تتواصل عمليات التلميح إلى وجود تقصير أمني في التعامل مع ملف المشتبه في تورطهم بتفجيرات باريس وبروكسل، وهو الأمر الذي تحدثت عنه وسائل الإعلام البلجيكية في أكثر من مناسبة، ورفضه وزير الداخلية جان جامبون، في تصريحات أعقبت تفجيرات مارس (آذار) الماضي. وقالت محطة التلفزة البلجيكية «آر تي بي إف» إن رجال الشرطة والاستخبارات لديهم معلومات تفيد أن صفحات صلاح عبد السلام على وسائل التواصل الاجتماعي كانت تحمل راية «داعش»، وذلك قبل ثلاثة أسابيع من تفجيرات باريس، وأفادت المحطة التلفزيونية أن مركز إدارة وتحليل الأزمات والمخاطر، اهتم بهذا الأمر وأرسل هذه المعلومة، ولكن أجهزة الشرطة والاستخبارات لم تتحرك.
وفي الوقت نفسه، كشفت المحطة أيضًا أن الشرطة في بلدية مولنبيك تلقت في يناير (كانون الثاني) من العام الماضي معلومات تفيد وجود اتصالات بين عبد السلام وشخص آخر، يدعى عبد الحميد أباعود، وذلك في أعقاب إحباط مخطط إرهابي في مدينة فرفييه البلجيكية الحدودية، وتردد وقتها أن أباعود هو العقل المدبر لهذا المخطط الذي كان يستهدف رجال ومراكز الشرطة البلجيكية.
وفي يونيو (حزيران) الماضي، فتح عبد السلام صفحة على «فيسبوك» باسم يحمل معاني القتال والحرب، وجرى فتح تحقيق حول هذا الأمر، ولكن سرعان ما أغلق التحقيق.
وفيما يتواصل عمل لجنة التحقيق البرلمانية في بلجيكا، المكلفة بالكشف عن وجود أي تقصير أدى إلى وقوع تفجيرات بروكسل في مارس الماضي، كشفت تقارير إعلامية محلية وجود خلافات داخل جهاز الشرطة أدت إلى عرقلة وصول معلومات هامة حول مكان اختباء صلاح عبد السلام الذي يشتبه في علاقته بتفجيرات باريس، وكان برفقته محمد عبريني الذي شارك في تنفيذ تفجيرات مطار بروكسل.
ويتواصل عمل لجنة التحقيق البرلمانية حول تفجيرات بروكسل، التي وقعت مارس الماضي، بالاستماع إلى أقوال كثير من المسؤولين الحكوميين، وفي منظمات الإغاثة والإنقاذ وغيرهم، وذلك بغرض الكشف عن وجود أي عمليات تقصير من أي جهة، مما أدى إلى وقوع التفجيرات التي أودت بحياة 32 شخصا، وإصابة 300 آخرين، يأتي ذلك فيما ذكرت الصحيفة الأسبوعية البلجيكية «كناك»، على موقعها الإلكتروني، أن رئيس هيئة الشرطة ايفس بوغارتس لم يأخذ على محمل الجد المعلومات التي قد تكون بالغة الأهمية بشأن محيط صلاح عبد السلام، الذي كان أبرز المطلوبين الأمنيين، وهي التي كانت تتوفر عليها شرطة مالين - ويليبروك،، لأنه كان في صراع مع المفتش الذي كان قد جمع هذه المعلومات الموثوقة، ووفقا للمصدر نفسه لم يكن بوغارتس يعجبه أن لا يكشف المفتش دائما عن مصدر معلوماته. وكان الأخير قد أخذ إجازة مرضية منذ عام بسبب هذا الصراع، ولكنه لا يزال ينقل - كخبير في التطرف - معلومات إلى زملائه بين الحين والآخر.
واستنادا إلى معلومات وثيقة، بعث في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) تقرير معلومات بشأن عابد أبركان، الذي يقيم في العنوان الذي تم اعتقال صلاح عبد السلام فيه يوم 18 مارس. وتقوم اللجنة البرلمانية المكلفة بمراقبة عمل الأجهزة الأمنية، في الوقت الراهن، بالتحقيق لفهم لماذا لم يتم إدخال تقرير المعلومات هذا فورا إلى قاعدة البيانات العامة التابعة للشرطة. وفي نهاية مارس، كان عمدة مالين بارت سومرز قد أعلن عن دعمه لرئيس الجهاز، الذي أكد أنه لم يتوصل بأي معلومات بالغة الأهمية.
يذكر أن صلاح جرى اعتقاله منتصف مارس الماضي، وقامت بلجيكا أخيرا بتسليمه إلى السلطات الفرنسية لمحاكمته على خلفية تفجيرات باريس التي وقعت في نوفمبر الماضي. وكان من المأمول لدى البعض من المراقبين هنا في بروكسل أن يظهر عبد السلام تعاونه من خلال الإدلاء باعترافات تتعلق بالأماكن التي اختبأ فيها والأشخاص الذين ساعدوه وسفرياته إلى خارج بلجيكا، ومن تعاون معه في إحضار أشخاص من دول أوروبية، ومنهم من شارك في هجمات في بروكسل وفي باريس.
وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، ولم تحصل السلطات على أي معلومات جديدة، ووفقا لأحد المحللين البلجيكيين - رفض ذكر اسمه - في تصريحات «للشرق الأوسط»: «سيكون من الصعب إعداد ملف كامل بأدلة قوية تدين عبد السلام وآخرين، خلال جلسات المحاكمة التي يتوقف تحديد موعدها على سير التحقيقات، وذلك من منطلق أن عبد السلام متمسك بأقواله بأنه عدل عن رأيه في آخر لحظة، ولم يفجر نفسه، وبالتالي لم يشارك في قتل الآخرين».
وعند وصول صلاح إلى فرنسا، أواخر أبريل (نيسان) الماضي، قوبل بعاصفة من الاستهجان والصفير من جانب عدد من السجناء المتشددين، وذلك بسبب فشله في تنفيذ المهمة التي أوكلت إليه في تفجيرات باريس.
صفحة عبد السلام على مواقع التواصل كانت تحمل راية «داعش» قبل تفجيرات باريس
اتهامات جديدة للأمن البلجيكي بالتقصير
صفحة عبد السلام على مواقع التواصل كانت تحمل راية «داعش» قبل تفجيرات باريس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة