«التوازن العسكري» مع كفريا والفوعة يمنع النظام و«حزب الله» من اقتحام آخر أحياء المعارضة في الزبداني

قيادي في «أحرار الشام»: ننتشر في التلال.. وحوّلنا السفوح إلى «بقعة استنزاف» للحزب

«التوازن العسكري» مع كفريا والفوعة يمنع النظام و«حزب الله» من اقتحام آخر أحياء المعارضة في الزبداني
TT

«التوازن العسكري» مع كفريا والفوعة يمنع النظام و«حزب الله» من اقتحام آخر أحياء المعارضة في الزبداني

«التوازن العسكري» مع كفريا والفوعة يمنع النظام و«حزب الله» من اقتحام آخر أحياء المعارضة في الزبداني

الفيلم الذي بثته حركة «أحرار الشام» السورية المعارضة أول من أمس في موقع «يوتيوب»، وحمل عنوان «سفاح على الرباط»، ويظهر انتشار مقاتليها في السفوح المطلة على مدينة الزبداني (غربي العاصمة السورية دمشق)، يثبت أن فصائل المعارضة السورية، ما زالت تحتفظ بهامش كبير للتحرك في الريف الغربي لدمشق بمحاذاة الحدود اللبنانية. وكذلك يؤكد فشل قوات ما يُسمّى «حزب الله» وقوات النظام السوري في السيطرة على محيط المدينة كما على آخر أحيائها التي دخلت في هدنة مع النظام قبل سبعة أشهر، ولا تزال سارية حتى الآن.
ثلاثة أشهر من المعارك المحتدمة التي اندلعت في الصيف الماضي، لم تفضِ إلى سيطرة قوات النظام وحلفائها على الزبداني. إذ حوصر المقاتلون المعارضون في بقعة جغرافية تصل مساحتها إلى 2.5 كيلومتر مربع، قبل أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق وقع في سبتمبر (أيلول) الماضي، عُرف باسم «اتفاق الزبداني - كفريا والفوعة»، في إشارة إلى بلدتين شيعيتين في ريف محافظة إدلب بشمال غربي سوريا، تحاصرهما قوات «جيش الفتح».
وإثر هذا القرار، خرج من مقاتلي الزبداني، في إطار تنفيذ بنود الاتفاق، 300 جريح ومدني في أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قبل إجلاء دفعة أخرى في 20 أبريل (نيسان) الماضي، استكمالاً لتنفيذ بنود الاتفاق. وتشير تقديرات المعارضة السورية إلى أن المقاتلين الموجودين في الزبداني حاليًا يناهز عددهم الـ500 شخص. إلا أن هؤلاء المقاتلين المحاصرين في المدينة، باتوا عرضَة لـ«حصار محكم»، كما يقول القيادي في «حركة أحرار الشام الإسلامية» محمد الشامي لـ«الشرق الأوسط»، موضحًا أن الحصار «يخنق مدينة الزبداني من كل الاتجاهات، بحيث لا يستطيع أحد الدخول أو الخروج إلا في إطار اتفاق الهدنة»، في حين لا تدخل المواد الإغاثية أو الطبية إلى الأحياء المحاصرة في المدينة، إلا برعاية الأمم المتحدة. ويشير الشامي إلى أن ما يسمى «حزب الله» اللبناني «يحاصر المدينة من الجهتين الغربية الشمالية»، بينما تحاصر قوات نظامية تابعة للفرقة الرابعة في الحرس الجمهوري، الجهتين الشرقية والجنوبية: «وقد زُنّرت المعابر بألغام مضادة للدروع والدبابات منعًا لخروج أي شخص منها».
هذا، ولا ترى المعارضة السورية أن المنطقة المحاصرة في الزبداني، عصية على دخول قوات النظام إليها، بيد أن «حصار كفريا والفوعة، هو ما يمنع اقتحامها». وحسب الشامي «نحن على يقين بأن حصار كفريا والفوعة، خلق توازنًا عسكريًا بين المنطقتين، وندرك أيضا أنه إذا قرر جيش الفتح الابتعاد عن كفريا والفوعة مسافة تصل إلى عشرين كيلومترًا، فإن النظام سيقتحم الزبداني، ولن يجد ما يردعه بعد أشهر من الحصار، وانعدام إمدادات السلاح والمقاتلين إلى الزبداني». ويضيف: «كان التوازن المتمثل في الزبداني مقابل كفريا والفوعة هو أفضل قرار تم التوصل إليه للإبقاء على الزبداني مدينة بيد المعارضة».
يذكر أن «جيش الفتح» الذي يضم تشكيلات عسكرية معارضة وكتائب إسلامية في الشمال، كان قد حاصر بلدتي كفريا والفوعة الشيعيتين في ريف إدلب، وأطلق معركة لاقتحامهما ردًا على العملية العسكرية التي أطلقها ما يُسمى «حزب الله» في الزبداني، قبل أن يضطر الأخير للتوصل إلى هدنة لمدة ستة أشهر ورعتها الأمم المتحدة، وأفضت إلى توقيف القتال على الجبهتين، وضمت إليها مناطق أخرى في ريف دمشق مثل مضايا وبقين.
ومن ثم منعت الهدنة النظام السوري من استكمال حملته العسكرية على بلدات بقين وبلودان ومضايا بعد الزبداني، علما بأن مضايا اليوم تعتبر بلدة محاصرة، ويسكنها آلاف المدنيين. لكن لمنطقة الجردية المحيطة بها التي تمتد إلى سفوح الزبداني لا تزال تأوي المقاتلين المعارضين في ريف دمشق الغربي.
ويقول الشامي إن وجود مقاتلي المعارضة في السفوح والتلال «منع ما يسمى (حزب الله) من إقامة مقرات عسكرية، كون أي مقر ظاهر، سيعرضه للقصف وللعمليات العسكرية»، وأوضح أن مقاتلي «أحرار الشام» الذي ينتشرون في المنطقة الحدودية مع لبنان منذ أكثر من ثلاث سنوات «يستهدفون أي تحرك لمقاتلي الحزب عبر القذائف الصاروخية مثل مدفع (بي 9) المحمول، وبالتالي، لا يمكن للحزب إقامة أكثر من مرابض مدفعية بعيدة يستهدف فيها السفوح». ثم يؤكد «إن مقاتلي المعارضة حولوا السفوح إلى بقعة استنزاف دائمة للحزب من الجهتين الغربية والشمالية حيث ينتشر مقاتلو الأحرار وجبهة النصرة، كما حولنا الجهة الشرقية إلى منطقة استنزاف عسكري لقوات النظام، حيث ينتشر مقاتلو الأحرار ومقاتلو جيش الإسلام وفيلق الرحمن». ويستطرد: «منطقة السفوح كانت منطقة حصرية لنا، قبل أن تنضم إلينا قوات من الجيش السوري الحر وجبهة النصرة في وقت لاحق، واستطعنا التأقلم مع طبيعة المعارك في التلال والسفوح، بعد هجمات ما يسمى (حزب الله) الذي يتقن الحرب في معارك شبيهة، واستطعنا منعه من التقدم أكثر».
من ناحية أخرى، خلافًا لمنطقة التلال والسفوح المحيطة بالزبداني، حيث يمكن لمقاتلي المعارضة التحرك والمناورة، فإن قلب المدينة محاصر وقد تدمرت معظم أحيائها بالكامل. وإضافة إلى الحصار العسكري والألغام، تنشط عمليات القنص التي كان آخر الأطباء في الزبداني ضحية له. إذ أفادت «أسوشييتد برس» الأسبوع الماضي، بمقتل الطبيب محمد الخوص (70 سنة) أثناء عبوره إلى منزله عائدا من المستشفى الميداني لأخذ قسط من الراحة، لكن رصاصة القناص أنهت تلك الرحلة. ومع خروج المدنيين من الزبداني، ما كان قد تبقى من الفرق الطبية سوى الخوص والطبيبة أمل عواد التي انتقلت إلى مدن أخرى محاصرة في إطار اتفاق مع الأمم المتحدة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».