القوى السياسية المتصارعة تواجه المجتمع المدني في انتخابات بلدية بيروت

«حزب الله» وكّل «أمل» بتقاسم الحصص مع «المستقبل».. وعون وضع يده بيد خصمه اللدود

القوى السياسية المتصارعة تواجه المجتمع المدني في انتخابات بلدية بيروت
TT

القوى السياسية المتصارعة تواجه المجتمع المدني في انتخابات بلدية بيروت

القوى السياسية المتصارعة تواجه المجتمع المدني في انتخابات بلدية بيروت

في مشهد قد يعده قسم كبير من اللبنانيين «مستفزا»، اجتمعت كل القوى السياسية المتصارعة وغير القادرة على إتمام الاستحقاقات الدستورية الملحة، وعلى رأسها الانتخابات الرئاسية وتلك النيابية بسبب خلافاتها الكبيرة والتي تتخذ بعدا استراتيجيا، في لائحة موحدة لخوض الانتخابات البلدية في العاصمة بيروت المقررة في 8 مايو (أيار) المقبل بوجه مجموعات المجتمع المدني والقوى خارج الاصطفافات السياسية التي لا يبدو أنها ستكون قادرة على تحقيق أي خرق يُذكر في جدار لائحة السلطة الحاكمة التي يتفق المعنيون على وصفها بـ«المحدلة».
وكان ما يسمى «حزب الله» الوحيد الذي قرر عدم المشاركة في اللائحة المذكورة ووكل حركة «أمل» بمهمة تقاسم الحصص مع تيار «المستقبل»، وهو ما كشفته مصادر مطلعة على المشاورات التي سبقت الإعلان عن تشكيل اللائحة لـ«الشرق الأوسط» لافتة إلى أنه ومنذ عام 2010. موعد الانتخابات البلدية الماضية: «قرر الحزب أنه لا يجوز أن يكون في ائتلاف واحد مع تيار (المستقبل)؛ نظرا لتدهور العلاقات بينهما، من هذا المنطلق لم يجد حاليا خيارا أمامه إلا التنازل عن مقعده في بلدية بيروت لصالح حليفته حركة (أمل) التي يرأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري»، علما بأن الحزب وتيار «المستقبل» الذي يرأسه النائب سعد الحريري يجلسان على طاولة واحدة في مجلس الوزراء، إضافة إلى جلوسهما وبشكل دوري معا بإطار طاولة الحوار الثنائي الذي انطلق في عام 2014.
ولعل أبرز ما أثار «استفزاز» الناشطين اللبنانيين من خارج الاصطفافات السياسية هو مشاركة «التيار الوطني الحر» الذي يتزعمه النائب ميشال عون باللائحة التي يرأسها مدير عام شركة «سوليدير» جمال عيتاني، علما بأن تيار عون كان ولا يزال يرتكز في معركته السياسية بوجه تيار «المستقبل» على أن «سوليدير»: «أكبر صفقة فساد في تاريخ لبنان». ويرد نائب رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير السابق نقولا صحناوي المشاركة في اللائحة المدعومة من تيار «المستقبل» في بيروت إلى كونها «نوعا من المحاولة؛ نظرا إلى الظروف التي لا تسمح للمكون المسيحي بخوض الانتخابات فيها بشكل يسمح له باختيار ممثليه بسبب الواقع الديموغرافي الحالي».
ويبلغ عدد الناخبين المسجلين في بيروت نحو 453.951 ناخبا معظمهم من السنة، إلا أنه يتم اعتماد مبدأ المناصفة بين المسيحيين والمسلمين الذين يتقاسمون المقاعد الـ24 في المجلس البلدي على الشكل التالي: 3 شيعة، 8 سنة، 1 درزي و12 مسيحيا.
ويرى وزير السياحة ميشال فرعون، أن اللائحة التي أعلن عن تشكيلها الحريري يوم الثلاثاء وحملت اسم «لائحة البيارتة»: «تحترم كل الخصوصيات والتوازنات المناطقية والطائفية وتتخذ طابعا ميثاقيا لطالما تم الالتزام به وتحول عرفا منذ أكثر من 50 عاما»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الصيغة الحالية تضمن عدم وجود أي ثغرات وتمنع تحويل الانتخابات عنصرا للتوتير ورفع حدة الخلاف السياسي، خاصة أن (ما يسمى) حزب الله حتى وإن لم يكن مشاركا فيها، إلا أنه موافق على الطابع الذي تتخذه».
في المقابل، يعد الوزير السابق شربل نحاس، الذي قرر، ومنذ استقالته من الحكومة في عام 2012، مواجهة الطبقة السياسية الحاكمة، أن أهل بيروت كما اللبنانيين ككل «سيخضعون لامتحان في الانتخابات البلدية المقبلة، فإما يدوسون على همومهم وطموحاتهم بالتجديد لهذه الطبقة الحاكمة أو يستغلون فرصة وجود بديل قادر على المواجهة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إنه أمر مضحك مبك أن نجد كل القوى السياسية المتناحرة والتي توشك على إعلان الحرب تتفق على الاجتماع فجأة في لائحة واحدة لتدوس بذلك على كرامة الناس، وتكرس استهتارها الفظيع بمعاناتهم متكلة على أن لديها (مونة) على الناخبين لتسيرهم للتصويت للائحة كاملة أعدتها هي، علما بأن قسما من أعضائها لا شك لا يعرفون بعضهم بعضا».
ويستغرب نحاس، الذي كان في الفترة الماضية أحد الوزراء المحسوبين على تكتل عون، حجم التنازلات التي يقوم بها الأخير من دون مقابل، خاصة أنه كان ولا يزال يخوض معركة كبيرة بوجه «سوليدير»، فإذا به اليوم يرضى بأن يكون جزءا من لائحة يرأسها مدير عام الشركة التي يتعاطى معها بوصفه عدوا لدودا له؛ بغية الحصول على مقعد أو اثنين في مجلس بلدي من 24 عضوا.
وكان نحاس أعلن قبل فترة خوض الانتخابات البلدية في بيروت مع 3 من رفاقه، ضمن حملة «مواطنون ومواطنات في دولة» التي سترشح مرشحين آخرين في مختلف المناطق اللبنانية مراهنة، على إمكانية نجاح مرشح واحد على الأقل في الوصول إلى المجالس البلديات، لـ«خلق مشاكل داخلها تفضح اللعبة التافهة المتمثلة في تحالف البلديات مع السلطة السياسية»، على حد قول نحاس.
وتواجه «لائحة البيارتة»، أي لائحة السلطة، إلى جانب المرشحين الـ3 السابق ذكرهم لائحة مكتملة باسم «بيروت مدينتي» تضم أسماء معروفة بعملها الاجتماعي وبعيدة عن الاصطفافات الطائفية والمذهبية، وهي تحظى بتأييد المجتمع المدني الذي يرى فيها سبيلا للتغيير وخشبة خلاص. إلا أن المراقبين لا يرون أن أي طرف قادر بالوقت الحالي على مواجهة «اللائحة المحدلة»، كما يصفها مؤسس ومدير «ستاتيسكتيكس ليبانون» ربيع الهبر بوصفها تضم كل القوى والأحزاب: «وبالتالي قد نلحظ في بيروت زيادة في نسبة المقترعين والتي لم تتخط في عام 2010 الـ20 في المائة لترتفع لحدود 35 في المائة نتيجة تعدد اللوائح المتنافسة».
وبحسب الهبر الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، فإن المعارك الأساسية التي سيشهدها لبنان على صعيد الانتخابات البلدية تتركز في صيدا وطرابلس وزحلة وجونية، موضحا أن «إتمام الاستحقاق البلدي سيحتم إجراء الانتخابات النيابية بعد سقوط مبرر الظروف الأمنية، وتبيان أن السبب الحقيقي وراء تأجيل الاستحقاق النيابي مرتين على التوالي سبب سياسي محض».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.