ربما كان ذلك عام الحظوظ الضعيفة في المنافسة، بحسب تعبير آلان باردو مدرب كريستال بالاس، لكن مانشستر يونايتد لم يكن لديه أي فرص. لقد كان مشهد السير أليكس فيرغسون وهو يسير بالكأس قبل انطلاقة المباراة النهائية على ملعب ويمبلي، يهدف إلى تذكير الجميع بالمكان الطبيعي الذي كان من المفترض أن يوجد فيه الفريق صاحب الحظوظ الضعيفة، حتى ولو كان ستيف كوبيل يرافق فيرغسون في هذا المشهد.
على خلاف نهائي 1990. لم يشهد نهائي كأس إنجلترا هذه المرة أهدافا غزيرة ومثيرة. استغرق الأمر وقتا طويلا للاستمتاع بالمباراة التي انتعشت فقط في الدقائق الـ10 الأخيرة. رقص آلان باردو بعد ما بدا أن هدف جيسون بونشيون حسم النتيجة لكريستال بالاس، لكن هذه الفرحة لم تدم طويلا بفضل مسيرة مغلفة بالإصرار من جانب واين روني الذي أرسل عرضية سمحت لخوان ماتا بتسجيل هدف التعادل لمانشستر يونايتد ليلجأ الفريقان لوقت إضافي حسمه لينغارد بهدف الفوز ليونايتد. وإذا كانت هذه المباراة ستبقى في الذاكرة، فمن المرجح أن تكون المباراة الأخيرة للويس فان غال مع يونايتد، أو اليوم الذي بدأ يرتفع فيه صخب المطالبة بما يكفي حتى لابتلاع الاحتفالات بلقب كأس الاتحاد الإنجليزي.
كانت المزحة في الدقيقة 80، قبل الإثارة في آخر المباراة، أن خلافة فيرغسون في يونايتد قد فشلت إلى درجة أن الفريق الذي كان يعرف في السابق بأنه الأقوى في إنجلترا يعتبر الآن أقل فرصا في المنافسة عندما تذكر أسماء أخرى، رغم أنه لا بد من القول بأن قليلين هم أصحاب الحظوظ الضعيفة الذين يملكون روني كمحرك للدمى وأمامه أنتوني مارسيال وماركوس راشفورد.
سيطر يونايتد على المراحل الأولى من المباراة، من خلال الأداء الرائع من كلا المهاجمين مارسيال وراشفورد صغيري السن على السواء وبمساعدة ماتا، لكن كان يجب أن يكون هذا متوقعا. وكان السؤال عما إذا كان يونايتد يستطيع ترجمة استحواذه وقدرته الفائقة على التمرير، قبل أن يستعمل بالاس سرعته لمحاولة مبادلته بهجمات مرتدة. كانت الأمور لا تبشر بالخير عندما ترك كونور ويكهام، المدافع كريس سمولينغ خلفه، بعد أن ظل المهاجم صامدا رغم تعرضه للعرقلة القوية مرتين وكان محقا لإحساسه بالظلم لأن الحكم مارك كلاتنبرغ لم يسمح بإتاحة الفرصة له. حصل سمولينغ على بطاقة صفراء بسبب محاولته العنيفة لمنع ويكهام من الانفراد بمرمى يونايتد، وهو ما يعد بدوره نذير سوء بالنسبة إلى قلب دفاع من المؤكد أن يلعب أساسيا عندما تبدأ إنجلترا مسيرتها في بطولة يورو 2016. ونفس الشيء ينطبق على عرقلته على طريقة لعبة الرجبي، ضد يانيك بولاسي، والذي نال بسببه بطاقة حمراء مستحقة في الوقت الإضافي.
لم يكن هذا يدل على أفضل دفاع مشترك في الدوري الإنجليزي هذا الموسم، خاصة عندما انضم ماركوس رخو إلى سمولينغ في التعرض لنفس النوع من العرقلة من قبل جويل وارد عند خط المنتصف. مرة أخرى، كان بمقدور الحكم أن يعتمد مبدأ إتاحة الفرصة لكنه لم يفعل، والنظرة التي علت وجه باردو، وهو يشير إلى أن نفس الشيء حصل مرتين، ربما انعكس كذلك على وجه المدربين في مدريد، حيث سيكون كلاتنبرغ حكما لمواجهة الريال وأتلتيكو مدريد في نهائي دوري الأبطال يوم السبت.
يصعب اعتبار ما قدمه يونايتد خلال هذه المباراة، من نوعية الأداء الذي كان يأمل به فان غال لإقناع المشجعين، ناهيك عن مجلس إدارة النادي، بأنه يستحق موسما آخر في أولد ترافورد، رغم أنه لو صحت التقارير التي أعقبت الفوز بالكأس، سيكون جوزيه مورينهو قد وقع على عقد مع يونايتد قبل المباراة النهائية.
وكان هناك اتفاق عام قبل المباراة أن الفوز بكأس الاتحاد الإنجليزي لن يقدم سوى بعض العزاء عن مجمل ما حدث على أي حال. ولو كان الفوز بالكأس تحقق مع التأهل لدوري الأبطال لكان ذلك بمثابة عودة جيدة – فهما على أي حال سببان يدعوان للاحتفال – لكن فان غال لم يكن ليتوقع أن يكون الكأس وحده كفيلا بإنقاذ ماء وجهه، بالطريقة التي سبق وأن نجح بها فيرغسون عندما قاد يونايتد ليهزم كريستال بالاس في نهائي 1990. لقد سمحت تسديدة جيسي لينغارد الحاسمة لفان غال ويونايتد على الأقل بإنهاء الموسم بمعنويات عالية، وإن كان هذا الإحساس بنشوة الانتصار قصير الأجل بشكل قاس بالنسبة إلى المدرب.
زعم فيرغسون أن الفوز بلقب الكأس في 1990 منحه مزيدا من الوقت، فكان لا يزال بحاجة إلى 3 مواسم أخرى للفوز بلقب الدوري. أما فان غال فما كان ليحصل على 3 مواسم أخرى أبدا، وكان الكثير من مشجعي يونايتد سيحتجون بقوة لو أعطي موسما واحدا إضافيا. صحيح أنه في التحليل النهائي، فعل فان غال ما لم يفعله فيرغسون وهزم بالاس بفضل تسديدة لينغارد المدوية الحاسمة في الوقت الإضافي. وصحيح أيضا أن تصعيد لينغارد هو عمل ليس كل مدرب يستطيع القيام به، وأن آخر مدرب يهزم بالاس في نهائي لكأس الاتحاد صار فيما بعد أنجح مدرب في تاريخ النادي.
وبالنظر إلى أن يونايتد لعب بـ10 لاعبين في الوقت الذي حسم فيه الفوز، فإنه يبدو أن الفريق ما زال يحتفظ ببعض من روحه القتالية القديمة، إلى جانب القدرة على تسجيل أهداف الفوز في اللحظات الأخيرة. يكرر التاريخ نفسه أحيانا، لكن ما أعقب نهائي 1990، لن يحدث مرة أخرى بمنح فان غال فرصة جديدة، وإذا تحول هذا لبداية لعهد ذهبي جديد ليونايتد، سيكون هذا بقيادة مدرب جديد.
قام آلان باردو، الذي كان مرتديا بذلة أنيقة، بحركات رقص غريبة ولافتة في منطقته الفنية عندما سجل جيسون بونشيون، وهو رمز للصدمة والإعجاب والفخر المحلي، ليضع كريستال بالاس في المقدمة قبل 12 دقيقة من النهاية.
لكن باردو لم يسبق له أبدا الفوز بلقب كبير في مسيرته التدريبية ولم يفلح في اقتناص الفرصة التي سنحت له ويونايتد يلعب بعشرة لاعبين. لقد كان باردو قاب قوسين أو أدنى من تحقيق ذلك الإنجاز مرتين حتى الآن، مرت 10 سنوات منذ أعلن الحكم الرابع بـ4 دقائق كوقت إضافي، يتعين على وستهام بقيادة باردو أن يحافظ خلالها على تقدمه 3-2 على ليفربول، ورد ستيفن جيرارد بتسجيل واحد من أعظم الأهداف التي سجلت في تاريخ نهائيات الكأس.
لم يكن ذلك الوقت المناسب – إذا كان هناك وقت مناسب على الإطلاق فهو هذا الوقت – لأن يفقد مدرب بالاس صاحب الـ54 عاما هدوءه في منطقة القيادة الفنية.
ومع احتفال لاعبي كريستال بالاس الجنونية مع مشجعيهم غير المصدقين والرائعين عقب هدف بونشيون، فقد كانوا بحاجة إلى التوجيه من باردو لدى عودتهم إلى خط المنتصف. كونوا منظمين، ركزوا في المباراة وحافظوا على هدوئكم. المباراة لم تنته بعد. لكن بدلا من هذا أدى اللاعبون بشكل ربما كان يناسب الاحتفالات قبل المباراة. بالاس متقدم 1-0 على مانشستر يونايتد، وتفصله 12 دقيقة عن الفوز بلقب كبير للمرة الأولى على مدار تاريخه الممتد 110 أعوام، وكان مفهوما أنهم كانوا يعيشون حلما.
ومع هذا، للأسف، فقد ظلوا في هذه الأحلام خلال الـ3 دقائق التالية ليتحول الأمر إلى كابوس من صنع يد بالاس. أدى انهيار جماعي في تركيز الفريق إلى تكرار جزء من المشهد المحزن الذي تعرضوا له عام 1990 ضد نفس المنافس، وهزيمة ستظل تطاردهم طوال الصيف. عندما يخسر الفريق الأقل حظا، فأحيانا يكون هذا بسبب الحظ العاثر، لكن ليس هنا.
وحتى بعد أن سجل خوان ماتا في الدقيقة 81 ليلعب الفريقان وقتا إضافيا، كان ينبغي على بالاس أن يفوز بعد أن خسر يونايتد جهود كريس سمولينغ بعد نيله بطاقة حمراء، حيث لعب يونايتد حتى النهاية بدالي بليند وماتيو دارميان في قلب الدفاع. لكن بالاس أهدر الفرصة.
ربما انهار تركيز لاعبي بالاس لكنهم واصلوا اللعب بتصميم وكانوا الأقرب عندما أصبح يونايتد يلعب بـ10 لاعبين، قبل نهاية الشوط الإضافي الأول بقليل، بعدما حصل سمولينغ على البطاقة الصفراء الثانية لعرقلة بولاسي.
استعاد بالاس ثقته، فأمامه 15 دقيقة لتسجيل هدف قاتل. اندفع لاعبوه للأمام وضاعت فرصة لتحقيق المجد عندما انفرد دوايت غايل بالمرمى لكن دي خيا منع الهدف بساقيه.
كانت لحظة محورية، فناهيك عن افتقار بالاس للشراسة في الدفاع والهجوم، انهار الفريق تماما عندما سجل جيسي لينغارد هدف الفوز المذهل ليونايتد. هناك أشياء لا تكون مقصودة. لكن باردو سيغمض عينيه إذا ما حدث وحمل نفسه ذات مرة على مشاهدة تلك الرقصة.
الفوز بالكأس وحده لا يكفي لإنقاذ فان غال
مدرب مانشستر يونايتد يستعد للرحيل عن «أولد ترافورد».. وعلى باردو أن يلوم نفسه
الفوز بالكأس وحده لا يكفي لإنقاذ فان غال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة