القاهرة وباريس وموسكو ترجح الفرضية الإرهابية

خبراء الملاحة الجوية يستبعدون احتمال الخلل الفني في سقوط الطائرة المصرية

القاهرة وباريس وموسكو ترجح الفرضية الإرهابية
TT

القاهرة وباريس وموسكو ترجح الفرضية الإرهابية

القاهرة وباريس وموسكو ترجح الفرضية الإرهابية

يبدو احتمال الاعتداء الإرهابي واردا أكثر من فرضية الخلل الفني في حادثة سقوط طائرة شركة «مصر للطيران» في البحر المتوسط قبالة سواحل اليونان، أثناء قيامها فجر أمس برحلة بين باريس والقاهرة، وعلى متنها 66 شخصا.
وقال وزير الطيران المصري، شريف فتحي، إن احتمال أن يكون هجوم إرهابي وراء اختفاء طائرة تابعة لشركة «مصر للطيران» فجر الخميس، أكثر ترجيحا من وجود خلل فني. لكنه أضاف في مؤتمر صحافي أنه من المبكر جدا الحديث عن نتائج حول سبب اختفاء الطائرة التي كانت تقل 66 شخصا، وكانت في طريقها من باريس إلى القاهرة. وتابع أنه لا توجد مخاوف أمنية معروفة بشأن ركاب الطائرة، لكن السلطات تجري مزيدا من الفحص.
وردا على سؤال حول ما إذا كان يرجّح فرضية العمل الإرهابي، قال فتحي: «لا أريد أن أقفز إلى نتائج، (ولكن) إذا أردنا تحليل الموقف، فإن هذه الفرضية (العمل الإرهابي) قد تبدو الاحتمال الأرجح أو الاحتمال المرجّح»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الموقف الرسمي للدولة المصرية يظلّ عدم استبعاد وعدم تأكيد أي فرضية.
وكانت طائرة «مصر للطيران»، (إم - إس804)، تقوم برحلة بين مطاري باريس - شارل ديغول والقاهرة عندما اختفت عن شاشات الرادار في الساعة 2.45 بتوقيت القاهرة (00.45 ت.غ) أثناء وجودها في المجال الجوي المصري، كما قال نائب رئيس الشركة المصرية.
بدوره، لم يستبعد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند فرضية العمل الإرهابي. وقال في كلمة تلفزيونية إن «المعلومات التي جمعناها تؤكد لنا أن هذه الطائرة تحطمت، وفقدت». وأضاف: «علينا التأكد من كل ملابسات ما حصل. لا يمكن استبعاد أو ترجيح أي فرضية». وتابع: «حين نعرف الحقيقة، فعلينا استخلاص كل العبر، سواء كان الأمر حادثا أو فرضية أخرى تخطر على بال كل شخص، وهي فرضية عمل إرهابي».
من جانبها، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن رئيس جهاز الأمن الاتحادي الروسي، ألكسندر بورتنيكوف، قوله إن تحطم الطائرة في طريقها من باريس إلى القاهرة سبّبه عمل إرهابي «على الأرجح». وكان بورتنيكوف يتحدث في مينسك، ودعا الشركاء الأوروبيين للعمل معًا لتحديد المسؤولين عن إسقاط الطائرة. ولم يذكر الأدلة المتوفرة لديه التي تفيد باحتمال وجود عمل إرهابي.
وفي واشنطن، كلّف البيت الأبيض ليزا موناكو، مستشارة الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب، بإطلاع الرئيس الأميركي باراك أوباما على تفاصيل اختفاء طائرة «مصر للطيران». وطلب أوباما إطلاعه على مستجدات الموقف طوال اليوم. وقال إريك شولتز، نائب المتحدث الصحافي باسم البيت الأبيض، إن أوباما وجه مسؤولي الإدارة الأميركية بالتواصل مع نظرائهم الدوليين لتقديم الدعم والمساعدة.
أما المرشح الجمهوري المحتمل لانتخابات الرئاسة الأميركية، دونالد ترامب، فعلّق في حسابه على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي، قائلا: «يبدو كأنه هجوم إرهابي آخر». وأضاف ترامب: «الطائرة غادرت باريس.. متى سنكون أقوياء وأذكياء ويقظين»، في إشارة ضمنية إلى العمليات الإرهابية الأخيرة التي استهدفت العاصمة الفرنسية.
ورجّح مختصّو الإرهاب فرضية تعرض الطائرة لاعتداء من نوع إرهابي. وقال الخبير في الملاحة الجوية، جيرالد فلدزر، لوكالة الصحافة الفرنسية إن «السبب في ذلك يرجع إلى المناخ السياسي»، مستبعدا في الوقت ذاته «مشكلة تقنية كبيرة، لأن الطائرة حديثة نسبيا». وأوضح: «تبدو احتمالات وقوع مشكلة تقنية كبرى، كانفجار محرك، أو انفجار على متن الطائرة (...) ضئيلة»، لافتا إلى أن طائرة «إيرباص - إيه 320» التي كانت تنقل 66 شخصا «حديثة نسبيا»، وصنّعت في عام 2003. كما يعد هذا الطراز من الطائرات جديرا بالثقة. وأضاف فلدزر أنها «طائرة الرحلات المتوسطة الأكثر مبيعا في العالم، فهي تحط أو تقلع بوتيرة طائرة كل 30 ثانية».
وعن فرضية الإرهاب، قال فلدزر «بالطبع، فرضية الاعتداء تبقى مرجحة، الأجواء السياسية تحيل إلى ذلك، هناك ميل إلى هذه الفرضية».. ففرنسا سبق أن تلقت ضربات قاسية من تنظيم «داعش» في الأشهر الأخيرة، فيما شهدت مصر تقلّبات سياسية كبيرة في السنوات الأخيرة، وكلاهما هدف للتنظيم المتشدد. لكن «بشكل عام، يتم تبني هذا النوع من الاعتداءات.. إذا كان هذا أحدها، فسنعلم سريعا».
وتأتي هذه الحادثة بعد أكثر قليلا من ستة أشهر من انفجار طائرة روسية فوق سيناء في 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعد إقلاعها من شرم الشيخ، ما أودى بحياة 244 شخصا كانوا على متنها. وأعلن الفرع المصري لتنظيم «داعش» مسؤوليته عن إسقاط تلك الطائرة، وهو تنظيم يستهدف فرنسا أيضا. وما زال هذا التنظيم الإرهابي يقوم باعتداءات شبه يومية على الجيش والشرطة المصريين في سيناء.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.