أعرب أكثر من نصف البلجيكيين عن مساندتهم لتصريحات صدرت عن وزير الداخلية، جان جامبون، انتقد فيها «رقص» عدد من المسلمين احتفالا بتفجيرات بروكسل مارس (آذار) الماضي.
وفيما استنكر سياسيون ومنظمات إسلامية هذه التصريحات، فإنها وجدت دعما لدى أغلبية البلجيكيين، وبالتحديد لدى 52 في المائة منهم. وهو ما يبينه استطلاع أجرته كل من مؤسسة «أي بي إس أو إس»، ومحطة «في تي إم» الناطقة بالهولندية، إلى جانب محطة «آر تي إل» الناطقة بالفرنسية، وصحيفتي «لوسوار» و«لاتست نيوز».
وأظهرت نتائج الاستطلاع أن 52 في المائة من البلجيكيين يدعمون تصريحات الوزير، ويعتقدون أنه يستحق التقدير لجرأته. ويعتقد 16 في المائة أنه يقلل من خطورة الظاهرة، بينما وجد 32 في المائة من البلجيكيين أنه يغالي في أقوال. وفي منطقة فلاندرز المتحدثة بالهولندية، يؤيد 56 في المائة من المستطلع رأيهم تصريحات الوزير، بينما بلغت نسبة المؤيدين 46 في المائة في والونيا التي تتحدث الفرنسية، و45 في المائة في بروكسل التي تتحدث اللغتين.
وتسببت تصريحات جامبون في إثارة حالة من الجدل، وتباينت ردود الفعل بشأنها من جانب القيادات السياسية والحزبية، ولاقت استنكارا من جانب أوساط الجالية المسلمة وبعض الفعاليات البلجيكية. ووصفها الحزب الاشتراكي الفلاماني بأنها تصريحات «مثيرة للقلق»، فيما تقدّمت منظمة «مكافحة كراهية الإسلام في بلجيكا» بشكوى إلى مركز مكافحة العنصرية والكراهية (أونيا) في بروكسل، احتجاجا على تصريحات الوزير التي قال فيها إن «جزءا كبيرا من المسلمين رقصوا عقب تفجيرات بروكسل».
واعتبرت الجهة التي تقدمت بالشكوى أن تصريحات الوزير تحرّض على الكراهية ضد المسلمين. وجاء هذا التحرك عقب انتقادات حادة من مختلف الفعاليات الحزبية، والسياسية، والدينية. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قال رئيس الحزب الديمقراطي واوتر بيكي ردًا على هذا الأمر إن «مشاركة عدد كبير من الفعاليات المسلمة في مسيرة حاشدة بعد أيام من التفجيرات يؤكد على أنهم يشاركون البلجيكيين إدانتهم للإرهاب والعنف».
من جهته، قال صلاح الشلاوي، رئيس الهيئة التنفيذية للمسلمين في بلجيكا، خلال المسيرة المنددة بالإرهاب: «جئنا إلى هنا مع كل مكونات المجتمع البلجيكي من مختلف الديانات لنقول: لا، للإرهاب، ولا للخوف، ولا للعنصرية. ونقول أيضًا إننا شعب واحد نواجه التطرف الديني ونواجه الإرهاب بكل أشكاله».
وحاول رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال التخفيف من حدة التصريحات، وقال إن الوزير ربما لم يقصد التعميم «وإنما قلة من المسلمين». وعاد الوزير جان جامبون وقال إنه كان يتوجب عليه اختيار الكلمات بشكل أفضل عندما كان يتحدث عن احتفال أعداد من المسلمين في بلجيكا عقب تفجيرات بروكسل، مشددا على أنه لم يتراجع عن تصريحاته السابقة، «على الأقل فيما يتعلق بالمضمون أو جوهر الرسالة.. وإنما فيما يتعلق بالشكل أو باختيار الكلمات». وأضاف أنه يعترف بأنه «كان لا بد أن يكون أكثر حذرا». وقال جامبون إنه لا بد من المزيد من التركيز على هؤلاء الشباب الذين يظهرون دعمهم للإرهاب، وأن نعمل من أجل «كسب قلوب هؤلاء».
وجاء ذلك فيما نقلت تقارير إعلامية في بروكسل عن النائب فيلي يوكسل، من الحزب الديمقراطي المسيحي، استنادا إلى معلومات صادرة من مكتب وزير الداخلية جان جامبون أن «الهيئة التنسيقية لتحليل التهديد» قامت بسحب بطاقة هوية ستة مقاتلين أجانب محتملين بسوريا.
ومن بينهم الشريك السابق للإرهابي من مدينة فيرفييه (شرق البلاد) لطفي أومور. وأتيح لأجهزة الأمن منذ الخامس من يناير (كانون الثاني) الماضي سحب وثائق الهوية من أشخاص تشتبه في كونهم كانوا يرغبون في السفر إلى مناطق تنشط فيها الجماعات الإرهابية. ووفقًا للوزير جامبون، فقد تم حتى الآن سحب بطاقة هوية ستة أشخاص، أو إلغاؤها. وترجع المبادرة إلى الهيئة التنسيقية لتحليل التهديد التي تقوم بتحليل حالة التهديد في البلاد.
ويرجع تاريخ اتخاذ أول قرار من هذا النوع إلى 18 مارس، إذ أعلنت إدارة بلدية فيرفييه أنها توصلت يوم 18 مارس إلى طلب سحب وثائق الهوية من الشريك السابق للطفي أومور، الذي من المحتمل أنه ظهر في شريط الفيديو الذي تبنى فيه تنظيم داعش هجمات بروكسل.
وإجمالا، خضع أربعة أشخاص لإجراء سحب الهوية لمرحلة أولى مدتها ثلاثة أشهر، فيما كان شخص آخر موضوع قرار إخطار، وكان الشخص الأخير معنيا بإجراء لمدة 25 يوما في انتظار رد فعل محتمل. وليس هناك بعد أي قرار تمديد، طالما أن الإجراء القديم لا يعود إلا إلى 18 مارس.
علاوة على ذلك، لا تستطيع الهيئة التنسيقية لتحليل التهديد الرجوع في قرار كانت قد اتخذته من قبل. ووصف النائب فيلي يوكسل الأرقام الأولى بـ«المشجعة». ووفقًا له، فإن القانون الجديد يؤتي ثماره حتى ولو لا يزال من الواجب إثبات أن هؤلاء الأشخاص قد غادروا في الواقع إلى سوريا. وأثنى النائب أيضًا على «حرص» الهيئة التنسيقية لتحليل التهديد والمخاطر.
وفي وقت سابق، أكد وزير الداخلية البلجيكي جان جامبون على تراجع ملحوظ في أعداد المتطرفين المسافرين إلى سوريا، موضحًا: «في الأشهر الأخيرة، تراجع أعداد الشباب الذين يرغبون في السفر إلى سوريا للقتال هناك، ويوجد حاليا 268 منهم من قتل، وهناك أربعة أشخاص في الطريق إلى هناك، و69 شخصا حاولوا السفر. أما الذين عادوا من سوريا فقد بلغ 117 شابًا».
وتظهر الأرقام الأخيرة التي أعلن عنها الوزير أن إجمالي أعداد البلجيكيين من الشباب الذي سافروا أو حاولوا السفر إلى سوريا قد فاق 500، وهو رقم كبير مقارنة بعدد سكان بلجيكا الذي يصل إلى 11 مليون نسمة، بينما دول أخرى تشكل أكثر من خمسة أضعاف، أو ستة أضعاف عدد سكان بلجيكا مثل فرنسا وبريطانيا، وعلى الرغم من ذلك يزيد عدد من سافر منها إلى القتال في الخارج بنسب محدودة.
نصف البلجيكيين يدعمون انتقاد وزير الداخلية لسلوك مسلمي البلاد عقب الاعتداءات
سحب بطاقة الهوية من 6 أشخاص يشاركون في صفوف المقاتلين بسوريا
نصف البلجيكيين يدعمون انتقاد وزير الداخلية لسلوك مسلمي البلاد عقب الاعتداءات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة