الميليشيات تستغل تعليق غارات طيران التحالف وتعزز مواقعها

تدشين المرحلة الثانية من مشروع جراحة العظام لجرحى الحرب في تعز

رجال القبائل التابعون للمقاومة الشعبية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي (أ.ف.ب)
رجال القبائل التابعون للمقاومة الشعبية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي (أ.ف.ب)
TT

الميليشيات تستغل تعليق غارات طيران التحالف وتعزز مواقعها

رجال القبائل التابعون للمقاومة الشعبية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي (أ.ف.ب)
رجال القبائل التابعون للمقاومة الشعبية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي (أ.ف.ب)

أكدت لجنة التهدئة والتواصل في محافظة تعز، استمرار الميليشيات الانقلابية التحشيد والدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى محافظة تعز، مستغلة تعليق طيران التحالف غاراته احترامًا للهدنة. وقالت في بلاغها الجديد المقدم إلى اللجنة الإشرافية العليا إن «ميليشيات الحوثي المخلوع صالح تستمر في الهجمات العنيفة بجميع الأسلحة المتوسطة والثقيلة، والتحشيد والدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة، في محاولة منها اقتحام مواقع الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في المدينة».
وشهدت جبهات القتال في تعز مواجهات عنيفة، حيث احتدمت في الجبهة الشمالية والغربية، وتعرضت فيها مواقع الشرعية لهجمات عنيفة بما فيها معسكر الدفاع الجوي ومديريات جبل صبر وجبل حبشي ومعسكر اللواء 35 مدرع، وسقط على أثرها قتلى وجرحى من المواطنين العُزّل وعناصر الجيش الوطني والمقاومة الشعبية.
وبينما تستمر الميليشيات الانقلابية خروقاتها في تعز وقصفها العشوائي، تمكنت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من استعادة السيطرة على جبل الصيبارة في مديرية الوازعية، وإحدى بوابات لحج الجنوبية، وسقط على أثرها قتلى وجرحى من صفوف الميليشيات.
وأكد مصدر عسكري خاص لـ«الشرق الأوسط» وصول ثلاث كتائب من عناصر الميليشيات الانقلابية إلى جبل الجمري، شمال جبل النار في مديرية المخا الساحلية، غرب تعز، وأن الميليشيات استحدثت معسكرًا جديدًا في المنطقة مع تحصينات ونقاط جديدة في محيط المنطقة، وذلك في إطار الترتيبات المستمرة لإعادة التموضع العسكري لها مستغلة بذلك الهدنة المعُلن عنها.
وقال الناشط الحقوقي والصحافي محمد سعيد الشرعبي، من أبناء تعز، لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا تزال تصل تعزيزات يومية إلى مواقع ميليشيات الحوثي وصالح في ضواحي مدينة تعز ومديريات جنوب وغرب المحافظة عبر إب شرقا والحديدة غربا، والشقب شرق صبر، والأقروض في المسراخ، وحيفان جنوب المحافظة، ومقبنة وجبل حبشي غرب المدينة، والوازعية وذوباب غرب المحافظة».
وأضاف أن الميليشيات الانقلابية «تستغل تعليق عمليات طيران التحالف لرفد ميليشياتهم بمئات المقاتلين وأسلحة ثقيلة بما فيها صواريخ باليستية وكاتيوشا، ومدافع، ودبابات، ومدرعات، ومضادات طيران».
وأكد الشرعبي أن ما تقوم به الميليشيات الانقلابية «يكشف مدى استعداداتهم لجولة جديدة من الحرب في تعز».
إلى ذلك، تعرض معسكر اللواء 35 مدرع في منطقة المطار القديم، غرب المدينة، لقصف عنيف من قبل الميليشيات الانقلابية، وأفشل فيها عناصر الجيش الوطني والمقاومة الشعبية محاولات تسلل للميليشيات من اتجاه منطقة مدارات غرب اللواء 35 مدرع إلى المعسكر، وأجبروهم على التراجع والفرار.
في المقابل، جدد أهالي محافظة تعز مطالباتهم للوفد الحكومي المشارك في مشاورات الكويت مع الانقلابيين، بالانسحاب من المشاورات لعدم التزام ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح بأي اتفاقيات دولية، ومنها خروقاتهم للهدنة وكذلك مراوغاتهم المستمرة.
على السياق نفسه، عقدت محكمة عدل تعز أول جلسة محاكمة شعبية (صُورِية) للمخلوع علي عبد الله صالح وزعيم ميليشيات الحوثي عبد الملك الحوثي، وبقية أفراد ميليشياتهم المسلحة، حيث بدأت المحكمة أولى جلساتها بمحاكمة الميليشيات الانقلابية في أبرز مجزرتين ارتكبتا بحق المدنيين اللتين استهدفتا الأطفال بقذائف هاون أثناء تجمعهم لجلب الماء، وسقط 5 قتلى من الأطفال وجرح 28 آخرون في العام الماضي.
وتكون فريق المحكمة الشعبية لجرائم الحوثي وصالح من أكرم الشوافي، عبد الناصر الصديق، عمر الحميري، إلهام المقطري، رغدة المقطري، محمد مهيوب، إسلام اليافعي، نسرين الهويدي، فهيم المخلافي ورياض عامر، حيث عقدت المحكمة الصورية بحضور هيئة الدفاع والمحامين وعدد من الضحايا وأولياء الدم مع غياب المتهمين، ونصبت المحكمة محاميًا عن المتهمين نتيجة غيابهم.
ومن جهته، قال المحامي أكرم الشوافي، المنسق العام لمحكمة عدل تعز، لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه تعتبر اللجنة الأولى والأساس لتأسيس الملف الحقوقي الخاص بمدينة تعز، والبداية للضغط على المجتمع الدولي ليكون حاضرًا على جميع المحافل الدولية، وأن هذا الحكم الذي أصدر هو بالإدانة فقط ولسنا جهة منفذة».
من جهة أخرى، قام مدير أمن محافظة تعز، العميد محمود عبد الرزاق المغبشي، في أول عمل له منذ إصدار قرار تعيينه من قبل محافظ محافظة تعز، بزيارات تفقدية إلى أقسام الشرطة في مدينة تعز، وبرفقة القائد الميداني للمحور العربي لجبهة الضباب عبده حمود الصغير وقائد اللجنة الأمنية للمحور الغربي عادل الشرعبي.
وكما التقى مدير عام أمن المحافظة بعقال الأحياء السكنية في تعز، بشكل تعارفي، واستمع منهم إلى بعض معاناتهم، حيث وعدهم بلقاء مطول تطرح فيه جميع المهام والواجبات كي يسير العمل الأمني بشكل تكاملي ومنظم يخدم الأمن والاستقرار في المدينة المحررة.
وعلى الجانب الإنساني، اختطفت الميليشيات الانقلابية 12 شاحنة محملة بأجهزة وأسِرّة ومواد غسيل الكلى خاصة بهيئة مستشفى الثورة في تعز. ودشنت مؤسسة سُبل التنموية الخيرية المرحلة الثانية من مشروع جراحة العظام والمفاصل بتمويل من دول قطر وبإشراف مؤسسة الشيخ ثاني بن عبد الله للخدمات الإنسانية، مع مركز العظام بمستشفى التعاون واللجنة الطبية العليا في باحة مستشفى التعاون الذي يحتضن عمليات الجراحة.
وقالت الدكتورة أنيسة دائل مديرة مركز العظام إن «تدشين المرحلة الثانية جاء بعد استكمال المرحلة الأولى بنجاح، التي نفّذ فيها المركز 150 عملية جراحية جميعها تكللت بالنجاح»، مؤكدة أن المرحلة الثانية ستستهدف أيضًا 150 حالة جراحية في سعي المركز والداعمين للمشروع لعلاج جرحى الحرب في تعز والتقليل من نسبة المضاعفات والإعاقة والعجز للمصابين».
ومن جانبه، قال الدكتور فارس العبسي إن «مشروع علاج جرحى الحرب يأتي في ظل المعاناة الكبيرة التي تمر بها المدينة ومستشفياتها في ظل ازدياد حالات الإصابة نتيجة للحرب المستمرة»، موجهًا شكره لدولة قطر ومؤسساته الداعمة للمشروع ولمؤسسة سُبل ومركز العظام الذي تبنى إجراء العمليات وهو يحقق نجاحا كبيرًا في ذلك.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».