وزير الدفاع الإسرائيلي المستقيل: نتنياهو رسخ العنصرية والتطرف في المجتمع والجيش

ليبرمان سيعمل على «تدجين قيادة الجيش» التي تطالب الحكومة بمبادرة سياسية

وزير الدفاع الإسرائيلي المستقيل: نتنياهو رسخ العنصرية والتطرف في المجتمع والجيش
TT

وزير الدفاع الإسرائيلي المستقيل: نتنياهو رسخ العنصرية والتطرف في المجتمع والجيش

وزير الدفاع الإسرائيلي المستقيل: نتنياهو رسخ العنصرية والتطرف في المجتمع والجيش

مع إعلانه الاستقالة من الحكومة واعتزال الحياة السياسية مؤقتا، وجه وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، انتقادات شديدة لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، واتهمه بإدارة سياسة يمين متطرفة وتمييز عنصري. وقال: إنه لم يعد يحتمل رؤية آفات العنصرية والتطرف وهي تتغلغل في المجتمع وتتسرب إلى الجيش وإنه لم يعد قادرا على الصمت إزاء أسلوب القيادة السياسية الحالي البعيد عن القيم والأخلاق.
وأضاف يعلون، الذي كان يتكلم في مؤتمر صحافي في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب، ظهر أمس الجمعة، إنه «لا نية لدي بمغادرة الحياة السياسية والعامة في الدولة بشكل نهائي، بل سأعود بعد استراحة قصيرة إلى التنافس على قيادة الدولة». وحذر يعلون من سيطرة «جهات معادية» على حزب الليكود، في إشارة إلى جهات يمينية متطرفة. وتطرق إلى خلافاته مع نتنياهو وعدد من أعضاء الكنيست في الليكود وأحزاب اليمين، في الآونة الأخيرة، وقال: «لأسفي الشديد وجدت نفسي، مؤخرا، أخوض معارك وصراعات شديدة حول قضايا أخلاقية ومهنية مع رئيس الحكومة وعدد من الوزراء وأعضاء الكنيست. وصارعت بكل قوتي ضد مظاهر التطرف والعنف والعنصرية في المجتمع الإسرائيلي، التي تهدد مناعته وتتغلغل إلى الجيش الإسرائيلي أيضا وتلحق ضررا بنا. كما صارعت بكل قوتي المحاولات للمساس بمكانة سلطة القضاء ومحكمة العدل العليا وقضاة إسرائيل، التي رأيت فيها تهديدا كارثيا لإسرائيل والأسس الديمقراطية والليبرالية التي قامت عليها».
وكانت استقالة يعلون متوقعة، حيث إن نتنياهو أحدث انقلابا ضده خلال عملية توسيع الحكومة الضيقة. إذ قرر قبول حزب «إسرائيل بيتنا» في ائتلاف الحكومة وتعيين رئيسه، أفيغدور ليبرمان، وزيرا للدفاع، من دون الرجوع إلى يعلون. وفعل ذلك بشكل انتقامي مهين، بعد أن غضب من تصريحاته الأخيرة التي دعم فيها قادة الجيش الذين ينتقدون الحكومة. بل ألقى كلمة علنية أمام جنرالات الجيش دعاهم فيها إلى الاستمرار في قول آرائهم بصراحة، عندما يخالفون الحكومة الرأي. وقال خبراء في السياسة الإسرائيلية إن نتنياهو أقدم على هذه الخطوة بالأساس لأنه يرى أن يعلون يكتسب شعبية واسعة بين الناس وأنه قصد تحجيمه وتقزيمه. لكنه في الوقت نفسه قصد ضرب عدة عصافير بحجر واحد. فقد تمكن من توسيع حكومته وبذلك سيسكت ليبرمان، المعروف بتوجيه الانتقادات اللاذعة إليه والذي لا يتردد في إهانته على الملأ، كما أنه بواسطة فرض ليبرمان وزيرا للدفاع، يهز الرسن لقيادة الجيش وبقية الأجهزة الأمنية الذين يوجهون انتقادات شديدة لحكومته وسياسته ويطالبونه طيلة الوقت بالقيام بمبادرة سياسية لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والعربي.
وأحدثت استقالة يعلون هزة في الحياة الحزبية في إسرائيل، وصدمة كبيرة في الجيش. وأفاد سفراء إسرائيل في الخارج بأن تعيين ليبرمان وزيرا للدفاع قوبل بقلق شديد خصوصا في دول الغرب، مع أن الإدارة الأميركية قالت: إنها مستعدة للتعامل مع أي وزير دفاع يتم اختياره وفقا للأسس الديمقراطية. فالمعروف أن ليبرمان يكثر من تصريحات العربدة، خصوصا في القضايا العسكرية. وقد اشتهر بشكل خاص عندما هدد بقصف سدّ أسوان في حال نشوب حرب مع مصر، وبسببه لم يسمح له بدخول مصر طيلة فترة عمله كوزير للخارجية. كما أنه هدد باغتيال إسماعيل هنية، رئيس حكومة حماس، وهو يطالب بإسقاط حكم حماس في قطاع غزة وحكم محمود عباس في الضفة الغربية. ويطالب بفرض حكم الإعدام في إسرائيل على من يتهم بالإرهاب في المحاكم العسكرية، وهو المطلب الذي تجاوب معه نتنياهو في المفاوضات الأخيرة بينهما. واشتهر بتصريحاته العنصرية ضد النواب العرب في الكنيست، وهو الوحيد الذي لا يتبادل التحية معهم في أروقة الكنيست.
ومع ذلك، فقد اتصل ليبرمان مع عدد من قادة الجيش لطمأنتهم بأنه لا ينوي فرض إرادته عليهم. وأبرز أمامهم تصريحاته التي أبدى فيها استعداده لطرح «خطة سياسية جريئة تشمل إقامة دولة فلسطينية ونقل أحياء في القدس الشرقية إلى السيادة الفلسطينية، في حال وجود شريك فلسطيني ملائم».
ومن جهته، سارع نتنياهو إلى الإعلان أن السياسة الأمنية لحكومته لن تتغير بتعيين ليبرمان وزيرا للدفاع، بل وصفه بالقائد اليميني البرغماتي.
وسيحل مكان يعلون في الكنيست ناشط حركات «الهيكل» المتطرفة، يهودا غيليك، الذي قال لإذاعة الجيش الإسرائيلي، في أعقاب إعلان يعلون عن استقالته، إنه سيعمل كعضو كنيست من أجل تشديد السيطرة الإسرائيلية على الحوض المقدس والسماح لليهود بالصلاة في باحات المسجد الأقصى. وغيليك هذا كان قد أصيب بجراح قاسية، عندما طعنه شاب فلسطيني وهو يصلي في باحة المسجد، قبل نحو السنتين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.