تحقيقات في روما وخطة في بروكسل لتجفيف منابع تمويل الإرهاب

اهتمام أوروبي بنشاط «داعش» في تهريب المخدرات

تحقيقات في روما وخطة في بروكسل لتجفيف منابع تمويل الإرهاب
TT

تحقيقات في روما وخطة في بروكسل لتجفيف منابع تمويل الإرهاب

تحقيقات في روما وخطة في بروكسل لتجفيف منابع تمويل الإرهاب

أظهرت عدة عواصم أوروبية اهتمامًا ملحوظًا بما وصفته، تورط تنظيم داعش والعناصر المرتبطة به، في تجارة المخدرات. وهي أمور سبق أن تحدثت عنها وزارة الداخلية البلجيكية في بروكسل واهتمت وسائل الإعلام البريطانية في لندن بالأمس بما يعرف بمعسكرات تدريب لأشبال «داعش»، وفي روما، وحسب تقارير إعلامية، تبين من تحقيق أمني جديد أجري في إيطاليا أن تنظيم داعش متورط في عمليات مشتركة مع عصابات المافيا لتهريب المخدرات والحشيش إلى دول أوروبا، في الوقت الذي يفرض فيه التنظيم حظرًا على التدخين في الرقة والموصل والمناطق الأخرى التي يسيطر عليها. ففي بروكسل، أعلنت الحكومة البلجيكية، في يناير (كانون الثاني) الماضي، عن تفاصيل خطتها التي قالت عنها إنها لـ«تنظيف» عدة بلديات في العاصمة بروكسل ومنها بلدية مولنبيك، التي وصفها البعض بأنها بؤرة للتطرف، وخاصة بعد أن خرج منها أشخاص شاركوا في تنفيذ هجمات باريس الأخيرة أو شاركوا في التخطيط لها، ولعل أبرزهم عبد الحميد أباعود، الذي لقي حتفه في مداهمة لمنزل في حي سانت دوني بباريس، وصلاح عبد السلام الذي جرى تسليمه مؤخرا إلى السلطات الفرنسية، وشقيقه إبراهيم الذي فجر نفسه في باريس، ومعه أيضا بلال حدفي وهو أيضا من سكان مولنبيك. هذا إلى جانب عناصر شاركت أو أسهمت في تنفيذ هجمات بروكسل الأخيرة.
وقال وزير الداخلية جان جامبون في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن مخططه يتضمن بالدرجة الأولى العمل على محاربة الاقتصاد الموازي المستشري فيها، فـ«المتطرفون من سكان البلدية هم رسميًا، عاطلون عن العمل، ولكنهم يحصلون على الأموال بفضل تجارة السلاح والمخدرات وتزوير الوثائق، ونحن سنعمل لتجفيف مصادرهم المالية هذه»، وفق كلامه. وبالأمس نقلت صحيفة «ديلي تلغراف» في تقرير لها عن رئيس وحدة مكافحة الإرهاب والمافيا في إيطاليا، فرنكو روبرتو، قوله إن التحقيقات أظهرت وجود دلائل قوية على تعاون وتجارة مشتركة بين «داعش» وعصابات المافيا، فيما أشارت الصحيفة في التقرير، الذي اطلعت عليه «العربية نت»، إلى أن «قادة التنظيم يجنون ملايين الدولارات نظير المساعدة التي يقدمونها لعمليات تهريب المخدرات والحشيش إلى أوروبا».
وبحسب التقرير، فإن الشرطة الإيطالية وجدت أدلة على أن مقاتلي «داعش» في ليبيا عملوا مع مهربي مخدرات يستهدفون الوصول إلى أوروبا وقاموا بتقديم الخدمات اللازمة لهم من أجل المرور في الطرق المؤدية من شمال أفريقيا إلى أوروبا.
