سادت حالة من الاستياء في أوساط مسؤولين مصريين في أعقاب تسريبات وتقارير إعلامية سعت على ما يبدو لتكريس فرضية وجود «خلل تقني» أو «خطأ بشري»، وحرف الأنظار عن فرضية «العمل الإرهابي» في حادث تحطم الطائرة «إيرباص320» التابعة لشركة «مصر للطيران»، في طريق عودتها إلى القاهرة قادمة من مطار شارل ديغول بالعاصمة الفرنسية باريس، الخميس الماضي. فيما كثفت فرق البحث المصرية جهودها للعثور على الصندوقين الأسودين للطائرة المنكوبة.
وقال مسؤول في وزارة الطيران المدني في مصر إنه «قبل التوصل للتسجيلات الخاصة بالرحلة وحطام الطائرة يبدو أي حديث عن سيناريو ما حدث محاولة للتعمية على الحقيقة.. ليس لدينا أسباب تدفعنا إلى إخفاء أي شيء أو ترجيح فرضية على أخرى، ونرجو أن تكون تلك القناعة متوفرة لدى الجميع».
من جانبه، استخدم أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، لغة أكثر حدة في تعليقه على تناول وسائل إعلام غربية حادث تحطم الطائرة. وقال أبو زيد، في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، «إن إعطاء شبكة (سي إن إن) الأميركية إيحاءات بأن قائد الطائرة المصرية انتحر، في وقت لا تزال فيه أسر الضحايا في حالة حداد، أمر لا يبعث على الاحترام».
وأضاف أبو زيد قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «لن نعلق على التقارير الأخرى التي صدرت خلال الساعات الماضية، نترك الأمر لفرق التحقيق، لكن كان ضروريا الرد على تقارير بعينها (في إشارة إلى تقرير «سي إن إن»)، لأنها لم تحترم مشاعر أسر الضحايا».
وفي غضون ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، جون كيربي، إن السلطات المصرية لم تقدم أي طلب للولايات المتحدة للمساعدة في التحقيقات في حادث تحطم الطائرة «الإيرباص»، مضيفا أن بلاده مستعدة لتقديم المساعدة. وقال كيربي إن «السلطات المصرية لم تقدم أي طلبات محددة للولايات المتحدة للمساعدة في التحقيقات».
وحسب لوائح الطيران العالمية، يمكن للدولة التي أنتجت محركات الطائرة أن تتوقع المشاركة في التحقيقات عند تحطم الطائرة. والطائرة المصرية المنكوبة، من طراز «إيرباص إيه 320»، ومزودة بمحركات من إنتاج «برات آند ويتني» الأميركية.
ولا يحمل تاريخ العلاقات بين سلطات الطيران في مصر وأميركا ما يشجع الجانب المصري على الاستعانة بالخبرات الأميركية. وكانت مصر قد رفضت تقريرا لهيئة السلامة الأميركية بشأن حادث تحطم طائرة مصرية عام 1999 قبالة السواحل الأميركية أثناء رحلة من نيويورك إلى القاهرة. وقال تقرير لهيئة السلامة الأميركية إن مساعد الطيار جميل البطوطي تعمد إسقاط الطائرة والانتحار، وهو اتهام رفضته مصر بشكل قاطع.
وكانت الطائرة تقل 30 مصريا و15 فرنسيا و21 من 10 جنسيات أخرى. وفي أعقاب اختفائها عن الرادارات بعد دقائق من دخولها المجال الجوي المصري بدت فرضية وجود عمل إرهابي الأكثر تداولا في التعاطي مع الحادث. وقال وزير الطيران المدني المصري، في أول مؤتمر صحافي، إن القاهرة لا تستبعد أي فرضية بما فيها تعرض الطائرة لعمل إرهابي.
وفي تطور زاد من الغموض بشأن الطائرة المنكوبة، قالت هيئة سلامة الطيران الفرنسية أمس إن طائرة الركاب المصرية أرسلت إشارات حدوث أخطاء تشير إلى رصد دخان داخل الطائرة قبل سقوطها في البحر المتوسط. وقال متحدث باسم الهيئة: «هذه الرسائل لا تسمح بأي شكل بالقول ما الذي يمكن أن يكون تسبب في انبعاث دخان أو نشوب حريق على متن الطائرة»، مضيفا أن الأولوية الآن هي العثور على تسجيلات رحلة الطائرة التي تشمل تسجيل الصوت في قمرة القيادة وبيانات رحلة الطائرة «إيرباص إيه 320».
وأكد خبراء فنيون أن طائرات شركة «مصر للطيران» مزودة بأجهزة إلكترونية تقوم بالإبلاغ آليا عن وجود أي أدخنة أو نيران على الطائرة دون الحاجة إلى تدخل قائد الطائرة أو طاقمها.
لكن التلفزيون الرسمي المصري، أفاد ردا على التقارير الإعلامية المتداولة، بأن وزارة الطيران المصرية لم تؤكد بعد ما تناقله الجانب الفرنسي عن انبعاث دخان من الطائرة المصرية المنكوبة قبل تحطمها.
وأكدت مصادر في وزارة الطيران أن رئيس لجنة التحقيق الطيار أيمن المقدم رئيس لجنة تحقيق الحوادث بوزارة الطيران اجتمع أمس بالمحققين الفرنسيين المشاركين في اللجنة.
وتمسكت فرنسا بموقفها المعلن، وجدد وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك إيرلوت، في باريس أمس، أنه لا توجد معلومات مؤكدة حتى الآن حول ظروف سقوط الطائرة المصرية، مشيرا إلى أن الوصول إلى الصندوقين الأسودين للطائرة المنكوبة يمثل أولوية كبرى.
وقال الوزير الفرنسي، في كلمة له بعد لقائه بعضا من أسر ضحايا الطائرة المنكوبة: «تشاركنا وأسر الضحايا المعلومات المتوفرة حول سقوط الطائرة المصرية»، مشددا على رغبة أسر الضحايا في احترام خصوصياتهم، مؤكدا الالتزام بإعلان نتائج التحقيق بسقوط الطائرة بشفافية كاملة، كاشفا عن إرسال فرنسا لطائرة وسفينة للمشاركة في البحث عن حطام الطائرة.
وحول عمليات انتشال حطام الطائرة نشر العميد محمد سمير، المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أمس، جانبا من صور حطام الطائرة المنكوبة ومتعلقات بعض الركاب.
وضمت الصور أجزاء من حطام الطائرة وأجزاء من كراسي الطائرة وسترة نجاة. وأكد الجيش المصري تواصل عمليات البحث عن حطام الطائرة وجثامين الضحايا، ولم يشر المتحدث الرسمي إلى عثور أطقم البحث المصرية على أشلاء الضحايا، لكن بيانا رسميا أصدرته وزارة الطيران المصرية أشارت إلى ذلك.
وقال مصدر عسكري مطلع، لـ«الشرق الأوسط»، إن «فرق البحث لم تعثر على أشلاء لضحايا الحادث.. هذا ما يمكن أن نؤكده، ولا علاقة لنا بأي بيانات أخرى حول الأمر».
ويأتي حادث الطائرة المصرية ليوجه ضربة جديدة إلى قطاع السياحة بعد إعلان تنظيم دعا مسؤوليته عن إسقاط طائرة ركاب روسية بعد أن أقلعت من مطار شرم الشيخ في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مما أسفر عن مقتل كل من كانوا فيها وعددهم 224 شخصا. كما خطف مصري زعم أنه يرتدي حزاما ناسفا طائرة تابعة لمصر للطيران في مارس (آذار) من العام الجاري.
مساعي تكريس فرضية «الخطأ البشري» في حادث تحطم «الإيرباص» تثير استياء بمصر
مصدر عسكري مطلع نفى لـ «الشرق الأوسط» العثور على أشلاء لضحايا الحادث
مساعي تكريس فرضية «الخطأ البشري» في حادث تحطم «الإيرباص» تثير استياء بمصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة