تصعيد عسكري متبادل على حدود قطاع غزة عنوانه «الأنفاق»

حماس اتصلت بالجانب المصري لتدارك حرب محتملة

تصعيد عسكري متبادل على حدود قطاع غزة عنوانه «الأنفاق»
TT

تصعيد عسكري متبادل على حدود قطاع غزة عنوانه «الأنفاق»

تصعيد عسكري متبادل على حدود قطاع غزة عنوانه «الأنفاق»

تشهد حدود قطاع غزة منذ يومين تصعيدا عسكريا متبادلا، بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، بعد تصاعد عمليات التوغل الإسرائيلي المحدود قرب السياج الأمني الفاصل، في إطار عمليات عسكرية تقوم بها سلطات الاحتلال بحثا عن أنفاق للحركة قرب الحدود. وقد كثفت القوات العسكرية الإسرائيلية في الأشهر الثلاثة الأخيرة، عمليات التوغل المحدودة داخل قطاع غزة بحثا عن أنفاق قد تكون قد تجاوزت الحدود أو تعدتها إلى داخل الكيبوتسات الإسرائيلية المحاذية للقطاع. في حين كانت حماس تلتزم الصمت تجاه التحركات العسكرية تلك، قبل أن تدخل أول من أمس، على خط المواجهة مع الجيش الإسرائيلي، بإطلاق عدد من قذائف الهاون على قواته، ما استدعى ردا عسكريا بقصف نقاط رصد حدودية للمقاومة.
وقالت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، في بيان لها، إنها لن تسمح باستمرار العدوان الإسرائيلي، وإن على إسرائيل ألا يتذرع بأي سبب كان، وأن يغادر قطاع غزة فورًا، وأن يعالج مخاوفه ومخاوف مغتصبيه خارج الخط الزائل. وفق نص بيانها. معتبرة عمليات التوغل تجاوزا واضحا لاتفاق التهدئة عام 2014 وعدوانا جديدا على القطاع.
وقصف الجيش الإسرائيلي أمس، نقاط رصد للمقاومة الفلسطينية على الحدود الشرقية من مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، تبعها غارات جوية على مناطق زراعية شرق المدينة، وذلك بعد ساعات محدودة من إعلانه اكتشاف نفق هجومي لحماس، في منطقة صوفا.
وقال ناطق عسكري إسرائيلي إن قوات الهندسة، التابعة للجيش، اكتشفت نفقا حفرته حركة حماس باتجاه الحدود، وتخطاها بعشرات الأمتار باتجاه كيبوتس صوفا، مشيرا إلى أنه مُعد لتنفيذ عمليات من خلاله، وأنه على عمق 28 مترا تحت الأرض.
وعلق وزير الجيش الإسرائيلي، موشيه يعلون، على اكتشاف النفق الجديد، بعد ثلاثة أسابيع من اكتشاف نفق سابق في مجمع أشكول القريب من صوفا، بالقول إن الجيش الإسرائيلي لا يمتثل لتهديدات حماس ومحاولاتها استفزاز القوات على الحدود، من خلال إطلاق قذائف المورتر. مشددا على أن الجيش مصمم على العمل بقوة لكشف آخر نفق وتدميره.
وبينما سادت قطاع غزة، حالة من الحذر الشديد تجاه التصعيد، في ظل الحديث عن اتفاق على التهدئة، شن الطيران الحربي الإسرائيلي فجر أمس، 4 غارات جوية على سلسلة أهداف مختلفة في قطاع غزة، ما أدى إلى إصابة مسن من عائلة حسنين في حي الزيتون جنوب مدينة غزة، إثر استهداف «حفار» وورشة خاصة بالعائلة، بالإضافة إلى مواقع عدة للمقاومة من دون وقوع أي إصابات أخرى.
وفاجأ القصف الجوي فجرا حركة حماس، التي أعلن النائب الثاني لرئيس مكتبها السياسي، موسى أبو مرزوق، أن حركته أجرت اتصالا مع الجانب المصري لوقف الاعتداءات الإسرائيلية، وأن المسؤولين المصريين استجابوا فورا، ما أعاد الأمور إلى ما كانت عليه. مشيرا، في تصريح صحافي، إلى أن المقاومة لن تسمح للاحتلال الإسرائيلي بفرض وقائع جديدة على الحدود مع القطاع.
والتزمت إسرائيل الصمت تجاه ما أعلن من قبل حماس، عن التوصل إلى اتفاق لإحلال الهدوء، قبل أن تشير مصادر عسكرية إسرائيلية - وفقا لما نقلته القناة العبرية العاشرة – إلى أنه لا علم لديها بتلك التفاهمات، وأنها ستواصل عملياتها لكشف الأنفاق.
وشكلت الأنفاق الهجومية لحركة حماس، عنوانا واضحا للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة صيف 2014، وهو العنوان نفسه الذي يحمله التصعيد الحالي، الذي تحاول فيه حماس الحفاظ على سلاحها الاستراتيجي، بمنع الجيش الإسرائيلي من العمل داخل حدود القطاع للبحث عن الأنفاق القريبة من الحدود.
ونفذت حماس عددا كبيرا من العمليات العسكرية خلال الحرب الأخيرة على القطاع، باستخدام تلك الأنفاق التي شكلت عامل حسم كبيرا بالنسبة للحركة في توجيه ضربات للجيش الإسرائيلي. وهذا ما يدفعها لأول مرة للتصدي للعمليات العسكرية الإسرائيلية على الحدود، في محاولة منها لوضع حد لما يجري.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».