إ.ب.أ

حذرت مصادر المعارضة السورية، أمس، من اقتحام تنظيم داعش بلدة مارع ومدينة أعزاز، وهما المعقل الرئيسي لقوات المعارضة في ريف محافظة حلب الشمالي المحاذي للحدود التركية، وسط استمرار المعارك التي دفعت مئات المدنيين للخروج من المنطقتين باتجاه مدينة عفرين التي تسيطر عليها ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية. وقال الناشط في بلدة مارع، ماجد نجار، لـ«الشرق الأوسط» إن مقاتلي المعارضة في مارع «باتوا محاصرين من ثلاث جهات»، مشيرًا إلى أن التنظيم «لم يتمكن من السيطرة على المدينة بفعل المقاومة العنيفة التي أبداها مقاتلو المعارضة، رغم أن التنظيم فجّر عربتين مفخختين، وواصل قصفه مناطق الاشتباك».
وحسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» قطع «داعش» آخر طريق إمداد إلى مارع، وتحدث عن «اشتباكات عنيفة تدور بين الفصائل المقاتلة وتنظيم داعش» في شمال وشرق مارع. وكان التنظيم المتطرف قد شن فجر الجمعة هجومًا مفاجئًا في ريف حلب الشمالي، حيث تمكن من السيطرة على خمس قرى كانت تحت سيطرة الفصائل المعارضة، ما أتاح له قطع طريق الإمداد الوحيدة التي تربط مارع بمدينة أعزاز، أكبر المعاقل المتبقية للفصائل في محافظة حلب. ووفق التقارير تدخلت المدفعية التركية وطائرات التحالف الدولي ضد الإرهاب على عجل، وقصفت تمركزات التنظيم وخطوط إمداده ومقدمة القوة المقاتلة لديه. ونقلت وسائل إعلام تركية، أمس السبت، عن مصادر عسكرية قولها إن ضربات جوية شنتها تركيا والتحالف - الذي تقوده الولايات المتحدة - قتلت 104 متشددين من تنظيم داعش، ردا على أحدث هجوم على إقليم حدودي تركي.
غير أن تلك الضربات، لم تمنع مقاتلي التنظيم من التقدم، بعد يومين على شن هجماته ضد قوات المعارضة على معاقلها قرب الشريط الحدودي مع تركيا. وقال القيادي في «أحرار الشام» في ريف حلب، محمد الشامي لـ«الشرق الأوسط»، إن التنظيم «بات على المداخل الجنوبية لبلدة مارع، وعلى مدخليها الشرقي والشمالي»، محذرًا من سقوطها بيد التنظيم. وقال إن «داعش» ينفذ «هجومًا مركّبا، حيث بات يقاتل على المداخل الشمالية والجنوبية لمدينة أعزاز»، مشيرًا إلى أن قوات المعارضة «دفعت بتعزيزات لصده» في حين «يواصل المقاتلون داخل البلدة صد الهجمات، بموازاة القصف». ولفت الشامي إلى أن التفجيرات التي نفذّها التنظيم بالمفخخات «خلقت بعض الفوضى في المنطقة»، لكن «المدفعية التركية حمت البلدة جراء قصفها تمركزات وتعزيزات التنظيم».
جدير بالذكر، أن أعزاز تعد معقل قوات المعارضة الحليفة لتركيا، وتستضيف عددًا كبيرًا من المدنيين النازحين من ريف حلب الشمالي، وكانت معدة لتكون «منطقة آمنة» مصغرة، تستضيف النازحين وتوفر لهم المأمن. وفي حال دخول «داعش» إليها فإن التنظيم سيفقد المعارضة معقلها في الريف الشمالي المحاذي لتركيا، ويُبعد الخطر عن مناطق سيطرته في الريف الشمالي الحدودي مع تركيا، كما سيشكل خطرًا على الميليشيات الكردية الموجودة في منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية. وفي هذا الاتجاه قال مصدر عسكري كردي في عفرين لـ«الشرق الأوسط» إن دخول «داعش» إلى أعزاز «سيشكل خطرًا على عفرين التي يسكنها الآن نحو مليون و300 ألف مدني»، ولوّح بأن «احتمالات التدخل في أعزاز في حال سقوطها بيد (داعش) ستكون قائمة بغرض حماية عفرين».
من جانب آخر، في مارع حاليًا، وفق الناشط مأمون الخطيب، فصائل مقاتلة إسلامية تضم في غالبيتها الساحقة مقاتلين من أبناء البلدة التي كان عدد سكانها يبلغ خمسين ألف شخص قبل نزوحهم تدريجيًا. ولا يزال نحو 15 ألف مدني - وفق الخطيب - معظمهم من النساء والأطفال، محاصرين داخل البلدة بعد هجوم المتشددين. وبسبب ضراوة المعارك العسكرية اضطر المدنيون إلى النزوح من مارع ولم يكن أمامهم إلا المنطقة التي تسيطر عليها ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» التي يطغى عليها الأكراد. أما ماجد نجار فأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن مئات المدنيين «نزحوا عبر قرية شيخ عيسى إلى بلدة تل رفعت التي تسيطر عليها ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية».
وبدوره، أفاد مصدر كردي بارز في عفرين لـ«الشرق الأوسط» أنه بالفعل «تم فتح معبر للمدنيين الفارين من المعارك الدائرة في مارع وأعزاز، بعد طلب وجهاء مارع والمنطقة ذلك»، وأشار إلى أن هؤلاء «يصلون عبر تل رفعت إلى عفرين». وتابع المصدر أن مائة عائلة «فرت من أعزاز خلال اليومين الماضيين باتجاه عفرين، كما نزح المئات من مارع باتجاه المنطقة، خوفًا من سقوط البلدة بأيدي (داعش)». وأشار إلى أن السلطات في عفرين «يطالبون المنظمات الإغاثية الدولية بالتدخل ومساعدة النازحين».
في هذه الأثناء، بعد ساعات على هجوم التنظيم، أبدت منظمات حقوقية وإنسانية مخاوفها إزاء مصير عشرات الآلاف من النازحين الموجودين في منطقة أعزاز قرب الحدود التركية المقفلة. وأعربت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في جنيف، أمس السبت، عن «قلقها البالغ إزاء محنة نحو 165 ألف نازح، تفيد تقارير وجودهم قرب مدينة أعزاز»، وقالت إنهم «يواجهون صعوبات للحصول على الخدمات الطبية وتأمين الغذاء والماء والسلامة».
وأشارت في بيان إلى أنها «نبّهت السلطات التركية على الفور حول التطورات في شمال سوريا» داعية إلى «حماية الحقوق الأساسية والسلامة الجسدية» لهؤلاء النازحين. ويذكر في هذا الصدد أن تركيا تقفل حدودها حاليًا أمام الفارين من المعارك في ريف حلب منذ عدة أشهر، رغم مناشدة المنظمات الحقوقية والدولية سلطات أنقرة بفتح حدودها، ما أدى إلى تجمع عشرات الآلاف في مخيمات عشوائية في منطقة أعزاز وسط ظروف معيشية صعبة.
إلى ذلك، طالب «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن وحكومات «الدول الصديقة للشعب السوري»، بتأمين حماية عاجلة وفورية للمدنيين في جميع المناطق التي تتعرض لهجوم من قبل تنظيم داعش والنظام السوري. ورأى الائتلاف أن «تسليح (الجيش السوري الحرّ) للوقوف في وجه تنظيم داعش ونظام الأسد أمر لا بد منه، فالحرب ضد الإرهاب بكل أشكاله لا يمكن أن تحقق أهدافها في سوريا، إلا بدعم (الجيش الحرّ) الذي أثبت، قبل أي جهة أخرى، وفي مناسبات كثيرة، أنه الأقدر على حماية المدنيين ومواجهة الإرهاب وطرده».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».