تعثر عمل اللجنة الأمنية والعسكرية وتكرار الألفاظ النابية و«العنصرية» من وفد الانقلابيين

وفد الحكومة في مشاورات الكويت يشدد على التطبيق الكامل للقرار «2216»

جانب من فعاليات مشاورات السلام اليمنية التي احتضنتها دولة الكويت برعاية الأمم المتحدة (أ.ف.ب)
جانب من فعاليات مشاورات السلام اليمنية التي احتضنتها دولة الكويت برعاية الأمم المتحدة (أ.ف.ب)
TT

تعثر عمل اللجنة الأمنية والعسكرية وتكرار الألفاظ النابية و«العنصرية» من وفد الانقلابيين

جانب من فعاليات مشاورات السلام اليمنية التي احتضنتها دولة الكويت برعاية الأمم المتحدة (أ.ف.ب)
جانب من فعاليات مشاورات السلام اليمنية التي احتضنتها دولة الكويت برعاية الأمم المتحدة (أ.ف.ب)

وسط خروقات متواصلة لهدنة وقف إطلاق النار منذ ما يزيد على الشهر، تستمر مشاورات السلام اليمنية – اليمنية في دولة الكويت برعاية الأمم المتحدة، دون أن تحقق أي تقدم على صعيد عمل اللجان التي شكلها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الأسبوع الماضي، في ظل إصرار وتعنت وفد الانقلابيين على ربط الأمني والعسكري، المتعلق بالانسحاب وتسليم الأسلحة، بالمسار السياسي، حيث انفض اجتماع اللجنة، ظهر أمس، دون التوصل إلى نتائج تذكر.
وقالت مصادر مطلعة في المشاورات لـ«الشرق الأوسط» إنه تم التوصل إلى اتفاق مع وفد الانقلابيين بتأجيل النقاش حول تشكيل حكومة وحدة وطنية، وهو المطلب الذي يتمسك الانقلابيون به ويصرون عليه منذ انطلاق المشاورات، غير أن المصادر ذاتها لم تستبعد أن «يتراجع الانقلابيون في أية لحظة عن أي من الاتفاقات والتفاهمات». وذكرت المصادر أن وفد الحكومة اليمنية طالب بتثبيت الإطار العام للنقاشات، وأنه تقدم برؤية تفسيرية للرؤية السياسية الخاصة باستعادة الدولة، التي سبق أن تقدم بها. وتشير الرؤية التفسيرية، التي استعرضت خلال اجتماع اللجنة السياسية الخاصة باستعادة الدولة والتحضير لاستئناف الحوار السياسي، أمس، إلى أن «الرؤية المقدمة بشأن استعادة مؤسسات الدولة مجرد مبادئ عامة ستتبعها خطط تفصيلية بعد أن يتم الانسحاب وتسليم السلاح». كما شددت على مجموعة من الحقائق، من أبرزها أن «حيثيات وأسباب القرار (2216) الذي جاء تحت الفصل السابع، والجهة المعنية بتنفيذ القرار، وعلاقتها بسلطة الدولة وعلاقة القرار (2216) ببقية القرارات ذات الصلة، مؤكدة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار كمرجعيات لشرعيات السلطة وعملية الانتقال السياسي». وركزت الورقة على «قضية استعادة مؤسسات الدولة، وتحليل عناصر القرار وبقية قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والتفريق بين المطالب ذات الطابع الإلزامي، والتوصيات والمطالب العامة الموزعة في القرارات».
وأشار أعضاء وفد الحكومة اليمنية في الورقة (الرؤية التفسيرية) إلى أن «جوهر ومحتوى القرار (2216)، وصدوره تحت الفصل السابع، يضعه في مرتبة أعلى بالنسبة للقرارات الأخرى، الذي جاء متضمنا قضايا؛ أهمها دعم شرعية الرئيس وحكومته، ورفض كل الإجراءات التي قام بها الانقلابيون، والتأكيد على مشروعية تدخل دول التحالف العربي، وتجديد الموقف الدولي تجاه اليمن ووحدته، وإقرار مطالب وتدابير ملزمة على الحوثيين وحلفائهم. كما ضم أسماء جديدة لقائمة المشمولين بالعقوبات، كما أقر بأن الحالة في اليمن أصبحت تشكل تهديدا للسلم والأمن الإقليميين، وألزم الحوثيين بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني».
وجرى التشديد في الورقة على أن الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح ونجله العميد أحمد علي عبد الله صالح يعدان ضالعين «في أعمال تهدد الأمن والسلام في اليمن»، وذلك من «منطلق وحدة وتكامل القرار (2216)، وما نصت عليه فقراته»، وبالتالي يتحملان «المسؤولية والشراكة في تيسير التوسع العسكري للحوثيين»، كما شددت الورقة (الرؤية) على «المركز القانوني للحكومة باعتبارها صاحبة الحق في الشرعية»، واستعرضت «فقرات القرار الأممي التي تلزم الحوثيين بسحب قواتهم من المؤسسات الحكومية، وفك سيطرتهم على المؤسسات، وهي عملية تراتبية هدفها العودة بالأمور إلى طبيعتها قبل الشروع في الخطوات الأخرى».
وعلق مصدر في المشاورات لـ«الشرق الأوسط» على النقاشات الحالية، وقال إن «مستوى النقاش ما زال في النقاط الدنيا والبحث عن مبادئ عامة، والشيطان، كما هي العادة، يكمن في التفاصيل، وهي كثيرة»، وأضاف: «بشكل عام، النقاش ما زال في البدايات، وهناك خلط واضح بين المعتقلين والمخطوفين، وبين أسرى الحرب، وهو ما يمكن أن يهدد خيط الأمل الذي بدأ يتسرب للناس جراء التفاهمات التي حصلت في لجنة المعتقلين».
في سياق متصل، حققت لجنة الأسرى والمعتقلين والمفقودين والمحتجزين تعسفيًا والمخفيين قسرا، تقدما جديدا وإن كان محدودا، حيث توصلت إلى بعض التفاهمات، أبرزها أن «يتم العمل على مسودة مبادئ متفق عليها بالنسبة للإفراج عن الأسرى والمعتقلين»، والعمل «على مسودة مقترح الدفعة الأولية لبناء الثقة وإعطاء دفعة إيجابية لمسار السلام»، وعلى «مسودة مقترح آلية الإفراج عن الأسرى والمعتقلين والكشف عن مصير المخفيين، ويؤخذ في الاعتبار أن التنفيذ سيكون على المدى المتوسط (50 في المائة قبل رمضان) والطويل».
في غضون ذلك، انسحب عدد من أعضاء وفد الحكومة الشرعية من جلسة خاصة، مساء أول من أمس، دعا إليها المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، لتنحصر في عضوين من ممثلي الوفدين في اللجنة الأمنية، وعضوين آخرين من لجنة التهدئة. وجاء الانسحاب عقب ألفاظ نابية صدرت من سليم مغلس، عضو وفد الحوثيين والذي حضر الجلسة دون أن يدعى إليها، حيث تلفظ بكلام جارح بحق أعضاء الوفد وبحق أبناء محافظته (تعز) وأنكر حصارها، الأمر الذي أدى إلى مشادة كلامية مع نائب رئيس الوزراء اليمني وزير الخدمة المدنية عضو وفد الحكومة، عبد العزيز جباري، وقبل الانسحاب كان المسؤول الحكومي طالب بتنفيذ الاتفاق الذي وقع قبل نحو شهر، وقال: «نحتاج إلى تنفيذه، وذلك يعني فتح المعابر وفك الحصار وإيقاف القصف على المواطنين».
إلى ذلك، قالت اللجنة العليا لشؤون مؤتمر الرياض لإنقاذ اليمن، إن مشاورات الكويت تتواصل «رغم إدراك الجميع عدم رغبة وجدية الانقلابيين، والتي تحاول فيها قوی التمرد والانقلاب تضييع الوقت واتباع تكتيكات تضليلية للمماطلة وتمييع المواقف وقرارات مجلس الأمن التي جاءت تحت البند السابع». واستعرضت اللجنة، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، استمرار «قوی التمرد والانقلاب في السيطرة علی الدولة ومؤسساتها والكثير من المناطق، وعدم الالتزام بالهدنة»، وقال البيان إنه «وفي حالة استمرار عدم جدية وفد التمرد والانقلاب في مفاوضات عملية السلام بالكويت، فإننا ندعو الحكومة اليمنية لتوجيه وفدها الحكومي لاتخاذ موقف حازم، للحفاظ علی الشرعية وهيبة الدولة»، ودعا بيان الهيئة المجتمع الدولي إلى «اتخاذ موقف حازم تجاه قوی التمرد والانقلاب للخضوع للإرادة والشرعية المحلية والدولية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».