الميليشيات تضع أرواح المدنيين في تعز والحديدة خارج الهدنة

واصلت انتهاكاتها الإجرامية.. وأجبرت عشرات الأسر على مغادرة منازلها

يمنية تترقب الأجواء الأمنية بالقرب من مأوى مؤقت بمخيم للمشردين الذين أجبروا على الفرار من منازلهم في شمال محافظة عمران جراء الانقلاب الحوثي (أ.ب)
يمنية تترقب الأجواء الأمنية بالقرب من مأوى مؤقت بمخيم للمشردين الذين أجبروا على الفرار من منازلهم في شمال محافظة عمران جراء الانقلاب الحوثي (أ.ب)
TT

الميليشيات تضع أرواح المدنيين في تعز والحديدة خارج الهدنة

يمنية تترقب الأجواء الأمنية بالقرب من مأوى مؤقت بمخيم للمشردين الذين أجبروا على الفرار من منازلهم في شمال محافظة عمران جراء الانقلاب الحوثي (أ.ب)
يمنية تترقب الأجواء الأمنية بالقرب من مأوى مؤقت بمخيم للمشردين الذين أجبروا على الفرار من منازلهم في شمال محافظة عمران جراء الانقلاب الحوثي (أ.ب)

احتدمت المواجهات العنيفة بين قوات الشرعية، الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، من جهة، وميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، من جهة أخرى، في عدد من جبهات القتال في محافظة تعز، الواقعة إلى الجنوب من العاصمة صنعاء، وسقط على أثرها قتلى وجرحى من الجانبين.
وبعد ساعات من إعلان وفد الشرعية تعليق المحادثات مع وفدي ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، بسبب خرقهم الهدنة واقتحامهم قاعدة العمالية في محافظة عمران، قصفت الميليشيات الانقلابية وبشكل عنيف من أماكن تمركزها الأحياء السكنية في مدينة تعز وقرى المحافظة بما فيها قرى مديرية الوازعية، بوابة لحج الجنوبية غرب مدينة تعز، خاصة المواقع التي تخضع لسيطرة المقاومة الشعبية.
ودارت اشتباكات عنيفة بين قوات الشرعية والميليشيات الانقلابية في مناطق المجر وتبة العصور في الأحبوب في مديرية الوازعية.
قال قيادي في المقاومة الشعبية في تعز لـ«الشرق الأوسط» إن «ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح تواصل خروقاتها في محافظة تعز، في حين أصبحت المدينة ساحة قتال ساخنة أعنف مما قبل، وذلك منذ بدء سريان الهدنة التي لم تلتزم فيها الميليشيات الانقلابية، بينما قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وطيران التحالف العربي التي تقوده السعودية ملتزمة بهذه الهدنة، ولا يجري سوى الرد على مصدر إطلاق النار».
وأضاف أن «ما يجري في تعز أنها مدينة باتت تعيش وبكل وضوح خارج نطاق الهدنة، حيث تواصل الميليشيات الانقلابية الحشد والدفع بتعزيزات عسكرية إلى مديرية الوازعية وحيفان ومحيط المدينة، بالإضافة إلى قتل المدنيين بصواريخ الكاتيوشا ومضادات الطيران، لكن أبطال المقاومة الشعبية والجيش الوطني يواصلون التصدي لهجمات الميليشيات الانقلابية بكل بسالة».
كما شنت الميليشيات الانقلابية المتمركزة شرقي المدينة، صفها المدفعي المكثف على أحياء الزهراء والثورة وحي قلعة القاهرة، ما أسفر عن دمار كبير في الممتلكات، وكذلك على منطقة الضباب غرب المدينة.
ورغم الدمار والقصف اليومي على مدينة تعز، فإن عددا من الأسر التي تعيش في أرياف المحافظة لا تزال تعود إلى مساكنها بعد نزوحهم منها منذ عدة أشهر متأملين من الميليشيات الانقلابية الالتزام بالهدنة ووقف إطلاق النار رغم التوقيع على هدنة أخرى بعد الهدنة التي كانت برعاية أممية، من قبل لجنة وقف إطلاق النار من جميع الأطراف في مدينة تعز، ويقابلها تهجير الأهالي من قرى الوازعية.
كما أجبرت ميلشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح أكثر من 90 أسرة من قرية الهليبي بمديرية المخا الساحلية، غرب تعز، على مغادرة القرية وتحويلها إلى ثكنة عسكرية.
وبينما تواصل ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، التحشيد والدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى تعز، أكد شهود محليون لـ«الشرق الأوسط» أن «طيران التحالف العربي التي تقودها السعودية استهدفت بغاراتها تعزيزات عسكرية تتبع للميليشيات الانقلابية غرب مدينة تعز، وذلك بعد وصولها لمنطقة خلف جبال هان».
في المقابل، تواصل ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح حصارها المطبق على جميع منافذ المدينة منذ عدة أشهر وتمنع دخول المواد الغذائية والدوائية والطبية والإغاثية وكل المستلزمات بما فيها المشتقات النفطية، الأمر الذي جعل أهالي مدينة تعز يواصلون إطلاق نداء الاستغاثة لإنقاذهم من الميليشيات الانقلابية وفك الحصار عن المدينة.
من جهة أخرى، تواصل ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح بخروقاتها وارتكاب انتهاكات جديدة في محافظة الحديدة الساحلية، غرب اليمن.
وكشف فريق رصد، منظمة مجتمع محلي غير حكومية، في تقريره الأخير ارتكاب الميليشيات في شهر أبريل (نيسان) الماضي لـ(50) حالة اعتداء منها حالتا قتل وعدد (3) اعتداءات وإصابة امرأتين، بالإضافة إلى (45)حالة اختطاف. وذكر أن الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة في محافظة الحديدة بلغت (38) حالة تمثلت بـاقتحام مسجدين، ومدرسة، واقتحام ونهب ممتلكات منظمات مجتمع مدني، ومصادرة معدات ثقيلة ومصانع، ونهب مزارع وأموال تعود لرجل أعمال، واقتحام ونهب منازل مواطنين، سرقة مستحقات مالية وحوافز موظفين، واقتحام منازل وترويع المدنيين.
وأشار الفريق في تقريره إلى أن الميليشيات تواصل ممارسة عقوباتها بحق أبناء المحافظة من خلال استمرارها بقطع الكهرباء عن المحافظة التي تشهد حرا شديدا مع دخول فصل الصيف منذ 9 أشهر على التوالي، وكذلك انعدام المشتقات النفطية والغاز مما سبب في توقف شبه تام للحياة المعيشية والاقتصادية للمواطنين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».