نتنياهو غاضب من فرنسا ويشكّك بـ«حيادها» إزاء مبادرة السلام

بسبب دعم باريس قرار «اليونيسكو» الذي لا يعترف بعلاقة اليهود بجبل الهيكل

نتنياهو غاضب من فرنسا ويشكّك بـ«حيادها» إزاء مبادرة السلام
TT

نتنياهو غاضب من فرنسا ويشكّك بـ«حيادها» إزاء مبادرة السلام

نتنياهو غاضب من فرنسا ويشكّك بـ«حيادها» إزاء مبادرة السلام

شكك رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد لقائه وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت، اليوم (الاحد)، في "حياد" فرنسا ازاء مبادرة السلام مع الفلسطينيين اثر تصويت باريس أخيرًا، على قرار لمنظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو).
وقال نتانياهو في مستهل الاجتماع الاسبوعي لحكومته "قلت لـ(وزير الخارجية الفرنسي) إنّ القرار الفاضح الذي اعتُمد في اليونيسكو بدعم من فرنسا، والذي لا يعترف بعلاقة الشعب اليهودي بجبل الهيكل الممتدة لآلاف السنين، يلقي بظلاله على حياد فرنسا في المؤتمر الذي تحاول عقده"؛ في اشارة إلى تصويت فرنسا على قرار اليونيسكو في ابريل (نيسان) الماضي.
وكان ايرولت التقى صباح اليوم، نتنياهو لبحث المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي للسلام مع الفلسطينيين.
وكررت الحكومة الاسرائيلية معارضتها للمؤتمر الدولي. فيما أكّد نتنياهو مرة اخرى لايرولت أنّ "الطريقة الوحيدة لدفع السلام الحقيقي بيننا وبين الفلسطينيين هي التفاوض المباشر بيننا وبينهم دون شروط مسبقة".
واسرائيل غاضبة ازاء تبني "اليونيسكو" الشهر الماضي قرارا "يدين بشدة الاعتداءات الإسرائيلية والتدابير غير القانونية التي تتخذها إسرائيل التي تحد من حرية العبادة التي يتمتع بها المسلمون ومن إمكانية وصولهم إلى الموقع الإسلامي المقدس (المسجد الأقصى) و(الحرم الشريف)".
وأثار هذا النص غضب إسرائيل، وندد نتنياهو بالقرار الذي قال عنه انه "يتجاهل العلاقة التاريخية الفريدة بين اليهودية وجبل الهيكل"، حسب قوله. فيما لم يستخدم النص تسمية "جبل الهيكل" التي يطلقها اليهود على باحة المسجد الأقصى، ثالث الأماكن المقدسة لدى المسلمين.
من جانبها، أكّدت مصادر فرنسية ترافق ايرولت أنّ وزير الخارجية سعى خلال لقائه نتنياهو إلى "تبديد سوء التفاهم".
ونقلت المصادر عن ايرولت قوله لنتنياهو إنّ "الصياغات المؤسفة والمهينة التي كان بالامكان تفاديها أدّت إلى سوء تفاهم. فرنسا تأسف لذلك". وتابعت ان ايرولت أكّد أنّ "موقف فرنسا بشأن القدس لم يتغير، القدس مدينة رئيسية للديانات السماوية الثلاث. وهي للمؤمنين كافة من يهود ومسيحيين ومسلمين".
وتوجه ايرولت بعد لقائه نتنياهو في القدس، إلى رام الله للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بعد أشهر من العمل التحضيري المتكتم وقبل اسبوعين من اجتماع وزاري دولي حول المبادرة.
من جهته، أكد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي للصحافيين "نتمنى لفرنسا ولجهودها أن تتكلل بالنجاح لأنّ الجهود الفرنسية هي الجهود الوحيدة الموجودة الآن على الارض والتي يمكن أن تعطي للعملية السياسية بعدا مهما في هذه المرحلة".
وخلال لقائه ايرولت، أكّد عباس دعمه ودعم منظمة التحرير الفلسطينية للدعوة الفرنسية.
وقال صائب عريقات أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية الذي حضر الاجتماع، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنّ عباس "اكد دعمه الكامل ودعم منظمة التحرير الفلسطينية للجهود الفرنسية للدعوة لمؤتمر دولي استشاري في فرنسا للتحضير لمؤتمر دولي للسلام لحل القضية الفلسطينية".
وسيعقد المؤتمر الدولي قبل نهاية السنة.
وتستضيف فرنسا في 30 مايو (أيار)، اجتماعا وزاريًا لتحديد اساسيات المؤتمر الدولي بحضور 20 بلدًا إلى جانب الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة؛ لكن من دون الاسرائيليين والفلسطينيين حتى لا يحكم على الجهود بالفشل مسبقا.
ويعلم ايرولت ان بوسعه الاعتماد على دعم الجانب الفلسطيني، بينما تعارض اسرائيل بشدة المبادرة الفرنسية لأنّها تريد استئنافا فوريا للمفاوضات الثنائية من دون شروط مسبقة.
وانهارت محادثات السلام التي تدعمها الولايات المتحدة بين الفلسطينيين واسرائيل في ابريل (نيسان) 2014، بعد تسعة أشهر من انطلاقها وتبادل الطرفان الاتهامات بإفشالها.
وبالاضافة إلى جدالهما بشأن "اليونيسكو"، نقلت مصادر مرافقة لايرولت قوله لنتنياهو، إنّ فرنسا لا تسعى ابدا إلى "الاستباق او التحايل على المفاوضات المباشرة بين الطرفين، وهي الطريقة الوحيدة لحل الصراع".
وحسب المصادر، فان ايرولت اكد لرئيس الوزراء الاسرائيلي ان "المشكلة تكمن في عدم وجود مفاوضات حاليا".
وبينما احيى الاسرائيليون الذكرى الثامنة والستين لاعلان دولتهم، يحيي الفلسطينيون ذكرى "النكبة" يوم زيارة آيرولت؛ لكن الآفاق لم تكن قاتمة كما هي اليوم الا نادرا.
وقال عباس في كلمة بثها التلفزيون الرسمي في ذكرى النكبة "حذرنا مرارًا وتكرارًا ... من أنّنا إزاء التجاهل لقضيتنا الوطنية وما يتعرض له شعبنا على أرضه وفي مخيمات الشتات سنسعى إلى تدويل قضيتنا وإعادتها إلى الأمم المتحدة". وتابع قائلا "نتطلع إلى عقد اجتماع مجموعة الدعم الدولية الذي لبت الدعوة إليه حتى الآن أكثر من 20 دولة بما فيها الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن ودول عربية وأوروبية وغيرها".
وينتظر الفلسطينيون الخاضعون للاحتلال، دولتهم، بينما تشعر الأسرة الدولية بالقلق حيال إعلان محتمل لموت "حل الدولتين".



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.