حذرت مصادر المعارضة السورية، أمس، من اقتحام تنظيم داعش بلدة مارع ومدينة أعزاز، وهما المعقل الرئيسي لقوات المعارضة في ريف محافظة حلب الشمالي المحاذي للحدود التركية، وسط استمرار المعارك التي دفعت مئات المدنيين للخروج من المنطقتين باتجاه مدينة عفرين التي تسيطر عليها ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية. وقال الناشط في بلدة مارع، ماجد نجار، لـ«الشرق الأوسط» إن مقاتلي المعارضة في مارع «باتوا محاصرين من ثلاث جهات»، مشيرًا إلى أن التنظيم «لم يتمكن من السيطرة على المدينة بفعل المقاومة العنيفة التي أبداها مقاتلو المعارضة، رغم أن التنظيم فجّر عربتين مفخختين، وواصل قصفه مناطق الاشتباك».
وحسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» قطع «داعش» آخر طريق إمداد إلى مارع، وتحدث عن «اشتباكات عنيفة تدور بين الفصائل المقاتلة وتنظيم داعش» في شمال وشرق مارع. وكان التنظيم المتطرف قد شن فجر الجمعة هجومًا مفاجئًا في ريف حلب الشمالي، حيث تمكن من السيطرة على خمس قرى كانت تحت سيطرة الفصائل المعارضة، ما أتاح له قطع طريق الإمداد الوحيدة التي تربط مارع بمدينة أعزاز، أكبر المعاقل المتبقية للفصائل في محافظة حلب. ووفق التقارير تدخلت المدفعية التركية وطائرات التحالف الدولي ضد الإرهاب على عجل، وقصفت تمركزات التنظيم وخطوط إمداده ومقدمة القوة المقاتلة لديه. ونقلت وسائل إعلام تركية، أمس السبت، عن مصادر عسكرية قولها إن ضربات جوية شنتها تركيا والتحالف - الذي تقوده الولايات المتحدة - قتلت 104 متشددين من تنظيم داعش، ردا على أحدث هجوم على إقليم حدودي تركي.
غير أن تلك الضربات، لم تمنع مقاتلي التنظيم من التقدم، بعد يومين على شن هجماته ضد قوات المعارضة على معاقلها قرب الشريط الحدودي مع تركيا. وقال القيادي في «أحرار الشام» في ريف حلب، محمد الشامي لـ«الشرق الأوسط»، إن التنظيم «بات على المداخل الجنوبية لبلدة مارع، وعلى مدخليها الشرقي والشمالي»، محذرًا من سقوطها بيد التنظيم. وقال إن «داعش» ينفذ «هجومًا مركّبا، حيث بات يقاتل على المداخل الشمالية والجنوبية لمدينة أعزاز»، مشيرًا إلى أن قوات المعارضة «دفعت بتعزيزات لصده» في حين «يواصل المقاتلون داخل البلدة صد الهجمات، بموازاة القصف». ولفت الشامي إلى أن التفجيرات التي نفذّها التنظيم بالمفخخات «خلقت بعض الفوضى في المنطقة»، لكن «المدفعية التركية حمت البلدة جراء قصفها تمركزات وتعزيزات التنظيم».
جدير بالذكر، أن أعزاز تعد معقل قوات المعارضة الحليفة لتركيا، وتستضيف عددًا كبيرًا من المدنيين النازحين من ريف حلب الشمالي، وكانت معدة لتكون «منطقة آمنة» مصغرة، تستضيف النازحين وتوفر لهم المأمن. وفي حال دخول «داعش» إليها فإن التنظيم سيفقد المعارضة معقلها في الريف الشمالي المحاذي لتركيا، ويُبعد الخطر عن مناطق سيطرته في الريف الشمالي الحدودي مع تركيا، كما سيشكل خطرًا على الميليشيات الكردية الموجودة في منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية. وفي هذا الاتجاه قال مصدر عسكري كردي في عفرين لـ«الشرق الأوسط» إن دخول «داعش» إلى أعزاز «سيشكل خطرًا على عفرين التي يسكنها الآن نحو مليون و300 ألف مدني»، ولوّح بأن «احتمالات التدخل في أعزاز في حال سقوطها بيد (داعش) ستكون قائمة بغرض حماية عفرين».
من جانب آخر، في مارع حاليًا، وفق الناشط مأمون الخطيب، فصائل مقاتلة إسلامية تضم في غالبيتها الساحقة مقاتلين من أبناء البلدة التي كان عدد سكانها يبلغ خمسين ألف شخص قبل نزوحهم تدريجيًا. ولا يزال نحو 15 ألف مدني - وفق الخطيب - معظمهم من النساء والأطفال، محاصرين داخل البلدة بعد هجوم المتشددين. وبسبب ضراوة المعارك العسكرية اضطر المدنيون إلى النزوح من مارع ولم يكن أمامهم إلا المنطقة التي تسيطر عليها ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» التي يطغى عليها الأكراد. أما ماجد نجار فأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن مئات المدنيين «نزحوا عبر قرية شيخ عيسى إلى بلدة تل رفعت التي تسيطر عليها ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية».
وبدوره، أفاد مصدر كردي بارز في عفرين لـ«الشرق الأوسط» أنه بالفعل «تم فتح معبر للمدنيين الفارين من المعارك الدائرة في مارع وأعزاز، بعد طلب وجهاء مارع والمنطقة ذلك»، وأشار إلى أن هؤلاء «يصلون عبر تل رفعت إلى عفرين». وتابع المصدر أن مائة عائلة «فرت من أعزاز خلال اليومين الماضيين باتجاه عفرين، كما نزح المئات من مارع باتجاه المنطقة، خوفًا من سقوط البلدة بأيدي (داعش)». وأشار إلى أن السلطات في عفرين «يطالبون المنظمات الإغاثية الدولية بالتدخل ومساعدة النازحين».
في هذه الأثناء، بعد ساعات على هجوم التنظيم، أبدت منظمات حقوقية وإنسانية مخاوفها إزاء مصير عشرات الآلاف من النازحين الموجودين في منطقة أعزاز قرب الحدود التركية المقفلة. وأعربت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في جنيف، أمس السبت، عن «قلقها البالغ إزاء محنة نحو 165 ألف نازح، تفيد تقارير وجودهم قرب مدينة أعزاز»، وقالت إنهم «يواجهون صعوبات للحصول على الخدمات الطبية وتأمين الغذاء والماء والسلامة».
وأشارت في بيان إلى أنها «نبّهت السلطات التركية على الفور حول التطورات في شمال سوريا» داعية إلى «حماية الحقوق الأساسية والسلامة الجسدية» لهؤلاء النازحين. ويذكر في هذا الصدد أن تركيا تقفل حدودها حاليًا أمام الفارين من المعارك في ريف حلب منذ عدة أشهر، رغم مناشدة المنظمات الحقوقية والدولية سلطات أنقرة بفتح حدودها، ما أدى إلى تجمع عشرات الآلاف في مخيمات عشوائية في منطقة أعزاز وسط ظروف معيشية صعبة.
إلى ذلك، طالب «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن وحكومات «الدول الصديقة للشعب السوري»، بتأمين حماية عاجلة وفورية للمدنيين في جميع المناطق التي تتعرض لهجوم من قبل تنظيم داعش والنظام السوري. ورأى الائتلاف أن «تسليح (الجيش السوري الحرّ) للوقوف في وجه تنظيم داعش ونظام الأسد أمر لا بد منه، فالحرب ضد الإرهاب بكل أشكاله لا يمكن أن تحقق أهدافها في سوريا، إلا بدعم (الجيش الحرّ) الذي أثبت، قبل أي جهة أخرى، وفي مناسبات كثيرة، أنه الأقدر على حماية المدنيين ومواجهة الإرهاب وطرده».
المعارضة السورية تحذر من سقوط معقلها في أعزاز.. وموجة نزوح نحو عفرين
«الائتلاف» يطالب بتسليح «الجيش الحر».. والمدفعية التركية وغارات التحالف تقصفان تمركزات التنظيم وإمداداته
المعارضة السورية تحذر من سقوط معقلها في أعزاز.. وموجة نزوح نحو عفرين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة