النظام يتقدّم في الغوطة الشرقية ويسعى لفصل جنوبها عن الشمال

استغلّ المعارك المستمرّة بين فصائل المعارضة ودفع بتعزيزات إلى المنطقة

النظام يتقدّم في الغوطة الشرقية ويسعى لفصل جنوبها عن الشمال
TT

النظام يتقدّم في الغوطة الشرقية ويسعى لفصل جنوبها عن الشمال

النظام يتقدّم في الغوطة الشرقية ويسعى لفصل جنوبها عن الشمال

تمكنت قوات النظام السوري من تحقيق مكاسب ميدانية في بعض مناطق الغوطة الشرقية، مستغلّة القتال الدائر بين فصائل المعارضة المسلّحة، لا سيما بين «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن»، بالإضافة إلى مواجهات أخرى دارت بين «جيش الإسلام» من جهة و«جبهة النصرة» من جهة ثانية. وفي وقت حقق النظام فيه تقدمًا في نقاط محددة، بدأ أمس حشد قوات إضافية في محاولة منه لفصل القسم الجنوبي من الغوطة الشرقية عن شمالها.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن قوات النظام «استغلت القتال بين الفصائل المسلحة، وتمكنت من السيطرة فجر اليوم (أمس) الأربعاء على عدة نقاط كانت تسيطر عليها الفصائل الإسلامية، في محيط بلدة زبدين بالغوطة الشرقية». وأشار إلى أن «تقدم النظام جاء عقب اشتباكات عنيفة بين الطرفين»، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن قوات بشار الأسد «فتحت نيران رشاشاتها الثقيلة وقناصتها على الطريق الواصل بين بلدة زاكية ومخيم خان الشيح بالغوطة الغربية، ولم ترد أنباء عن إصابات».
في هذا الوقت، أعلن الناشط الإعلامي في الغوطة الشرقية أبو بكر عقاب، أن النظام «تمكن من التقدم في مناطق مثل نولة وبالا وبعض النقاط في مزارع العصافير وزبدين وبالا». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا التقدم يأتي بعد استقدام النظام لتعزيزات، ومحاولاته منذ خمسة أشهر فصل جنوب الغوطة الشرقية عن شمالها، ساعيًا بذلك إلى السيطرة بداية على المنطقة الجنوبية التي تمتد من جنوبي دمشق وصولاً إلى حدود محافظة السويداء».
وقال عقاب إن النظام استفاد من الخلاف القائم في الغوطة الشرقية بين «جيش الإسلام» من جهة، و«فيلق الرحمن» و«جيش الفسطاس» و«فجر الأمة» من جهة ثانية، خصوصًا بعدما قطع «فيلق الرحمن» طريق إمداد «جيش الإسلام» وساهم في سقوط نقاط مهمة مثل نواة وبالا، لافتًا إلى أن قوات الأسد «تدفع الآن بتعزيزات قرب اللواء 39 في عدرة وحوش الفارة، ويحاول التقدم باتجاه بعض المناطق الزراعية».
وبينما لم تبصر المبادرة التي وقعتها فصائل الجيش الحر لإنهاء النزاع بين «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» النور حتى الآن، أوضح الناشط الإعلامي أن «جيش الإسلام وقع على المبادرة، من أجل الحفاظ على وجدة الجبهة العسكرية في الغوطة الشرقية، لكن فيلق الرحمن يتهرب من كل المبادرات ويحاول إفشالها». ولفت عقاب إلى أن «ما يحصل الآن بين فصائل المعارضة هو صراع نفوذ ومحاولات فرض رأي، خصوصا أن «جيش الإسلام» يرابط الآن على 70 في المائة من جبهات الغوطة الشرقية، التي تعدّ منطقة استراتيجية، وجبهاتها تقع في أعلى دمشق، وتطلّ مباشرة على أحياء جوبر وزملكا والقابون.
ونشب خلاف بين «جيش الإسلام» الذي يضم أكثر من سبعة آلاف مقاتل، وهو جزء من الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة السورية ويسيطر على معظم الغوطة الشرقية من جهة، وبين «فيلق الرحمن»، الذي يسيطر أيضًا على عدد من البلدات في الغوطة، ويرابط في المنطقة الأقرب إلى العاصمة دمشق ويضم نحو ألفي مقاتل، وتتحالف معه فصائل أخرى. غير أن القتال بين الطرفين بات يهدد القتال هيمنة «جيش الإسلام» على الغوطة الشرقية.
وتلقى «جيش الإسلام» الذي يشرف على الإدارة المحلية في المنطقة، ضربة قوية عندما قتل قائده زهران علوش في غارة جوية في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي. واتهم هذا الفصيل في بيان أصدره الاثنين «فيلق الرحمن» بـ«رفض مبادرة تقدم بها منسق الهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب لإنهاء سفك الدماء».
وفي سياق متصل بالصراع بين الطرفين، أوضح المرصد السوري أيضًا، أن «المعارك التي اندلعت يوم الاثنين الماضي، بين فصائل مسلحة معارضة للنظام إلى الشرق من دمشق أسفرت عن مقتل أكثر من 50 شخصًا، ما يرفع حصيلة ضحايا هذه المعارك بين هذه الفصائل منذ أواخر أبريل (نيسان) إلى أكثر من 500 قتيلاً». وانتقد مجلس محلي في الغوطة قال المرصد السوري إنه مقرب من «فيلق الرحمن» الثلاثاء جيش الإسلام لـ«عدم انسحابه من بلدة في المنطقة تنفيذا لاتفاق أبرم بين الطرفين قبل نحو أسبوع».
إلى ذلك، دارت اشتباكات عنيفة في محيط بلدة أوتايا في غوطة دمشق الشرقية، بين «جيش الإسلام»، و«جبهة النصرة»، إثر هجوم نفذته «النصرة» على مواقع لـ«جيش الإسلام»، وترافقت المعارك مع استخدام الطرفين للأسلحة الثقيلة، ما أدى إلى سقوط خسائر بشرية لدى الجانبين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».