تحتفي مجلة «الشعر الحديث مترجمًا» البريطانية هذه الأيام بمرور خمسين عامًا على صدورها، بتنظيم عدة أمسيات في لندن وباريس. تقام الأمسية الأولى في الخامس من الشهر المقبل في كلية «كنجزكولج»، وتشهد توزيع كتاب «مراكز الفجيعة» الذي طبعته دار «بلودأكس» المختصة بطبع الشعر.
واختارت هيئة تحرير المجلة، التي أصدرها الشاعران البريطانيان تيد هيوز ودانييل وبسبورت عام 1967، من بين مئات الشعراء، وآلاف القصائد التي نشرت فيها على امتداد هذه الفترة الطويلة، نحو 200 شاعر من مختلف أنحاء العالم، ومن حقب زمنية مختلفة.
واختارت المجلة قصائد للشاعرين الفلسطينيين محمود درويش وسميح القاسم، والشاعر السوداني الصادق الرضي، وشاعرين عراقيين، هما فاضل السلطاني وفوزي كريم، والشاعرة الكردية تشومان هيردي. وتم اختيار السلطاني وكريم ضمن مختارات بعنوان «الشعر العراقي اليوم» التي حررها د. سعدي السماوي، رئيس قسم اللغة الإنجليزية السابق في كلية «غرينيل» الأميركية، والشاعر البريطاني دانييل ويسبورت، وأصدرته المجلة 2002 بالتعاون بين هذه الكلية وكلية «كنز كولج» البريطانية.
ومن شعراء العالم، ومن مراحل زمنية مختلفة، نشرت المجلة قصائد لبرتولد بريخت، وغارسيا لوركا، وميروسلاف هولوب، وأنا اخماتوفا، ويانوس بلينسكي، ويسلاوا زيمبورسكا (نوبل عام 1996)، وغيوم أبولينير، وروفائيل ألبرتي، وبريمو ليفي، وبول سيلان، وجورج سيفريس، ويانوس ريتسوس، ويهودا أميخاي، وأدري تاركوفسكي، وتوماس ترانسترومر (نوبل 2011)، وعشرات غيرهم.
ومن المقرر أيضًا أن تنظم فعالية بمناسبة صدور المختارات في العاصمة الفرنسية، في شهر يوليو (تموز) المقبل، بمشاركة فرقة شكسبير الملكية.
وجاء في مقدمة الكتاب، التي اشترك في كتابتها شاسا دوغديل، الشاعرة والمترجمة عن الروسية، والمحررة الحالية لمجلة «الشعر الحديث مترجما»، والشاعر ديفيد كونستنتين، الشاعر والمترجم عن الألمانية، والمحرر السابق للمجلة، والمترجمة هيلين كونستنتين، المحررة السابقة للمجلة: «هذه المختارات ليست جمعا لكل النتاج الضخم الذي أصدرته المجلة، وليست حتى مختارات تمثل ما نشر فيها. لقد نشرت المجلة منذ 1965 حتى 2016 أربعة وتسعين عددا، وعدة آلاف من القصائد.. وبعد أيام من قراءة أعداد المجلة، والتناوب بين اليأس بسبب الكمية الكبيرة من القصائد، والمتعة في اكتشاف الجديد، قررنا أن تتخذ المختارات شكلا يسمح لنا أن نقدم جزءا صغيرا يمثل الكل، في ضوء تاريخ المجلة. لقد استخدم هيوز وويسبورت تعبير (مراكز الفجيعة) في العدد الأول من المجلة، وأثر فينا هذا التعبير بقوة كشكل بصري: مركز دائرة يطلق حلقات مركزية مثل الموجات أو الهزات. (غلاف المجلة الذي صممته كاتي ماهود يستلهم هذه الفكرة).
وإذا طبقنا ذلك على مختارات شعرية، فإن هذا الشكل لا يمكن أن يكون سوى نوع تنظيمي أكثر ليونة: قصائد أطلقت مثل الشرارة بعيدا عن مركز النار، وموضوع اختيارنا لمكان هذه القصائد هو مجرد تصور شخصي. ومع هذا، فإن تقسيم القصائد والقطع النثرية حول محور معين كان تصورا مقنعًا، وذا غرض حيوي، فالحركة الخارجية بدت وكأنها مسار قصيدة انطلقت في عالم جديد.
المحور المركزي، والقسم الأول من المختارات، الذي ابتدأت به المجلة، هو منطقة «الفجيعة» المعاشة: قصائد حول الحرب، والثورة، والاضطرابات، والإبادة البشرية، والانشقاق، والمقاومة. وكذلك حول طرق وصور الأمل والبقاء... أما المحور الثاني، فله علاقة بالتجربة الإنسانية، والهجرة والمنفى، ويأخذ موضوع البقاء إلى منطقة مختلفة بلغة مختلفة، قصائد تنظر إلى الخلف، وتحن لبيت، واضعة التجربة في سياق جديد.
ولا شيء بالكاد يبعث على الدهشة حين نرى أن كثيرا من القصائد، على امتداد خمسين سنة من مجلة «الشعر الحديث مترجمًا»، يتعامل مع موضوع هجرة البشر، والجاليات، فهو ملمح أساسي من ملامح القرن العشرين، وقد يبقى دائما كذلك... والحلقة الأخيرة من الكتاب تتعامل مع موضوعي الحماية والبقاء: الطبيعة وبقاء اللغات والثقافات، وبالتالي حماية الإنسان. وهكذا، فإن محور الفجيعة المحترق، الذي هو مركز المختارات، قد تم رسمه، ومن خلال الترجمة، الهجرة والمنفى، يزرعان في تربة أخرى. والكلمة المنطوقة تحت الإكراه، تصبح كلمة توكيد: حماية وتعبير عن إنسانيتنا».
5 شعراء عرب في مختارات تغطي نصف قرن من شعر العالم المترجم
المجلة البريطانية «الشعر الحديث مترجمًا» تحتفي بذكرى صدورها
5 شعراء عرب في مختارات تغطي نصف قرن من شعر العالم المترجم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة