«الشيوخ» الفرنسي يدعو لمحاربة الإرهاب.. والأزهر يقترح إنشاء هيئة لضبط الخطاب الدعوي

الطيب دعا سفراء الدول للعمل على تصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام في الغرب

من لقاء شيخ الأزهر بسفراء الدول الإسلامية والغربية لدى فرنسا أمس («الشرق الأوسط»)
من لقاء شيخ الأزهر بسفراء الدول الإسلامية والغربية لدى فرنسا أمس («الشرق الأوسط»)
TT

«الشيوخ» الفرنسي يدعو لمحاربة الإرهاب.. والأزهر يقترح إنشاء هيئة لضبط الخطاب الدعوي

من لقاء شيخ الأزهر بسفراء الدول الإسلامية والغربية لدى فرنسا أمس («الشرق الأوسط»)
من لقاء شيخ الأزهر بسفراء الدول الإسلامية والغربية لدى فرنسا أمس («الشرق الأوسط»)

في وقت دعا فيه مجلس الشيوخ الفرنسي إلى محاربة الإرهاب والتطرف؛ إذ طالب جيرار لارشيه، رئيس مجلس الشيوخ، بحل مشاكل الأئمة الفرنسيين عبر مشاركة الأزهر في إيجاد حلول لهذه المشكلات من خلال نشر الفكر الوسطي ومحاربة التطرف، قالت مصادر مطلعة في مشيخة الأزهر بالقاهرة: إن «شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب اقترح خلال لقائه رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي إنشاء هيئة مسؤولة عن المساجد والأئمة في فرنسا، تقوم على ضبط الخطاب الدعوي وتنظيمه»، مضيفة أن «الطيب أشار إلى أن مشكلة المسلمين في فرنسا تكمن في أن الأئمة قادمون من بلاد مختلفة بأفكار وأجندات لا تتوافق مع وسطية الإسلام».
يأتي هذا في وقت طالب فيه شيخ الأزهر سفراء الدول العربية والإسلامية في فرنسا، أمس، إلى تنسيق الجهود، والعمل بشكل جدي على تصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام في الغرب، وأكد جان فريدريك بواسون، رئيس مجموعة عمل مكافحة تنظيم داعش الإرهابي، ورئيس الحزب المسيحي الديمقراطي في فرنسا، أن «الغرب في حاجة إلى تحصين الشباب من مخاطر الفكر المتطرف».
ويقول خبراء ومراقبون: «إن دول غرب أوروبا تحتل المرتبة الثالثة بين أكثر المناطق الجغرافية تصديرا للمتطرفين المنضمين إلى (داعش) بتعداد تعدى 5 آلاف مقاتل نهاية عام 2015. وتأتي فرنسا في المقدمة بتعداد 1700 مقاتل، ثم بريطانيا وألمانيا بتعداد 760 مقاتلا لكل منهما». فيما يؤكد الخبراء والمراقبون، أن تنظيم داعش ينشر يوميا أكثر من 250 ألف تغريدة على مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر» و«فيسبوك» لتوصيل رسالة مفادها أن عدد الداعمين لأفكار التنظيم في تزايد مستمر، رغم حصار التنظيم من قبل التحالف الدولي، وهرب الكثير من مقاتليه.
من جانبه، أشاد رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي بالخطاب العالمي الذي وجهه شيخ الأزهر إلى الشعوب الأوروبية والمسلمين حول العالم من العاصمة الفرنسية باريس، قائلا: إن «الخطاب أكد أهمية الحوار والاندماج الإيجابي للمسلمين الفرنسيين في مجتمعهم، وتفعيل قيم التسامح والتعايش المشترك».
وأكد الدكتور الطيب، رئيس مجلس حكماء المسلمين، أن الأزهر لديه إصرار كبير على مواجهة الفكر المتطرف في جميع أنحاء العالم، معربا عن استعداد الأزهر لإنشاء مركز للثقافة الإسلامية في باريس للتعريف بصحيح الدين، وحماية الشباب المسلم من استقطاب الجماعات المتطرفة.
وسبق أن شن إرهابيون هجمات دامية على مناطق متفرقة في أوقات متزامنة بالعاصمة الفرنسية باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أسفرت عن وقوع أكثر من 120 قتيلا ونحو 200 مصاب، وأعلن تنظيم داعش وقتها تبني الاعتداءات والهجمات. بينما يحذر مراقبون من مساع وصفوها بـ«الجادة» من قبل «داعش» لتأسيس خلايا صغيرة في أوروبا، للقيام بهجمات إرهابية موسعة على غرار هجمات فرنسا وبروكسل الأخيرة التي وقعت في مارس (آذار) الماضي. وقال الدكتور الطيب خلال لقائه جيرار لارشيه، رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي: إن «الأزهر على استعداد للمشاركة في إعداد الأئمة الفرنسيين وتدريبهم في القاهرة على نفقة الأزهر، وفقا لوسطية الإسلام التي تدرس في الأزهر»، مضيفا أنه «بفضل تدريس الإسلام من خلال منهج علمي وسطي لم يتخرج في الأزهر إرهابي واحد»، مؤكدا أن الإسلام بريء من أولئك (أي الدواعش) الذين يرتكبون أعمال عنف باسم الدين وهو منهم براء. كما شدد شيخ الأزهر على أن دعوة الإسلام تكون بالحكمة والموعظة الحسنة، ولم تكن يوما دعوة إلى القتل أو التهجير أو إراقة الدماء، وغيرها من الجرائم التي ترتكبها الجماعات الإرهابية، والتي لا تعبر بأي حال من الأحوال عن سماحة الإسلام. وكشف بعض المراقبين عن أن «داعش» تستغل أزمة اللاجئين الذين يلجأون إلى أوروبا، بهدف تهريب خلايا إرهابية من سوريا والعراق إلى الدول الأوروبية الكبرى مثل بريطانيا وفرنسا. ويقول هؤلاء المراقبون: «إن (داعش) يستغل النزعة الدينية لدى الشباب، ورغبتهم في الشهادة والفوز بالجنة، ويغرس في نفوسهم عقيدة التفجير، مستندا إلى تفسيرات خاطئة ومفاهيم دينية مغلوطة». في غضون ذلك، استقبل رئيس مجلس حكماء المسلمين بمقر إقامته بالعاصمة الفرنسية باريس جان فريدريك بواسون، نائب رئيس لجنة القانون في المجلس الوطني الفرنسي ورئيس الحزب المسيحي، وقال بواسون: إن «زيارة الأزهر لفرنسا جاءت في وقت مهم للغاية»، مشيدا بالجهود التي يبذلها الأزهر في نشر الوسطية والسلام ومحاربة الفكر المتطرف، وأوضح أن الغرب في حاجة إلى الاستفادة من هذه الجهود وتوظيفها ونشرها بين الشباب لتحصينهم من مخاطر الفكر المتطرف.
من جهته، أشاد بواسون بالزيارة التي قام بها رئيس مجلس حكماء المسلمين إلى مسرح الباتاكلان في فرنسا، مؤكدا أنها تعبر عن موقف إنساني عظيم، مشيرا إلى أن هذه الزيارة سيكون لها أثر كبير في المجتمع الفرنسي، الذي يتطلع إلى الأزهر بصفته رمزا للوسطية والاعتدال. وقالت مصادر مسؤولة في مشيخة الأزهر: إن «الطيب أكد خلال لقائه بواسون إصرار الأزهر على مواجهة الفكر المتطرف باستخدام وسائل مختلفة، وأنه أنشا مرصدا بـ8 لغات أجنبية للرد على مزاعم (داعش) الإرهابية، وتصحيح المفاهيم المغلوطة لدى الشباب، إضافة إلى إرسال القوافل الدعوية وقوافل السلام التي تجوب قارات العالم المختلفة للتأكيد على سماحة الإسلام والدعوة إلى السلام والتعايش المشترك». وفي هذا السياق، قال باريس ماركو إمباليازو، رئيس جمعية «سانت إيجيديو»، خلال زياراته شيخ الأزهر، أمس: إن لقاء «الأزهر والفاتيكان يمكن أن يفتحا آفاقا رحبة نحو الحوار بين الشرق والغرب بما يصب في مصلحة البشرية جمعاء».
في السياق ذاته، قال الدكتور أحمد الطيب خلال لقائه سفراء الدول الغربية والإسلامية في فرنسا: «أنتم جميعا مسؤولون عن تقديم الصورة الحقيقية للإسلام، ولن يكون ذلك إلا بوضع خطة مدروسة وفق أسس علمية لمواجهة ما يروجه الإعلام الغربي من مغالطات عن الإسلام والمسلمين»، مطالبا السفراء بتوحيد الجهود، وألا يكون التركيز على العمل الدبلوماسي فقط، موضحا «أننا أمام تحد قاتل لا يستثني الجميع، ويمكنكم فعل شيء إيجابي لو اتحدتم».
ودعا الطيب سفراء الدول العربية والإسلامية إلى أن يكونوا على تواصل أيضا مع المساجد والأئمة، والتدخل في الوقت المناسب لتصحيح المفاهيم ومواجهة الفكر المتطرف، مضيفا: «لعلكم تتفقون معي أن قضيتنا الكبرى التي تشغل بالنا وتقلق مضاجعنا هي علاقة الإسلام بالغرب، وما صار إليه الإسلام من وضعه في قفص الاتهام من قبل الإعلام الغربي الذي يروج لصورة مغلوطة عن الإسلام»، موضحا أن دقيقة واحدة في الإعلام قد تذهب بجهد عام كامل من الإعداد والعمل تقوم به المؤسسات الدينية الكبرى في نشر سماحة الدين.
وأعرب الطيب، رئيس مجلس حكماء المسلمين، عن قلقه من أنه كيف استطاعت هذه القلة (أي «داعش») أن تنجح في إيصال صورة مغلوطة عن الإسلام، وأن تخترق العقول الغربية وتظهر الإسلام وكأنه دين «همجي» وأن أتباعه «برابرة».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.