ترقب موجة واسعة من تسييل الأراضي هربًا من رسوم «البيضاء»

عقاريون: انخفاض الأسعار تدريجيًا هو السيناريو الأكثر توقعًا

الجميع ينتظر بدء تطبيق رسوم الأراضي البيضاء مع توقعات موجة «تسييل للأراضي»
الجميع ينتظر بدء تطبيق رسوم الأراضي البيضاء مع توقعات موجة «تسييل للأراضي»
TT

ترقب موجة واسعة من تسييل الأراضي هربًا من رسوم «البيضاء»

الجميع ينتظر بدء تطبيق رسوم الأراضي البيضاء مع توقعات موجة «تسييل للأراضي»
الجميع ينتظر بدء تطبيق رسوم الأراضي البيضاء مع توقعات موجة «تسييل للأراضي»

أكد مختصون عقاريون أن الأشهر المقبلة ستشهد مستويات مرتفعة من تسييل الأراضي، هربًا من الدفع فور تطبيق رسوم الأراضي البيضاء مطلع رمضان المقبل، وهو ما سينعكس بشكل مباشر على باقي الفروع العقارية التي تعد الأراضي الأكثر تأثيرًا فيها، مشيرين إلى أن السوق تستعد لموجة من الهبوط نتيجة زيادة العرض.
وتقاطع ذلك مع النزول الطفيف في القيمة، الذي ألقى بظلاله على كثير من الفروع العقارية التي تأثرت من هذا الانخفاض في الطلب والقيمة عبر نزول بسيط في الأسعار لا يرقى لحجم المعروض.
وتوقع خالد المرزوق، الرئيس التنفيذي لشركة الموج العقارية، أن يشهد عام 2016 تسجيل المعدل الأعلى في تسييل الأراضي وارتفاع المعروض منها إلى مستويات قياسية، مؤكدًا أن السوق يزخر حاليًا بكثير من الفرص الجيدة لاقتناص بعض العروض من الأراضي التي تسجل معدلاً جيدًا من الانخفاض، لكن المعدل العام للسوق يبقى منخفض الطلب لمستويات ملموسة، في الوقت الذي يسجل من وقت لآخر عروضًا جديدة من الأراضي قد تفضي إلى تأثير جديد على الأسعار نحو النزول، خصوصًا مع عجز شرائح كثيرة عن الشراء نتيجة ارتفاع القيمة العامة، الأمر الذي سيحفز على الانخفاض في حال رغبة المستثمرين في التحرك.
وحول الأسعار المستقبلية للعقار ونسبة الانخفاض المتوقع، أكد المرزوق صعوبة التنبؤ بنسبة محددة، لكنه توقع أن تكون بين 15 و30 في المائة بحسب التحليلات الاقتصادية، مرجحًا أن تشهد السوق مقاومة كبيرة من قبل تكتلات المستثمرين لإبقاء الأسعار مرتفعة، لكن ذلك لن يبقى طويلاً في ظل شح السيولة وانخفاض النفط والتشدد في منح القروض العقارية، وهي أمور اجتمعت لتكون عقبات متتالية للراغبين في امتلاك منزل في الوقت الراهن، لكنها لن تكون بشكل مباشر، بل ستأتي على مراحل وتعتمد على نسبة الإقبال ومرونة المستثمرين.
وتأتي اللائحة التنفيذية لنظام رسوم الأراضي البيضاء مكملة للنظام الذي صدر مؤخرًا، الذي يتضمن فرض رسم سنوي على الأراضي البيضاء، المملوكة لشخص أو أكثر من ذوي الصفة الطبيعية أو الصفة الاعتبارية غير الحكومية، بنسبة 2.5 في المائة من قيمة الأرض، وتحدد اللائحة معايير تقدير قيمة الأرض والجهة التي تتولى ذلك، على أن تشمل المعايير موقع الأرض، واستخداماتها، ونظم البناء، ومعامل توافر الخدمات العامة فيها ووصول المرافق العامة إليها.
وأكد خالد القحطاني، المختص في القطاع العقاري، أن ضخ كميات كبيرة من الأراضي مع نقص السيولة لدى المشترين أمر سيلقي بظلاله على القيمة العامة للعقار كله، وليس على الأراضي بوصفها المحرك الأول للقطاع للعقاري، حيث تشير المؤشرات العقارية إلى أن حركة السوق العقارية خلال العام الماضي تركزت في أكثر من 90 في المائة منها على حركة الأراضي فقط والنسبة المتبقية للأفرع العقارية الأخرى، ما يعني أن أي هزة في قيمة الأراضي تنعكس مباشرة على باقي الفروع الأخرى، لافتًا إلى أن السيطرة على الأسعار يعني السيطرة على مفاصل القطاع.
وأشار إلى وجود انخفاض محدود وعلى استحياء لم يعكس الحال الحقيقية للسوق، لكن القرار وتنفيذه على أرض الواقع سيصدم الجميع، وعلى رأسهم العقاريون، الذين يرون أنهم يسيطرون على السوق بكامل تفاصيله ولن يتأثروا مهما حدث، إذ إن القرارات الأخيرة ستفقدهم التحكم بالقطاع بشكل تدريجي بعد التدرج في تطبيق القرار، متوقعًا أن يخضع العقار لقانون العرض والطلب بالشكل الحقيقي خلال السنة الأولى من تطبيق القرار، إذ سيتسابق التجار إلى بيع ما يمتلكون حتى لا تحول عليهم الرسوم سنوات متتالية، وتهبط قيمة القطاع أكثر مما يتم توقعه نتيجة تكدس الأراضي.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن اللائحة التنفيذية تم الانتهاء منها ورفعها إلى مجلس الوزراء لإقرارها، ويتوقع أن يكون ذلك خلال أسابيع، كون بدء سريان التنفيذ في الثالث من رمضان المقبل بحسب لائحة النظام، حيث تتضمن معايير تحديد الأراضي التي تخضع لتطبيق الرسوم، والمعايير التي يتوقف عند تحققها تطبيق الرسوم، والضوابط اللازمة لضمان تطبيق الرسوم بعدالة، ومنع التهرب من دفعها، وآلية تحديد معامل توافر الخدمات العامة للأراضي ووصول المرافق إليها، ومعايير تحديد العوائق التي تحول دون صدور التراخيص والموافقات اللازمة، وتطوير الأرض أو بنائها، وتحد من إمكانية استحصال الرسوم عليها، وقواعد وإجراءات تحصيل الرسوم، وتحديد الجهات المخولة لتحصيلها، وآليات تبليغ مالك الأرض بالقرارات الصادرة في حقه.
وأكد عبد الله البواردي، الخبير الاقتصادي المختص في الشؤون العقارية، أن الانخفاض آت لا محالة، بدليل الارتفاع الكبير في العرض الذي شهده القطاع خلال الأشهر الماضية فور صدور القرار، حيث أكد أن هناك عروضا سجلت خلال الفترة الأخيرة لم تبلغها السوق منذ سنوات طويلة، ما يعكس تخوفا حقيقيا لدى المستثمرين، وما يجري حاليًا هو إغراق السوق بالمعروضات التي تزيد على ملايين من الأمتار التي كانت محتكرة منذ عهد طويل، ما يعني أن العرض تضاعف بنسب كبيرة، الأمر الذي سينعكس لا محالة على الأسعار التي يحاول كبار المستثمرين الإيهام بأنها لم تتأثر، لكن الفترة المقبلة، خصوصًا فور تطبيق الرسوم على أرض الواقع، كفيلة بأن تظهر السوق على حقيقتها، خصوصًا في ظل توالي القرارات الحكومية التي تضيق الخناق على المستثمرين الذين يقاومون بكل قوتهم لبقاء الأسعار مرتفعة.
وحول مستقبل القطاع بعد تطبيق الرسوم على الأراضي البيضاء، فند البواردي ما يشاع حول احتمالية سقوط كبير في أسعار العقار فور تطبيق القرار، مشيرًا إلى أن القطاع كبير يحركه مئات المليارات من الدولارات، ومن المستحيل أن نفقد جزءًا من هذا المبلغ بين ليلة وضحاها، بل إن هناك انخفاضا تدريجيًا في الأسعار على سنوات يعتقد أنها لا تتجاوز 15 سنة، لكن السنوات الثلاث الأولى ستكون عصيبة على العقاريين الذين سيحاولون إبقاء الأسعار مرتفعة ومقاومة الرسوم، ومع توقف المستهلكين عن الشراء بأسعار مرتفعة سيحدث تنافس على طرح الأسعار لتصريف المساحات الكبرى التي يمتلكونها.
ونظام رسوم الأراضي البيضاء يهدف إلى زيادة المعروض من الأراضي المطورة، بما يحقق التوازن بين العرض والطلب، وتوفير الأراضي السكنية بأسعار مناسبة، وحماية المنافسة العادلة، ومكافحة الممارسات الاحتكارية، ويشمل النظام معاقبة كل من يخالف أحكام النظام واللائحة بغرامة مالية لا تزيد على مقدار الرسوم المستحق على أرضه، وألا يخل ذلك بإلزامه بسداد الرسوم المستحقة، وتكون بقرار من الوزير لجنة أو أكثر من ثلاثة أعضاء على الأقل، على أن يكون من بينهم مستشار نظامي ومختص في الجانب الفني؛ للنظر في مخالفات أحكام النظام واللائحة، وتطبيق العقوبات، والاعتراضات التي تقدم من ذوي الشأن، وإصدار القرارات اللازمة، ويجوز التظلم من قراراتها أمام المحكمة الإدارية المختصة.
ويحق لمالك الأرض الاعتراض على القرارات الصادرة بإخضاع أرضه للرسوم، أو بتقدير قيمة الأرض وتحديد الرسوم، ويقدم الاعتراض كتابة إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة السابعة من النظام خلال ستين يومًا من تاريخ إبلاغه بالقرار، وعلى اللجنة أن تبت في هذا الاعتراض خلال ستين يومًا من تاريخ تقديمه إليها، ويعد مضي ستين يوما دون البت في الاعتراض بمثابة صدور قرار برفضه.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».