تعذيب يومي للمختطفين في سجون المتمردين و10 صحافيين يضربون عن الطعام

استخدم الانقلابيون الضرب المبرح والتقييد والكلاب البوليسية ضد الناشطين

صحافيون يمنيون في وقفة احتجاجية لهم في الكويت خلال كلمة لولد الشيخ يطالبون فيها بالإفراج عن زملائهم في سجون الميليشيات الانقلابية (أ.ف.ب)
صحافيون يمنيون في وقفة احتجاجية لهم في الكويت خلال كلمة لولد الشيخ يطالبون فيها بالإفراج عن زملائهم في سجون الميليشيات الانقلابية (أ.ف.ب)
TT

تعذيب يومي للمختطفين في سجون المتمردين و10 صحافيين يضربون عن الطعام

صحافيون يمنيون في وقفة احتجاجية لهم في الكويت خلال كلمة لولد الشيخ يطالبون فيها بالإفراج عن زملائهم في سجون الميليشيات الانقلابية (أ.ف.ب)
صحافيون يمنيون في وقفة احتجاجية لهم في الكويت خلال كلمة لولد الشيخ يطالبون فيها بالإفراج عن زملائهم في سجون الميليشيات الانقلابية (أ.ف.ب)

أعلن ناشطون وإعلاميون مختطفون في سجون ميليشيات الحوثي وصالح الإضراب عن الطعام احتجاجا على الانتهاكات التي تمارس ضدهم، وتعرض الكثير منهم لعمليات تعذيب وتنكيل بحسب أقارب المختطفين.
وذكر بيان لأسر 10 صحافيين مختطفين في بيان صحافي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، أن أبناءهم في السجن الاحتياطي بمديرية هبرة بالعاصمة صنعاء، بدأوا إضرابا عن الطعام من يومين، رفضا لممارسات التعذيب والتنكيل والتجويع التي تمارس بحقهم، ومنع أهاليهم من زيارتهم والتواصل معهم.
ويبلغ عدد المختطفين في سجون الحوثي وصالح، أكثر من 8458، بينهم 2706 مختطفين قسرًا، وجرى اختطافهم من منازلهم ومقرات أعمالهم ومن الشوارع والمساجد. وتتركز أكثر عمليات الاختطاف في العاصمة صنعاء، ويتوزع السجناء على عدة معتقلات، فيما لا يعرف مكان للمختفين قسرا والذين يرجح حبسهم في سجون سرية في محافظة صعدة، حيث معقل جماعة الحوثي بحسب مراكز رصد الانتهاكات الإنسانية.
ومنذ انقلاب الحوثي وحليفهم صالح، على حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، في سبتمبر (أيلول) 2014. شنت عمليات يومية لاحتجاز المناهضين لانقلابهم، وشملت الاختطافات قيادات عسكرية مثل اللواء محمود الصبيحي وزير الدفاع، والعميد فيصل رجب، ومن القيادات السياسية محمد قحطان عضو الهيئة العليا لحزب التجمع اليمني للإصلاح، إضافة إلى صحافيين وخطباء مساجد وناشطين وطلاب.
وأوضحت أسر المختطفين وأغلبهم صحافيين، في البيان الصحافي أن أبناءهم باتوا يعانون من سوء التغذية وتدهور صحي نتيجة حرمانهم من الدواء، وحملت الميليشيات مسؤولية ما قد يتعرض له المختطفون نتيجة المعاملة السيئة.
وذكر البيان أن الدور الأرضي من السجن الاحتياط في منطقة هبرة مقطوع عن العالم الخارجي، إضافة إلى احتجاز المختطفين في غرف قريبة من الصرف الصحي ما ضاعف من معاناتهم الصحية والنفسية، ولفت البيان إلى أن أبناءهم يتعرضون لتعذيب يومي، ما اضطرهم إلى الإضراب عن الطعام ابتداء من يوم الاثنين حتى يتم إطلاق سراحهم، وحملوا الحوثيين المسؤولية الكاملة عن حياة أبنائهم، مطالبين من الأمم المتحدة والوفد الحكومي بمشاورات الكويت بالتحرك العاجل لإنقاذ أبنائهم وإطلاق سراحهم.
وكانت نقابة الصحافيين اليمنية أدانت ما تقوم به ميليشيات الحوثي من تعذيب للصحافي صلاح القاعدي في معتقله وبشكل يومي وحشي، واعتبرت في بيان لها ما يتعرض له القاعدي من أبشع الجرائم الموجهة ضد الصحافة والصحافيين والإنسانية جمعاء.
وذكرت النقابة أن الزميل القاعدي، يتعرض لانتهاكات جسيمة، عبر تقييده وتعذيبه وضربه بشكل مبرح وتعرضه للكلاب البوليسية وتمارس ضده مختلف أنواع التعذيب النفسي والجسدي، موضحة «أن نقابة الصحافيين وهي تجد أعضاءها يتعرضون لمختلف أنواع الانتهاكات لتؤكد أنها ستواصل مساعيها الحثيثة من أجل إيصال هذه المعاناة لمجلس الأمن الدولي وإلى الأمم المتحدة وهو الأمر الذي تقوم به حاليا»، مطالبة المبعوث الأممي باتخاذ موقف جاد وحازم لإيقاف سيل الانتهاكات وإطلاق الصحافيين المعتقلين فورًا وعدم الزج بهم ضمن أوراق الابتزاز السياسي.
ورصدت المركز الحقوقية أكثر من 107 حالات انتهاك للإعلام في اليمن خلال الربع الأول من العام الحالي، تعرض لها إعلاميون ونشطاء التواصل الاجتماعي وتوزعت بين حالات قتل واختطاف وإصابة وتهديد، ومحاولة قتل واقتحام ونهب منازل ومؤسسات إعلامية واعتداء بالضرب وإيقاف ومصادرة الصحف إلى جانب حجب واختراق مواقع إلكترونية، وشملت الانتهاكات أيضا ناشطي وسائل التواصل الاجتماعي، من قبل جماعة الحوثيين.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.