الجزائر: انتخاب أويحيى أمينًا عامًا لـ«التجمع الوطني»

تنتظره عدة تحديات.. أبرزها هجومات المعارضة على الرئيس بوتفليقة

الجزائر: انتخاب أويحيى أمينًا عامًا لـ«التجمع الوطني»
TT

الجزائر: انتخاب أويحيى أمينًا عامًا لـ«التجمع الوطني»

الجزائر: انتخاب أويحيى أمينًا عامًا لـ«التجمع الوطني»

تم انتخاب أحمد أويحيى أمينا عاما لـ«التجمع الوطني الديمقراطي» في الجزائر، وهو ثاني قوة سياسية في البلاد بعد «جبهة التحرير الوطني». وجرت عملية الانتخاب مساء أول من أمس خلال فعاليات المؤتمر الاستثنائي للحزب، الذي شهد حضور أبرز المسؤولين في الدولة، وأهم القيادات السياسية، باستثناء غريم أويحيى، عمار سعداني أمين عام «جبهة التحرير».
وهنأ الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أويحيى بمناسبة انتخابه في رسالة بعثها إليه أمس، بينما أشغال المؤتمر الذي ينتهي اليوم (السبت) ما زالت مستمرة. ومما جاء فيها أنه «تابع باهتمام مجريات العملية الديمقراطية، التي جرت فيها استحقاقات انتخابكم أمينا عاما لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، بفوز باهر ومستحق، وهو الحزب الذي تبنى مواقف وطنية اتسمت على الدوام بالنزاهة والحكمة، وتغليب المصالح العليا للوطن، وهذا بفضل برنامجه السياسي والاجتماعي المتجدد وخطه الوطني الصريح».
وقال بوتفليقة إنه على يقين من أن مناضلات ومناضلي التجمع الوطني الديمقراطي «يمتلكون من الحس السياسي والوعي ما جعلهم ينتخبونكم أمينا عاما لهذا الحزب، آملين أن يسهم فوزكم في رفع التحديات الكبرى، التي تواجه بلادنا في التنمية الوطنية الشاملة وضمان الحريات الأساسية، وترقية المرأة والاعتناء بالشباب، وبكل ما من شأنه أن يجعل الجزائر تنعم بالاستقرار والسلم والرقي والتقدم».
وحصل أويحيى على 1513 صوتا، (من ضمن 1600 مندوب)، في مقابل حصول منافسه بلقاسم ملاح، كاتب دولة مكلف بالشباب سابقا، على 21 صوتا. وقد صرح ملاح للصحافة قبل انطلاق المؤتمر بأنه «سيكتسح صندوق الانتخاب». لكن المراقبين لم يشكوا لحظة في فوز أويحيى، الذي يشغل منصب وزير دولة ومدير الديوان بالرئاسة.
وقاد عبد القادر بن صالح (رئيس الغرفة البرلمانية الثانية حاليا) «التجمع» لمدة قصيرة خلال عام 1997. حيث حقق الحزب فوزا عريضا في انتخابات البرلمان، التي جرت في نفس العام، واستخلفه الطاهر بن بعيبش (رئيس حزب معارض حاليا يسمى «الفجر الجديد») إلى غاية عام 1999. بعد أن تم الانقلاب عليه من قطاع من القياديين لرفضه دعم ترشح بوتفليقة لانتخابات الرئاسة التي جرت في نفس العام. وخلفه أويحيى في القيادة حتى مطلع 2013. لما نحاه قياديون بحجة أنه «ينفرد بالقرار داخل الحزب ولا يستشير أحدا». وعاد بن صالح إلى القيادة حتى منتصف العام الماضي، حينما ثار عليه قياديون بحجة أنه «جمد نشاط الحزب وجره إلى الحضيض، قياسا إلى تقدم وتفوق الغريم حزب جبهة التحرير». وبعد سنة عاد أويحيى مجددا إلى القيادة كأمين عام بالنيابة، وكان لا بد من تنظيم مؤتمر غير عادي لتثبيته في المنصب، بحسب قوانين «التجمع الوطني»، الذي يعد الحزب الثاني في السلطة.
ودعا أنصار أويحيى في الحزب، وهم أغلبية، بعد انتخابه إلى الاستعداد للانتخابات التشريعية التي ستنظم في مايو (أيار) 2017. وخلال أشغال المؤتمر، التي جرت في جلسة مغلقة، أكد مناضلو الحزب أنهم يريدون أخذ الأغلبية البرلمانية من «الجبهة».
واللافت أن «التجمع» و«الجبهة» يهيمنان على المناصب في الحكومة، وفي غرفتي البرلمان والمجالس الولائية والبلدية. كما أنهما قريبان جدا من الرئيس بوتفليقة، ومع ذلك يحاربان بعضهما بشدة. وفي هذا السياق قال سعداني مؤخرا إن أويحيى «لا يؤتمن جانبه وهو غير مخلص للرئيس»، ورفض إقامة «حلف رئاسي» بين الحزبين بقوله إن «التجمع الوطني ينبغي أن يكون تابعا لجبهة التحرير لأنها صاحبة الأغلبية».
وأمام أويحيى، بحسب مراقبين، تحديات كبيرة على المدى القريب. ففي داخل الحزب سيبقى يواجه معارضة قوية من طرف قياديين يأخذون عليه أنه لا يفعل شيئا لـ«زرعهم» في أجهزة الدولة، كما يفعل سعداني مع مناضلي حزبه. والناقمون عليه يريدون أن يصبحوا وزراء وسفراء وولاة، ومسيرين في هيئات هامة بالبلاد. ويكون ذلك حسبهم، بأن يطلق أويحيى مساع لدى رئيس الجمهورية لأنه الجهة الوحيدة التي تملك مفاتيح المناصب العليا. أما خارج الحزب، فأويحيى، من موقعه وباعتباره أبرز مساعدي رئيس الجمهورية، مطالب بالتصدي لانتقادات المعارضة التي تضغط لإعلان حالة شغور منصب الرئيس، بحجة أنه مريض وعاجز عن أداء مهامه، وبالتالي تنظيم انتخابات مبكرة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».