ليبيا: تكهنات بطلب حكومة السراج تدخلاً دوليًا لمواجهة «داعش»

المجلس الرئاسي يبحث مع وزير خارجية هولندا إمكانية استرجاع الأموال المجمدة في بلاده

وزير الخارجية الهولندي بيرت كوندرز (وسط) وعضو حكومة الوفاق الوطني في ليبيا محمد العماري أثناء المؤتمر الصحافي في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الهولندي بيرت كوندرز (وسط) وعضو حكومة الوفاق الوطني في ليبيا محمد العماري أثناء المؤتمر الصحافي في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: تكهنات بطلب حكومة السراج تدخلاً دوليًا لمواجهة «داعش»

وزير الخارجية الهولندي بيرت كوندرز (وسط) وعضو حكومة الوفاق الوطني في ليبيا محمد العماري أثناء المؤتمر الصحافي في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الهولندي بيرت كوندرز (وسط) وعضو حكومة الوفاق الوطني في ليبيا محمد العماري أثناء المؤتمر الصحافي في طرابلس أمس (أ.ف.ب)

وسط تكهنات بأن حكومة الوفاق الوطني، المقترحة من بعثة الأمم المتحدة في ليبيا برئاسة فائز السراج، قد تكون في طريقها لطلب الاستعانة بقوات دولية لمواجهة تنظيم داعش المتطرف، أعلنت ميلشيات مدينة مصراتة حالة استنفار عام بعد هجوم انتحاري مفاجئ شنته عناصر تنظيم داعش جنوب المدينة، التي تبعد نحو 200 كيلومترا (كلم) شرق العاصمة طرابلس.
وعززت وزيرة الدفاع الإيطالية روبيرتا بينوتّي هذه التكهنات، بعدما أبلغت أمس صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، أن روما «لن تتأخر في تلبية مطالب الحكومة الليبية». لكنها اعتبرت أن «الشروط اللازمة لإطلاق عملية عسكرية غربية، لدعم تحقيق الاستقرار في ليبيا، لا تزال غير متوفرة». وتابعت الوزيرة موضحة أن «الخطوة الأولى نحو تحقيق الاستقرار في ليبيا أن تكون هناك حكومة يمكن أن تمثل الأطراف المختلفة، واتخاذ الخطوات اللازمة لرفع طلباتها للمجتمع الدولي».
ورغم أنها رأت أن حكومة السراج أحرزت تقدما جيدا، فإنها لفتت في المقابل إلى ما وصفته بانتكاسة مثيرة للقلق خلال الأيام الأخيرة، في إشارة إلى عدم منح مجلس النواب الليبي الثقة لهذه الحكومة، ورأت أنه «من الضروري أن يأتي الطلب من قبل الحكومة الليبية، والشيء الوحيد الذي ستفعله إيطاليا هو حماية سفارتها، أو ربما سترسل مستشارين ومدربين عسكريين لمساعدة القوات المسلحة»، لكن «هذا يعتمد على نوع الطلبات».
ولم تستبعد الوزيرة الإيطالية إمكانية قيام حكومتها أمام ظروف معينة بالدخول في عمليات عسكرية ضد «داعش»، وقالت في هذا الصدد: «إذا كان لدى إيطاليا سبب للاعتقاد أن هناك ما يهدد أمن البلاد، فسنكون على استعداد بالطبع لاتخاذ جميع التدابير اللازمة».
إلى ذلك، هاجمت عناصر التنظيم المتطرف بوابة أبو قرين التي تقع على بعد نحو 140 كيلومترا (كلم) غرب مدينة سرت الساحلية، التي يسيطر عليها «داعش» منذ منتصف العام الماضي، ما أسفر عن سقوط قتيلين وجريحين من الحراس. وطبقا لما أعلنه العقيد إبراهيم بالرجب، رئيس المجلس العسكري لمصراتة، فإن تعليمات صدرت لجميع الكتائب التابعة للمجلس بالتوجه فورا إلى هذه المنطقة، التي تعرف تواجدا مكثفا لعناصر التنظيم المسلحين على مقربة منها.
وتعد منطقة أبو قرين موقعا استراتيجيا لتحركات التنظيم الذي يتخذ من هذه المنطقة ممرا لعبور السلاح والتموين لعناصره، ومنها إلى بلدية الجفرة وسط ليبيا. لكن شبكة سرت الساحلية رأت في المقابل أن هذه التطورات المفاجئة بمثابة مسرحية هزلية مفضوحة، أبطالها ميليشيات مصراتة وتنظيم داعش، مشيرة إلى أن ما يحدث في مناطق ووديان غرب سرت هو تسليم هذه المناطق مع سبق الإصرار والترصد إلى تنظيم داعش المتطرف.
وقالت الشبكة عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إن ميليشيات مصراتة، بعد أن «تأكدت بأنها لن تستطيع إيقاف قوات الجيش الليبي القادمة من شرق البلاد وجنوبها لتحرير مدينة سرت من دنس المرتزقة الأجانب، أرادت خلط الأوراق فقاموا بالانسحاب من هذه المناطق».
من جهة أخرى، اعتقل الجيش الليبي، الذي يقوده الفريق خليفة حفتر، أحد جنوده المشاركين في عملية تحرير مدينة سرت الساحلية، بعدما اتهمه بمحاولة تشويه القوات المشاركة في هذه العملية عبر ترديد هتافات مؤيدة للعقيد الراحل معمر القذافي، والتلويح في فيديو تناقله الليبيون عبر وسائل التواصل الاجتماعي بالعلم الأخضر الذي يشير إلى نظامه السابق.
وأمر حفتر قبل يومين قواته بالتوجه إلى مدينة سرت، تمهيدا لشن معركة لتخليصها من قبضة «داعش». ومن جهته، عد المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق المنتهية ولايته في العاصمة طرابلس أن «استمرار القصف والتدمير لمدينتي بنغازي ودرنة شرق البلاد، رغم تحريرهما من الإرهاب وسكوت المجتمع الدولي والبعثة الأممية، يؤكد سلامة موقفه من الاتفاق السياسي الليبي الموقع عليه بالصخيرات نهاية العام الماضي برعاية دولية». ولفت النظر إلى أن إقدام السراج على تجميد حسابات ما يسمى حكومة الإنقاذ الوطني، التي يترأسها خليفة الغويل، أثر سلبا على احتياجات المواطنين، وأدى إلى تفاقم مشكلة السيولة في المصارف، ونقص السلع الغذائية الأساسية.
بموازاة ذلك، قال رئيس بعثة الأمم لمتحدة لدى ليبيا مارتن كوبلر، في بيان له إنه زار على مدى اليومين الأخيرين بعض العواصم العربية وروسيا، لحشد الدعم لليبيا، وللدفع قدمًا بالعملية السياسية وإيجاد حل سريع لإنهاء الأزمة في البلاد.
ومن جهته، أكد وزير خارجية هولندا بيرت كوندرز أنه ناقش مع المجلس الرئاسي إمكانية استرجاع الأموال المجمدة في هولندا للصرف منها، فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية. أما فيما يتعلق بمكافحة الهجرة غير الشرعية فقد أشار كوندرز إلى أن بلاده مستعدة لدعم وتدريب خفر السواحل الليبي بالتعاون مع المنظمة الوطنية للهجرة، وبالتنسيق الأمني بين الجانبين.
وكان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج، وأعضاء المجلس قد استقبلوا في وقت سابق، أمس الخميس، وزير الخارجية الهولندي بقاعدة أبو ستة البحرية في العاصمة طرابلس.
وتطرق اللقاء إلى العلاقات الليبية الهولندية، وسبل دعمها وتعزيزها في مختلف المجالات، بما يخدم المصلحة المشتركة للشعبين الصديقين. كما تناول اللقاء أيضا مناقشة آليات تعزيز التعاون بين البلدين في شتى المجالات خاصة الاقتصادية، والأمنية، وقضايا الهجرة غير الشرعية، بحسب وكالة «وال». وتأتي زيارة وزير الخارجية الهولندي في إطار الزيارات التي قام بها مسؤولون غربيون لطرابلس عقب وصول المجلس الرئاسي إلى طرابلس.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».