المحكمة الإسرائيلية تحدد تاريخًا لبحث تسليم جثامين الفلسطينيين المحتجزة

15 جثمانًا مبردًا في الثلاجات يتطلع ذووهم إلى توديعهم ودفنهم

المحكمة الإسرائيلية تحدد تاريخًا لبحث تسليم جثامين الفلسطينيين المحتجزة
TT

المحكمة الإسرائيلية تحدد تاريخًا لبحث تسليم جثامين الفلسطينيين المحتجزة

المحكمة الإسرائيلية تحدد تاريخًا لبحث تسليم جثامين الفلسطينيين المحتجزة

يرجو ذوو شبان فلسطينيين تحتجز إسرائيل جثامين بعضهم منذ أكثر من نصف عام انتهاء الفصل الأصعب في المأساة التي ألمت بهم، مع تحديد المحكمة الإسرائيلية العليا جلسة لبحث التماس كانوا قدموه سابقا، في الخامس من الشهر القادم.
وتنتظر 15 عائلة، معظمها من مدينة القدس، قرارا بإعادة جثامين أبنائهم إليهم لدفنهم بكرامة واحترام، بعد أن قضوا فترة في الثلاجات الإسرائيلية مجمّدين. وقال محامي مؤسسة الضمير محمد محمود، في بيان أمس إن «المحكمة العليا قررت عقد جلسة لها في الخامس من شهر مايو (أيار) القادم، لبحث الالتماس المطالب بتحديد موعد لتسليم جثامين الشهداء المحتجزة في الثلاجات منذ أشهر، وسيتم خلالها سماع رد النيابة العامة عن أسباب المماطلة في التسليم».
وأشار محمود إلى أن المحكمة العليا عقدت جلسة أولى لها في 18 من الشهر الجاري لبحث الالتماس، وطالب بعد سماع ادعاءاته وادعاءات النيابة العامة قضاة المحكمة من النيابة بتقديم شرحها المفصل عن الأسباب والدواعي الأمنية التي أدت إلى عدم تسليم الجثامين، رغم مرور وقت طويل على احتجازها وعلى الرغم من تسليم جثامين آخرين في الضفة الغربية دون قيد أو شرط. ولفت المحامي إلى قرار الشرطة الإسرائيلية نهاية العام الماضي بتسليم الجثامين، واصفا المماطلة الحالية بأنها غير مبررة.
وكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هو الذي أمر بمنع التسليم، حتى لا تتحول جنازاتهم إلى مادة مناسبة للتحريض على إسرائيل. ووضعت السلطات شروطا صعبة لتسليم الجثامين، من بينها عدم فحصهم ودفنهم في منتصف الليل ومن دون جماهير وحشود، وهو ما رفضه الأهالي.
ومن بين الجثامين الـ15، توجد 12 من مدينة القدس وحدها وهم ثائر أبو غزالة (19 عامًا)، حسن مناصرة (15 عامًا)، عبد المحسن حسونة (21 عامًا)، بهاء عليان (22 عامًا)، علاء أبو جمل (33 عامًا)، معتز عويسات (16 عامًا)، فدوى أبو طير (51 عامًا)، محمد نمر (37 عامًا)، فؤاد أبو رجب (21 عامًا)، محمد أبو خلف (20 عامًا)، محمد الكالوتي (21 عامًا)، وعبد الملك أبو خروب (19 عامًا).
ومن الضفة، تحتجز إسرائيل جثامين عبد الرحمن محمود رداد (17 عامًا) من سلفيت، وبشار مصالحة (22 عامًا) من قلقيلية، وعبد الفتاح الشريف (21 عامًا) من الخليل، إضافة إلى مفجر الحافلة الاثنين الماضي عبد الحميد أبو سرور (20 عامًا) من بيت لحم، ما يرفع عددهم جميعا إلى 16.
من جهته، قال المحامي محمود عليان، وهو والد بهاء الذي قضى في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في عملية بالقدس، إنه يريد أن يضم ابنه ويقبله للمرة الأخيرة ليقف على الحقيقة الأصعب في حياته. ويقاتل عليان منذ شهور طويلة إلى جانب آخرين في مسارات طويلة ومعقدة من أجل استرداد الجثامين.
وفي مرات سابقة، رفضت المحكمة المركزية الإسرائيلية النظر في القضية لأن القرار صادر عن المستوى السياسي الإسرائيلي الأكثر أهمية: «المجلس الأمني والسياسي المصغر» (الكابنيت)، وهو القرار الذي وصفه صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بأنه «ممارسة لا أخلاقية ولا إنسانية، ومخالفة فاضحة للقوانين والمواثيق والأعراف الدولية والأديان السماوية». لكن بعد مشاورات قانونية، قرر أهالي «الشهداء» التوجه إلى المحكمة العليا رغم التحفظات.
وجاء في بيان لجنة استرداد الجثامين أن الأهالي يؤكدون على أهمية هذه الالتماسات من الناحية الإنسانية والقانونية، وأنه يجب بذل أقصى الجهود لإسماع صوت الحق في قاعة المحكمة من خلال التركيز على عناصر خط الادعاء. ويسعى الأهالي من خلال هذه القضايا إلى تحريك الرأي العام العالمي، لخلق رأي يستنكر احتجاز الجثامين المخالف للقانون الدولي الإنساني والمواثيق الدولية.
واحتجاز جثامين الفلسطينيين ليست بدعة جديدة، إذ تقيم إسرائيل مقابر تدعى «مقابر الأرقام»، وهي سرية وتحتجز فيها جثامين العشرات من الفلسطينيين على مدى عشرات السنين، وتعطيهم أرقاما بدل الأسماء.
ونشر عليان على «فيسبوك» صورة تعبر عن الألم والأمل معا، يظهر فيها وهو يحمل نعشا رمزيا وضعت عليه صور ابنه ورفاقه: «شايفين (هل رأيتم) هذا التابوت. بدنا (نريد) نحمله وهو مليان (مليء).. بدنا ولادنا. ما بدنا اشي ثاني. والتابوت فاضي ما حدا بقدر يحمله، ثقيل ثقيل جدا. تعالوا علشان نحمله وهو مليان وخفيف».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».