واشنطن ترسل مستشارين سابقين بالخارجية لضبط إيقاع الأزمة السياسية في العراق

إيران أقنعت الصدر بعدم التغريد خارج السرب

واشنطن ترسل مستشارين سابقين بالخارجية لضبط إيقاع الأزمة السياسية في العراق
TT

واشنطن ترسل مستشارين سابقين بالخارجية لضبط إيقاع الأزمة السياسية في العراق

واشنطن ترسل مستشارين سابقين بالخارجية لضبط إيقاع الأزمة السياسية في العراق

أرسلت واشنطن مستشارين سابقين كانوا يعملون في وزارة الخارجية الأميركية إلى بغداد أمس، بهدف تقييم الأوضاع في البلاد وتقديم المشورة المطلوبة بهدف عدم خروج الأوضاع هناك عن نطاق السيطرة.
وكشف مصدر مطلع مقرب من أجواء الحراك السياسي الحالي واللقاءات بين الكتل لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته، أن «بعد سلسلة الزيارات التي قام بها عدد من كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية إلى بغداد، بدءا من وزير الخارجية جون كيري وانتهاء بوزير الدفاع آشتون كارتر، بالإضافة إلى المبعوث الرئاسي وقائد القيادة الوسطى وغيرهم، فإن واشنطن أرسلت مجموعة من الدبلوماسيين والمستشارين ممن كانوا يعملون في الخارجية الأميركية ولهم دراية بالوضع العراقي إلى بغداد من أجل تقييم الوضع عن قرب وإبقائه تحت السيطرة، بالإضافة إلى تقديم النصح للقيادات العراقية المختلفة».
وقال المصدر إن «أهم النصائح التي قدمها هؤلاء المستشارون هو الإبقاء حاليا على الرئاسات الثلاث دون تغيير في مقابل التوجه إلى ما أطلقوا عليه الدولة العميقة والمتمثلة بسلسلة الكوادر الوسطى التي هي أم المصائب في العراق من درجة وكيل وزارة فما دون بوصفهم هم من يسيطر على الدولة وكلهم مرتبطون بأحزاب وقوى وميليشيات، وبالتالي فإن تفكيك هؤلاء والعمل على تغييرهم أولا من شأنه أن يكون المفتاح الحقيقي للتغيير الذي يجب أن يتم من خلال وزراء من طبقة التكنوقراط السياسي».
وأشار المصدر المطلع إلى أن «هؤلاء المستشارين التقوا معظم القادة المؤثرين في العراق وحصلوا على تعهدات لإنهاء اعتصام البرلمان، لكن هذا لم يحصل حتى الآن لا سيما أن نوري المالكي (زعيم دولة القانون) كان قد تعهد بسحب نوابه المعتصمين لكنه تراجع عن هذا التعهد»، مبينا أن «ذلك يكشف عن أزمة حقيقية داخل المعتصمين، حيث إن الغالبية ينتمون إلى زعامات أبرزهم نوري المالكي وإياد علاوي وهو ما يجعل رئيس البرلمان سليم الجبوري مطمئنا إلى النتائج؛ لأنه من بين نحو 120 نائبا من المعتصمين حاليا ليس هناك أكثر من 20 نائبا من المستقلين».
وبشأن سحب زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، لنوابه المعتصمين وفيما إذا كان ذلك قد تم بناء على لقاء جمع الصدر بقاسم سليماني قبل ساعات من قراره بسحبهم، قال المصدر المطلع إن «الذي التقى الصدر هو محمد علي محمدي وهو مسؤول الملف العراقي في إيران وليس سليماني المسؤول عن فيلق القدس فقط وهو من نصح بعدم مواصلة الاعتصام والإبقاء على الأوضاع الحالية، خصوصا على مستوى الرئاسات الثلاث لأن المشكلة لا تكمن فيها بقدر ما تكمن في مستويات أخرى في أجهزة الدولة وهو ما جعل الصدر يستجيب لجهة هذه الجزئية بعد أن أدرك أن هناك نيات أخرى، يريد ألا يكون الاعتصام طرفا فيها مقابل الإبقاء على الضغط الشعبي من خلال المظاهرات وهو ما لم يستجب به الصدر للضغوط الإيرانية».
وأوضح المصدر أن «ما قام به الصدر حقق من خلاله ثلاثة أشياء مهمة وهي إثبات قوته في الشارع وأنه إعادة التوازن لوضعه من خلال سيطرته على قوة هائلة ستفيده في الانتخابات المقبلة، وإثبات جدارته مع قيادات شيعية نظيرة له مثل زعيم المجلس الأعلى عمار الحكيم وخصمه الآخر نوري المالكي».
ومن جانبه، أكد رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي السيد عمار الحكيم أمس، أن تشظي التحالف الوطني تحول من حالة سياسية إلى برلمانية. وقال الحكيم في كلمة نشرها على موقع «فيسبوك»: «لقد طالبْنا أكثرَ من مرة، أن يكونَ التحالفُ الوطني أكثرَ قوة ومؤسساتية، ولم يستمعْ لنا البعضُ»، وأضاف: «وما يحصل أحد نتائجِ تشظي التحالفِ الوطنيّ، والذي يمثلُ الأساسَ السياسي الذي أنتجَ مرشحًا لرئاسة مجلسِ الوزراءِ». وتابع قائلا: «وتحولَ هذا التشظي في التحالفِ الوطنيّ، من الحالة السياسية إلى الحالة البرلمانية وفي داخلِ أروقة الحكومة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.