بعث الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، برسالة سلام وتضامن مع ضحايا الإرهاب في فرنسا خلال زيارته مسرح «الباتاكلان» بالعاصمة باريس، وقال الطيب إن «الإسلام يرفض كل أشكال العنف والإرهاب»، معربا عن «تضامن الأزهر مع ضحايا الإرهاب في جميع أنحاء العالم.. وأن دماء البشر جميعا معصومة ومُحرمة».
في حين قال مصدر مُطلع في مشيخة الأزهر بالقاهرة، إن «الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أعرب أمس عن امتنانه والشعب الفرنسي لزيارة الطيب إلى مسرح (الباتاكلان)»، مؤكدا أن «هذا الموقف الإنساني الكبير يعبر عن جرأة وإصرار على مواجهة التطرف والإرهاب».
وسبق أن شن إرهابيون هجمات دامية على مناطق مُتفرقة منها مسرح «الباتاكلان» في أوقات مُتزامنة في العاصمة الفرنسية باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أسفرت عن وقوع أكثر من 120 قتيلا ونحو مائتي مصاب، وأعلن تنظيم داعش الإرهابي تبني الاعتداءات والهجمات وقتها، وشن عدد من المتطرفين في فرنسا حملات عدائية ضد المسلمين وقتها.
ويرى مراقبون أنه «عقب هجمات فرنسا زادت المخاوف في الغرب خصوصا بعد أن طور (داعش) من قدراته القتالية بشكل يتيح له شن هجمات إرهابية كبيرة على الصعيد العالمي خصوصا في فرنسا، من أجل زيادة أعداد الضحايا من المدنيين».
وحرص عدد من المواطنين في فرنسا على استقبال شيخ الأزهر بباقات الورد أمس خلال زيارته للمسرح، وأكد الطيب أن «العلاقة بين الناس التي أمر الله بها هي علاقة السلام والتآخي والتعاون»، لافتا إلى أن الإرهاب لا وطن ولا دين له، مضيفا: «إنني والمسلمون جميعا تألمنا ألما شديدا لكل قطرة دم تسفك هنا وفي أي مكان في العالم، بسبب هذا الوباء الخبيث.. وعلينا جميعا شرقا وغربا أن نتكاتف من أجل محاربته». بينما أعرب عدد من المسؤولين الفرنسيين عن أن هذه الزيارة من شأنها التخفيف من آلام من فقدوا ذويهم خلال هذا الحادث الإرهابي الأثيم.
وكان الرئيس الفرنسي قد التقى شيخ الأزهر، وقال المصدر المُطلع في مشيخة الأزهر بالقاهرة، إن «الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند حرص على استقبال شيخ الأزهر خارج قصر الإليزيه بالعاصمة الفرنسية.. واصطحب الطيب من خارج إلى داخل القصر في موقف نادر، بعيدا عن أي بروتوكولات رئاسية، مما يدل على تقدير فرنسا لمصر في موقفها لمحاربة الإرهاب والتطرف في العالم».
وألقى شيخ الأزهر خطابا إلى شعوب العالم خلال اللقاء الثاني بين حكماء الشرق وحكماء الغرب أول من أمس. وقال الرئيس الفرنسي إن «الخطاب العالمي الذي وجهه شيخ الأزهر إلى الشعوب الأوروبية والمسلمين في جميع أنحاء العالم من شأنه أن يُسهم في تصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام»، لافتا إلى أن بلاده تعمل على أن يعيش المسلمون في فرنسا بحرية وكرامة، حيث قامت بتأسيس المجلس الفرنسي للجالية المسلمة ومنتدى الحوار، بهدف إقامة علاقات مع المؤسسات كافة التي تمثل المسلمين الفرنسيين.
وأعرب الرئيس الفرنسي عن رغبة بلاده في التعاون مع الأزهر في تدريب الأئمة والدعاة، بما يسمح بتبادل التجارب والخبرات التي يمتلكها علماء الأزهر في مُكافحة التطرف والإرهاب، موضحا أنه يُمكن أن يمتد ذلك ليشمل التعاون في إعداد أبحاث ودراسات مُشتركة، وكذلك تخصيص منح لعدد من طلاب الأزهر لتحقيق نوع من التواصل وتبادل الخبرات. وأكد الرئيس هولاند ضرورة إيجاد حل سياسي للقضية الفلسطينية، موضحا أن بلاده أطلقت مبادرة لإيجاد حل لهذه القضية، وأن فرنسا لها علاقات خاصة جدا مع مصر التي تعد من أهم الدول المحورية المهمة في منطقة الشرق الأوسط. ويتوعد تنظيم داعش الإرهابي الغربيين بشكل متكرر، بهجمات «تنسيهم (على حد زعمه) هجمات نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) وباريس».
وقال الرئيس الفرنسي أمس: «لا بد من بذل كل الجهود وتعزيز جميع الوسائل التي من شأنها نشر ثقافة الحوار بين الأديان في فرنسا»، مؤكدا أنه يدرك ضرورة وأهمية ذلك الأمر، خصوصا في الوقت الحالي الذي يشهد العالم فيه كثيرا من التحديات.
ويقول المراقبون إن «التقارب المصري الفرنسي من شأنه تخفيف حدة (ظاهرة الإسلاموفوبيا) في الغرب، التي انتشرت بشكل كبير بعد أحداث باريس ومن بعدها العاصمة البلجيكية بروكسل، التي دفعت بعض العناصر المُتطرفة في أوروبا إلى استغلال هذه الأحداث، وإلصاق تهم الإرهاب والعنف بالإسلام والمسلمين، وبدأوا في التضييق على المسلمين في أوروبا، بل التعدي عليهم واستهدافهم في بعض الأماكن».
من جهته، أكد رئيس مجلس حكماء المسلمين خلال لقائه الرئيس الفرنسي، أن «العلاقات بين مصر وفرنسا قديمة ومتنوعة.. وأن مصر تُقدر مواقف الرئيس الفرنسي في التفرقة دائما بين الإسلام بوصفه دين سلام، والإرهاب»، مشددا على عصمة الدماء في الإسلام سواء بالنسبة للمسلمين أو غير المسلمين، مؤكدا أن التصدي للإرهاب هو واجب الجميع، مُشيدا بالدور الفرنسي في مواجهة الإرهاب.
وأوضح رئيس مجلس حكماء المسلمين أن مُحاربة الفكر المُتطرف تحتاج إلى نظرة شاملة يتعاون فيها الجميع، مع ضرورة إدراك أهمية إعطاء مساحة أكبر من الاهتمام لفئة الشباب وبذل مزيد من الجهد لتوعيتهم بمخاطر التطرف والإرهاب.
شيخ الأزهر من فرنسا: دماء البشر معصومة.. والإرهاب «وباء خبيث» لا دين له
زار «الباتاكلان» الذي استهدفه «داعش».. وهولاند: الزيارة إصرار على مواجهة التطرف
شيخ الأزهر من فرنسا: دماء البشر معصومة.. والإرهاب «وباء خبيث» لا دين له
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة