علمت «الشرق الأوسط» أن دولة قطر نجحت في إقناع وفد حكومة الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، للعودة إلى طاولة المحادثات مع الانقلابيين الحوثيين التي تعقد في الكويت بوساطة أممية.
وقال مسؤول قطري بارز لـ«الشرق الأوسط» إن أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، التقى مساء أمس الرئيس اليمني بحضور الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، لإقناعه بالعودة لطاولة المحادثات، مفيدا بأن تلك الجهود تكلّلت بالنجاح.
وكان وفد الحكومة اليمنية لمشاورات السلام في الكويت قد أصدر بيانا أكد فيه انسحابه من جلسات الحوار وتعليق مشاركته في جلسات الحوار، متّهما الطرف الحوثي بالمماطلة وعرقلة الجهود الرامية لإحلال السلام.
في سياق متصل, أكدت مصادر مطلعة لـ «الشرق الأوسط»، أن المفاوضات بين طرفي الحكومة الشرعية مع الانقلابيين ستعود من المتوقع اليوم إلى طاولة المشاورات، في الكويت، على أن يقوم المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، بإرسال رسالة نصية إلى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، يؤكد فيها الالتزام بالمرجعيات الثلاثة، وهي: قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، والمبادرة الخليجية، والحوار الوطني اليمني، إضافة إلى النقاط الخمس، وأبرزها: تسليم السلاح ومؤسسات الدولة، والخروج من المدن، وإطلاق سراح المعتقلين.
ولم يقدم ولد الشيخ أي ضمانات لوفد الحكومة في الكويت قبل مغادرته في الساعات الأولى من صباح أمس (السبت)، متجهًا للعاصمة القطرية الدوحة، الذي يوجد فيها الرئيس اليمني، في حين توقفت جميع اللقاءات الجانبية الرسمية بين ممثلي الدول الـ18 الراعية للعملية السلمية مع وفد الحكومة، وممثلي الانقلابيين، حتى تتضح الرؤية من لقاء ولد الشيخ بالرئيس اليمني.
في المقابل، أوقفت الهيئة الاستشارية الوطنية أعمالها، حتى تكتمل الصورة النهائية لديها، من موقف الحكومة الذي من المنتظر أن يعلن عنه في غضون يومين من لقاء المبعوث الأممي بالرئيس اليمني، فيما تتجه الأنظار خلال فترة التوقف نحو الدور الذي ستلعبه الدول الكبرى في الضغط على وفد الانقلابيين ودفعهم للقبول بما ورد في الوثيقة.
من جهته، أبدى وفد الحكومة اليمنية المشارك في مشاورات السلام المنعقدة في الكويت، تحفظه على بعض ما طرحه عدد من السفراء ممثلي الدول الراعية لعملية السلام، خلال الأيام الماضية، ومحاولتهم الضغط على وفد الشرعية للقبول ببعض المقترحات، للعودة إلى طاولة المناقشات التي علقت منتصف الأسبوع الماضي.
وقال عبد العزيز جباري، نائب رئيس الوزراء وزير الخدمة المدنية نائب رئيس وفد الحكومة اليمنية المشارك في مشاورات الكويت لـ«الشرق الأوسط» إن إسماعيل ولد الشيخ المبعوث الدولي لم يقدم أي معلومات أو ضمانات لوفد الحكومة في الكويت، قبل توجهه إلى العاصمة القطرية الدوحة، حول ما إذا كان وفد الحوثيين قبل بالتوقيع، أو أنه ما زال متعنتا. وأضاف جباري، أن سفر ولد الشيخ للدوحة ولقاء رئيس الحكومة اليمنية الرئيس عبد ربه منصور هادي، هي محاولات لدفع الحكومة للعودة إلى طاولة المشاورات، في المقابل لا بد أن يمارس المبعوث الخاص للامين العام للأمم المتحدة، ضغوطا على الجهة المعرقلة، ولا بد أن يعلن في نهاية المطاف من هو المعرقل لهذه المشاورات، لافتا إلى أن الفترة الزمنية المقدرة لصبر الوفد الحكومي لن تتجاوز أسبوع، وبعدها سيكون من العبث أن يكون هناك سقف زمني ما لم يكن هناك تقدم ملحوظ. وعن محاولة ممثلة الدول الأوروبية بالضغط على الوفد، أكد نائب رئيس الوزراء أن الحكومة لديها تحفظات على بعض سياسات السفيرة بتينا، سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن و«نحن في الوفد لنا وجهة نظر حول هذه السياسات»، موضحًا أن «بتينا دبلوماسية أوروبية عملت في اليمن، إلا أنه يبدو أن عواطفها الجياشة تبعدها عن مهمتها الأساسية». وأشار جباري إلى أن هذا الخروج دفع الوفد إلى إبلاغ السفيرة بوجهة نظرنا، حول ما أوردته في بعض سياساتها، وسيكون لوزارة الخارجية اليمنية في المستقبل موقف واضح حيال هذا، ومن يأتي إلى اليمن سفيرًا فلا بد عليه أن يعمل مع الحكومة اليمنية، وأن لا يحاول أن يكون دوره سلبيًا».
وقال جباري: «هناك دول إقليمية ودولية ترعى الحوار، وهم يدفعون الأطراف للوصول إلى سلام، ومورست في بعض الحالات الضغوط على وفد الحكومة والطرف الآخر، رغم أنه لا يوجد لدى وفد الشرعية ما يقدمه بعد أن قدم الشيء الكثير لإنجاح العملية السلمية»، موضحا أن الشيء الذي لا يمكن تجاوزه ولا يمكن القبول في الوقت الراهن بأي شيء ما لم تُستعد مؤسسات الدولة وخروج الميليشيات وتسليم الأسلحة.
وشدد نائب رئيس الوزراء على أنه «لنا أكثر من 30 يوما ونحن على طاولة المشاورات مع ممثلي الحركة الحوثية وصالح، ولم نتقدم خطوة نحو الأمام، وإن سارت الأمور في اتجاهها الصحيح، يعود الطرف الآخر لوضع العراقيل وينسف شيئًا من التقدم في الأيام الماضية، بسبب إصرارهم على إفراغ قرار مجلس الأمن من محتواه، وعدم الاحتكام إلى المرجعيات المتفق عليها، والمتمثلة في القرار 2216».
وأكد أن فشل ونجاح المشاورات يعتمد على الطرف الآخر، ووفد الحكومة سوف يصبر وسيكون الشعب اليمني والعالم العربي والمجتمع الدولي، شاهدا على ما تقوم به الحكومة في سبيل إحلال السلام، وإن فشلت يتحمل الحوثيون نتائج هذا الفشل، لافتا أن وفد الشرعية طالب المبعوث الدولي بتحديد سقف زمني لهذه المشاورات. وقال جباري، إنه لو فشلت مشاورات الكويت فستجبر الشعب اليمني على أن يتخذ مواقف يدافع عن قضيته، ووقف هذا المشروع الذي تحمله الميليشيا التي تقتل أضعاف ما يحدث حول العالم، والشعب اليمني لا يمكن أن يقبل بوجود الميليشيات حتى وإن طالت فترة وجودهم، وقاومها الشعب اليمني في وقت سابق، واليوم يقومون بواجبهم في الدفاع عن مدنهم ومن ذلك ما يحدث في تعز وبعض المديريات التي تقع سيطرة الميليشيات.
وعن تفاصيل اللقاء الذي عقد أول من أمس مع قيادات عسكرية بين الجانبين، قال جباري: «اجتمعنا مع لجنة التهدئة والتنسيق، والمكونة من الطرفين، وتعمل هذه اللجنة على التواصل مع الجبهات ومحاولة حل أي خلافات، وحضر هذا الاجتماع عدد من العسكريين والمختصين في الشأن العسكري، والسفير السعودي محمد آل جابر، للموافقة على مشروع مقدم من العسكريين السعوديين، ووافق عليه الطرفان».
وأشار جباري إلى أنه وخلال اللقاءات السابقة «على مستوى اللجان الثلاثة (العسكرية، واللجنة السياسة، لجنة الأسرى) لا نرى أي تقدم، وكلما نحاول التقدم، نرجع مرة أخرى إلى الخلف، بطلبهم تشكيل السلطة التوافقية، التي يهدفون من خلالها إلى شرعنة الانقلاب، وهذا ما لا نقبله. قد نبحث حوارًا سياسيًا حول شراكه وطنية، ولكن بعد أن تنفذ جميع البنود السابقة المتضمنة القرارات الدولية حتى تستعيد الدولة مكانتها التي تكون مظلة للجميع».
ودلل جباري على مماطلة الحوثيين، بأن اللجنة العسكرية التي شكلت، ظلت طيلة أسبوع كامل تراوح مكانها بسبب التغيير لاسم الجنة، فبعد أن كانت «لجنة الانسحابات وتسليم الأسلحة» رفض الحوثيون هذا الاسم، ليطالبوا في التالي بتغييره إلى «العسكرية والأمنية»، وقبل وفد الشرعية، في اليوم الرابع طالبوا بتغييره إلى «لجنة الترتيبات العسكرية والأمنية» ووافق وفد الحكومة، ثم عادوا ليغيروا الاسم إلى «اللجنة الوطنية العسكرية»، وطيلة تلك الفترة لم ندخل في تفاصيل ومهام هذه اللجنة التي تشمل الإشراف على الانسحابات من المحافظات والعاصمة اليمنية صنعاء، وتسليم الأسلحة وإعادة توزيعها، والإشراف على الترتيبات الأمنية بعد عملية انسحاب الميليشيا حتى لا تحدث خللاً أمنيًا. وعن أسباب اتخاذ وفد الحكومة الشرعية قرار تعليق المشاورات، قال الجباري: «للأسف نراوح مكاننا، وكلما حاولت الحكومة أن تتيح فرصة لمشاورات السلام في الكويت تجد الطرف الآخر لا يأبه بضياع هذه الفرصة التي تنعكس على المجتمع اليمني، فكان لا بد أن يرسل وفد الحكومة تنبيهًا للمجتمع الدولي بتعليق المفاوضات، التي دخلت طريقًا مسدودًا بسبب تعنت الحوثيين»، مشددا على أن عودة الوفد للمشاورات ليس لها معنى إن لم نحتكم إلى المرجعيات، ولا يكفي أن يكون الاعتراف فقط بالحديث، ومن جهة أخرى لا يرتكز عليها في الاحتكام.
ولفت إلى أن «التأخير في تعليق المشاورات، كان من باب إعطاء المجال للجهات الراعية للقيام بدورها والضغط على الحوثيين، الذي لنا معه تجربة طويلة في التنصل وعدم تطبيق الاتفاقيات، ويخترقون أي معاهدة يتم التوقيع عليها خلال فترة وجيزة من الاتفاق، إذ يعتبرون الاتفاق محطة من أجل الانتقال إلى محطة أخرى، ورغم ذلك الحكومة تطرق أبواب السلام رغم هذه التجاوزات».
أمير قطر يقنع وفد الحكومة اليمنية بالعودة لمحادثات الكويت
مصادر مطلعة أكدت لـ «الشرق الأوسط» أن المفاوضات تستأنف اليوم * ولد الشيخ في الدوحة للقاء هادي
أمير قطر يقنع وفد الحكومة اليمنية بالعودة لمحادثات الكويت
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة