السراج لـ«الشرق الأوسط»: المناطق الحدودية مع تونس جسر للشراكة.. ولن ينتصر فيها الإرهابيون

رئيس مجلس الرئاسة الليبي قال إن دول الجوار تدعم بلاده حتى ينتشر الأمن

فايز السراج
فايز السراج
TT

السراج لـ«الشرق الأوسط»: المناطق الحدودية مع تونس جسر للشراكة.. ولن ينتصر فيها الإرهابيون

فايز السراج
فايز السراج

قلل رئيس مجلس الرئاسة الليبي فايز السراج في حديث لـ«الشرق الأوسط»، على هامش زيارة عمل دامت يومين إلى تونس، من «المخاطر الأمنية والسياسية التي تمثلها الجماعات الإرهابية مثل (داعش) على كل من تونس وليبيا». وعدّ الرئيس الليبي المؤقت الجديد، أن «مسار استكمال سيادة الدولة الليبية سيرى النور قريبا بفضل الدعم الذي تقدمه تونس والجزائر، وبقية دول الجوار الليبي، من خلال اتفاق الصخيرات، الذي رعته الأمم المتحدة في المغرب». ونوه السراج بنتائج محادثاته السياسية في تونس مع الرسميين التونسيين، وبينهم الرئيس الباجي قائد السبسي، ومع زعماء القبائل والأطراف السياسية الليبية التي كانت تعارض اتفاقية الصخيرات والمسار السياسي الدولي في ليبيا بقيادة الموفد الأممي الألماني مارتن كوبلر.
* زرتم تونس بعد زيارة مميزة إلى القاهرة، وحصلتم على دعم معنوي وسياسي غير مسبوق عربيا لمجلس الرئاسة وحكومة التوافق، فهل تثقون في قدرة المسار السياسي الحالي على الرد على المخاطر الأمنية التي تواجه كامل المنطقة، وبخاصة ليبيا وتونس، وبينها تهديدات «داعش» بإقامة «إمارات إسلامية جديدة في المغرب الكبير»؟
- نحن الليبيين نشعر بالاعتزاز بدول الجوار، ودعمها خاصة؛ ففي تونس التي نشعر فيها فعلا بأننا في بلدنا.. ونعتز بوقوف تونس رئيسا وحكومة وشعبا معنا، رغم الأزمات التي تمر بها المنطقة، ومن بينها الأزمات الناجمة عن الإرهاب والتهديدات لأمن مجتمعاتها وساستها ولاستقرار دولنا ووحدتها الترابية. أعتقد أن التنسيق الأمني والسياسي بين تونس وليبيا من جهة، وبيننا وبين دول الجوار من جهة ثانية مهم جدا، ونحن مرتاحون كثيرا لبرامج التنسيق الأمني السياسي، وبخاصة مع تونس والجزائر ومصر ودول جوارنا بهدف الانتصار على التهديدات الأمنية، والمضي في بسط نفوذ حكومة التوافق في كامل البلاد، وتحقيق مطالب الشعب الليبي الملحة، وهي الأمن والتنمية والمصالحة الوطنية. لا أعتقد أن الإرهاب يمكن أن ينتصر في ليبيا وتونس وكل دول المنطقة، وإن نجح الإرهابيون في تنظيم عمليات إرهابية.
وقد كان فشل الإرهابيين الفارين من ليبيا في عملية بن قردان على الحدود التونسية الليبية دليلا كبيرا على قدرة قوات الأمن والجيش والمجتمع على أن يجعلوا من الحدود والمناطق الحدودية جسرا للتنمية والبناء، وليس وكرا للعنف والإرهاب و «الإمارات الداعشية». وقد سعدت بنتائج محادثاتي في القاهرة، وبخاصة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي والأخ أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي. كما سعدت بنتائج محادثاتي مع المسؤولين التونسيين وعلى رأسهم سيادة رئيس الجمهورية الأستاذ الباجي قائد السبسي. وأكدت تلك المحادثات الصبغة «الاستراتيجية» للتعاون الليبي التونسي، والليبي المصري، والليبي العربي.
* جئتم إلى تونس أساسا للقاء معارضين ليبيين لمسار الصخيرات ولتشكيلة حكومة التوافق ومجلس الرئاسة الذي تتولون رئاسته.. فما الجديد؟
- الحوار الليبي - الليبي يتقدم بخطى ثابتة منذ مدة داخل ليبيا وفي الشقيقة تونس وفي دول الجوار وبعض الدول الشقيقة والصديقة. ونحن نعلم أن بعض المسارات قد تطول. لكن الأهم هو تقدم الحوار السياسي على حساب الصراعات ذات الصبغة الأمنية والعسكرية. والعالم اعترف اليوم بشرعية حكومة التوافق الوطني وبمجلس الرئاسة الليبي. ميدانيا تسلمنا في طرابلس وخارجها مقرات عدد كبير من الوزارات والمؤسسات الرسمية الوطنية السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية. والمسار سيتواصل. والحمد لله أننا عدنا من ميناء صفاقس التونسي إلى ميناء طرابلس على متن باخرة عسكرية ليبية نعتز بها، وحللنا بموطننا وباشرنا مهامنا دون إراقة قطرة دم واحدة. ونحن نسعى إلى استكمال التوافق بين الشرق والغرب وكل مكونات ليبيا ورموزها ومرجعياتها عبر حوارات صريحة نجري بعضها في تونس. أعتز بالحوار مع الأشقاء الليبيين الذين جاءوا من جهات مختلفة من ليبيا لنتحاور في تونس ضمن جهودنا للتواصل مع كل السياسيين والشخصيات الوطنية الليبية. أنا أثق في كون الغالبية الساحقة من ساسة ليبيا وقياداتها، سواء كانوا من شرق ليبيا أو من غربها، من شمالها أو من جنوبها سيختارون التسوية السياسية وصرف الطاقات لإعادة بناء الدولة والوطن بعيدا عن كل أشكال التنافر والقطيعة القديمة.
* هل ستشمل المصالحة الوطنية رموز «النظام السابق» ومرجعيات «القبائل» الليبية وقيادات العشائر والقوى السياسية التي تعترض على بعض بنود الاتفاق الأممي الذي أبرم في «الصخيرات» المغربية؟
- تحاورت مع ممثلي كل الأطراف الليبية، ونرفض الإقصاء مهما كانت مبرراته؛ لأن من أبرز أهدافنا المحافظة على وحدة ليبيا ورفض التدخل الأجنبي. لقد تفاوضت في ليبيا وتونس وفي دول شقيقة أخرى مع ممثلي الشرق والغرب دون إقصاءات.. ومن بينها رؤساء القبائل الليبية وممثلو المدن والبلديات. المصالحة الوطنية ركن أساسي من برنامجنا السياسي ومشروعنا الوطني ضمن «مثلث» بشمل الأمن والتنمية أيضا. وأثق في كون أصحاب النوايا الصادقة سينتصرون في طرابلس، وطبرق، وبنغازي، ومصراطة، وبقية المدن الليبية، مهما كانت حدة بعض الخلافات التي ينبغي أن تكون عابرة.
* لكن كثيرا من الليبيين، وبينهم مئات الآلاف من اللاجئين المستقرين في تونس وبعض الدول العربية الشقيقة، لا يزالون يتخوفون من تعقيدات الوضع الأمني في بعض المناطق الليبية، وبخاصة في المشرق وسط تخوفات من صراعات مسلحة؟
- أعتقد أن الأوضاع الأمنية والسياسية في ليبيا تحسنت منذ انتقال مجلس الرئاسة من تونس إلى ليبيا وبدء توافد وزراء الخارجية والوفود الدولية علينا، وكان بينهم وفد تونسي برئاسة رئيس الحكومة الحبيب الصيد ووزير الخارجية خميس الجهيناوي. وسيتزايد الدعم الشعبي والوطني مع تقدم إنجازنا للمسارات الثلاثة التي تعهدنا بها والتزم العالم بدعمنا فيها، أي تحقيق 3 أولويات واضحة: الأمن والاقتصاد والمصالحة الوطنية.
لقينا ترحيبا كبيرا بنا في ليبيا من قبل شعبنا ونوابه الذين زارونا، وأعربوا علنا عن دعمه لخيار طي صفحة الماضي، وانطلاق مرحلة إعادة البناء بمشاركة كل الطاقات الوطنية وفي مناخ سياسي جديد لا يقصي أي طرف سياسي وطني.
* أجريتم في تونس محادثات جديدة مع وفد الأمم المتحدة الخاص بليبيا برئاسة مارتن كوبلر ونائبه السفير علي الزعتري، هل تعتقدون أن الأوضاع على الأرض في ليبيا ستتطور في اتجاه التسوية السلمية للنزاعات، وأن الرهان السياسي سينتصر رغم التصعيد العسكري والأمني في مدن عدة، وبخاصة في شرق ليبيا؟
- مسار التسوية السياسية هو السبيل الوحيد لإخراج ليبيا نهائيا من أزمتها. المجتمع الدولي والأمم المتحدة وحكومات دول الجوار العربية والأفريقية والإسلامية معنا في هذا المسار. ونحن نتعاون مع موفد الأمين العام للأمم المتحدة مارتن كوبلر ومع البعثة الأممية من أجل إنجاحه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».