«فيتو» روسي يمنع بيانًا أمميًا لإدانة هجمات النظام في حلب

تشوركين قال: إنه «دعاية».. ومسؤول دولي يدعو لتحقيق فوري في مجزرة إدلب

مجلس الأمن أثناء التصويت أمس على مشروع قرار يدين العنف في مدينة حلب (إ.ب.أ)
مجلس الأمن أثناء التصويت أمس على مشروع قرار يدين العنف في مدينة حلب (إ.ب.أ)
TT

«فيتو» روسي يمنع بيانًا أمميًا لإدانة هجمات النظام في حلب

مجلس الأمن أثناء التصويت أمس على مشروع قرار يدين العنف في مدينة حلب (إ.ب.أ)
مجلس الأمن أثناء التصويت أمس على مشروع قرار يدين العنف في مدينة حلب (إ.ب.أ)

ندد السفير البريطاني في الأمم المتحدة، ماثيو رايكروفت، بعرقلة نظيره الروسي بيانا صحافيا عن مجلس الأمن تقدم به الأول كي يدين فيه المجلس أعمال العنف في مدينة حلب السورية.
وكان مشروع البيان عرض على الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن خلال جلسة طارئة خصصت لبحث الوضع في حلب، لكن المشروع رفضه السفير الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، الذي رأى فيه «ضربا من ضروب الدعاية». وتختلف بيانات مجلس الأمن عن قراراته، حيث يتم التوافق بالإجماع على أي بيان، بينما يمكن استصدار قرار بـ9 أعضاء مؤيدين، في حال عدم وجود الفيتو.
ويدين مشروع البيان استئناف أعمال العنف في حلب، ويحمل المسؤولية عنها إلى الهجوم العسكري للنظام السوري. وقال رايكروفت: إن هذا الموقف «يقول الكثير عن دعمهم وحمايتهم لنظام الأسد»، مضيفا في تصريحات للصحافيين في نيويورك: «حقا لقد حان الوقت لأن يستخدم كل عضو من أعضاء مجلس الأمن كل ذرة نفوذ لديه على نظام الأسد لكي يحترم وقف الأعمال القتالية وسائر الواجبات المنصوص عليها في القوانين الإنسانية الدولية».
إلى ذلك، طالب منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبراين بإجراء تحقيق فوري في الغارات الجوية التي أوقعت 28 قتيلا مدنيا في مخيم للنازحين في محافظة إدلب في شمال سوريا، معربا عن شعوره بـ«الرعب والاشمئزاز» إزاء هذا الهجوم. وقال أوبراين في تصريح صحافي «إذا اكتشفنا أن هذا الهجوم المروع قد استهدف بشكل متعمد منشأة مدنية، فقد يشكل جريمة حرب» مضيفا: إنني «شعرت بالرعب والاشمئزاز إزاء الأنباء المتعلقة بمقتل مدنيين اليوم، في غارات جوية أصابت منشأتين لجأ إليهما نازحون بحثا عن ملاذ».
وكان مجلس الأمن الدولي عقد جلسة بشأن الأوضاع السياسية والإنسانية في حلب، واستمع إلى إحاطة من رئيس الشؤون السياسية بالأمم المتحدة، جيفري فيلتمان وأخرى رئيس الشؤون الإنسانية ستيفن اوبراين. وقال فيلتمان: إنه «لا توجد زاوية في حلب دون دمار، وإن البراميل المتفجرة عليها تعد الأسوأ في تاريخ الصراع السوري»، مشددا على ضرورة أن يكون وقف الأعمال العدائية شاملا.
وقال المسؤول الأممي: «إن حرمان الناس من المساعدات وتجويعهم سلاحا يعد جريمة حرب، وأن الهجمات المتعمدة على المرافق الطبية تعد جريمة حرب أيضا»، مكررا مطالبة الأمم المتحدة وأمينها العام بضرورة تحويل الحالة في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية. وأشار فيلتمان إلى أن الضربات العشوائية ما زالت مستمرة، وأن العمليات العسكرية من قبل الحكومة و«النصرة»، وكذلك من قبل بعض المجموعات المشاركة بوقف الأعمال العدائية تشارك في أعمال العنف الجارية في حلب.
وقال فيلتمان «يجب أن تكون الجولة المقبلة من المفاوضات مصحوبة بإجراءات على الأرض»، كوقف العدائيات وإيصال المساعدات الإنسانية للسكان؛ «فالوضع الحالي في حلب يؤثر سلبا في مفاوضات الحل السياسي الذي يعد الحل الوحيد للصراع السوري، وذلك عن طريق المفاوضات بين الأطراف».
وأكد أن المفاوضات المقبلة يجب أن تحدد الرؤى لكيفية المضي قدما بعملية الانتقال السياسي، وأن «هيئة الحكم الانتقالية يجب أن تكون ذات صلاحيات تنفيذية بناء على اتفاق جنيف والقرارات الدولية على أن تتماشي المؤسسات العسكرية والأمنية كافة مع المعايير الدولية»، وتابع أن «الإرهاب يجب ألا يكون عائقا أمام المفاوضات الجادة لوضع عملية الانتقالية؛ فالإرهاب لا مكان له في سوريا، ولا في أي مكان في العالم» وقال: «إن المسار الحقيقي للمفاوضات يجب أن يتوصل للانتقال السياسي قبل شهر أغسطس (آب) حسب اتفاق مجلس الأمن رقم 2254».
وعدّ رئيس الشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين، الوضع في حلب «مجزرة»، وأن الأسلحة من قبل الحكومة ضد المناطق الآهلة بالسكان أثرت في المدنيين الأبرياء، مشيرا إلى أنه يتم الآن محاولة الوصول إلى الناس، الأحياء والأموات منهم، في حلب. وقال: إن «حياة الناس مروعة، ولقي المئات منهم مصرعهم، وكثير منهم من الأطفال» ووصف أوبراين الوضع في حلب بالقاتم، حيث يعيش الناس يوميا تحت التهديد والإرهاب، ويتخوفون من رعب البراميل المتفجرة؛ فألغيت صلوات الجمعة تحسبا». وأوضح أن المرافق الطبية التي تم قصفها، بما فيها مستشفى للولادة، مشيرا إلى أن الهجمات الفظيعة لها تأثير كبير في المدنيين الذين لن يمكنهم بعد الآن من الاستفادة من المرافق الطبية التي تم تدميرها.
وأيد المندوب البريطاني لدى الأمم المتحدة، ماثيو رايكروفت الدعوة الأممية بضرورة محاسبة المسؤولين عن المجازر في سوريا، متسائلا «كيف يمكن للنظام السوري أن يشارك في المفاوضات السلمية في الوقت الذي يأمر به رئيس النظام الأسد قواته بقتل الناس وضرب المرافق الطبية وتطويق مدينة حلب وقصفها؟ وعد رايكروفت أن ما يحصل في حلب هو عقوبة جماعية، وبالتالي هي جريمة حرب، وطالب بـ«موقف موحد من المجلس لإدانة ما يحصل في حلب».
من جانبه، حذر السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، فرنسوا ديلاتر، من انهيار «وقف الأعمال العدائية» متهما النظام السوري بالمسؤولية الأولى عن الوضع في حلب. وقال ديلاتر: «إن حلب مدينة رمزية عمرها آلاف السينين، وهي الآن على مفترق طرق؛ فهي على مدى 4 سنوات عانت هجمات الأسد و(داعش)».
وقالت السفيرة الأميركية، سامانثا باور: «إن النظام السوري وبعض من مؤيديه يقولون: إننا نحارب (داعش)، لكن الحقيقة على الأرض تدل على غير ذلك»، مضيفة «ما ذنب المرافق الطبية والأبرياء المدنيين، إذن»؟ وقالت باور «إننا قد نلقي اللوم على الكثيرين بشأن الوضع في سوريا، ولكن المسؤولية الأساسية تقع على نظام الرئيس السوري»، وشددت «أنه وبعد 5 سنوات من الصراع فلن يكون هناك أي حل إلا الحل السياسي»، وعلى الجميع أن يعي ذلك.
أما السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين فقال: إن الوضع في حلب «مصدر قلق» إلا أنه زاد: «إن الحكومة السورية تواجه موجة إرهابية لا مثيل لها من قبل الجهاديين الذين لا هدف لديهم سوى تهريب الناس في المدينة». وخاطب تشوركين أعضاء المجلس الآخرين، قائلا: «بعض الأعضاء تحدثوا عن حلب. فلماذا تسمح بلادكم بتدمير هذا البلد العريق (سوريا) من أجل مصالحكم؟». وانتقد تشوركين «وفد الرياض» المشارك في مباحثات جنيف؛ كونه «غادر المباحثات دونما سبب».
وقال رئيس مجلس الأمن، المندوب المصري لدى الأمم المتحدة، عمرو أبو العطا: إن بلاده «تدين استهداف المدنيين والمرافق الطبية في حلب، وطالب بوقف الأعمال العدائية»، مضيفا أن ما يقوم به المبعوث الأممي دي ميستورا في جنيف هو بمثابة بارقة الأمل الوحيدة المتبقية لحل الأزمة السورية
وأعطيت الكلمة إلى نائب مندوب النظام السوري لدى الأمم المتحدة منذر منذر، حسب المادة 37 من النظام الداخلي لمجلس الأمن، حيث اتهم المعارضة «المعتدلة» بقصف مستشفى الولادة الذي أدى إلى سقوط 28 مدنيا، بينهم أطفال. وقال: «إن هؤلاء وما يقومون به هو الإرهاب بعينه». واتهم منذر بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن بالنفاق، وقال: «كفى نفاقا وتسييسا للدم السوري».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».