السوق العقارية السعودية تواصل التراجع في أبريل.. والأنظار تتجه نحو «رسوم الأراضي»

عقاريون أكدوا أن الحل الوحيد لإنعاشها هو رضوخ التجار وخفض الأسعار

انخفاض عدد الصفقات العقارية بالسعودية لشهر أبريل أثر بشكل كبير في حجم السوق وأدائها (تصوير: خالد الخميس)
انخفاض عدد الصفقات العقارية بالسعودية لشهر أبريل أثر بشكل كبير في حجم السوق وأدائها (تصوير: خالد الخميس)
TT

السوق العقارية السعودية تواصل التراجع في أبريل.. والأنظار تتجه نحو «رسوم الأراضي»

انخفاض عدد الصفقات العقارية بالسعودية لشهر أبريل أثر بشكل كبير في حجم السوق وأدائها (تصوير: خالد الخميس)
انخفاض عدد الصفقات العقارية بالسعودية لشهر أبريل أثر بشكل كبير في حجم السوق وأدائها (تصوير: خالد الخميس)

لا تزال السوق العقارية في السعودية تعاني انخفاض الطلب؛ نتيجة لتأثير القرارات الحكومية الأخيرة التي ألقت بظلالها على تضاؤل المبيعات بانتظار انخفاض حقيقي يطال الأسعار؛ حيث انخفضت قيمة الصفقات لشهر أبريل (نيسان) الماضي بمقدار 43 في المائة، عن نظيره من عام 2015، بحسب معطيات المؤشر العقاري لوزارة العدل.
وأغلقت السوق العقارية المحلية تعاملاتها لشهر أبريل (نيسان) 2016 عند 23 مليار ريال (6.13 مليار دولار)، على انخفاض سنوي في إجمالي قيمة صفقاتها بنسبة 43.9 في المائة، مقارنة بمستواها خلال أبريل (نيسان) 2015 التي سجلت 41.1 مليار ريال (10.96 مليار دولار)، وهو انخفاض قياسي لم يسبق لها أن حققته.
وأكد عدد من العقاريين أن انخفاض عدد الصفقات المبيعة لشهر أبريل (نيسان) أثر بشكل كبير في حجم السوق وأدائها، كما أن الانخفاض في حجم الصفقات على الأراضي بالتحديد أثر بشكل مباشر في هبوط الطلب والصفقات بشكل عام؛ حيث إن الأراضي كانت مسيطرة على معظم حركة السوق منذ أعوام طويلة، وتعد هي المسبب الأول لهذا الركود، متوقعين أن يستمر هذا الانخفاض لحين نزول الأسعار لوضعها الطبيعي، وهو ما ينتظره المواطنون ليتمكنوا من الشراء.
وذكر خالد المرزوق، الذي يمتلك شركة خريف العقارية، أن السوق العقارية لا تزال تؤدي أدوارا بطيئة وضعيفة للنهوض بحجم المبيعات وتقليص هبوط الطلب على القطاع الذي يعيش غربلة حقيقية بانتظار ما ستفضي إليه بعد قرار تطبيق رسوم الأراضي البيضاء، الذي من المتوقع أن يكون الأكثر تأثيرا في واقع السوق العقارية التي تحاول الخروج من أزمة الحركة في ظل تزايد الطلب وبقاء العرض ثابتا دون شراء أو تحريك، لافتا إلى أن قيمة الانخفاض التي سجلت هذه الفترة توضح حالة الجمود.
وأضاف أن الحل الوحيد لهذه المشكلة هو رضوخ التجار لواقع السوق ونزول الأسعار لمستويات يستطيع المشتري دفع ثمنها؛ لأن بقاء الحال على ما هي عليها من القيمة لن يخدم أي طرف، فالمستثمر يحتاج إلى السيولة وتحريك الأموال، والمشتري يرغب في التملك والاستقرار.
وتطرق المرزوق إلى أن استمرار الضغط الحكومي عبر إقرار كثير من القرارات المؤثرة وعلى رأسها فرض رسوم على الأراضي البيضاء، سيمنع العقاريين من الاستمرار في موجة الصعود، لافتًا إلى أن الدولة تستمر في بذل المزيد الضغوطات عبر استصدار القوانين والتشريعات والمشاريع، وهي أسلحة تحاصر بها غلاء الأسعار من أجل إعادتها إلى حالتها الطبيعية، أو على أقل الأحوال بقائها على وضعها الراهن، موضحا أن حلول تقليص دفعة التملك بالآجل وطرح وحدات سكنية إضافية بأسعار مرتفعة لم ولن يكون مجديا، خصوصا أن المشكلة تتمحور في ارتفاع أسعار الوحدات السكنية وعجز المستهلكين عن تملكها.
إلى ذلك، أشار عبد الله المحيسن، الخبير العقاري، إلى أن القطاع العقاري منذ أقل من عقد وهو يسير باتجاه منخفض من قيمة الصفقات والمبيعات، بالتوازي مع الارتفاعات المتواصلة في أسعار العقار أو حتى بقائها على حالها الراهن في مختلف القطاعات والأفرع العقارية، لكن تسجيلها الجديد من الانخفاضات في الطلب يبث الاطمئنان بأن السوق في تراجع صحيح، بدليل الانخفاض الحاصل في الشراء الذي سيلحقه نزول محتمل في القيمة، لافتا إلى أن الحكومة تسعى بشكل كبير وفعال للسيطرة على القطاع العقاري عبر الدخول بتشريعات ومشاريع إلى تطويق السوق العقارية التي أصبحت تعيش وضعا صعبا من الحركة على الرغم من تزايد الطلب.
وعن رؤيته لمستقبل العقار، قال المحيسن: «من الملاحظ من البيانات التي أظهرتها المؤشرات أن حركة الأراضي تعد هي المحرك الأساسي للسوق؛ نظرا إلى الاعتماد الكبير عليها في ظل وجود مساحات شاسعة من الأراضي غير مستغلة، وتشكل محركا قويا للقطاع العقاري، بل إن السوق تعتمد عليه عند التحركات العقارية؛ لذا عندما يتم السيطرة على أسعار الأراضي عبر تطبيق الرسوم وهو ما سيحدث في رمضان المقبل، فإن السوق ستنحدر لا محالة»، موضحًا أن السوق لا تعاني بتاتا نقص المعروض كما هو مشاع بقدر ما هو ارتفاع في الأسعار، ومشددا على أن السيطرة على أسعار الأراضي يعني إحكام القبضة على قيمة القطاع العقاري بشكل كامل، وهو ما يتضح من الانخفاض الحاصل في الأسعار، وهو ما سيحدث خلال الفترة المقبلة التي ستكشف الوجه الحقيقي للسوق وقيمتها.
من جهته، أكد علي التميمي، الرئيس التنفيذي لشركة جبره العقارية، أن إعلان الحكومة عن 100 ألف وحدة سكنية جاهزة للتسليم يمثل منافسة قوية للقطاع التجاري الذي يجب أن يراجع مشاريعه واستراتيجيته التي تستوجب عليه بناء وحدات سكنية بأسعار منخفضة تماما كما تفعل الحكومة، ولكن تختلف باحتسابها فوائد بسيطة؛ حيث تعتمد على تلبية الطلبات الكبيرة بفوائد معينة وليس اعتماد الفائدة الكبيرة بتلبية طلبات بسيطة كما هو حاصل الآن.
وأضاف أن دخول الحكومة بمثل هذه المشاريع هي ورقة ضغط كبيرة على القطاع الخاص لبلورة الأسعار من جديد وتخفيض القيمة والتعامل التجاري بأسعار معقولة لضمان انتعاش السوق وعودتها لقوتها المعهودة.
وزاد التميمي بأن السوق العقارية المحلية لا تحتاج إلى مزيد من التقلص في الحركة أكثر مما هي عليه في هذه الفترة، خصوصا أنها تسير نحو الجمود إذا استمر الحال عليه، وأن هناك فجوة كبيرة بين أسعار العرض وقدرات المشترين؛ الأمر الذي تسبب في ركود حاد في القطاع، الذي يعد الأكثر غرابة من بين القطاعات الاقتصادية الأخرى، موضحا أن السوق تفرز من وقت لآخر كميات لا بأس بها من العروض، دون أن تجد لها طلبا يتلاءم معها في السعر أو نوعية الإقبال.
وكانت السوق العقارية المحلية أنهت تعاملاتها لشهر أبريل (نيسان) 2016 على انخفاض سنوي في إجمالي قيمة صفقاتها بنسبة 43.9 في المائة، مقارنة بمستواها في الفترة نفسها من العام الماضي. وجاءت نسبة الانخفاض الأكبر في جانب القطاع السكني، الذي سجل انخفاضا سنويا بلغت نسبته 51.4 في المائة للفترة نفسها، لتستقر بنهاية أبريل (نيسان) 2016 عند 13.9 مليار ريال (3.71 مليار دولار)، مقارنة بـ28.6 مليار ريال (7.63 مليار دولار) خلال أبريل (نيسان) 2015، فيما انخفضت قيمة صفقات القطاع التجاري بنسبة 26.7 في المائة للفترة نفسها، لتستقر بدورها عند مستوى 9.1 مليار ريال (2.43 مليار دولار)، مقابل 12.4 مليار ريال (3.31 مليار دولار) خلال أبريل (نيسان) 2015.
كما امتدت سلسلة الانخفاضات إلى كل من أعداد صفقات السوق والعقارات المبيعة، التي سجلت انخفاضا على مستوى إجمالي صفقات السوق العقارية خلال الفترة نفسها بنسبة 21.8 في المائة، لتستقر بنهاية أبريل 2016 عند مستوى 19.3 ألف صفقة عقارية، مقابل 24.7 ألف صفقة عقارية خلال أبريل (نيسان) 2015. كما انخفضت العقارات المبيعة لشهر أبريل (نيسان) 2016 بنسبة 21.1 في المائة، لتستقر بنهاية الشهر عند 20.8 ألف عقار مبيع، مقابل 26.3 ألف عقار مبيع خلال أبريل (نيسان) 2015.
وكانت وزارة الإسكان أعلنت عن طرح 100 ألف منتج سكني للتخصيص والتسليم خلال أسبوع وعلى مراحل شهرية لمدة عام، وستسلم الإسكان الشهر المقبل مشاريع عدة، منها مشروع حفر الباطن والشنان، ورياض الخبراء، وبيش صامطة وصبيا، وأكدت وزارة الإسكان أن مشروع إنشاء 100 ألف منتج سكني سيتم تنفيذه في كل مناطق المملكة ويشمل الفيلات والشقق والحلول التمويلية والأراضي.
كما أعلنت «الإسكان» عزمها رفع نسبة تملك المواطنين للسكن إلى 75 في المائة خلال السنوات الخمس المقبلة.
وتسعى الوزارة إلى توفير عدد كبير من الوحدات بأسعار معقولة، وذلك من خلال تطوير وتوزيع نحو 100 ألف وحدة سكنية خلال العام الحالي، إضافة إلى توفير 300 ألف وحدة سكنية في السنوات المقبلة.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».