مصر: السلطات تسعى لاحتواء فتنة طائفية جديدة اندلعت في الصعيد

اعتقال 5 أشخاص متهمين بحرق منازل لمسيحيين وتعرية سيدة مسنة.. وتواضروس يدعو لـ«ضبط النفس»

مصر: السلطات تسعى لاحتواء فتنة طائفية جديدة اندلعت في الصعيد
TT

مصر: السلطات تسعى لاحتواء فتنة طائفية جديدة اندلعت في الصعيد

مصر: السلطات تسعى لاحتواء فتنة طائفية جديدة اندلعت في الصعيد

بدأت السلطات المصرية تحركات مكثفة لاحتواء فتنة طائفية جديدة نشبت بين مسلمين ومسيحيين، في محافظة المنيا (وسط الصعيد)، حيث نجحت الأجهزة الأمنية في ضبط 5 أشخاص متهمين بحرق منازل مسيحيين بالقرية وتعرية سيدة مسيحية مسنة، فيما دعا البابا تواضروس الثاني بطريرك الكرازة المرقسية إلى «ضبط النفس»، وطالب نواب بالبرلمان بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق.
وكانت الأزمة قد نشبت مساء الجمعة الماضي في قرية (الكرم)، التابعة لمركز ومدينة أبو قرقاص بالمنيا، على خلفية أنباء عن علاقة عاطفية بين شاب مسيحي وفتاة مسلمة في القرية، وهو الأمر الذي أثار أهالي الفتاة، فقام عشرات منهم بتجريد أم الشاب المسيحي (70 عاما) من ملابسها أمام أهالي القرية، وأشعلوا النيران في عدد من بيوت المسيحيين ومحلاتهم.
وبصفة عامة، يسود السلام العلاقات بين المسلمين والمسيحيين في مصر، لكن تطرأ بين الحين والآخر خلافات لعدة أسباب؛ أبرزها بناء وتوسعة كنائس، أو علاقات زواج بين الطرفين. ووفقا لتقديرات غير رسمية، فإن نسبة المسيحيين في مصر تتراوح من 10 إلى 15 في المائة من عدد السكان، البالغ عددهم أكثر من 90 مليون نسمة.
وتأتي المنيا في صدارة المحافظات التي تشهد أزمات طائفية، وعادة ما يتهم المسيحيون السلطات بعدم حسم أي نزاع طائفي بشكل قانوني، وأنها دائما تفضل الحلول العرفية في مثل تلك الحالات.
وفي اجتماعه الأسبوعي أمس، شدد مجلس الوزراء، برئاسة شريف إسماعيل، على التزام الدولة بتطبيق أحكام القانون وحماية أرواح وممتلكات كافة المواطنين، وأكد المجلس أن الأجهزة الأمنية قامت فور حدوث الواقعة بالتحرك، وضبط عدد من الجناة، بينهم المتهم الرئيسي في الواقعة المشينة، وتم عرض جميع المتهمين على النيابة العامة للتحقيق واتخاذ الإجراءات اللازمة حيالهم، كما تواصل أجهزة الأمن جهودها الحثيثة لضبط بقية الجناة لينالوا العقاب الرادع.
من جانبه، التقى محافظ المنيا، اللواء طارق نصر، أمس، عددا من كبار العائلات في القرية، وذلك بحضور مدير الأمن اللواء رضا طبلية، والأنبا مكاريوس أسقف المنيا، في محاولة لتدارك الأزمة، وقال اللواء نصر إنه «لن يقبل أي تجاوزات أو سلوكيات غير مسؤولة تقع من بعض المسلمين ضد أشقائهم المسيحيين»، لافتا النظر إلى أن «الدولة لن تقبل بحدوث ذلك، وستتم محاسبة أي متسبب أو مقصر أو مخالف للقانون».
وأوضح المحافظ أن الأجهزة الأمنية نجحت في ضبط 5 أشخاص قاموا بالاعتداء على مسيحيين بالقرية، وتم عرضهم على النيابة العامة، مشيرا إلى أن 3 منهم لا زالوا قيد الحبس، بالإضافة إلى قيام الأجهزة الأمنية بتنظيم حملات يومية لملاحقة 10 متهمين هاربين لإلقاء القبض عليهم. كما أشار المحافظ إلى أن هناك «أيادي خفية» تحاول إحداث شقاق بين المسلمين وأشقائهم المسيحيين، مطالبا الجميع بضرورة احتواء الأزمة وتهيئة الأجواء لإزالة أي خلاف بين المسلمين والمسيحيين بالقرية، وعدم السماح بأي تجاوزات أو سلوكيات تضر بالنسيج الوطني.
من جانبه، دعا البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، إلى ضبط النفس، والتزام العقل والحكمة والسلام الاجتماعي والعيش المشترك، وإقفال الطريق على كل من يحاول المتاجرة بأحداث المنيا لإشعال الفتنة. وقال البابا في بيان له أمس، إنه «يتابع خلال وجوده حاليا في النمسا عن كثب ما تعرضت له سيدة مسيحية في المنيا، ويطمئن على حالتها الصحية والنفسية»، مؤكدا أنه يتابع أيضا أحوال المتضررين في الأحداث الأخيرة والخسائر التي لحقت بهم، مع القيادات الأمنية والسياسية، وأنهم وعدوه بتتبع الجناة وتسليمهم للعدالة، مشيرا إلى أن مسؤولي الدولة أكدوا له أن «السيدة المعتدى عليها مصرية، وصيانة شرفها واجب ومسؤولية الجميع».
من جهته، حذر الأزهر الشريف من محاولات استغلال الأحداث لإشعال فتنة طائفية، إذ قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، إن «أبناء مصر نسيج واحد ولا يجب أن تؤثر فيه أفعال آحاد الناس ممن لا يحكِّمون عقولهم عند نشوب خلافات، قد تحدث بين أفراد الأسرة الواحدة»، مؤكدا رفضه وإدانته لكل صور الإهانة والاعتداء، بغض النظر عن معتقد المعتدِي والمعتدَى عليه، ومهما كان سبب الاعتداء فإنه يثق بأن الجهات المعنية ستقوم بإعمال شؤونها على الوجه الأكمل.
كما عقد مجموعة من النواب اجتماعًا طارئًا، بمقر لجنة حقوق الإنسان، لبحث ما وصفوه في بيانهم بتقاعس الأجهزة الأمنية في علاج التجاوزات، والانتهاكات الجسيمة في حق بعض المواطنين.
وقال محمد أنور السادات، رئيس لجنة حقوق الإنسان، إن النواب طالبوا بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق، وإعداد تقرير عاجل لعرضه على المجلس لتحديد المسؤولية السياسية والجنائية، واتخاذ ما يراه مناسبًا. كما تقدم أكثر من 10 أعضاء بمجلس النواب باستجواب للدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، موجها إلى وزير الداخلية، لبحث ما شهدته محافظة المنيا من تجريد سيدة مسنة من ملابسها.



غيابات القمة العربية «الطارئة»... هل تؤثر على مخرجاتها؟

الصورة التذكارية لقادة الدول العربية في قمة المنامة الأخيرة (بنا)
الصورة التذكارية لقادة الدول العربية في قمة المنامة الأخيرة (بنا)
TT

غيابات القمة العربية «الطارئة»... هل تؤثر على مخرجاتها؟

الصورة التذكارية لقادة الدول العربية في قمة المنامة الأخيرة (بنا)
الصورة التذكارية لقادة الدول العربية في قمة المنامة الأخيرة (بنا)

أثار إعلان زعيمي الجزائر وتونس غيابهما عن حضور القمة العربية الطارئة في القاهرة، الثلاثاء، حول غزة والقضية الفلسطينية، تساؤلات حول مستوى مشاركات الدول العربية في القمة وتأثير ذلك على مخرجاتها، بينما أكد مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن بلاده «وجهت الدعوة لجميع زعماء الدول العربية الأعضاء في الجامعة، وكان هناك حرص على مشاركة الجميع للتشاور واتخاذ موقف بشأن هذه القضية المصيرية في تلك اللحظة الحرجة بالمنطقة».

ومساء الأحد، أفادت وكالة الأنباء الجزائرية بأن رئيس الجزائر عبد المجيد تبون، قرر عدم المشاركة في القمة العربية الطارئة التي تستضيفها مصر يوم 4 مارس (آذار)، لبحث تطورات القضية الفلسطينية.

وبحسب ما نقلته الوكالة عن مصدر، «كلف تبون وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الأفريقية أحمد عطاف، لتمثيل الجزائر»، وأرجعت القرار إلى «اختلالات ونقائص شابت المسار التحضيري للقمة»، ومنها «احتكار مجموعة محدودة من الدول العربية إعداد مخرجات القمة دون تنسيق مع بقية الدول العربية المعنية كلها بالقضية الفلسطينية»، وفق تقرير وكالة الأنباء الجزائرية.

والاثنين، قبل ساعات من انعقاد القمة، أعلنت الرئاسة التونسية أن الرئيس التونسي قيس سعيد، كلف وزير الخارجية، محمد علي النفطي، بترؤس الوفد التونسي المشارك في القمة الطارئة.

وحسب الرئاسة التونسية، فإن تونس «ستجدد موقفها الثابت والداعم للحقوق الفلسطينية، وفي مقدمتها إقامة دولة مستقلة ذات السيادة على كامل أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف».

من جانبه، قال المصدر المصري المطلع إنه «لا يمكن اعتبار موقف الجزائر وتونس غياباً عن المشاركة في القمة، لأن إيفاد ممثل لرئيس الدولة وبتكليف منه يعدُّ مشاركة رسمية للدولة، وهذا هو الهدف، أن تكون هناك مواقف ومشاركة رسمية من الدول».

ونوه المصدر بأن «هناك عدداً من الدول سواء في هذه القمة أو قمم سابقة درج على إرسال ممثلين للرؤساء والملوك، ولم يقلل هذا من مشاركة تلك الدول، لأن الممثلين يعبرون عن مواقف دولهم، مثلهم مثل الرؤساء، حتى إن كان ممثل الرئيس يغيب عن بعض الاجتماعات التي تعقد على مستوى الزعماء، لكن في النهاية يتم عرض ما تم الاتفاق عليه على الجلسة الختامية للقمة لاتخاذ موقف جماعي بشأنه من كل الوفود المشاركة».

وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي مع نظيره التونسي محمد علي النفطي الذي سيمثل بلاده في القمة بالقاهرة الاثنين (إ.ب.أ)

وحول ما ساقته الجزائر من أسباب لغياب رئيسها عن القمة، أوضح المصدر أن «القاهرة من اللحظة الأولى حرصت على إطلاع الجميع على خطة إعادة الإعمار التي أعدتها لقطاع غزة، لأن هذه هي النقطة الرئيسية والهدف من وراء تلك القمة، ومن المصلحة أن يكون هناك موقف موحد واتفاق حولها، ولم يكن هناك تجاهل أو إقصاء لأحد، فضلاً عن أن هذه قضية كل العرب ولا يمكن تصور أن دولة أو عدة دول يمكن أن تمنع دول أعضاء من أن يكون لها دور في القضية».

وشدد المصدر على أنه «ليس هناك قلق من مستوى التمثيل في القمة، لأن الاجتماع يحيط به الزخم المطلوب منذ الإعلان عنه، فضلاً عن كون الدول التي تأكدت مشاركتها سواء عبر زعمائها أو ممثلين لها هي من الدول الفاعلة والمشتبكة مع القضية، التي لا تنتظر من أحد أن يحدد لها دورها الطبيعي والمطلوب».

يأتي ذلك بينما بدأ قادة عرب، الاثنين، التوجه إلى القاهرة للمشاركة في القمة، حيث أفادت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، بأن الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد غادر البلاد متوجهاً إلى مصر للمشاركة بالقمة العربية.

وفي البحرين، أعلن الديوان الملكي أن الملك حمد بن عيسى آل خليفة، رئيس الدورة الحالية للقمة العربية، سيغادر المملكة الاثنين، متوجهاً إلى مصر. وأضاف الديوان أن الملك سيرأس وفد البحرين المشارك في القمة، لبحث تطورات القضية الفلسطينية، كما سيرأس أعمال القمة، بحسب وكالة الأنباء البحرينية الرسمية (بنا).

كما ذكرت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا) أن ممثل أمير البلاد مشعل الأحمد الجابر الصباح، ولي العهد صباح خالد الحمد الصباح «يغادر أرض الوطن، الثلاثاء، متوجهاً إلى مصر لترؤس وفد الكويت في القمة العربية غير العادية».

ويرى مندوب مصر السابق لدى الأمم المتحدة، السفير معتز أحمدين، أن «المشاركة في القمم الدولية تكون بمن تحدده الدول ممثلاً لها، فإن حضر الرئيس فهذا جيد، وإن كان رئيس الحكومة فهذا جيد أيضاً، وإن كان وزير فهذا معقول، وإن لم يكن وكان المندوب الدائم أو سفير الدولة في بلد القمة فهذا لا ينقص من تمثيلها».

أحمدين أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «حتى غياب تمثيل الدولة تماماً بالقمة، فهذا لا يعطل صدور القرارات، لأن القرارات تصدر بالإجماع، والغياب يعني أن الدولة تنازلت عن صوتها، لكن إن شاركت بأي مستوى من التمثيل وسجلت موقفها، فهذا هو الأفضل في الدبلوماسية».

وبحسب جدول أعمال القمة الطارئة المرسل من المندوبية الدائمة لمصر إلى أمانة الجامعة العربية، يبدأ استقبال رؤساء الوفود المشاركة، الثلاثاء في الثالثة عصراً بتوقيت القاهرة، وتنطلق أعمال الجلسة الافتتاحية في الرابعة والنصف، وبعد مأدبة الإفطار الرمضاني المقامة على شرف الوفود المشاركة، ويتم عقد جلسة مغلقة، ثم جلسة ختامية وتنتهي أعمال القمة في الثامنة والنصف مساء، بإعلان البيان الختامي والقرارات التي تم الاتفاق عليها.