قيادي كردي: الحرس الثوري يشدد قبضته على السليمانية بإنشاء قاعدة صواريخ

قوات ومعدات وصلت إلى مواقع استراتيجية وكردستان تحت مرمى مدفعية إيران

عنصر من الحرس الثوري يتفقد صاروخًا باليستيًا في موقع عسكري سري تحت الأرض في مارس الماضي (أ.ف.ب)
عنصر من الحرس الثوري يتفقد صاروخًا باليستيًا في موقع عسكري سري تحت الأرض في مارس الماضي (أ.ف.ب)
TT

قيادي كردي: الحرس الثوري يشدد قبضته على السليمانية بإنشاء قاعدة صواريخ

عنصر من الحرس الثوري يتفقد صاروخًا باليستيًا في موقع عسكري سري تحت الأرض في مارس الماضي (أ.ف.ب)
عنصر من الحرس الثوري يتفقد صاروخًا باليستيًا في موقع عسكري سري تحت الأرض في مارس الماضي (أ.ف.ب)

كشف قيادي كردي، أمس، عن أن «النظام الإيراني بدأ في إنشاء أكبر قاعدة صواريخ ومعسكر للحرس الثوري، بالقرب من ناحية سيد صادق، التابعة لمحافظة السليمانية في إقليم كردستان»، مبينا أن عددا من ضباط وقادة الحرس يترددون على القاعدة، ويشرفون على خطوات إنشائها يوميا. بينما نقل الحرس الثوري عددا كبيرا من عناصر الوحدة 400 التابعة لفيلق القدس الخاصة بشؤون الأحزاب الكردية (الإيرانية) المعارضة إلى هذه المحافظة لمراقبة تحركاتها.
وقال القيادي الكردي لـ«الشرق الأوسط»، مفضلا عدم ذكر اسمه، إن «الحرس الثوري بدأ منذ 7 مايو (أيار) الحالي في إنشاء قاعدة عسكرية كبيرة في منطقة جبال سورين القريبة من ناحية سيد صادق في محافظة السليمانية في إقليم كردستان» وأضاف: «بحسب معلوماتنا، النظام الإيراني يسعى إلى تأسيس قاعدة صواريخ في هذه المنطقة الاستراتيجية التي تسيطر على الإقليم بشكل تام، وتجوب المروحيات العسكرية الإيرانية سماء هذه المنطقة بشكل مستمر، بينما يواصل جنود الحرس الثوري وآلياتهم بناء تلك القاعدة»، وتابع أن «قائد القوات البرية في الحرس الثوري، محمد باكبور، قد زار هذه المنطقة مرتين خلال الأيام الماضية للتعرف على سير العمل في القاعدة، في حين يتواجد قائد الحرس الثوري في مدينة مريوان في كردستان (غرب إيران)، عيسى حبيب زاده، ثلاثة أيام أسبوعيا في هذه المنطقة، للإشراف على العمل، كذلك زار قائد الحرس الثوري، في مدينة أورمية، عابدين خرم، القاعدة مرتين، فهذه القاعدة مهمة لإيران».
وأضاف القيادي الكردي أنه «إضافة إلى إنشاء القاعدة يعمل الحرس الثوري حاليا على استكمال مشروع النفق الذي بدأت القوات الإيرانية حفره في تلك المنطقة أثناء الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينات القرن الماضي، وهذا النفق يقطع المنطقة الجبلية بين الجانبين، من أجل تسهيل حركة نقل الأسلحة والجنود إلى هذه القاعدة».
من جانبه، نفى رئيس لجنة البيشمركة في برلمان إقليم كردستان وعضو اللجنة العليا في مكتب تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني، دلير مصطفى، إنشاء الحرس الثوري هذه القاعدة في الإقليم، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ليس لدينا أي معلومات عن هذا الموضوع».
وكان مقاتلو حزب الكوملة الكردستاني الإيراني المعارض يتمركزون في هذه المنطقة قبل نحو عام من الآن، لكنهم انسحبوا منها بطلب من السلطات في محافظة السليمانية، التي طالبتهم بذلك استجابة لضغوطات مارستها طهران عليها. وبحسب المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادرها الخاصة، تسعى طهران إلى السيطرة على محافظتي السليمانية وحلبجة، وضمهما إلى حدودها وقطع الطريق أمام تأسيس الدولة الكردية، التي تخشى إيران من تأسيسها في المنطقة بعد انتهاء اتفاقية «سايكس – بيكو»، التي قسمت دول التحالف بموجبها هذه المنطقة إبان الحرب العالمية الأولى، وفي هذا السياق كثفت طهران من انتشار عناصرها وجواسيسها في إقليم كردستان، خصوصا في مناطق محافظتي السليمانية وحلبجة المحاذيتين لحدودها والخاضعتين لسيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير المقربتين من إيران.
في غضون ذلك، سلط القيادي الكردي الضوء على أبرز تحركات جهاز الاطلاعات (المخابرات الإيرانية) والحرس الثوري في هاتين المحافظتين، وأوضح قائلا: «هناك مركز تابع لقاعدة رمضان التابعة للحرس الثوري الإيراني في منطقة بختياري الجديدة في مدينة السليمانية، يُشرف هذا المركز على تحركات الحرس الثوري في المنطقة، هذا إضافة إلى كثير من مراكز المخابرات الإيرانية التي تعمل تحت غطاء الشركات الإيرانية في السليمانية، وقد تمركزت عناصر الوحدة 400 الخاصة في فيلق القدس التابع للحرس الثوري في حدود محافظة السليمانية، وهذه الوحدة خاصة بتنفيذ العمليات العسكرية والمخابراتية خارج الحدود الإيرانية، وهي مختصة أيضا بشؤون الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة ومراقبة تحركاتها، وتصفية كل من يقف في وجه المشروع الإيراني أو يعارض إيران في المنطقة، وتصفية الصحافيين والكتاب الذين يكتبون ضد إيران ويكشفون مخططاتها، ولهذه الوحدة السلطة المطلقة في التحرك بمناطق السليمانية وحلبجة، ولا تستطيع أي قوة في الإقليم أن تقف في وجهها أو تفتش سياراتها عندما تدخل الإقليم».
وتابع القيادي الكردي القول: «الحرس الثوري أنشأ 9 معسكرات في منطقة بيران شهر وشنو المحاذيتين لمنطقة كيلشين في إقليم كردستان، وتتمركز حاليا قوة خاصة قوامها 200 جندي من الحرس الثوري في هذه المنطقة لضرب أي تحرك من قبل مقاتلي الأحزاب الكردية المعارضة لطهران»، كاشفا في الوقت ذاته عن أن «قوات خاصة أخرى تابعة للحرس الثوري يبلغ قوامها نحو 450 جنديا، تتمركز حاليا على الحدود مع إقليم كردستان في منطقة جوانرو في كردستان إيران، وانتشرت في غابات المنطقة، وهذه القوة قدمت مؤخرا من طهران إلى المناطق الكردية لضرب أي تحرك عسكري من قبل المعارضة الكردية الإيرانية ضد النظام».
من جانبه، أكد عضو مجلس حزب الحياة الحرة الكردستاني «بيجاك»، باران بيريكان لـ«الشرق الأوسط» تحركات الحرس الثوري العسكرية في المنطقة المذكورة وقال: «إن الحرس الثوري عاد إلى مواقع قديمة له في جبال سورين منذ أكثر من شهر، ونقل معدات وعتادا ثقيلا إلى المنطقة».
وأوضح باران أن تقارير محلية ذكرت أن الحرس الثوري يقوم بنشاط «مريب» منذ أكثر من أسبوع، وأضاف القيادي الكردي أنه ليس من الواضح إذا ما كانت تلك القوات تعمل على تشييد منصات صواريخ أو إنشاء قاعدة في قرية «سياناو» ذات الموقع الاستراتيجي في جبال سورين، وتابع: «إنها منطقة عسكرية قديمة» مؤكدا نقل الحرس الثوري مدفعيات 120. وأشار باران إلى أن تحرك الحرس الثوري «بدأ بإغلاق المنافذ الحدودية في تلك المنطقة» كما أنه «نصب خيما لاستقرار عناصره التي تتنقل يوميا بين مدينتي سنندج ومريوان» داخل كردستان إيران. ولفت باران إلى أن الحرس الثوري «ينشئ طرقا جديدة تؤدي إلى تلك المنطقة الاستراتيجية». وبحسب القيادي الكردي، فإن هذا «الموقع الحساس سيمكن الحرس الثوري من السيطرة الاستراتيجية على محافظة السليمانية ومناطق شارزور وحلبجة وعربت ودربنديخان».
ووفق ذلك، فإن مدفعية الحرس الثوري باتت تسيطر على منطقة واسعة من الأراضي الكردية، وأفاد باران أن «مروحيات تابعة للحرس الثوري تحلق يوميا منذ عودة تلك القوات إليها» وذكر أن الحرس الثوري يقوم حاليا ببناء منشآت له في 3 أماكن مختلفة في تلك المنطقة، منها «كاني حفي» و«جادرسوز» قرب الحدود، كما أن عددا كبيرا من قوات الحرس الثوري استقرت في تلك المنطقة بالقرب من حدود «توتمان» بالقرب من «سيد صادق».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.