إحياء هدنة كفريا والفوعة ـ الزبداني بموازاة ترنح وقف إطلاق النار السوري

إجراء أول عملية إخلاء لجرحى ومدنيين متبادلة وفق اتفاق الهدنةإجراء أول عملية إخلاء لجرحى ومدنيين متبادلة وفق اتفاق الهدنة

إحياء هدنة كفريا والفوعة ـ الزبداني بموازاة ترنح وقف إطلاق النار السوري
TT

إحياء هدنة كفريا والفوعة ـ الزبداني بموازاة ترنح وقف إطلاق النار السوري

إحياء هدنة كفريا والفوعة ـ الزبداني بموازاة ترنح وقف إطلاق النار السوري

نجحت الأمم المتحدة يوم أمس الأربعاء في إعادة إحياء هدنة كفريا والفوعة - الزبداني تجنبا لتداعيات ترنح اتفاق وقف إطلاق النار السوري، فأشرفت على تنفيذ بند جديد من الصفقة التي وقعها أطراف الصراع السوري في سبتمبر (أيلول) الماضي وتضمنت وقف العمليات العسكرية في المناطق المذكورة. وقد تم بالأمس إخراج 250 شخصا من بلدات مضايا والزبداني وبقين الواقعة في ريف دمشق مقابل إجلاء 250 آخرين من بلدتي كفريا والفوعة الواقعتين بريف إدلب.
وقال محمد الشامي، مسؤول الهيئة الطبية في مضايا والذي أشرف على عملية الإجلاء من داخل البلدة لـ«الشرق الأوسط» إنّه «تم إخراج نحو 240 شخصا معظمهم من المرضى مع مرافقيهم»، لافتا إلى أنه «عند نحو الساعة الثانية من بعد ظهر يوم أمس دخلت سيارات الهلال الأحمر وباصات كبيرة نقلت العشرات إلى دمشق وإدلب». وأوضح الشامي أنه لم يسجل وجود أي مندوب عن الأمم المتحدة خلال تنفيذ العملية وقد اقتصر الحضور على مسؤولي وعناصر الهلال الأحمر، لافتا إلى أنّهم تلقوا وعودا بإدخال مساعدات إنسانية إلى بلدتهم الأسبوع المقبل.
من جهته، أشار رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن عملية الإجلاء هذه «هي الأكبر منذ انطلاق الهدنة في فبراير (شباط) الماضي» لافتا إلى أنّها «تندرج بإطار الجهود المستمرة التي تبذلها الأمم المتحدة بعيدا عن الأضواء لضمان فك الحصار وإجلاء المدنيين من المناطق المحاصرة». وقال عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»: «وجهة الخارجين من مضايا معروفة وهي إدلب ودمشق فيما وجهة الخارجين من الفوعة وكفريا لا تزال غير واضحة تماما نتيجة التكتم المفروض حرصا على سلامتهم».
وتعرضت سيارات الهلال الأحمر خلال خروجها من مضايا لعملية إطلاق نار، وهو ما أكده المرصد ووكالة «رويترز» في الوقت الذي تضاربت المعلومات حول الجهة التي قامت بذلك. إلا أن هذا الخرق لم يؤثر على استكمال عملية الإجلاء.
وأفادت شبكة «الدرر الشامية» بأنّه «بدأ صباح الأربعاء تنفيذ اتفاق تبادل الجرحى بين الثوار ونظام الأسد تحت رعاية الأمم المتحدة، وذلك ضمن الهدنة المتفق عليها في وقت سابق بين جيش الفتح وإيران». وأظهرت لقطات مصورة عرضتها الشبكة دخول باص كبير وسيارتين تابعتين للهلال الأحمر إلى مضايا فيما بدا في الصورة من يلوّح مرحبا بالقادمين.
وتمت أول عملية إخلاء لجرحى ومدنيين وفق الاتفاقية، في السابع والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حين خرج نحو مائة وأربعين مدنيًا وجريحًا من الزبداني ومضايا، تحت رعاية أممية إلى لبنان، ثم تم نقلهم جوًا إلى تركيا، ومن ثم عبر معظمهم إلى محافظة إدلب، بالتزامن مع خروج نحو 300 شخص من كفريا والفوعة نحو تركيا التي غادروها جوًا إلى لبنان فسوريا.
ولم تلحظ عملية الإجلاء هذه المرة أي دور للصليب الأحمر، وهو ما أكده الناطق باسم المنظمة الدولية في سوريا باولو كرزيسيان لـ«الشرق الأوسط»، لتنحصر مهمة الإعداد والتنفيذ بالهلال الأحمر السوري والأمم المتحدة.
وأفاد مدير المشفى الميداني في الزبداني، عامر برهان، أن 250 محاصرا من مضايا والزبداني، من المفترض أن يخرجوا إلى إدلب، فيما سيخرج مقابلهم العدد نفسه من بلدتي كفريا والفوعة إلى دمشق. ولفت برهان إلى أن الباصات وصلت سهل الزبداني حاليًا، مشيرًا إلى أن الأمور تسير «بسلاسة ودون معوقات»، على حد وصفه.
بدوره، قال المرصد إن عدة حافلات دخلت إلى بلدتي كفريا والفوعة بريف إدلب الشمالي الشرقي، حيث حملت هذه الباصات نحو 250 مصابًا وحالة مرضية مع مرافقيهم، بالتزامن مع دخول سيارات إسعاف وآليات لنقل عدد مماثل من مدينتي مضايا والزبداني بريف دمشق. ورصد نشطاء المرصد وقوف الحافلات عند أطراف كفريا والفوعة في انتظار السماح لها بالتحرك، على أن تتجه إلى الحافلات من المناطق الأربع إلى دمشق وإدلب واللاذقية.
وأوضح ناشطون أن عملية إخلاء المدنيين كان من المقرر أن تبدأها الأمم المتحدة، أول من أمس الثلاثاء، إلا أنّهم عزوا سبب التأجيل إلى استهداف النظام مدن وبلدات ريف إدلب وتنفيذ مجزرتين في كفر نبل ومعرة النعمان، على اعتبار أن إدلب تعتبر خط سير وفد الأمم المتحدة باتجاه بلدتي كفريا والفوعة عبر ريف حماه.
وأكد مستشار المبعوث الأممي إلى سوريا، يان إيغلاند، قبل أسبوعين أن النظام السوري يحاصر 15 منطقة، ويرفض دخول المواد الغذائية والمستلزمات الطبية إليها، مشيرًا إلى أن «الوضع في بعض المناطق السورية لا يسمح بإخلاء المرضى والجرحى حتى الآن»، لكنّه أعرب في الوقت ذاته عن أمل الأمم المتحدة بإجلاء نحو خمسة آلاف مريض وجريح من بلدات مضايا والزبداني والفوعة وكفريا، خلال شهر أبريل (نيسان) الحالي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.