مقعد ليبيا يثير أزمة بين الثني والعربي

رئيس الحكومة الانتقالية اعتبر اعتماد الجامعة وزير خارجية «الوفاق» سابقة خطيرة

مقعد ليبيا يثير أزمة بين الثني والعربي
TT

مقعد ليبيا يثير أزمة بين الثني والعربي

مقعد ليبيا يثير أزمة بين الثني والعربي

«لسنا مغتصبين للسلطة.. وهذه جريمة»، هكذا عبر عبد الله الثني، رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا، في رسالة رسمية وجهها إلى نبيل العربي، الأمين العام للجامعة العربية، عن موقفه الغاضب من اعتماد الجامعة العربية لوزير خارجية حكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة برئاسة فائز السراج، في اجتماعات وزراء الخارجية العرب أمس في القاهرة.
وبعدما أعلن عن استغرابه واندهاشه من طلب العربي من وزير خارجية حكومته عدم حضور اجتماعات وزراء الخارجية العرب، رأى الثني في رسالة وجهها إلى العربي أن «هذه سابقة خطيرة لم تحدث من قبل».
وشدد على أن حكومته تعتبر وفقًا للمفهوم القانوني هي الحكومة الشرعية والوحيدة في ليبيا حتى الآن، إلى حين اعتماد مجلس النواب لحكومة السراج، التي قال إن القضاء الليبي الذي سيحسم مصيرها بشكل نهائي وقانوني خلال أسبوعين.
وأضاف الثني مخاطبًا الأمين العام للجامعة العربية: «لسنا مغتصبين للسلطة، ولكننا في نفس الوقت نتمسك وبقوة في الحفاظ على إرادة شعبنا الممثلة في مجلس النواب، الذي شهد العالم على نزاهة انتخابه، والذي ظل وسيظل بإذن الله المؤسسة الشرعية والممثل الوحيد والشرعي للشعب الليبي، إلى حين استكمال الاستحقاقات القانونية والدستورية، وإلى أن يتم التتويج باعتماد حكومة وفاق وطني حقيقي».
وأضاف «إننا على يقين من أنكم مدركون للمخاطر التي ستنتج عن هذا المسلك والذي نراه تجاوزًا غير مقبول وسابقة خطيرة، فإن أقدمتم على اتخاذ قرار غير مدروس سيؤدى إلى اتساع هوة الخلافات في ليبيا، وتفاقم الانشقاقات، وستصل بالبلاد إلى التقسيم».
وقال الثني الذي تتخذ حكومته من مدينة البيضاء مقرًا لها، وموالية لمجلس النواب الموجود في طبرق بشرق ليبيا أيضا: «تتحملون وزر هذه الجريمة، ومن يقف وراء إصدار هكذا قرار من جامعة يفترض فيها أن تجمع لا أن تفرق وتشتت».
ومع ذلك أضاف الثني: «نهيب بكم ومن خلالكم وزراء الخارجية العرب بالخروج بقرار يضمن الاستقرار في ليبيا، واحترام مؤسساتها الشرعية، وخيارات الشعب الليبي».
وكان رضا العوكلي، وزير الصحة في حكومة الثني، قد استهجن قبول الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي لوزير خارجية غير شرعي يمثل حكومة السراج عوضا عن حكومة الثني، موضحا أن العربي قد طلب رسميًا من وزير الخارجية في حكومة الثني محمد الدايري عدم الحضور لاجتماع وزراء الخارجية العرب، معتبرا أن هناك إجماعا عربيا على حضور وزير خارجية حكومة السراج بدلا عنه.
واعتبر العوكلي في بيان له أمس، أن هذه السابقة سيكون لها تداعيات خطيرة على عدد من الحكومات والأنظمة العربية، ومن شأنها أن تطيح بأي حكومة شرعية قائمة حتى تمنح بعض أعضاء المجتمع الدولي والأمم المتحدة بفرض حكومة وصاية على شعوبنا العربية»، على حد تعبيره.
وأضاف أن «ما يعرف بحكومة الوفاق لم تعتمد من قبل مجلس النواب، وإن كانت معتمدة ببيان روما وقرار مجلس الأمن الدولي نهاية شهر مارس (آذار) الماضي».
ولفت إلى أن «هذه الحكومة تبقى في نظر الشرفاء من الشعب الليبي غير شرعية، وقد تؤدي إلى انقسام دولة ليبيا ما بين من يدعم الشرعية والجيش الوطني في الشرق، ومن انقلب على رغبة الشعب الليبي وميليشياته المؤدلجة في الغرب الليبي».
وتابع: «قبول وزير خارجية حكومة السراج تحت قبة الجامعة العربية، يعني أنها تطلب تعليق عضوية ليبيا فيها دون وجه حق».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».