أوباما: من الخطأ إرسال قوات برية إلى سوريا.. ونعمل على «إعادة إرساء» الهدنة

حجاب منتقداً دي ميستورا: عمليات القتل تضاعفت منذ تسلم منصبه

لاجئون غالبيتهم من السوريين الذين فروا من المعارك ينتظرون حصولهم على الطعام في قرية ايدومني على الحدود اليونانية المقدونية حيث يتجمعون في مخيم للاجئين (أ.ف.ب)
لاجئون غالبيتهم من السوريين الذين فروا من المعارك ينتظرون حصولهم على الطعام في قرية ايدومني على الحدود اليونانية المقدونية حيث يتجمعون في مخيم للاجئين (أ.ف.ب)
TT

أوباما: من الخطأ إرسال قوات برية إلى سوريا.. ونعمل على «إعادة إرساء» الهدنة

لاجئون غالبيتهم من السوريين الذين فروا من المعارك ينتظرون حصولهم على الطعام في قرية ايدومني على الحدود اليونانية المقدونية حيث يتجمعون في مخيم للاجئين (أ.ف.ب)
لاجئون غالبيتهم من السوريين الذين فروا من المعارك ينتظرون حصولهم على الطعام في قرية ايدومني على الحدود اليونانية المقدونية حيث يتجمعون في مخيم للاجئين (أ.ف.ب)

عبّر الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، عن «قلق عميق» بشأن تفاقم العنف في سوريا في الآونة الأخيرة مشددا على ضرورة التوصل لحل سياسي داخل البلاد. وقال أوباما في ألمانيا حيث يقوم بزيارة «تحادثت مع الرئيس بوتين مطلع الأسبوع، في محاولة للتأكيد على أننا سنكون قادرين على إعادة إرساء وقف إطلاق النار» في سوريا.
وكان أوباما يتحدث خلال مؤتمر صحافي مشترك مع مضيفته المستشارة أنجيلا ميركل، قال فيه «لا نزال نشعر بقلق بالغ حيال تفاقم القتال في سوريا في الأيام الأخيرة الماضية ولا نزال متفقين على أن الحل الوحيد القابل للصمود هو حل سياسي من شأنه نقل سوريا باتجاه حكومة تضم كل الأطراف وتمثل جميع السوريين».
وشدد الرئيس الأميركي على أنه سيكون من الصعب للغاية تخيل نجاح ما يطلق عليها «منطقة آمنة» في سوريا من دون التزام عسكري كبير، مضيفا: «لا يتعلق الأمر الخاص بإقامة منطقة آمنة في أراض سورية باعتراض آيديولوجي من جهتي.. لا علاقة للأمر بعدم رغبتي في تقديم المساعدة وحماية عدد كبير من الأشخاص.. الأمر يتعلق بظروف عملية بشأن كيفية تحقيق ذلك».
وجاء هذا الكلام ردا على تصريح المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أول من أمس، أثناء زيارتها لغازي عنتاب في تركيا قرب الحدود السورية، أنها تؤيد إقامة منطقة آمنة في سوريا، إلا أن المستشارة أوضحت أمس في المؤتمر الصحافي المشترك، أنها ليست مع منطقة آمنة تقليدية تحميها قوات أجنبية، لكنها تعتقد أن محادثات السلام في جنيف قد تتمخض عن الاتفاق على مناطق يمكن أن يشعر فيها السوريون الفارون من الحرب بأنهم في مأمن من القصف.
وكرر الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، قوله إنه سيكون «من الخطأ» إرسال قوات برية إلى سوريا، حيث تواصل قوات النظام السوري، برئاسة بشار الأسد، قصف مواقع الفصائل المعارضة، رغم وقف إطلاق النار. هذا في الوقت الذي انتقد فيه المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب، مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، بسبب تزايد العنف في سوريا.
وقال أوباما، في مقابلة مع هيئة «بي بي سي» الإخبارية البريطانية، نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية، إنه «سيكون من الخطأ إرسال قوات برية، وقلب نظام الأسد»، مشيرا إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وكل الدول الغربية المشاركة في التحالف العسكري في سوريا، مضيفا: «لكني أعتقد حقا أن بوسعنا ممارسة ضغوط على المستوى الدولي على كل الأطراف الموجودة (في الساحة السورية) لكي تجلس حول الطاولة، وتعمل على التفاوض من أجل مرحلة انتقالية»، ذاكرا روسيا وإيران اللتين تقدمان الدعم للنظام السوري، والمعارضة السورية المعتدلة.
وكرر أوباما كذلك القول إن «الحل العسكري وحده» لن يسمح بحل المشكلات على المدى البعيد في سوريا، وإنه «في هذه الأثناء، سنواصل ضرب أهداف تابعة لتنظيم داعش في مواقع مثل الرقة» في سوريا، موضحا أن القوات الأميركية تعمل على «تطويق المناطق التي يتم منها إرسال مقاتلين أجانب إلى أوروبا».
وعبر أوباما، الجمعة، عن «قلقه الشديد» إزاء احتمال انهيار وقف إطلاق النار في سوريا، قائلا خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، في لندن: «أنا قلق جدا إزاء اتفاق وقف الأعمال القتالية، وأتساءل ما إذا كان سيصمد»، مضيفا: «إن وقف الأعمال القتالية صمد بالواقع أكثر مما كنت أتوقع، وحتى على مدى سبعة أسابيع شهدنا تراجعا ملموسا للعنف في هذا البلاد خفف العبء عن المواطنين بعض الشيء».
وتابع الرئيس الأميركي: «إذا انهار اتفاق وقف الأعمال القتالية، فسنحاول إعادة العمل به مجددا حتى مع مواصلتنا الحملة ضد (داعش)»، في إشارة إلى تنظيم داعش، مكررا اتهام إيران وروسيا بدعم النظام السوري الذي وصفه بأنه «قاتل».
إلى ذلك، انتقد المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب، مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، بسبب تزايد العنف في سوريا، قائلا في تصريحات صحافية، نشرها موقع تابع للهيئة، إنه «على مدى عامين، تولى فيهم دي ميستورا منصب مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا، تزايدت أعمال القتل أو تضاعفت، فضلا عن تزايد عدد القرى والمناطق المحاصرة». وأضاف حجاب أن «المعارضة علقت مشاركتها في المفاوضات احتراما للدم السوري الذي أريق خلال عمليات القصف التي يشنها النظام وحلفاؤه، واحتراما للسوريين الذين قتلوا جوعا بسبب الحصار، واحتراما للسوريين الذين قتلوا تحت وطأة التعذيب».
من جهة أخرى، قال دي ميستورا، في مؤتمر صحافي من جنيف، يوم الجمعة، إن المفاوضات بشأن مستقبل الأسد، واتفاق الهدنة، وضعف التقدم على صعيد إيصال مساعدات غذائية هي أشبه «بطاولة ذات ثلاثة قوائم». وأكد دي ميستورا أنه سيواصل محادثات السلام في جنيف، داعيًا إلى اجتماع عاجل لوزراء القوى الدولية والإقليمية المعنية بسوريا من أجل الحفاظ على الهدنة ومواصلة مفاوضات السلام وجهود الإغاثة.
وبدأ في 27 فبراير (شباط) سريان اتفاق هدنة بين القوات السورية والفصائل المعارضة المعتدلة، تم التوصل إليه برعاية واشنطن وموسكو، وساهم في تخفيف حدة المعارك في مختلف أنحاء سوريا.
ولكن هذه الهدنة مهددة بالانهيار بفعل استمرار الخروقات التي أدت إلى مقتل نحو 50 شخصا، يومي الجمعة والسبت، في حين تواجه مفاوضات السلام في جنيف مأزقا. ولا يشمل وقف إطلاق النار تنظيمي داعش وجبهة النصرة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».