وبدا إسماعيل ولد الشيخ أحمد، المبعوث الخاص للأمم المتحدة في اليمن، إيجابيًا بشأن مشاورات السلام اليمنية – اليمنية برعاية الأمم المتحدة، وبين خلال مؤتمر صحافي عقده أمس في مقر وزارة الإعلام الكويتية، أنه رغم حدوث خروقات، التي وصفها بالمقلقة، في بعض المناطق، إلا أن هناك تقارير تتحدث عن تحسن على الصعيد الأمني، كما أشار إلى الأجواء الإيجابية في المحادثات.
وأكد ولد الشيخ، أن المحادثات تركز آليا على 3 قضايا، هي وقف النار، وإرساء قواعد للتفاوض، وتكوين اللجان، نافيا في رده على تساؤلا لـ«الشرق الأوسط» عن نقل مشاورات السلام اليمنية برعاية الأمم المتحدة من الكويت إلى السعودية، مؤكدا أن الأمم المتحدة ستستمر بما أسماه الجو الإيجابي للمشاورات. وأوضح ولد الشيخ، أن جماعة «أنصار الله» ووفد المؤتمر الشعبي بينوا أسباب تأخرهم عن الحضور للمشاورات للكويت في الموعد المحدد، وتمثلت في نقطتين أساسيتين، هما الالتزام بوقف إطلاق النار، والنقاط الخمس التي أوردها في مجلس الأمن. وبين ولد الشيخ، أن رؤية الأمم المتحدة بشأن النقاط المتفق عليها هي غير متسلسلة في التنفيذ، وأن النقاش سيتم بشكل متواز، وفق آليات تنفيذية، يمهد للوصول إلى مسار سلمي وهدف واحد بناء على مبادرة مجلس التعاون الخليجي، ومخرجات الحوار الوطني.
ووجه رسائل للأطراف اليمنية المشاركة في مشاورات السلام، مؤكدا بأن الوقت الراهن هو أكثر وقت ممكن لإحلال السلام في البلاد، مطالبا بعلاج ما وصفها بالثغرات في الهدنة الإنسانية، وتحويل الخلافات إلى اختلاف يغني التركيبة السياسية اليمنية ويضمن تماسك النسيج المجتمعي اليمني. وأكد ولد الشيخ، أن هناك احتراما لمبدأ وقف إطلاق النار بما يقارب على 70 إلى 80 في المائة من إيقاف إطلاق النار داخل اليمن، في حين بعث برسائل إيجابية حول مسار المشاورات، مؤكدا أن يوم أمس جرى التركيز على 3 نقاط رئيسية، هي ضبط وقف إطلاق النار، والبدء بإظهار حسن النية، وتكوين اللجان المشرفة على وقف إطلاق النار وتعزيز عملها.
وأكد المبعوث الأممي إلى اليمن، أن «أنصار الله» والمؤتمر الشعبي، تعاملوا بروج إيجابية، كما أنهم تعاملوا مع النقاط الخمس، والتزموا بجدول الأعمال، كما أن الأطراف اليمنية لم تأت بأجندات مختلفة، وأن جميع الأطراف متمسكة بعاملين أساسين، هما قضية وقف إطلاق النار، والأمر الآخر هو التمسك بالسلام.
وأشار ولد الشيخ إلى أن الطلعات الجوية للتحالف هي للرد على محاولة خرق الهدنة، ووقف التسلل للداخل السعودي، مفيدا بأن السعودية تدعم وقف إطلاق النار، مبينا أن الرياض هي من أشرفت على لجان وقف إطلاق النار بطلب من «أنصار الله» والحكومة اليمنية، مؤكدا أن نقل لجنة التهدئة من داخل اليمن إلى الرياض أمر لا يزال مطروحا.
وعقدت، مساء أمس، في الكويت جلسة العمل الأولى في المفاوضات اليمنية - اليمنية التي ترعاها الأمم المتحدة، وقد تركزت على موضوع تثبيت وقف إطلاق النار، وبحسب المعلومات، التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فقد طرح وفد الشرعية اليمنية قضية خروقات واعتداءات الميليشيات الحوثية على مدينة تعز والحصار المفروض عليها والحشود العسكرية للميليشيات وكذا محاولة الحوثيين تحقيق تقدم عسكري على الأرض، إضافة إلى قضية استمرار الأسلحة الإيرانية التي تصل إلى المتمردين عبر البحر، واعتبر الوفد هذه الممارسات بأنها مناورات من قبل المتمردين على الصعيدين الميداني والسياسي.
وقالت المصادر إن وفد الحكومة الشرعية اليمنية أكد على ضرورة الانطلاق، في المفاوضات، من الاتفاقات السابقة في مدينة بييل السويسرية، وهي الاتفاقات التي تضمن إطلاق سراح المعتقلين وفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة من الحرب، وعلى وجه التحديد محافظة تعز، وغيرها من الاتفاقات التي اعتبرت «إجراءات بناء الثقة»، في الوقت الذي طالب وفد الانقلابيين بوقف تحليق طيران التحالف، حيث اعتبر ذلك خرقا لاتفاق هدنة وقف إطلاق النار.
واستمرت الجلسة الأولى من المفاوضات أكثر من 3 ساعات متواصلة، وقد تحدث فيها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وتطرق إلى مسألة نقل اللجنة العسكرية إلى العاصمة السعودية الرياض، مبررا ذلك بنجاح تجربة «التفاهمات»، التي وقعت مطلع الشهر الحالي في مدينة ظهران الجنوب، والتي وصفت بـ«الإيجابية»، حيث اعتبر ولد الشيخ أن أعضاء اللجنة سيكونون بالقرب من موقع الخدمات اللوجيستية المتعلقة بميدان الحرب، بحسب ما نقل عنه.
وأشارت المصادر إلى أن موضوع أجندة جدول أعمال المفاوضات والنقاط الخمس التي حددتها الأمم المتحدة للمفاوضات، أخذت حيزا كبيرا من النقاشات في الجلسة الأولى.
مصادر من داخل المشاورات، قالت لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن الحوثيين يتحفظون على جدول أعمال المشاورات، كما أنهم رفضوا الدخول لقاعة المشاورات، في حين مارس المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد ضغطا عليهم، وهو الأمر الذي تحقق ودخلوا في المشاورات المباشرة.
وشدد المصدر - فضل عدم الكشف عن هويته – على أن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن أكد أن المشاورات تبدأ وفق المرتكزات الخمسة التي قدمها في إفادته أمام مجلس الأمن، في حين لفت المصدر، أن الحوثيين عادوا لمحاولة عرقلة المشاورات، عبر اعتصام بغرف قصر البيان محل إقامة الوفدين وتصريحهم بعدم المشاركة حتى يتم تغيير جدول الأعمال، وهو ما رفضه أيضا المبعوث الأممي، مؤكدا أن أجندات مشاورات الكويت مقررة منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي؛ مما أجبر وفد الحوثي على الرضوخ ودخول جلسة المشاورات.
وتهدف المفاوضات أو المشاورات المنعقدة في الكويت، إلى وضع آلية لتنفيذ النقاط الخمس التي حددها المبعوث الأممي، تطبيقا للقرار الأممي 2216، وهي النقاط التي تعني الاستسلام والإذعان للشرعية الدولية.
وتتخلص تلك النقاط في انسحاب الميليشيات، وتسليم الأسلحة الثقيلة، والترتيبات الأمنية، واستعادة مؤسسات الدولة، واستئناف الحوار السياسي وتشكيل لجان خاصة بالمعتقلين والأسرى، غير أن المتمردين يرفضون تطبيق تلك النقاط، ويحاولون وضع عراقيل تفرغ المفاوضات من مضمونها وتعيدها إلى نقطة الصفر، والقفز إلى القضايا السياسية، وتأجيل القضايا الرئيسية المتعلقة بإنهاء الانقلاب، كما يقول المراقبون.
وقد بينت مواقف المتمردين إزاء المفاوضات، أنهم يسعون إلى تغيير في أجندة المفاوضات، وهو ما يرفضه وفد الحكومة الشرعية، فممثلو الحوثيين في الوفد يسعون إلى وقف تحليق طيران التحالف الاستطلاعي، رغم التزام التحالف باتفاق الهدنة، في إطار خروقاتها.
كما أن الحوثيين يسعون إلى إحياء ما كان يسمى «اتفاق السلم والشراكة» الذي وقع يوم سقوط العاصمة صنعاء بيد ميليشيات الحوثي – صالح، الذي ألغي بعد الانقلاب مباشرة، بحسب تأكيدات الحكومة الشرعية، فيما يسعى ممثلو المخلوع علي عبد الله صالح في الوفد، إلى نسف القرارات الأممية المتعلقة بالأزمة اليمنية، وتحديدا فيما يتعلق بالعقوبات المفروضة على المخلوع صالح ونجله العميد أحمد علي عبد الله صالح، وهو مسعى ومطلب يتقاسمه شريكا الانقلاب. كما يسعيان أيضا إلى التوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة وفاق أو وحدة وطنية أو ما شابه من التسميات، قبل الذهاب إلى تنفيذ النقاط الخمس، وهي جزء مهم ورئيسي من القرار الأممي 2216.
وقال مصدر سياسي يمني لـ«الشرق الأوسط» إن المتمردين يهدفون، من خلال مساعيهم المشار إليها، إلى أن يكونوا جزءا من الحكومة التي ستشرف على تطبيق القرار الأممي وتسلم الأسلحة الثقيلة والانسحاب من المدن ومن مؤسسات الدولة وغيرها من الإجراءات التي نص عليها قرار مجلس الأمن الدولي، مؤكدا أن ضمن مساعي المتمردين، هو الدخول في مرحلة انتقالية، ثم إجراء انتخابات، وأن هذا ما يخطط له المخلوع صالح منذ وقت مبكر : «بهدف العودة إلى السلطة بأدواته السابقة في الانتخابات».
ولم ينف ناصر باقزقوز، عضو وفد الحوثيين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» سعيهم إلى تعديل أجندة جدول الأعمال، وقال: إنه لا يعنيهم عدد النقاط إن كان خمسا أو عشرا أو تزيد، وإنهم «يريدون تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2216، حزمة واحدة وبالتوافق بين الأطراف كافة ومن دون إملاءات من طرف على الآخر»، على حد تعبيره، مشيرا إلى أنه لا يمكن الحديث عن تسليم السلاح وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين، بمعزل عن الترتيبات في القضايا السياسية، حسب اعتقاده.
يذكر أن المشاورات المباشرة تأخر انطلاقها؛ بسبب تلكؤ وصول وفد المؤتمر الشعبي، ووفد أنصار الله إلى الكويت في الموعد المحدد، التي كان من المفترض أن تنطلق يوم الاثنين 18 أبريل (نيسان).
وفي كلمته للدكتور عبد الملك المخلافي، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمني رئيس الوفد المفاوض، بالجلسة المغلقة، قال: إن انطلاق المشاورات أتى متأخرًا بأربعة أيام، وزاد: «لا بل أربعة أشهر كونه تم الاتفاق في بيال السويسرية على موعد المشاورات، وتم تجاوزه بسبب تأخر الانقلابيين».
وأضاف: «كنا نتمنى من الطرف الآخر ألا يتأخر حتى لا ينقل الناس من الأمل إلى خيبة الأمل»، لافتًا إلى أن الانقلاب والتمرد على الشرعية كل الخراب والدمار لليمن. وشدد المخلافي على أنه رغم تلك الظروف فقد أتى الوفد المفاوض إلى الكويت حرصا على السلام وبناء على النقاط الخمس التي أكد عليها ولد الشيخ في إحاطاته، موضحا أن بقاء الوفد في الكويت كان أيضا لحرصه على السلام وإحلاله. وتابع: «نحن لم نختر الحرب، وندعو للتعايش، لكن من دون سلاح ومن دون انقلابات، والدولة هي الوحيدة المخولة بامتلاك السلاح، كما أنه لا مجال للمناورات ولا لافتعال العقبات، ولا بد من العمل بحس وطني عال، وأكرر دعوتي لوفد الأمم المتحدة بأننا لن نقبل أي تغيير في الأجندات المتفق عليها، وعلى الاتفاقات أن تبقى كما هي من دون أي تغيير».
ولد الشيخ: مشاورات الكويت إيجابية.. ونركز على 3 قضايا.. ولا صحة لنقلها للسعودية
المبعوث الدولي قال إن التركيز على وقف النار وإن الحل سيكون يمنيًا > الانقلابيون يطالبون بوقف تحليق الطيران
ولد الشيخ: مشاورات الكويت إيجابية.. ونركز على 3 قضايا.. ولا صحة لنقلها للسعودية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة