تنطلق اليوم (الجمعة)، في إسطنبول، فعاليات الملتقي العالمي الأول للأئمة والخطباء، التي تستمر يومين، وذلك تحت إشراف كثير من المنظمات الإسلامية، وهي الهيئة العالمية للمساجد، ورابطة العالم الإسلامي، واتحاد المنظمات الأهلية في العالم الإسلامي. وتوجه، أمس، من بلجيكا الشيخ نور الدين الطويل، أحد أبرز الدعاة والناشطين في مجال العمل الإسلامي، للمشاركة في أعمال المؤتمر الذي من المنتظر أن يستضيف ما يقرب من 500 من الخطباء والأئمة من مختلف دول العالم.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» في بروكسل، قال نور الدين الطويل إن الغرض من المؤتمر الذي يعتبر الأول من نوعه مناقشة كثير من القضايا، من خلال عدة جلسات عمل. وفي الأولى منها، يتحدث المشاركون حول المسؤولية الشرعية والمجتمعية وتعزيز الصورة الإيجابية عن الإسلام والمسلمين.
وفي الجلسة الثانية، يتحدث المشاركون عن دور الإمام في مواجهة الغلو والتطرف والإرهاب، وتعزيز منهج الوسطية، وتحقيق الأمن الفكري، وكذلك جهود أئمة الحرمين الشريفين في مواجهة التطرف والإرهاب. وهناك جلسة ثالثة حول تطوير مهارة الإمام لتحقيق رسالة المسجد، وتوطيد العلاقة مع مؤسسات المجتمع المدني، والتقريب بين الناس وجمع كلمتهم.
وأضاف الداعية أن هناك أئمة من كل أنحاء العالم، من أوروبا وأميركا وآسيا وأفريقيا ودول العالم الإسلامي، كما يشارك عدد من الوزراء والقيادات الدينية في تركيا ودول عربية وإسلامية.
وأشار نور الدين إلى أن الغرب والدول الإسلامية لديهما مسؤولية مشتركة لمواجهة انحراف الشباب إلى الفكر المتشدد لأن البعض يرى أن عدم إيجاد حلول عادلة لمشكلات العالم العربي الإسلامي، ومنها مشكلات منطقة الشرق الأوسط، خصوصا ما يحدث على الأراضي الفلسطينية، سيزيد من أتباع الإرهاب، كما أن الدول العربية والإسلامية عليها أن تعمل من أجل نشر مزيد من العدالة الاجتماعية والحريات، وبالإضافة إلى ذلك فإن الجاليات المسلمة في أوروبا أيضًا لها دور يجب أن تقوم به من أجل بناء التفاهم، وإعطاء صورة إيجابية عن الإسلام، وهناك دور هام للآباء في مراقبة وتوجيه أبنائهم، وأيضًا للأئمة في نشر الفكر المعتدل.
ويأتي ذلك بعد أن أعلنت الحكومة الاتحادية في بلجيكا عن تخصيص 3.3 مليون يورو من أجل تمويل مرتبات 80 إماما جديدا، ويدخل هذا الإجراء ضمن إطار خطة مكافحة التطرف التي وضعتها السلطة التنفيذية التي ترغب بشكل خاص في تعزيز «إسلام مندمج».
وقال وزير العدل، كوين جينس، المكلف برواتب الأئمة: «تعكس هذه الاستراتيجية فلسفتنا تجاه إسلام أكثر اندماجا»، و«لمكافحة التطرف، من الضروري ألا يتحول الشباب إلى المساجد المتطرفة، وهذا يعطينا أيضًا المزيد من المتحاورين».
وحسب صحيفة «ستاندرد» اليومية، الناطقة بالهولندية، سيكون الأئمة الجدد، وكذلك المساجد الجديدة، موضوع تحقيق من قبل أمن الدولة. ويأتي ذلك في إطار إجراءات حكومية لمكافحة الإرهاب تتضمن التركيز على الاهتمام بالأئمة لنشر الفكر المعتدل في مواجهة التشدد، إلى جانب إجراءات أخرى أمنية وقضائية اجتماعية واقتصادية، ومنها الاهتمام بالتعليم والقضاء على البطالة بين الشباب.
وفي تصريحات لـ«للشرق الأوسط»، قالت أناليسا جادليتا، عضو المجلس المحلي في مولنبيك ببروكسل: «إيجابي للغاية أن يتم تقديم الدعم المالي الحكومي للأئمة، بنفس الطريقة مع رجال الدين المسيحي، أو أي ديانة أخرى، مما يوفر أجواء من الشفافية والمراقبة، وإيجابي أيضًا أن يتم توفير التدريب والتأهيل للأئمة لمواجهة الفكر المتشدد، خصوصا أن الأئمة لهم دور هام في المجتمع»، مشددة على أن الحكومة لا تتدخل في اختيار الأئمة، وإنما تقوم منظمات الجالية المسلمة بترشيحهم، وتتأكد السلطات فقط من توفر بعض الشروط القانونية والاجتماعية.
وأضافت المسؤولة البلجيكية أن السلطات لا تتدخل في اختيار رجال الدين في الكنيسة، وبالتالي ينطبق الأمر على الجالية المسلمة، ونكتفي بالتأكد من بعض المعايير، وهذا الأمر يطبق على الجميع، ولا يقتصر على ديانة محددة. ولمحت جادليتا إلى أن الدين الإسلامي معترف به منذ فترة طويلة، ولكن الدعم المالي لم يكن يطبق بنفس الطريقة التي كانت تتعامل بها السلطات مع رجال الدين في الكنيسة، ولكن الآن أصبحت الأمور واحدة بالنسبة للدعم المالي لرجال الدين في الكنائس والمساجد.
وعلى الجانب الآخر، يرى البعض من الأئمة أن الراتب الحكومي وتعيين الأئمة بشكل قانوني أمر إيجابي للغاية لأنه ينهي فترة من حالة من عدم الاستقرار والقلق التي كان يعيش فيها الإمام، والذي كان يتحدد مصيره بناء على رضاء إدارة المسجد عليه، حيث كانت تقوم هي بدفع المرتب من تبرعات المصلين، حسب ما جاء على لسان الشيخ عبد الهادي عقل، إمام مسجد المركز الإسلامي ببروكسل، مضيفا أن دفع المرتبات من جانب السلطات يعني الاعتراف بالإمام وبمكانته، ويجعله يقوم بدوره في جو من الاستقرار والطمأنينة لأن دور الإمام مهم للغاية في توعية الناس، ونشر الفكر المعتدل، وإقناع الشباب بأن الدعوة إلى العنف تتعارض مع مبادئ الإسلام التي تركز على السلام والتسامح والتعايش مع الآخرين. وقال عبد الفتاح، وهو أحد أبناء الجالية المسلمة في بروكسل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن الإمام مثله مثل أي موظف أو عامل عندما يتقاضى مرتبه من السلطات الحكومية، فإنه يتقاضى راتبا مقابل عمل يقوم به، وفي نفس الوقت لا أحد يتدخل في عمله لأن اختياره يكون من جانب المؤسسات الإسلامية.
وحسب التقديرات الرسمية، من المتوقع أن يشكل المسلمون نصف سكان بروكسل (عاصمة بلجيكا) والاتحاد الأوروبي في أفق عام 2050. ويعيش مليون مسلم تقريبا في بلجيكا التي يبلغ تعداد سكانها 11 مليون نسمة، وكانت من أوائل الدول الأوروبية التي اعترفت بالإسلام في سبعينات القرن الماضي، وكان أول فوج من الجاليات الإسلامية وصل إلى بلجيكا في نهاية الخمسينات، وجاءوا كعمال لإعادة إعمار ما دمرته الحرب العالمية الثانية، وشكل المغاربة والأتراك العدد الأكبر منهم، وأصبح هناك جيل ثانٍ وثالث منهم.
وتتنوع جنسيات المهاجرين العرب في بلجيكا ما بين المغرب والجزائر وتونس ولبنان ومصر وجنسيات أخرى، ويتمركزن في مناطق محددة، ومنها مولنبيك وأندرلخت وبوكستل للمغاربة، وسخاربيك وسان جوس للأتراك. ووصل أعداد من ذوي الأصول العربية والإسلامية لعضوية البرلمان البليجكي، وهم يحتلون أيضًا مناصب مرموقة في مجالات مختلفة، مثل الطب والهندسة والتدريس الجامعي.
مؤتمر عالمي في إسطنبول اليوم بهدف تطوير قدرات الأئمة لمواجهة التطرف
بلجيكا تشارك في فعاليات الملتقى الأول من نوعه.. بحضور 500 من الأئمة من مختلف دول العالم
مؤتمر عالمي في إسطنبول اليوم بهدف تطوير قدرات الأئمة لمواجهة التطرف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة