مصممو الألعاب يشجعون الإبداع الجماهيري لتعديل تفاصيلها

عشاق لعبة «إكس كوم2» يطيلون عمرها الزمني

مصممو الألعاب يشجعون الإبداع الجماهيري لتعديل تفاصيلها
TT

مصممو الألعاب يشجعون الإبداع الجماهيري لتعديل تفاصيلها

مصممو الألعاب يشجعون الإبداع الجماهيري لتعديل تفاصيلها

أقدم فريق التصميم وراء لعبة «إكس كوم2» XCOM 2 الخاصة بتكتيكات الحرب، مؤخرًا على أمر أثار دهشة الكثيرين، فعندما لاحظ المصممون بقيادة المخرج المبدع جيك سولومون أن جماهير اللعبة يعمدون إلى إدخال تغييرات خاصة بهم على الأجزاء الصادرة عن اللعبة، قرر الفريق احتضان هذا التوجه الجديد وإعادة كتابة شفرة اللعبة من الأسفل إلى الأعلى لتشجيع هذا التوجه.

تعديل الألعاب

وتعد هذه المرة الأولى التي تقدم الشركة البالغ عمرها 22 عامًا على مثل هذا الإجراء. وبالفعل، استجاب أكثر من ألف من عاشقي اللعبة لهذه البادرة المشجعة، ونشروا التعديلات التي أدخلوها على اللعبة، والتي تنوعت بين إعادة تصميم كامل يبدل العلاقات بين شخصيات اللعبة وتغيير آخر حظي بشعبية كبيرة يمكنك من تحويل سلاحك إلى كلب من سلالة «كورغي». بطبيعة الحال، ليست هذه المرة الأولى التي تطرح فيها ألعاب تدعم هذه النشاطات، والتي يطلق عليها «التعديل modding»، وهي كلمة محورة عن modifying، لكن سولومون ينظر إلى الأمر باعتباره سبيلاً لإطالة عمر اللعبة التي أشرف على تصميمها وبناء علاقات أفضل مع عاشقيها. وعن هذا، قال: «شكلت مسألة التعديل جسر تواصل بين المطور والجمهور، حيث يبقي اللعبة حية ويمنح الجماهير أمرًا للحديث عنه»، بينما يقضي المطورون وقتهم في ابتكار محتوى رسمي جديد للعبة.

مشكلات التعديل

ومع ذلك، لا تلقى التعديلات دومًا استجابة طيبة، فقد طلبت «تيك تو إنتر أكتيف»، الشركة الناشرة لـ«إكس كوم 2»، من مجموعة من المطورين المستقلين التوقف عن العمل على تعديل يسمح بمشاركة عدة لاعبين للعبة «غراند ثيفت أوتو في»، مبررة ذلك بأنه سيسهل أعمال القرصنة. كما تعرضت تعديلات أخرى للإزالة، خاصة في الألعاب التي تسمح بمشاركة أكثر من لاعب، لأنها تمكن بعض اللاعبين من الغش. إلا أنه بصورة مجملة، تلقى التعديلات قبولاً من جانب الشركات واللاعبين على حد سواء.
وحتى قبل أن تصيغ «فيراكسيس» ألعابها على نحو يجعلها تسمح بإدخال تعديلات، نجح اللاعبون في إيجاد سبل لتعديل اللعبة بدرجة كبيرة.
من بين التعديلات التي اكتسبت شهرة خاصة ما عرف باسم «الحرب الطويلة»، التي نجحت في إطالة أمد وتعديل وإعادة التوازن بكل من «إكس كوم: العدو المجهول» و«إكس كوم: العدو بالداخل».
والملاحظ أن التعديل أضفى على اللعبة شعورًا مختلفًا، وجعلها أكثر تركيزًا على جمهور أقل عددًا، على نحو ربما لا يكون بوسع النسخة التجارية تحقيقه. وفي تصريحات صحافية، قال سولومون: «لا أدري حتى اللحظة كيف تمكنوا من تحقيق ذلك. لقد دخلوا إلى اللعبة وأعادوا كتابة جزء كبير من الشفرة وحققوا أمرًا استمتعت به نسبة محدودة، لكن ليست بالقليلة، من الجمهور».
وبدلاً من النظر على التعديلات باعتبارها نقدًا لعمل فريقه، يرى سولومون هذه التعديلات دليل إعجاب من جانب أكثر المعجبين عشقًا للعبة.
وقال: «الأمر لا يتعلق بشخصيتي كمصمم، فعلى كل حال يجب أن يتولى شخص ما القيام ببعض العمل مجانًا. ولا بد وأن هؤلاء الأشخاص يشعرون بعشق كبير حيال اللعبة كي يقوموا بهذا الأمر، سواء كانوا يضيفون أمرًا صغيرًا أو أمر شديد الإبهار»، وأشار إلى أنه وفريق العمل المعاون له تناقشوا بالفعل حول ما إذا كان من الحكمة طرح كل عملوا عليه - من شفرة وأصول فنية وأصوات.. إلخ - أمام تدخلات الجمهور، فإنهم قرروا في نهاية الأمر أن إيجابيات ذلك تفوق أي جوانب سلبية قد تظهر.

إبداع جماهيري

وأعرب سولومون عن اعتقاده بأنه «عندما يتعلق الأمر بالتعديلات، فإن القضية لا تتعلق كثيرًا بالملكية، وإنما تتمثل النقطة الرئيسة في تحول المنتج من لعبة إلى مسرح للإبداع الجماهيري».
وأضاف أن لديه ثقة كافية في فريق العمل المعاون له وثقته في أن اللعبة التي يطرحونها قادرة على الصمود في مواجهة أية تعديلات يمكن أن تتفتق عنها أذهان الجماهير.
وقال: «في الواقع، هذا الأمر يشكل قوة دفع لنا كشركة. إن الناس يقدمون إبداعات مذهلة، ونظرًا لتوافر أكثر من ألف نسخة لما بعد الإصدار مجانًا، يجب أن تجد سبيلاً لإضافة قيمة كمطور يعجز عنها أصحاب التعديلات».
وفي الوقت الذي قال سولومون إنه لن يقدم قط على الاستعانة بفكرة من التعديلات، فإنه يحرص على متابعة التعديلات لرصد المؤشرات الكبرى حول ما قد ترغب الجماهير في معاينته في اللعبة القادمة، أو ما قد لا يحقق نجاحًا كبيرًا في النسخة الحالية. وقال: «عند هذه النقطة، نعمل بدور أشبه بدور القيم، لأنه سيكون من الحمق بالفعل اتخاذ مثل هذه القرارات من دون التفكير فيما يقدره اللاعبون».
وأكد سولومون أنه يشعر بالسعادة حيال فكرة أن اللاعبين قادرين على تعديل اللعبة ووضع بصمتهم المميزة عليها، مضيفًا أنه في المقابل فإن معينه من الأفكار لن ينضب. وقال: «لدي نحو 400 فكرة لألعاب أود تنفيذها. لذا، فإن تعامل الأفراد مع اللعبة كمسرح للإبداع، يبدو أمرًا مثيرًا حقًا بالنسبة لي».

* خدمة: «واشنطن بوست»



الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».