ويتبين من التحقيقات أن أحدث الطرق لتهريب المخدرات من شمال أفريقيا إلى دول أوروبا تمر بالدار البيضاء في المغرب، ثم الجزائر ثم تونس وصولاً إلى طبرق في شرق ليبيا. فيما تظهر من تحقيقات أجرتها الشرطة الإيطالية أن عصابات المافيا اضطرت لإبرام اتفاق مع عناصر «داعش» من أجل المرور بمناطق يسيطرون عليها، وتحديدًا في مدينة سرت التي يسود الاعتقاد أن التنظيم يسيطر على موانئها وسواحلها.
ولفتت «ديلي تلغراف» إلى أن الوثائق التي تسربت أخيرًا عن «داعش» تكشف أن إيرادات التنظيم عمومًا تراجعت بنسبة 30 في المائة منذ منتصف العام الماضي 2015 لتصبح عند مستوى 56 مليون دولار شهريًا، وهو ما يبدو أنه دفع «داعش» إلى البحث عن طرق أخرى لتعويض التراجع في الإيرادات وتعزيز وضعه المالي. ومن بين هذه الطرق التعاون مع عصابات المافيا وتقديم الخدمات لهم مقابل الأموال. ويقول باحثون تابعون لمجموعة (IHA) إن «داعش» فقد نحو 22 في المائة من أراضيه خلال الشهور الـ15 الماضية، وأصبح يحكم نحو ستة ملايين شخص بدلاً من تسعة ملايين كانوا خاضعين قبل ذلك لسيطرة التنظيم ويعيشون في الأراضي التي يسيطر عليها، ما أدى إلى تراجع حجم الضرائب التي يجنيها من السكان بطبيعة الحال.
وفي لندن نشرت صحيفة «التايمز» تقريرا لتوم كولان بعنوان «أشبال الخلافة يتم غسيل أدمغتهم ليعاملوا آباءهم كأعداء». وقال الكاتب: «يُلقن جيل من المقاتلين الأطفال على التنصت على آبائهم وحتى قتلهم، وذلك في معسكرات التدريب التابعة لتنظيم داعش».
ونقلاً عن محمد علوة الناشط السوري في منطقة دير الزور السورية فإن «تنظيم داعش ينشئ جيلاً من الجهاديين الجادين»، مضيفًا أن «الأطفال عندما يكبرون، يبدأون بتعليم الأجيال التي تليهم ما تعلموه وهم في عمر الزهور». أما الناشط السوري بديع أبو جانا - وهو اسم مستعار - فيقول إن «خطر (داعش) لا يكمن الآن، بل سيكون أكبر في الأيام المقبلة»، مشيرا إلى أن أهالي هؤلاء الأطفال يجدون أنفسهم في حالة عجز عن منع أطفالهم من الانغماس الكامل والتعمق في آيديولوجية التنظيم وأفكاره. ويضيف أبو جانا أن «الطفل يصبح أكثر عدوانية ووحشية من عناصر التنظيم أنفسهم، لأنهم كالأوراق البيضاء يمكن أن يخطوا عليها ما يشاءون». وأشار إلى أن «ألفي طفل تلقوا تدريبات داخل معسكر تابع لتنظيم داعش في مدينة الميادين التي تبعد 15 ميلاً جنوب دير الزور في شرقي سوريا». ويروي الكاتب قصة الطفل الإيزيدي مراد (9 أعوام) على لسان والدته التي أسرت واغتصبت لمرات عدة على أيدي التنظيم. وتقول الوالدة إن التنظيم المتشدد الذي قتل زوجها الذي ينتمي إلى الطائفة الإيزيدية عمل على «غسل دماغ» ابنها، مضيفة أنه رفض الهروب معها عندما سنحت لهما الفرصة، إلا أنه اقتنع أخيرًا. وختم بالقول: «تنظيم داعش يعلم الأطفال كيفية القتال والمشاركة في المعارك ضد الكفار»، مشيرا إلى أن «التنظيم يركز على الأطفال من عمر السابعة ويخصص أموالا ضخمة لتدريبهم وتعليمهم شؤون القتال».



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.