المعارضة تسابق قوات «سوريا الديمقراطية» إلى الشريط الحدودي مع تركيا

المتحدث الرسمي: المعركة تمهيد لـ«عزل الرقة» وليس تحريرها

المعارضة تسابق قوات «سوريا الديمقراطية» إلى الشريط الحدودي مع تركيا
TT

المعارضة تسابق قوات «سوريا الديمقراطية» إلى الشريط الحدودي مع تركيا

المعارضة تسابق قوات «سوريا الديمقراطية» إلى الشريط الحدودي مع تركيا

لم تحقق قوات «سوريا الديمقراطية» تقدمًا استراتيجيًا مهمًا بعد 24 ساعة على انطلاق معركة عسكرية واسعة في الريف الشمالي لمدينة الرقة (شمال شرق سوريا)، معقل تنظيم داعش، الهادفة إلى عزل المدينة، رغم الضربات الجوية التي قالت مصادر عسكرية إنها «تمهيدية»، وتواكب «التقدم البري»، في حين أعربت مصادر المعارضة السورية عن مخاوفها من «حصار» قوات المعارضة في مناطق انتشارها في ريف حلب الشمالي.
وتشهد شمال سوريا معركتين عسكريتين متوازيتين، الأولى تنفذها قوات «سوريا الديمقراطية»، مدعومة بمقاتلين من العشائر العربية، وتسعى لاستعادة السيطرة على ريف الرقة الشمالي، وصولاً إلى ريف حلب الشمالي الشرقي، بموازاة معركة تشنها قوات المعارضة السورية بالريف الشمالي ضد «داعش»، تسابق فيها قوات «سوريا الديمقراطية» إلى الشريط الحدودي مع تركيا، وتهدف لمنع تمدد المقاتلين الأكراد على الشريط الحدودي، وبالتالي وصل مناطق الإدارة الذاتية بين مواقع سيطرتهم في ريف كوباني، ومدينة عفرين وريفها.
وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن الحديث عن معركة الرقة «ليس دقيقًا»، مؤكدًا أنها معركة «عزل الرقة»، لافتًا إلى أن قوات سوريا الديمقراطية «لا قدرة حالية لها للوصول إلى الرقة قبل السيطرة على مقر الفرقة 17» الذي يعتبر حامية المدينة، ويبعد عنها كيلومترات قليلة، قائلاً أن «حجم الانتشار في المقر الذي يعد أكبر قاعدة عسكرية للتنظيم في الرقة، يمنع التقدم إليها من غير ضربه عبر ضربات جوية».
وقال عبد الرحمن: «سياق المعركة يبدو لإرضاء الأميركيين، ولإشغال التنظيم في معركة عسكرية تسهل دخول الفلوجة العراقية» التي تشهد معركة متزامنة ضد التنظيم تقودها القوات العراقية. وقال أن هذه المعركة «تشكل ضغطًا على التنظيم وتمنعه من إرسال إمداداته».
وتتركز العملية العسكرية حتى اللحظة شمال مدينة الرقة، وتحديدًا في محيط بلدة عين عيسى التي تقع على بعد 55 كيلومترًا عنها.
وبدأ التنظيم بتحصين مواقعه في شمال محافظة الرقة، على رغم تعرضه منذ بدء الهجوم ظهر الثلاثاء الماضي، لأكثر من مائة غارة جوية. وأعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» أمس الأربعاء أنها «حررت مزرعتين من تنظيم داعش الإرهابي تقعان على بعد خمسة كيلومترات جنوب شرق عين عيسى».
بدأ الهجوم على تنظيم داعش بعد ثلاثة أيام على زيارة قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط الجنرال جوي فوتيل إلى شمال سوريا واجتماعه بالقوات الأميركية الخاصة المنتشرة في المنطقة، وقوات سوريا الديمقراطية استعدادًا «للهجوم على الرقة»، وفق مصادر أميركية.
وتلقت قوات سوريا الديمقراطية، وفق ما قال مصدر في وحدات حماية الشعب الكردية لوكالة «الصحافة الفرنسية»، الثلاثاء «أسلحة أميركية» كما أن «قوات أميركية موجودة أيضا على الأرض»، على حد قوله.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم «قوات سوريا الديمقراطية» العقيد طلال سلو، ردا على أسئلة الصحافيين في مؤتمر صحافي عبر الهاتف، أن «مهام قواتنا حاليا هو تحرير الريف الشمالي للرقة فقط»، مضيفا: «حاليًا لا استعداد أو توجه لدينا لتحرير مدينة الرقة إلا في إطار حملة قادمة يُعد لها حسب الظروف». وأثارت المعلومات عن عدم الاستعداد للتوجه إلى الرقة مباشرة، عدة احتمالات لمسار العملية، كشفها عبد الرحمن، بقوله، إن الخطة «تستهدف السيطرة على ريف الرقة الشمالي، وصولًا إلى الضفة الشمالية الشرقية لبحيرة الأسد والتقدم في وقت لاحق إلى منبج، وصولاً إلى تل رفعت في ريف حلب الشمالي الشرقي». وقال: «هناك أكثر من 4 آلاف مقاتل عربي يشاركون في العملية، لكنهم لا يتمتعون بتدريب جيد».
وإذا صحت تقديرات عبد الرحمن، فإن ذلك يضاعف الشكوك لدى المعارضة السورية بأن تصبح محاصرة من قبل ثلاثة أطراف هي «داعش» في الشمال الشرقي، وقوات النظام من الجنوب، وقوات «سوريا الديمقراطية» التي اشتبكت معها في عدد من المواقع في الريف الشمالي قبل أشهر، وذلك من جهة عفرين والريف الشمالي لحلب.
وقال القيادي في «أحرار الشام» محمد الشامي لـ«الشرق الأوسط» إن فصائل المعارضة في شمال سوريا «تتحفظ على الخطة، لأنها تثير أسئلة عما إذا كانت قوات سوريا الديمقراطية ستواجه فصائل المعارضة في الشمال في وقت لاحق إذا وصلت إلى الريف الشرقي لحلب، كما تثير أسئلة عما إذا كان الأكراد الذين يشكلون قوة كبيرة في المعركة، سيصلون عفرين (في شمال حلب) بالإدارة الذاتية، وصولاً إلى كردستان العراق؟».
وقال إن التحفظ الأهم «ينطلق من أننا لم نسمع عن المعركة إلا في وسائل الإعلام، ولم يناقشنا أحد بها، ولم تُعرض علينا، وبالتالي، لم نشارك في المعركة، ولم يأخذوا رأينا بها»، مضيفًا أن ذلك «يجعل من الوضع أكثر تعقيدًا».
وكان مسؤول كردي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن مشاركة العشائر العربية «تنفي أي خطة لنا بضم الرقة إلى الإدارة الذاتية»، واصفًا المخاوف بشأن تهجير السكان المدنيين العرب من مناطق بأنها «اتهام باطل وغير دقيق، ويهدف إلى تشويه دور الأكراد في قتال (داعش) ويصب في مصلحة التنظيم فقط».
وفي موازاة تلك المعركة، انطلقت الاستعدادات لإطلاق معركة ضد «داعش» على الشريط الحدودي مع تركيا، في ما يبدو أنه سباق بين قوات المعارضة و«سوريا الديمقراطية» على تلك المنطقة الاستراتيجية.
وقال الشامي إن المدفعية التركية «نفذت مئات الضربات المدفعية ضد تمركزات (داعش) في منطقة الريف الشمالي الحدودي مع تركيا، تمهيدًا لإطلاق المعركة»، فضلاً عن «تسليم لواءين عسكريين من التركمان بأسلحة متوسطة وخفيفة استعدادا للمعركة». وأشار إلى أن قوات «أحرار الشام» دفعت بمقاتلين من ريف إدلب الشمالي إلى ريف حلب الشمالي عبر الأراضي التركية، مشيرًا إلى أن القوات المعارضة التي انتقلت إلى ريف حلب الشمالي استعدادا للمعركة «ناهزت أكثر من 1200 عسكري انضموا إلى مقاتلين آخرين يوجدون في تلك المنطقة».
ومن شأن تقدم قوات المعارضة المدعومة من تركيا على الشريط الحدودي، منع المقاتلين الأكراد، وقوات «سوريا الديمقراطية» من السيطرة على الشريط الحدودي مع تركيا، وبالتالي منع ربط مناطق الإدارة الذاتية بين كوباني وعفرين.



الضبابية تلف مرحلة ما بعد سريان تصنيف الحوثيين «إرهابيين»

مناصرون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا له زعيمهم (رويترز)
مناصرون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا له زعيمهم (رويترز)
TT

الضبابية تلف مرحلة ما بعد سريان تصنيف الحوثيين «إرهابيين»

مناصرون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا له زعيمهم (رويترز)
مناصرون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا له زعيمهم (رويترز)

في ظل غياب رؤية واضحة بشأن الحدود المسموح بها للتعامل مع الحوثيين مع سريان قرار الولايات المتحدة تصنيف الجماعة «منظمة إرهابية أجنبية»، أكد سياسيون يمنيون ورجال أعمال أن الضبابية تلف مشهد مرحلة ما بعد التصنيف على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وسط تحذير الحكومة من أي تعامل مع الجماعة سياسياً أو اقتصادياً أو إعلامياً.

وذكر سياسيون لـ«الشرق الأوسط» أن مسار العملية السياسية مع الحوثيين في أعقاب هذا القرار غير معروف، خصوصاً أن هناك أنباء عن ضم عدد من قادة الجماعة إلى قوائم الإرهاب؛ لأن ذلك يفترض أن يحول دون عقد أي لقاءات معهم، وتوقعوا أن تذهب الجماعة نحو التصعيد إذا ما اشتد الخناق عليها اقتصادياً وسياسياً خلال المرحلة المقبلة.

المخاوف ذاتها كانت حاضرة لدى القطاع التجاري في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، فقد أكدت مصادر عاملة في تلك المناطق لـ«الشرق الأوسط» أن القطاع التجاري تلقى تطمينات من الجانب الحكومي بأن التصنيف لن يؤثر على استيراد المواد الغذائية ولا على فتح الاعتمادات المستندية؛ لأن هذه العملية تجري أساساً منذ سنوات عبر «البنك المركزي اليمني» في عدن بعد نقل مقره الرئيسي إلى هناك.

وعلى الرغم من هذه التوضيحات، فإن المصادر أكدت أن القطاع التجاري لا يزال بحاجة إلى توضيحات أكثر لمعرفة الحدود والمجالات التي يمكن العمل بها في مناطق سيطرة الحوثيين، وبما يجنب التجار أي تبعات لهذا التعامل، وبحيث لا تطولهم العقوبات الأميركية. وبينت أن الاتصالات التي تجريها الغرفة التجارية مع الجانب الحكومي متواصلة، وأنه سيجري الحصول على تفاصيل كاملة بشأن هذه القضايا.

الأمين العام للأمم المتحدة يتوسط وزير الخارجية اليمني الأسبق والمتحدث باسم الحوثيين (إعلام محلي)

وبشأن عمل المنظمات الأممية في مناطق سيطرة الحوثيين، ذكرت مصادر حكومية أن الجانب الأميركي أبلغ الأمم المتحدة أن هناك استثناءات ستوضع لعمل المنظمات الإغاثية، ولكن بشرط عدم استفادة الحوثيين أو المتعاونين معهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من تلك المساعدات، كما كان يحدث من قبل.

وكان الحوثيون يختارون الشركاء المحليين للمنظمات الأممية والدولية، وهم غالباً مؤسسات غير حكومية تتبع الجماعة أو يمتلكها قادة ونشطاء فيها، وكذلك الأمر بشأن الخدمات اللوجيستية للمنظمات، التي كان يحتكرها تجار ورجال أعمال من الحوثيين.

محاذير كبيرة

وفق مصادر يمنية عاملة في الجانب الإغاثي، ورغم الاستثناءات التي منحتها الولايات المتحدة للعمل الإنساني في مناطق سيطرة الحوثيين، فإن هناك محاذير كبيرة للعمل في تلك المناطق؛ لأن الحوثيين يتحكمون في كل شيء، حيث منعوا كل المنظمات غير الحكومية التي لا تتبعهم من العمل، وبالتالي فكل المنظمات الشريكة تدين بالولاء لهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

وكذلك الأمر، وفق المصادر، بخصوص الخدمات اللوجيستية، فقد أصبح التجار في تلك المناطق تحت رحمة الحوثيين، وبالتالي؛ فإنهم يُرغَمون على دفع جبايات أو فوائد مالية للجماعة.

أكثر من 12 مليون يمني في مناطق سيطرة الحوثيين بحاجة للمساعدات (الأمم المتحدة)

ورجحت المصادر زيادة الأعباء إذا ما اتخذت الولايات المتحدة قراراً بإخراج البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين من نظام «التحويلات المالية العالمية (سويفت كود)»، وقالت إن المنظمات الإغاثية كانت قد اقترحت نقل الأموال المخصصة للعمل الإغاثي ونفقات تشغيل المكاتب ودفع المرتبات وتلك المخصصة للمحتاجين بديلاً عن المساعدات الغذائية، بشكل مباشر من الخارج إلى مناطق الحوثيين لتجاوز هذه العقبة، لكن لا يُعرف حالياً ما إذا كان هذا الخيار لا يزال قائماً أم إن هناك خيارات بديلة.

وكان معمر الإرياني، وزير الإعلام والثقافة في الحكومة اليمنية، قد وصف هذه الخطوة ‏بـ«القرار التاريخي الذي يعكس التزام الولايات المتحدة بمواجهة الإرهاب الذي تمارسه ميليشيا الحوثي، ويمثل خطوة حاسمة لقطع مصادر تمويلها وعزلها دولياً، بعدما ثبت تورطها في استهداف المدنيين، وتهديد الملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، والمصالح الإقليمية والدولية».

وبين الوزير اليمني أنه «وفقاً لقرار التصنيف، فإن كل من يتعامل مع الحوثيين معرض للملاحقة القانونية بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، والعقوبات المالية، وتجميد الأصول المرتبطة بأي تعامل معهم، والعزل السياسي والمجتمعي».

وحذر الإرياني جميع الجهات والأفراد من مغبة التعامل مع ميليشيا الحوثي بعد تصنيفهم «إرهابيين»، وأكد أن أي تواصل سياسي أو اقتصادي أو إعلامي أو اجتماعي معهم سيعدّ «تواطؤاً مع الإرهاب» وسيواجَه بعواقب قانونية صارمة.

ودعا الوزير رجال الأعمال إلى وقف أي تعامل مالي أو تجاري مع الحوثيين فوراً، كما دعا السياسيين والإعلاميين إلى «عدم محاولة منح الشرعية لجماعة إرهابية تهدد الأمن الإقليمي والدولي»، وحذر القبائل والشخصيات الاجتماعية من «الوقوع في فخ الحوثي، فهو يستغل الجميع ثم يتخلص منهم».

كارثة إنسانية

وحذر ناشط حقوقي يمني بارز من «كارثة إنسانية وشيكة في اليمن، جراء ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي في البلاد، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، بالتزامن مع أزمة اقتصادية خانقة تضرب البلد» الغارق في أتون حرب مستمرة منذ 10 سنوات.

ودعا عرفات حمران، رئيس «منظمة رصد للحقوق والحريات»، الحكومة إلى تشكيل غرفة طوارئ عاجلة؛ «لأن التقارير الإنسانية والإغاثية والأممية ذات الصلة تُشير إلى أن البلاد توشك على دخول مرحلة (الكارثة)، وهي المرحلة التي تفقد فيها السلطات والمنظمات القدرة على الحد من انتشار المجاعة»، داعياً المجتمع الدولي إلى «توسيع تدخلاته الإنسانية والمساهمة في وقف التدهور المريع للوضع الإنساني في البلاد».

قيود الحوثيين حالت دون وصول المنظمات الإنسانية إلى المستحقين (إكس)

ومع تأكيد الأمم المتحدة وجود 17.1 مليون يمني بحاجة للمساعدات الإنسانية خلال هذا العام، وإصابة ملايين الأطفال بسوء التغذية والتقزم، نبه حمران إلى أن «غالبية الأسر اليمنية لا تستطيع شراء المتطلبات الأساسية من الغذاء؛ جراء الأزمة الاقتصادية ومحدودية فرص الدخل وانهيار العملة».

ودعا الحقوقي اليمني الحكومة إلى «تشكيل غرفة طوارئ على مدار الساعة، لجمع المعلومات والبيانات والتنسيق مع كل المنظمات الدولية والشركاء الدوليين والمحليين، لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها في عموم البلاد؛ لأن كل مواطن، سواء في مناطق الشرعية والحوثيين، هو مسؤولية الحكومة الشرعية».