نامت مدينة جدة حزينة في اليوم الأخير للموسم قبل أربعة أعوام من الآن، بعدما تساقط لاعبوا فريق الأهلي على أرضية ملعب الأمير عبد الله الفيصل بجدة وهم يجهشون بالبكاء إثر فشلهم في تجاوز ضيفهم الشباب الذي اكتفى بالتعادل بهدف لمثله لينجح في خطف اللقب ويزيد من حسرة وأوجاع صاحب الأرض. ويوم الأحد الماضي أكد الأهلي أنه استفاد من الدرس السابق جيدا ولم يرضى بتكرار إخفاقه وخسارته للقب الغائب عن خزائنه لسنوات طويلة.
سجل الهلال أولا في الدقيقة العاشرة من عمر المباراة ومعها احتبست أنفاس جماهير الفريق الأخضر الذي احتشدت بكثافة للاحتفال باللقب في جنبات ملعب الجوهرة المشعة، وبعد شوط أول عصيب دخل الأهلي المواجهة في شوطها الثاني بروح كبيرة ونجح في اقتناص هدفين في غضون دقائق قليلة عن طريق هدافه المهاجم السوري عمر السومة قبل أن ينجح في حسين المقهوي من تسجيل الهدف الثالث في آخر دقائق المباراة.
أطلق الألماني فيليكس بريش صافرة نهاية المباراة لتنطلق الأفراح على ضفاف الساحل الغربي، هتف أنصار الأهلي بصوت واحد «جدة كذا، دوري وبحر»، وهي الأهزوجة المقتبسة من قصيدة للأمير الراحل عبد الله الفيصل أحد أعضاء شرف الأهلي ورموزه عبر التاريخ، التي اشتهر منها «جدة كذا، أهلي وبحر».
عاد الأهلي ليعانق اللقب الذي استعصى عليه سنوات طويلة، ونجح القائد تيسير الجاسم بتدوين نفسه في السجل الذهبي بعدما نجح وزملاؤه في الفريق في تحقيق حلم عجزت أجيال كثيرة عن تحقيقه، حيث يعود آخر لقب حققه الفريق في موسم 1984. وتمكن الأهلي من التقدم في لائحة سجل أبطال الدوري السعودي عبر تاريخه بعدما أضاف اللقب الثالث في تاريخه ليتقدم نحو المركز الخامس خلفا للهلال الذي يملك 13 لقبا والنصر الذي يحضر ثانيا برصيد ثمانية ألقاب وهو ذات الرقم الذي يملكه فريقه الاتحاد، في حين يحضر الشباب ثالثا برصيد ستة ألقاب.
في أعقاب هذا الإنجاز الكبير وتحقيق اللقب الحلم الذي قاتل أصحاب القمصان الخضراء من أجل انتزاعه منذ عدة مواسم وفي الأخص الموسمين الماضيين، شهدت مسيرة الأهلي نحو تحقيق بطولة الدوري محطات متعددة كانت ذات أهمية كبيرة.
وبالعودة قليلا إلى الوراء، فقد أحدث تعادل الأهلي في الجولة الأولى لدوري المحترفين السعودي أمام التعاون، ضجيجا لم يهدأ وطالب أنصار الفريق إدارة النادي بقيادة الرئيس الجديد مساعد الزويهري بالتدخل في وضع المدرب السويسري غروس وإقالته إذا استدعى الأمر خاصة أن الفريق بدأ شغوفا بالمنافسة الجادة على اللقب.
لكن إدارة النادي اكتفت بالحديث إلى المدرب ومناقشته في أخطاءه والحديث عن بعض قناعاته، ليستمر غروس في تدريب الفريق رغم وجود العثرات المتعددة في مسيرة الأهلي هذا الموسم والتي افتقد معها الصدارة لصالح فريق الهلال عدة مرات، ليثبت هذا القرار صحته بعدما نجح السويسري في قيادة الفريق نحو إنجاز لم يتحقق منذ سنوات طويلة.
مسيرة غروس مع الأهلي بدأت منذ الموسم الماضي والذي أعاد فيه الفريق لدائرة المنافسة الجادة على لقب الدوري وسط صراع كبير جمعه مع فريق النصر الذي توج باللقب دون قدرته على تحقيق الفوز على نظيره الأهلي في مواجهتي الدوري، إضافة إلى نجاحه في تحقيق بطولة كأس ولي العهد النسخة قبل الماضية من أمام فريق الهلال.
وبدت مسيرة الأهلي مع المحترفين الأجانب إيجابية أكثر في خط الهجوم عن غيرها من المراكز وهو الأمر الذي يثبته التاريخ، وبالنظر إلى آخر المواسم التي خاضها فريق الأهلي سنشاهد الأهلي تميز في تعاقده مع المحترف البرازيلي فيكتور سيموس الذي توج في لقب هداف الدوري بالمشاركة مع ناصر الشمراني في موسم 2011-2012. إضافة إلى التعاقد مع المهاجم العماني عماد الحوسني الذي حل ثالثا في قائمة هدافي ذلك الموسم.
وينضم إلى هذه القائمة المميزة المهاجم السوري عمر السومة الذي بات العلامة الفارقة في مسيرة الفريق في مواسمه الأخيرة نظير التميز الكبير الذي يظهر عليه السومة في مباريات فريقه خاصة الحاسمة منها، وذلك في ظل حضوره الدائم ونجاحه في هز شباك الخصوم.
وتمكن المهاجم الشاب عمر السومة من هز شباك خالد شراحيلي مرتين في مواجهة أول من أمس الحاسمة، البداية كانت بعدما استغل عثرة زرقاء ليخطف الكرة ويسددها قوية من خارج منطقة الجزاء لتسكن شباك الحارس شراحيلي، قبل أن يضيف بعدها بدقائق قليلة الهدف الثاني مستغلا البعثرة الزرقاء التي حدثت أمام الشباك ليقود بهدفه الثاني فريقه نحو تحقيق الفوز واللقب.
مسيرة السومة مع فريقه هذا الموسم بدأت ناجحة وفقا للغة الأرقام التي تجعله في صدارة لائحة ترتيب الهدافين برصيد 22 هدف وبفارق ثلاثة أهداف عن أقرب مطارديه المهاجم الفنزويلي ريفاس الذي يملك في رصيده تسعة عشر هدفا، وما زالت الفرصة مواتية للمهاجم الشاب في زيادة غلته التهديفية إذا تبقت مواجهتين لفريق الأهلي أمام الرائد والفتح. وشهدت مباريات فريق الأهلي هذا الموسم أوقاتا عصيبة في ظل تأخره بالتسجيل واقترابه من الخسارة إلا أن المهاجم السوري عمر السومة يتمكن من العودة لقيادة فريقه لقلب الطاولة في غضون دقائق قليلة، كما حدث أمام الوحدة في الأسبوع السادس عشر بعدما سجل السومة هدف اللقاء الوحيد في الدقيقة 54. وتنضم مواجهة الفيصلي إلى اللقاءات العصيبة لفريق الأهلي إلا أن السومة تمكن من وضعه بصمته بتسجيل هدفي المباراة.
وفي آخر ثلاث مواجهات للفريق نجح السومة في وضع بصمة قوية إثر تسجيله لكافة أهداف فريقه ولعبه دورا بطوليا في قيادة الأهلي نحو معانقة اللقب، فإلى جوار مواجهة الفيصلي نجح السومة من تسجيل هدف الفوز اليتيم أمام هجر في الجولة قبل الماضية، قبل أن يواصل تألقه وينجح في تسجيل هدفين في شباك الهلال التي قادة الفريق لمعانقة اللقب.
وشهدت السنوات الأخيرة لفريق الأهلي دعما شرفيا كبيرا حظي به الفريق من قبل عضو الشرف الأمير خالد بن عبد الله الذي يعتبره الأهلاويين رمزا رياضيا كبيرا لهم في ظل دعمه المتواصل المقدم للفريق في كل الفترات والمراحل وبتنوع رؤساء النادي دون تمييز أحدهم عن الأخر. بعد نهاية المواجهة الحامية أول من أمس أمام الهلال افتتح الأمير خالد بن عبد الله أبواب منزله الكبير حتى ساعة متقدمة من فجر يوم الاثنين، استقبل فيها محبي الفريق وأنصاره وعددا من الشرفيين وقبلهم صانعي الإنجاز لاعبي الفريق والإدارة والجهاز الفني.
كيف استعادت قلعة الكؤوس اللقب «العصي»؟
بطل الدوري منح درسًا مجانيًا للمتنافسين في الوصول إلى منصات النجاح
كيف استعادت قلعة الكؤوس اللقب «العصي»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة