تنمّ فكرة إطلاق مجالس تنسيقية بين السعودية وعدد من الدول العربية والإسلامية عن دبلوماسية عصرية تتخذها الرياض، وعن توسع الرؤية السياسية والقدرة على صنع التكامل الاقتصادي، حيث تعد من الأفكار المبتكرة التي تحمل آلية فاعلة للتحرك، وتعزز العلاقات بين المملكة والدول في أكثر من مجال.
وتنعكس فوائدها إيجابا على مجمل العمل المشترك، وتساهم في بلورة المواقف المشتركة تجاه كثير من القضايا الملحة والمهمة في المنطقة، فضلا عن القضايا المشتركة، حيث تستمد قوتها من الإرادة السياسية التي توفرت لدى طرفي هذا المجلس أو ذاك، كما تعد آلية فعالة لحل العقبات الاقتصادية والاستثمارية التي تواجه الطرفين. وانطلقت حتى الآن، أربعة مجالس تنسيقية، منها المجلس التنسيقي السعودي - المصري، والمجلس التنسيقي السعودي - الأردني، والمجلس التنسيقي السعودي - التركي، ومؤخرا المجلس التنسيقي السعودي - الإماراتي، حيث يعوّل عليها كثير في خلق شكل من أشكال التكامل الاقتصادي والاستثماري والسياسي، فضلا عن دورها في التنسيق والتشاور لرسم الرؤى السياسية المشتركة وبلورة المواقف المطلوبة تجاه أي قضية سياسية أو دبلوماسية تهم طرفي المجلس.
وشهد، أمس الاثنين، في العاصمة السعودية الرياض، إطلاق المجلس التنسيقي السعودي - الإماراتي، في خطوة تحسب لصالح العمل الخليجي المشترك، في ظل ما تشهده المنطقة من متغيرات على مختلف الأصعدة، حيث يهدف المجلس إلى تنمية وتعميق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين في المجالات كافة، وسيعزز التشاور والتنسيق السياسي في القضايا الثنائية والإقليمية والدولية، فضلا عن تعزيز التعاون القائم بين البلدين في مختلف المجالات، بما يحقق تطلعات القيادتين والشعبين، وسيعقد المجلس اجتماعاته بشكل دوري بالتناوب بين البلدين، وفقًا لما هو محدد في محضر إنشاء المجلس.
وفي هذا السياق، قال جمال الشمايلة، سفير الأردن لدى السعودية، إن العلاقات السعودية - الأردنية في الأصل علاقة أخوية حميمة يجمعها أكثر من رابط، وهي روابط قربى الدم والجغرافيا والدين والعروبة والمصالح والمصير المشترك، غير أن إطلاق مجلس تنسيقي سعودي - أردني يعد مرحلة جديدة من العلاقات، مؤكدا أن هذا المجلس سيرتقي بالعلاقات الثنائية إلى أعلى مستوى من التعاون الثنائي الاستراتيجي على أكثر من صعيد.
وأكد الشمايلة، أن المجلس التنسيقي السعودي - الأردني هو ميلاد شرعي للإرادة السياسية لزعيمي البلدين، لتأكيد ضرورة المضي قدما في تعزيز العلاقات الثنائية وتعميقها بشكل أكثر، وحماية المصالح المشتركة في ظل المتغيرات السياسية والاقتصادية التي انتظمت في سائر أنحاء العالم، مثيرا إلى أن المجلس سيعضد علاقة البلدين أكثر، وسيزيد من قدرتهما على تجاوز التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية كافة.
ويعوّل السفير الأردني كثيرا على المجلس التنسيقي السعودي - الأردني، في تعظيم الحراك بين البلدين في مجالات التعاون المختلفة، كونه يمثل لجنة حكومية مشتركة، يرأسها من الجانبين مسؤولون على قدر كبير من المعرفة والوطنية والمنزلة الرفيعة، مشيرا إلى أن ثماره سيجنيها شعبا البلدين أمنا ورخاء وسلاما، بعد حصاد نتائج ما يفرزه من اتفاقيات استراتيجية مهمة، تخدم ليس فقط الشعبين، بل ينعكس خيرها على شعوب دول المنطقة العربية والإسلامية كافة.
بينما قال مازن رجب، رئيس مجلس الأعمال السعودي - التركي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الرياض، أطلقت مؤخرا، المجلس التنسيقي - السعودي - التركي، الذي سبقه إنشاء المجلس الاستراتيجي الأعلى، برؤية وبروح جديدين، ستعزز التعاون بين البلدين على مختلف الأصعدة، الاقتصادية والسياسية، لأنه جهة حكومية مكونة من لجنة حكومية مشتركة، ترسم وتخطط لكيفية تحقيق تعاون مشترك بشكل أكثر فعالية».
وتوقع رجب، أن يثمر المجلس التنسيقي السعودي - التركي عن حراك كبير اقتصاديا وسياسيا، يعزز سابقه، من حيث التعاون الاستراتيجي المشترك على مختلف الأصعدة في مستقبل الأيام، منوها بأن هناك أملا كبيرا في أن يسهّل هذا المجلس كثيرا من الإجراءات المعقدة التي كانت تصاحب إطلاق مشروع استثماري معين أو حركة التجارة في مجال ما بين البلدين.
يذكر أن السعودية وقعت خلال فترة وجيزة، على أربعة مجالس تنسيقية على فترات مختلفة، لكنها متقاربة، مع كل من مصر الأردن وتركيا، وتمت مراسم التوقيع عليها في العاصمة السعودية الرياض، بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والملك عبد الله الثاني ملك الأردن، والرئيس رجب طيب إردوغان، على التوالي، فيما وقع على محضر المجلس التنسيقي السعودي - الإماراتي، أمس (الاثنين)، في الرياض.
المجالس التنسيقية السعودية مع الدول الصديقة.. دبلوماسية عصرية
التشاور السياسي في القضايا الثنائية والإقليمية والدولية يفعل التحرك الدبلوماسي ويسرع اتخاذ القرار * آلية فعالة لحل العقبات الاقتصادية والاستثمارية التي تواجه الطرفين
المجالس التنسيقية السعودية مع الدول الصديقة.. دبلوماسية عصرية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة