إسرائيل تغلق الضفة الغربية.. وتفرض قيودًا على دخول الفلسطينيين إلى الأقصى

عشية الإعلان عن استئناف المبادرة الفرنسية لتحقيق تسوية للصراع بين الجانبين

إسرائيل تغلق الضفة الغربية.. وتفرض قيودًا على دخول الفلسطينيين إلى الأقصى
TT

إسرائيل تغلق الضفة الغربية.. وتفرض قيودًا على دخول الفلسطينيين إلى الأقصى

إسرائيل تغلق الضفة الغربية.. وتفرض قيودًا على دخول الفلسطينيين إلى الأقصى

في الوقت الذي يحيي فيه اليهود عيد الفصح، الذي يعرف باسم «عيد الحرية»، فرضت السلطات الإسرائيلية إغلاقا تاما يسلب الفلسطينيين حرياتهم في الضفة الغربية، وبعض أحياء القدس الشرقية المحتلة، وبررت ذلك بالقول إنها تتخذ هذا «الإجراء التقليدي»، كما في كل عيد يهودي لضرورات الأمن الحيوية.
وتزامنت هذه الإجراءات مع قيام السلطات الفرنسية بإبلاغ قادة إسرائيل والسلطة الفلسطينية أنها تنوي استئناف جهودها لتحقيق تسوية للصراع الإسرائيلي - العربي، انطلاقا من المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط، إذ أكد باتريك ميزوناف، سفير فرنسا في تل أبيب، أنه قام بتسليم ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الدعوة للمشاركة في قمة السلام، التي أعلنت باريس عن عقدها في الثلاثين من شهر مايو (أيار) المقبل، وذلك بمشاركة دول أوروبية وعربية وغيرها من الجهات الدولية.
وأوضح في باريس وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرو أنه لا حل للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني سالا حل الدولتين لشعبين مع القدس كعاصمة مشتركة للدولتين، مضيفا أن الهدف من عقد المؤتمر الدولي للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين هو تدخل المجتمع الدولي لكسر الجمود الذي يكتنف حاليا عملية السلام.
وذكرت مصادر في الحكومة الإسرائيلية أن نتنياهو لم يجرؤ بعد على طرح موضوع المؤتمر على حكومته. وقد سأل بعض الوزراء عنه في الجلسة الأخيرة التي عقدت للمجلس الوزاري الأمني المصغر، فأجابهم بأنه سيطرحه عندما يحين الوقت لذلك. وقد تم البحث في هذه الجلسة حول الوضع في المناطق الفلسطينية، وإمكانية انسحاب الجيش الإسرائيلي من مدن وقرى المنطقة «أ»، لكن وزراء اليمين المتطرف هاجموا السلطة الفلسطينية، ورفضوا ما أسموه «تسليمها مسؤولية الأمن عن الإسرائيليين». كما تجاهل الوزراء ما قاله غادي آيزنكوت، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي خلال الجلسة، والذي أشاد بجهود رئيسها أبو مازن (محمود عباس) في محاربة الإرهاب، وقال إن بين الأنشطة التي تنفذها السلطة الفلسطينية جمع سكاكين (من التلاميذ) في المدارس، وهناك انخفاض في التحريض في السلطة الفلسطيني.
ميدانيا، قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أمس فرض حصار على الضفة الغربية وبعض أحياء القدس الشرقية طيلة عيد الفصح اليهودي، أي حتى نهاية الشهر الحالي، حيث نشرت الشرطة الإسرائيلية منذ ساعات فجر أمس الآلاف من عناصر الشرطة و«حرس الحدود» في مدينة القدس عموما، وفي القدس الشرقية بشكل خاص، تخوفا من أن تتحول البلدة القديمة من القدس ومحيط المسجد الأقصى إلى مسرح لاندلاع المواجهات بسبب عيد الفصح اليهودي، خصوصا في ضوء استعداد عناصر من اليمين اليهودي اقتحام المسجد بحجة إقامة شعائر العيد الدينية. كما فرضت الشرطة قيودا على المسلمين لدى دخول الأقصى. وقد أفرجت سلطات الاحتلال أمس عن 24 شابًا مقدسيًا، بشرط الابتعاد عن المسجد الأقصى.
من جهة أخرى، حذر رئيس سلطة المياه في السلطة الفلسطينية، المهندس مازن غنيم، أمس خلال لقائه بممثلي وسائل الإعلام المحلية والعربية من أزمة المياه الخانقة التي يعيشها الفلسطينيون، وقال إن المواطن الفلسطيني يحصل على 50 لترا من المياه للفرد باليوم، وقد تصل في بعض المناطق، مثل التجمعات الفلسطينية بجنوب الخليل وشمال شرقي جنين، إلى 24 لترا في اليوم، وهو رقم دون الحد الأدنى للاحتياجات المنزلية، والمقدر بنحو 110 لترات وفق منظمة الصحة العالمية. أما المدن الكبرى فهي أيضا تعاني من أزمات مياه حادة، بحيث لا يتجاوز معدل الفرد فيها 80 لترا في اليوم في أفضل الحالات.
وأشار غنيم إلى أن أهمية المياه في فلسطين تأتي نتيجة غياب السيطرة الفعلية وقلة الموارد المتاحة، وانحصار مصادر المياه الفلسطينية في المياه الجوفية الناشئة عن كمية المياه المستخرجة من الآبار الجوفية والينابيع، التي بلغت كميتها 262 مليون م3 عام 2013، بالإضافة إلى كمية المياه المشتراة من شركة المياه الإسرائيلية «ميكروت».، موضحا في هذا السياق أن نسبة المياه التي يحصل عليها الفلسطينيون من مياه الأحواض الجوفية أقل من 15 في المائة، في حين يحصل الإسرائيليون على أكثر من 85 في المائة من مياه هذه الأحواض.
وحذر غنيم من عدم إنقاذ الوضع المائي في غزة، مشيرا إلى أن ما يزيد على 97 في المائة من مياه الخزان الجوفي لا تنطبق عليه معايير منظمة الصحة العالمية لمياه الشرب، ووفق التقارير الدّولية قطاع غزة سيصبح منطقةً غيرَ قابلة للحياة في سنة 2020 في حال استمرار الوضع الرّاهن، الأمر الذي يعني التحرك السريع لتوجيه العالم إلى الخطر المحدق في غزة وإنقاذها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».