يواجه السعوديون تحديات كبيرة على الطريق إلى منزل أحلامهم، فإضافة إلى ارتفاع أسعار العقارات، تبرز مشكلة أخرى تتمثل في رداءة مواد البناء ما ينعكس سلبًا على الجودة، وهو ما عزاه متخصصون في المجال العقاري إلى تزايد شركات البناء المخالفة وعدم وجود جهة إشرافية على المشاريع العقارية.
وأشاروا إلى أن غالبية المواطنين ليس لديهم الوعي الكافي بالتكاليف الحقيقية للبناء أو نوعية المواد المستخدمة في البناء، مما يجعلها بابًا واسعًا للاحتيال والغش، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تضخم العقار أو هشاشة المباني.
وأوضح خالد المرزوق المستثمر العقاري أن نسبة كبيرة من الراغبين في البناء يجهلون تقدير تكاليف البناء ما يجعلهم عرضة للمزايدة وعمليات الغش التي تلقي بظلالها على الفاتورة العامة للبناء وبالتالي ارتفاع التكاليف، إضافة إلى قلة الخبرة في مواد البناء في ظل عدم وجود جهة حكومية تقيس جودة البناء أو حتى الحجم المقدر لمواد البناء والتكلفة التقريبية للسيطرة على جميع المنافذ التي تؤدي لزيادة الأسعار، لافتًا إلى أن الحكومة تسعى للسيطرة على الأسعار عبر فرضها الكثير من القرارات.
وأضاف أن غياب الرقابة على شركات المقاولات خصوصا الصغرى والمتوسطة، وهي التي يعتمد عليها أكثر من 80 في المائة من الراغبين في البناء، يسبب مشكلات كثيرة، إذ إنها تتلاعب في حجم الكميات نتيجة عدم وجود جهة استشارية ثابتة محايدة تحدد الكمية المطلوبة لكل عملية إنشاء، مشيرًا إلى وجه آخر للفساد يشهده قطاع محلات البناء التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع تلك الشركات.
وأكد أن تصنيفات المقاولين غير معترف بها إلا بالورق، والواقع يؤكد عدم اعتراف الراغبين في البناء بها بدليل تزايد الشركات المخالفة في السوق.
وأضاف أن المشكلة تكمن في أن بعض المشترين يعاب عليهم ضعف الخبرة وعدم المعرفة بما يحتاجونه بالضبط من مواد البناء، فيشترون أحيانًا مواد بناء قد لا تفيدهم، وتزيد من أعبائهم عند إنشاء البنايات، وهذا الوتر يدندن عليه ضعاف النفوس الذين يستغلون هذه النقطة، ويحملون المستهلك أموالاً إضافية، غير ملزم بدفعها، موضحا أن التنافس بين شركات مواد البناء أمر صحي لمصلحة المستهلك، لكن تركيزها يكون على المشاريع الضخمة التي عادة ما تكون هي الأكثر فائدة، والأوفر ربحًا.
إلى ذلك، أكد إبراهيم المسعود الذي يمتلك شركة للإنشاءات العقارية، أن من أكثر مصادر ارتفاع تكاليف فاتورة البناء هي المبالغة في قيمة العقار، إذ إن معظم المواطنين يقعون ضحية لبعض العمالة الوافدة التي تلعب على وتر جهل الراغبين في إنشاء المنازل بالتكلفة الحقيقية أو حتى طلب مواد البناء بكميات كافية لا زيادة فيها، مضيفًا أنه من واقع خبرته في هذا المجال يرى أن عددًا كبيرًا من الراغبين في البناء يتم التلاعب بهم وتحميلهم تكاليف إضافية يمكن تجنبها.
وشدد على أهمية القضاء على هذا التلاعب، عبر فرض جهة رقابية حكومية لتكون فيصلاً بين المقاول والمستهلك، يتلخص عملها في تحديد التكلفة وقياس المواد التي يحتاجها البناء، لافتًا إلى أن الإسراف في توفير مواد البناء له انعكاسات أكثر خطورة من مجرد تحميل قيمتها للمستهلك، إذ إنها ستلقي بظلالها سلبًا على حجم استيراد السعودية من مواد البناء، التي تشهد ارتفاعات سنوية، مؤكدًا أن هناك فائضًا كبيرًا يتم التلاعب به أو إعادة تدويره وهو ما يخلق سوقًا سوداء لبيع مواد البناء، رغم انخفاض الطلب على العقارات التي ستؤثر على حجم الإنشاءات.
وتحدث عبد الرحمن النجار الذي يمتلك مؤسسة لمواد البناء، عن حالات الغش وضعف جودة مواد البناء التي تنتشر في القطاع، مشيرًا إلى أن مواد رديئة تستخدم في البناء سواء في قلة جودتها أو سوء تخزينها، وعزز من انتشارها جهل المشترين، ولذلك نرى منازل جديدة بدأت آثار هذه النوعية من البناء تظهر عليها عبر تشقق الجدران أو تهريب المياه أو حتى سوء تمديدات الكهرباء، وتصل أحيانًا إلى التسبب في ضعف البناء وإمكانية سقوطه.
وأشار إلى أن المباني القديمة التي بنيت قبل عقدين وأكثر أفضل حالاً من بعض الأبنية الجديدة، لافتًا إلى أن السوق بدأ يستقبل المقاولين الضعيفين الذين يفتقدون الخبرة أو يتعلمون على منازل الناس، ويوجد إقبال عليهم، ملقيًا باللائمة على جهات عدة، إذ لا توجد رقابة حكومية على المنشآت عند البناء وقياس جودتها ووضع مواصفات خاصة كضمان لجودة البناء، إضافة إلى تساهل البعض عبر الاستعانة بمقاولين لا يمتلكون أوراقًا رسمية تثبت مزاولتهم للمهنة.
يشار إلى أن قطاع تجارة مواد البناء يعتبر من الروافد الرئيسية لقطاع البناء والتشييد، مما يعكس الحركة الاقتصادية للقطاع، إذ يجعل الاستثمار العالي فيها دليلا على النمو الاقتصادي والعقاري الذي يتم محليا، خصوصا مع دفع الكثير من الشركات العالمية بمنتجاتها في السوق السعودية، كما أن هناك الكثير من الشركات الوطنية التي بدأت تدخل على الخط وتقتسم نسبة جيدة من قطاع البناء الذي بات مقصدا للكثير من المستثمرين.
مواد البناء الرديئة.. تحدٍ آخر يواجه السعوديين
مستثمر عقاري: شركات البناء المخالفة تتزايد وتصنيفات المقاولين على الورق فقط
مواد البناء الرديئة.. تحدٍ آخر يواجه السعوديين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة