المعارضة السورية في وضع حرج.. وتساؤلات حول شروط عودتها للمحادثات

مصادر فرنسية لـ «الشرق الأوسط» : ميوعة الضغوط الأميركية على موسكو تشل وقف التصعيد

المعارضة السورية في وضع حرج.. وتساؤلات حول شروط عودتها للمحادثات
TT

المعارضة السورية في وضع حرج.. وتساؤلات حول شروط عودتها للمحادثات

المعارضة السورية في وضع حرج.. وتساؤلات حول شروط عودتها للمحادثات

تجد الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر الرياض نفسها في وضع حرج بعد أن علقت رسميا، يوم الخميس الماضي، مشاركتها في المحادثات غير المباشرة التي يقودها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا في جنيف. وبررت الهيئة في حينها، قرارها، بانتهاك قوات النظام والأطراف الداعمة لها الهدنة على نطاق واسع واستمرار عمليات القصف على المدنيين وسقوط الضحايا وبطء وصول المساعدات الإنسانية وتجميد ملف المعتقلين، بالإضافة لرفض النظام الخوض في عملية الانتقال السياسي. وطرحت الهيئة مجموعة من الشروط للعودة للمشاركة مجددا في المحادثات التي يؤكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونائبه ميخائيل بوغدانوف أنها ستستأنف يوم 10 مايو (أيار). والحال، أن السؤال المطروح اليوم على الهيئة يتناول طبيعة موقفها من الجولة الرابعة في حال دعا إليها المبعوث الدولي وفق ما يؤكده الطرف الروسي ويمكن اختصاره بهذه الكلمات: مشاركة أو لا مشاركة؟
تقول مصادر فرنسية رفيعة المستوى تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، أمس، إنها «تعمل على إقناع المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات بالعودة إلى طاولة المحادثات في جنيف لأن غيابها يستغله النظام وتستغله المجموعات الأخرى الموجودة في جنيف». وتضيف هذه المصادر أن الهيئة «لم تكن موفقة في قرار تعليق المشاركة ونحن نصحناها بالبقاء والمثابرة والتركيز، كما فعلت في الأيام الأولى من الجولة الثالثة، على المطالبة بعملية الانتقال السياسي والتنديد بتهرب وفد النظام من مناقشة هذا الموضوع، وذلك رغم الخروقات التي أصابت الهدنة». وتضيف هذه المصادر أن باريس «كانت تعي منذ البداية أن النظام سيكرر ما فعله بمناسبة الجولة الأولى نهاية يناير (كانون الثاني)، بداية فبراير (شباط)، حيث دفع تكثيف القوات الروسية وقوات النظام للعمليات الجوية والهجمات في حلب ومحيطها إلى تعليق المحادثات» بطلب من دي ميستورا. كذلك تعتبر باريس أنه كان من المتوقع أن يلجأ النظام مجددا إلى «حشر» المعارضة ميدانيا وسياسيا «برفضه الخوض في عملية الانتقال السياسي»، لدفعها لتعليق مشاركتها ثم تحميلها مسؤولية المقاطعة واتهامها بالخفة وعدم المهنية، وهو ما فعله رئيس وفد النظام بشار الجعفري منذ قرار التعليق.
ثمة أمر آخر تحذر منه باريس ومفاده أن «الفراغ» الذي خلفه غياب وفد الهيئة العليا سعت المجموعات الأخرى الموجودة في جنيف لملئه، على غرار ما فعلته مجموعة القاهرة - موسكو، أو وفد حميميم أو «منصة» المعارضة الداخلية التي وجدت الفرصة سانحة لها لتصول وتجول في جنيف وتندد بـ«مزاجية» وفد الهيئة العليا و«ارتباطاته الخارجية». وجاء قرار دي ميستورا بالاستمرار في المحادثات سعيا منه للإيحاء بأن وساطته وجهوده ما زالت مستمرة لتزيد من «تهميش» الهيئة رغم قناعة الجميع بأن «لا محادثات جدية ولا حلول سياسية من غير الهيئة العليا للمفاوضات» التي اكتسبت شرعية تمثيل المعارضة في جنيف. وإذا كان للغة من مدلولات، فإن المبعوث الدولي ما زال حتى اليوم يتحدث عن «وفد الهيئة العليا» و«مجموعة القاهرة - موسكو» ما يعني أنه يميز الوفد «الرسمي» عن المجموعات الأخرى.
تقول مصادر المعارضة التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، أمس، إنها «تعي الفخ» الذي نصبه النظام، كما «تتوقع» ألا يقوم بأي بادرة «ميدانية أو سياسية» من شأنها تبرير عودته إلى طاولة المحادثات، أكان ذلك عن طريق وقف القصف أو تسهيل وصول المساعدات الإنسانية أو البدء بمعالجة ملف المعتقلين المقدرين بعشرات الآلاف.
وأمس، عقد أعضاء الهيئة الذين بقوا في جنيف اجتماعا تشاوريا لدرس الخطوات القادمة على ضوء ما صدر صباح أمس عن وزير الخارجية الروسي ونائبه، وخلصوا إلى قرار بانتظار ما سيقوله المبعوث الدولي لمجلس الأمن الدولي الذي توجه إليه عبر دائرة تلفزيونية مغلقة أو في مؤتمره الصحافي في قصر الأمم منتصف الليل الماضي. ومساء، غادر من تبقى من الهيئة العليا جنيف إلى إسطنبول، حيث من المنتظر أن تعقد اجتماعات مكثفة للتحضير للمرحلة القادمة. وكانت ردة الفعل العلنية هي ما صدر عن نائب رئيس وفد الهيئة جورج صبرا الذي أكد صباح أمس لوكالة «رويترز»، أن «وفد الهيئة العليا للمفاوضات سيبقى معلقا مشاركته في المحادثات ما لم يتم اتخاذ إجراءات حقيقية على الأرض وفي الداخل السوري» بمعنى أن الوفد لن يعود عن التعليق إلا بعد تحقيق مطالبه. كذلك نفى صبرا عن الطرف الروسي حقه في تحديد تاريخ العودة إلى المحادثات في جنيف حاصرا ذلك بالأمم المتحدة وبمبعوثها دي ميستورا.
وكان كثيرون يرون في اجتماع مجموعة الدعم لسوريا على المستوى الوزاري وفق ما دعا إليه المبعوث الدولي وأطراف غربية وكذلك المعارضة: «خشبة الخلاص» لإنقاذ الموقف وتوفير دعم سياسي على غرار ما حصل بعد الجولة الأولى. بيد أن رفض روسيا نسف هذه الآمال.
وإذا كان من المنتظر أن يصدر بيان عن مجلس الأمن عقب الاستماع للمبعوث الدولي، فإن المراقبين يرون أن «مفتاح الأزمة» في سوريا موجود في موسكو. ولا تتوقع المصادر الفرنسية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أن تعمد موسكو لتسهيل الأمور «لأن الضغوط الأميركية عليها مائعة أو حتى غير موجودة وغير فاعلة». وتضيف هذه المصادر أنه «كلما اقتربنا من الاستحقاق الرئاسي في الولايات المتحدة، أصبحت موسكو أقل استماعا لما يصدر عن واشنطن وأكثر ميلا لاستغلال الأمور لمصلحتها». وتخلص المصادر الفرنسية للقول إن «اللعب بالنار يمكن أن يؤدي إلى نتائج كارثية على الجميع، إذ سيقضي على أي أمل بترميم الهدنة، واشتعال الجبهات كافة مجددا، وعودة الأطراف المؤثرة للتدخل مباشرة سياسيا وعسكريا، وبالتالي سيقضى على الأمل الوحيد المتمثل بمحادثات جنيف وعندها سيكون الجميع خاسرين».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».