وسط تكهنات بأن حكومة الوفاق الوطني، المقترحة من بعثة الأمم المتحدة في ليبيا برئاسة فائز السراج، قد تكون في طريقها لطلب الاستعانة بقوات دولية لمواجهة تنظيم داعش المتطرف، أعلنت ميلشيات مدينة مصراتة حالة استنفار عام بعد هجوم انتحاري مفاجئ شنته عناصر تنظيم داعش جنوب المدينة، التي تبعد نحو 200 كيلومترا (كلم) شرق العاصمة طرابلس.
وعززت وزيرة الدفاع الإيطالية روبيرتا بينوتّي هذه التكهنات، بعدما أبلغت أمس صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، أن روما «لن تتأخر في تلبية مطالب الحكومة الليبية». لكنها اعتبرت أن «الشروط اللازمة لإطلاق عملية عسكرية غربية، لدعم تحقيق الاستقرار في ليبيا، لا تزال غير متوفرة». وتابعت الوزيرة موضحة أن «الخطوة الأولى نحو تحقيق الاستقرار في ليبيا أن تكون هناك حكومة يمكن أن تمثل الأطراف المختلفة، واتخاذ الخطوات اللازمة لرفع طلباتها للمجتمع الدولي».
ورغم أنها رأت أن حكومة السراج أحرزت تقدما جيدا، فإنها لفتت في المقابل إلى ما وصفته بانتكاسة مثيرة للقلق خلال الأيام الأخيرة، في إشارة إلى عدم منح مجلس النواب الليبي الثقة لهذه الحكومة، ورأت أنه «من الضروري أن يأتي الطلب من قبل الحكومة الليبية، والشيء الوحيد الذي ستفعله إيطاليا هو حماية سفارتها، أو ربما سترسل مستشارين ومدربين عسكريين لمساعدة القوات المسلحة»، لكن «هذا يعتمد على نوع الطلبات».
ولم تستبعد الوزيرة الإيطالية إمكانية قيام حكومتها أمام ظروف معينة بالدخول في عمليات عسكرية ضد «داعش»، وقالت في هذا الصدد: «إذا كان لدى إيطاليا سبب للاعتقاد أن هناك ما يهدد أمن البلاد، فسنكون على استعداد بالطبع لاتخاذ جميع التدابير اللازمة».
إلى ذلك، هاجمت عناصر التنظيم المتطرف بوابة أبو قرين التي تقع على بعد نحو 140 كيلومترا (كلم) غرب مدينة سرت الساحلية، التي يسيطر عليها «داعش» منذ منتصف العام الماضي، ما أسفر عن سقوط قتيلين وجريحين من الحراس. وطبقا لما أعلنه العقيد إبراهيم بالرجب، رئيس المجلس العسكري لمصراتة، فإن تعليمات صدرت لجميع الكتائب التابعة للمجلس بالتوجه فورا إلى هذه المنطقة، التي تعرف تواجدا مكثفا لعناصر التنظيم المسلحين على مقربة منها.
وتعد منطقة أبو قرين موقعا استراتيجيا لتحركات التنظيم الذي يتخذ من هذه المنطقة ممرا لعبور السلاح والتموين لعناصره، ومنها إلى بلدية الجفرة وسط ليبيا. لكن شبكة سرت الساحلية رأت في المقابل أن هذه التطورات المفاجئة بمثابة مسرحية هزلية مفضوحة، أبطالها ميليشيات مصراتة وتنظيم داعش، مشيرة إلى أن ما يحدث في مناطق ووديان غرب سرت هو تسليم هذه المناطق مع سبق الإصرار والترصد إلى تنظيم داعش المتطرف.
وقالت الشبكة عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إن ميليشيات مصراتة، بعد أن «تأكدت بأنها لن تستطيع إيقاف قوات الجيش الليبي القادمة من شرق البلاد وجنوبها لتحرير مدينة سرت من دنس المرتزقة الأجانب، أرادت خلط الأوراق فقاموا بالانسحاب من هذه المناطق».
من جهة أخرى، اعتقل الجيش الليبي، الذي يقوده الفريق خليفة حفتر، أحد جنوده المشاركين في عملية تحرير مدينة سرت الساحلية، بعدما اتهمه بمحاولة تشويه القوات المشاركة في هذه العملية عبر ترديد هتافات مؤيدة للعقيد الراحل معمر القذافي، والتلويح في فيديو تناقله الليبيون عبر وسائل التواصل الاجتماعي بالعلم الأخضر الذي يشير إلى نظامه السابق.
وأمر حفتر قبل يومين قواته بالتوجه إلى مدينة سرت، تمهيدا لشن معركة لتخليصها من قبضة «داعش». ومن جهته، عد المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق المنتهية ولايته في العاصمة طرابلس أن «استمرار القصف والتدمير لمدينتي بنغازي ودرنة شرق البلاد، رغم تحريرهما من الإرهاب وسكوت المجتمع الدولي والبعثة الأممية، يؤكد سلامة موقفه من الاتفاق السياسي الليبي الموقع عليه بالصخيرات نهاية العام الماضي برعاية دولية». ولفت النظر إلى أن إقدام السراج على تجميد حسابات ما يسمى حكومة الإنقاذ الوطني، التي يترأسها خليفة الغويل، أثر سلبا على احتياجات المواطنين، وأدى إلى تفاقم مشكلة السيولة في المصارف، ونقص السلع الغذائية الأساسية.
بموازاة ذلك، قال رئيس بعثة الأمم لمتحدة لدى ليبيا مارتن كوبلر، في بيان له إنه زار على مدى اليومين الأخيرين بعض العواصم العربية وروسيا، لحشد الدعم لليبيا، وللدفع قدمًا بالعملية السياسية وإيجاد حل سريع لإنهاء الأزمة في البلاد.
ومن جهته، أكد وزير خارجية هولندا بيرت كوندرز أنه ناقش مع المجلس الرئاسي إمكانية استرجاع الأموال المجمدة في هولندا للصرف منها، فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية. أما فيما يتعلق بمكافحة الهجرة غير الشرعية فقد أشار كوندرز إلى أن بلاده مستعدة لدعم وتدريب خفر السواحل الليبي بالتعاون مع المنظمة الوطنية للهجرة، وبالتنسيق الأمني بين الجانبين.
وكان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج، وأعضاء المجلس قد استقبلوا في وقت سابق، أمس الخميس، وزير الخارجية الهولندي بقاعدة أبو ستة البحرية في العاصمة طرابلس.
وتطرق اللقاء إلى العلاقات الليبية الهولندية، وسبل دعمها وتعزيزها في مختلف المجالات، بما يخدم المصلحة المشتركة للشعبين الصديقين. كما تناول اللقاء أيضا مناقشة آليات تعزيز التعاون بين البلدين في شتى المجالات خاصة الاقتصادية، والأمنية، وقضايا الهجرة غير الشرعية، بحسب وكالة «وال». وتأتي زيارة وزير الخارجية الهولندي في إطار الزيارات التي قام بها مسؤولون غربيون لطرابلس عقب وصول المجلس الرئاسي إلى طرابلس.
ليبيا: تكهنات بطلب حكومة السراج تدخلاً دوليًا لمواجهة «داعش»
المجلس الرئاسي يبحث مع وزير خارجية هولندا إمكانية استرجاع الأموال المجمدة في بلاده
ليبيا: تكهنات بطلب حكومة السراج تدخلاً دوليًا لمواجهة «داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة