وصل نتنياهو إلى موسكو وسط نقاشات حادة في المجتمع الإسرائيلي حول سياسته الاستراتيجية تجاه سوريا ومجمل العلاقات الدولية للدولة العبرية. وقال مصدر مقرب من نتنياهو إن هذه الزيارة إلى موسكو: «تحطم رقما قياسيا في بناء العلاقات بين إسرائيل والقوى العظمى، فقادة إسرائيل وروسيا يجرون محادثات بوتيرة غير مسبوقة، حتى القضايا التي يتم طرحها خلال هذه المحادثات، باتت تخرج منذ زمن طويل عما كان متبعا في الماضي».
وليس سرا أن بوتين ونتنياهو يناقشان جملة قضايا تتعلق ببلورة الشرق الأوسط المستقبلي. ورغم الفوارق الكبيرة بين البلدين، هذا حوار على يتم على مبدأ الند للند. إسرائيل لم تعد أداة في لعبة الشطرنج العالمية، كما كانت في السابق، وبدلا من ذلك تحولت إلى لاعب يعرف تحريك الأدوات الأخرى. وتبرز المكانة الإسرائيلية ليس فقط في إطار العلاقات مع روسيا. وهذا طبعا ليس صدفة، وإنما نتاج سياسية بادرت إليها الحكومة الإسرائيلية في السنوات الأخيرة.
لقد فهم نتنياهو بأنه بعد انتهاء الحرب الباردة، في عالم ما بعد التقسيم إلى معسكرين، لا يمكن الاكتفاء بتعزيز العلاقات مع الدول الصديقة التقليدية. العالم يتغير، ومن لا يصغي لهذه التغييرات سيبقى في المؤخرة.
وقد ميزت إسرائيل القوى الصاعدة واستثمرت الكثير في تنمية العلاقات معها. والآن تبدأ بقطف الثمار: ارتقاء دراماتيكي للعلاقات مع الصين والهند، تحالف استراتيجي مع دول شرق المتوسط (وعلى رأسها اليونان وقبرص)، وموطئ قدم متجدد في أفريقيا. ولكن اختراق العلاقات بين روسيا يبرز حتى على خلفية نجاح سياسات أخرى، فالدولتان تحتفلان بمرور 25 عاما على استئناف العلاقات الدبلوماسية.
وإلى جانب الاتصالات السياسية والعسكرية المكثفة، تجريان سلسلة طويلة من الأحداث ذات الأهمية. من بين تلك الأحداث الرمزية، عرض مخطوطات البحر الميت في متحف «هرمتاج» أحد أهم المتاحف الروسية.
وقد حققت إسرائيل مكانة مميزة في كل ما يتعلق بالعلاقات مع موسكو، في الوقت الذي انقسمت فيه غالبية دول العالم إلى مجموعتين، تلك التي تخوض مواجهة مع روسيا، وتلك التي استسلمت لإملاءاتها، إذ تتمتع إسرائيل بوضع مميز يسمح لها بإدارة حوار مفتوح وحقيقي مع الروس، دون التخلي عن مصالحها. هكذا تماما يتم تحقيق الإنجازات.
بالمقابل انتقد المعلق السياسي، شلومو شمير، هذه الزيارة قائلا: إنه «في الوقت الذي يقوم فيه رئيس الوزارة بنيامين نتنياهو بتأجيل التوقيع على اتفاقية المساعدات العسكرية المضاعفة الأميركية، ويطالب بإضافة مليار دولار إليها، يلتقي اليوم، في موسكو، برئيس روسيا بوتين». ويتابع: «كما هو معروف، فإن هذا البوتين هو ذاته من قام بتحسين مدى ونوعيّة السلاح الذي يبيعه وسيبيعه إلى إيران. وبوتين، هو الذي قام وزير خارجيّته، سيرغي لافروف، بتسريع توقيع الاتفاق مع إيران».
ولا ينسى أن يذكر، أن «وفي المقابل، ينفّذ الكرملين نشاطًا سياسيا ووجودًا دبلوماسيا في طهران بهدف تشجيع الدول الأخرى على فعل الأمر ذاته، إلى جانب الحصول على اتفاقيات كبرى وعقود تجارية مع إيران، بما يشمل عمليّات كبرى لبيع الأسلحة، تشمل، بحسب وسائل إعلام غربية، بيع مقاتلات جوّية وقاذفات قنابل حديثة». ويقول المعلق بأن من المثيرٌ للاهتمام فيما إذا كان بوتين سيكشف لنتنياهو تفاصيل حول جهود تقاربه مع نظام طهران.
لقد عبّر رئيس الحكومة في فرص مختلفة عن قلقه من أن يؤدي عدم قيام الولايات المتحدة باستخدام حق النقض في مجلس الأمن لإحباط مشروع قرار فلسطيني أو منع خطوة إسرائيليّة مضادّة. لكنّ نتنياهو يجتمع مع بوتين، رئيس الدولة التي تملك حق النقض في مجلس الأمن. ومع ذلك، فمن غير المتوقّع أن يطلب من بوتين أن يمارس حق النقض الروسي لغرض إحباط أي قرار ضد إسرائيل.
ويشير شمير إلى تصرّف غير عادي، من قبل الروس، فيما يتعلق بضمّ هضبة الجولان، بيد أن لهذا التصرّف أسبابه، التي لا يندرج من ضمنها تقاربٌ مع إسرائيل، بل محض مصالح روسيّة: «لم ينضم بوتين إلى موجة الاستنكار التي اندلعت في الأيام السابقة بخصوص إعلان رئيس الوزارة بأن إسرائيل لن تنسحب من هضبة الجولان.
الأمر لا ينبع من كون بوتين يدعم إسرائيل فيما يتعلق بمستقبل هضبة الجولان. فبوتين لا يستطيع استنكار خطوة تشمل الضّمّ في الوقت الذي يحمل فيه على ظهره عبء ضم شبه جزيرة القرم؛ وهي خطوة اعتبرتها الأمم المتّحدة خرقا فظّا للقانون الدوليّ، وتمّ فرض عقوبات على روسيا بسببه».
زيارة نتنياهو إلى موسكو: محادثات إسرائيلية ـ روسية بوتيرة غير مسبوقة
نقاشات حادة في المجتمع الإسرائيلي حول سياسته الاستراتيجية تجاه سوريا
زيارة نتنياهو إلى موسكو: محادثات إسرائيلية ـ روسية بوتيرة غير مسبوقة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة