شرطة إسرائيل تخفي شريطًا يوثق إعدام أم فلسطينية شابة وشقيقها

نائب إسرائيلي: هناك دلائل كثيرة على أن إطلاق الرصاص عليهما جاء متسرعًا

شرطة إسرائيل تخفي شريطًا يوثق  إعدام أم فلسطينية شابة وشقيقها
TT

شرطة إسرائيل تخفي شريطًا يوثق إعدام أم فلسطينية شابة وشقيقها

شرطة إسرائيل تخفي شريطًا يوثق  إعدام أم فلسطينية شابة وشقيقها

مع رفض الشرطة الإسرائيلية كشف الشريط الذي يوثق قتل الأم الفلسطينية الشابة، مرام إسماعيل (23 عاما)، وشقيقها صالح طه (16 عاما)، يوم الأربعاء على حاجز قلنديا، بادعاء محاولتهما تنفيذ عملية طعن، تتزايد الشبهات بأن هذا الشريط يوضح أن الأم وشقيقها لم ينويا طعن جنود إسرائيليين بالسكاكين. وأن قتلهما كان بمثابة قرار متسرع، أو إعدام مقصود.
والحديث يجري عن امرأة شابة، أكد ذووها أنها لم تكن تتدخل في السياسة وأنه من المستحيل أن تكون بادرت إلى عملية انتحارية معروف سلفا بأنها لن تخرج منها حية. ولكن الشرطة الإسرائيلية نفت ذلك، وادّعت بأن مرام وشقيقها أثارا اشتباه الشرطة، إذ رفضا الانصياع إلى أوامرها بالتوقف، وأن مرام تسلمت عندئذ السكين، فتم قتلها هي وشقيقها.
في المقابل، أدلى شهود عيان فلسطينيون برواية أخرى للحادث، وقالوا: إن مرام وصالح لم يشكلا أي تهديد، وكانا على مسافة بعيدة من قوات حرس الحدود، ولم يفهما ما قالته لهما الشرطة بالعبرية. وقد طولبت الشرطة، في هذه الحالة بكشف الشريط الذي يوثق كل ما يجري في ذلك الحاجز بالتفصيل، علما بأنه يعتبر أكبر معبر حدودي بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، يعبره يوميا عشرات الآلاف في طريقهم من وإلى القدس إلى رام الله، وعائدين منها.
وادعت شرطة القدس أنه لا يمكن نشر الشريط الذي يوثق للحادث، إذا توفر، لأنه يعتبر مادة للتحقيق. ويستدل المشككون بأحداث سابقة مشابهة قامت خلالها وحدة الناطق بلسان الشرطة، من تلقاء نفسها، بنشر المقاطع المصورة، بل وأضافت إليها عناوين لشرح ما يحدث أو لتبرير سلوك قوات الشرطة. وحسب ادّعاء الشرطة، فقد لاحظت قوة حرس الحدود الشابة وشقيقها يتجهان نحو المعبر المعد للسيارات فقط، فيما كانت يد الشابة داخل حقيبتها ويد شقيقها خلف ظهره. وقد أثارا اشتباه قوة الشرطة التي طالبتهما بالتوقف عدة مرات، وإلقاء الحقيبة. وعندما اقتربا من الشرطة، سحبت الشابة السكين من حقيبتها وألقتها باتجاه شرطي، لكنها لم تصبه. وقامت الشرطة بفتح النيران عليهما، وقتلهما.
كما تدّعي الشرطة أنها عثرت على سكينين أخريين أثناء تفتيش جثة صالح، لكن إفادة الشرطة هذه لا تتفق مع رواية شهود العيان الفلسطينيين تواجدوا في المكان. أحد هؤلاء هو سائق حافلة ركاب طلب عدم نشر اسمه، فقال: «الشرطي أطلق النار على مرام من مسافة 20 مترا، وأن مرام وصالح لم يشكلا خطرا على أحد حين تم إطلاق النار عليهما». وقال شهود عيان إن صالح حاول بعد إطلاق النار على شقيقته جرها بعيدا عن الحاجز، لكنه تم إطلاق النار عليه. وأضافت مصادر فلسطينية أن القوات الإسرائيلية منعت طواقم الإسعاف الفلسطينية من دخول المنطقة لتقديم العلاج. ونشرت صورا للمكان بعد الحادث يظهر فيها صالح ومرام وهما ممددان في منتصف الشارع على مسافة ما من موقع الحراسة على الحاجز، في مكان لا تتواجد فيه عادة قوات الشرطة أو الحراس. وقال أشخاص يعرفون الحاجز جيدا إنهم يقدرون بأن المكان الذي سقط فيه صالح ومرام يبعد مسافة 15 مترا تقريبا عن موقع الحراسة.
من جانب آخر، توجه النائب دوف حنين (القائمة المشتركة) إلى وزير الأمن، موشيه يعلون، ووزير الأمن الداخلي، غلعاد اردان، مطالبا بفتح تحقيق فوري في الحادث ونشر أشرطة الفيديو التي يملكها الجيش وغيره من أجهزة الأمن. وقال حنين إنه «لم يتم نشر أي شريط حول الحادث، رغم وجود شبكة من الكاميرات هناك. وحسب إفادات شهود عيان، فقد سار الاثنان في المسار المعد للسيارات ولم يفهما نداءات الجنود لهما بالتوقف، والتي جاءت باللغة العبرية. وعندما أمسك شقيق مرام بيدها لأخذها إلى المسار الصحيح تم إطلاق النار عليها من مسافة نحو 20 مترا، ومن وراء حاجز باطون. وعندما انحنى شقيقها لتقديم المساعدة لها، تم إطلاق النار عليه.. شهود العيان يدعون أن الشرطة لم تتعرض إلى أي خطر، وطواقم الإسعاف الفلسطينية منعت من الاقتراب من المكان لتقديم المساعدة. أنا أطالب (ماحش) (دائرة محاسبة رجال الشرطة على تجاوزاتهم، وهي تابعة لوزارة العدل) والجيش، بالتحقيق في الحادث فورا ونشر الأشرطة وكل مادة متوفرة من المكان. لا يمكن التسليم بواقع إطلاق النار على الناس في عز الظهيرة فقط بسبب الاشتباه بهم». كما توجه النائب أحمد الطيبي (المشتركة) إلى المستشار القانوني للحكومة، ابيحاي مندلبليت، وطالبه بنشر توثيق إطلاق النيران وفتح تحقيق في ظروف موت الشقيقين.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».